“ستدفعهم للمواجهة بعيداً عن الدبلوماسية”.. موقع أمريكي: صفقة التطبيع الإماراتية لن تحقق السلام للفلسطينيين

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/15 الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/15 الساعة 17:14 بتوقيت غرينتش
تعبيرية، رويترز

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أمسّ الحاجة لتحقيق انتصار على صعيد السياسة الخارجية، هاهما يحظيان الآن به.

أصدرت الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة، الخميس 13 أغسطس/آب، بياناً مشتركاً، أعلنوا فيه أنهم توصلوا إلى اتفاق لتطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية. ونتيجة لذلك، وافقت إسرائيل على تعليق عملية "بسط السيادة" على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، كانت إدارة ترامب قد حددتها لإسرائيل، بموجب ما تسميه "رؤية للسلام".

حفل "إشهار" لعلاقة قديمة

وفي حين يعد هذا تطوراً مهماً، فإنه أقل أهمية مما يبدو في الظاهر كما يقول موقع Responsible Statecraft الأمريكي. إذ إن الإمارات وإسرائيل تربطهما علاقة سرية منذ سنوات عديدة. ولذا فإن إقامة العلاقات الدبلوماسية هي خطوة كبيرة لكنها ليست "اتفاقية سلام"، كما أطلق عليها البعض، لأن الطرفين لم يكونا في حالة حرب أبداً.

إضافة إلى أن موافقة إسرائيل على "تعليق" عملية الضم مبالغ فيها، عمليات الضم الفعلي من خلال توسيع المستوطنات والطرق المخصصة للإسرائيليين فقط في الضفة الغربية، والجدار الأمني، ​​وإجراءات أخرى، مستمرة منذ أكثر من نصف قرن. يمكن لنتنياهو أن يواصل هذه العمليات بموافقة الإمارات، في مقابل إيقاف عملية رسمية لم يفعل أكثر من الحديث عنها.

لماذا تريد الإمارات هذا الاتفاق؟

الإمارات، التي كانت تحاول في السنوات الأخيرة تأكيد وجودها كقوة إقليمية، اتخذت خطوة كبيرة إلى الأمام في هذا الصدد. سيعملون الآن بشكل أوثق مع الولايات المتحدة وإسرائيل في القضايا الإقليمية، مثل مواجهة إيران. ومع تعثر المملكة العربية السعودية في اليمن، وتراجع شعبيتها المتزايد في الولايات المتحدة، تأمل الإمارات في تعزيز موقعها باعتبارهاً طرفاً عسكرياً مؤثراً في المنطقة.

لكن الإماراتيين سيتحملون أيضاً أكبر قدر من المخاطر حتى الآن بين الأطراف الثلاثة. فالجوانب السلبية لهذا الاتفاق محدودة جداً بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، أما الإمارات فقد تواجه رد فعلٍ عنيفٍ في العالم العربي. تتخلى هذه الخطوة فعلياً عن مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي عرضت التطبيع الكامل مع جامعة الدول العربية كلها، إذا أنهت إسرائيل احتلالها للفلسطينيين.

هذا الخطر هو السبب في أن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، كان أخفض صوتاً من نتنياهو وترامب في التغريدة التي أعلن فيها عن الصفقة. فبينما وصف نتنياهو اليوم بأنه "تاريخي"، وبشر ترامب بـ"عبور هائل"، غرد محمد بن زايد، بشكل أكثر تواضعاً، عن "التوصل إلى اتفاق لوقف المزيد من الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. كما اتفقت الإمارات وإسرائيل على التعاون ووضع خارطة طريق نحو إقامة علاقة ثنائية".

ومن الواضح أن ولي العهد كان يترك لنفسه "باباً خلفياً" إذا حمي الجدل كما يقول الموقع الأمريكي. فكما أشار البيان المشترك، لم يتم أي شيء بعد، "ستجتمع وفود من إسرائيل والإمارات في الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمار، والسياحة، والرحلات المباشرة، والأمن، والاتصالات، والتكنولوجيا، والطاقة، والرعاية الصحية، والثقافة، والبيئة، وتبادل إنشاء سفارات، وغيرها من مجالات المنفعة المشتركة".

وبحسب الموقع، يمكن أن يتعطل الاتفاق إذا لم يتم التوافق على تلك التفاصيل، لكن البيان المشترك يلزم جميع الأطراف بالسعي لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل والإمارات، ويعلم محمد بن زايد بالتأكيد أنه ستكون هناك تكلفة سياسية مرتفعة إذا تراجع، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.

آثار الاتفاق على الفلسطينيين

هذه خطوة محورية لنتنياهو، وهي تفسر عدم تشديده للضغط على إدارة ترامب حيال عملية الضم، التي تعد المطلب الأساسي لليمينيين. بينما تباطأت الولايات المتحدة في هذا الموضوع، واجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة لتحدي واشنطن والمضيّ قدماً. لكنه ظل صامتاً، واكتفى بالشكوى من حين لآخر من تقاعس الولايات المتحدة، دون أن يفعل شيئاً لحشد مؤيديه في الولايات المتحدة للدعم أو لمواجهة الخطاب المناهض للضمّ الذي تصاعد في أنحاء البلاد. نعرف الآن السبب.

من غير المرجح أن يوقف الاتفاق مع الإمارات الاحتجاجات المطالبة باستقالة نتنياهو في إسرائيل، لكنه بالاتفاق أعطى الوسط الإسرائيلي شيئاً يريده بشدة: زيادة التطبيع مع العالم العربي، دون ربط هذه العملية باتفاق مع الفلسطينيين. سيكون ذلك مهماً لزيادة فرصه إذا دعي للانتخابات، وهو أمر محتمل للغاية.

وبينما لن تكون حركة المستوطنين مسرورة بالتخلي عن الضغط من أجل ضم أجزاء من الضفة الغربية رسمياً، فإن هذا الغضب سيخمد قليلاً بتعزيز التحالف المناهض لإيران، وفتح مساحة أكبر لإسرائيل كي تنشط فيه. وحتى لو ظلوا غاضبين، فإن دعم الوسط الذي يمكن أن يتوقعه نتنياهو سيفوق غضب اليمين.

يقوّض هذا الاتفاق الموقف الفلسطيني بشكل خطير، إذ تثبت إسرائيل، بدعم قوي من الولايات المتحدة، أنه يمكنها إقامة علاقات طبيعية مع دول الخليج الغنية بالنفط، دون إنهاء أو حتى تخفيف احتلالها بأي شكل من الأشكال. تدرك القيادة الخليجية العربية الآن أن بإمكانها أن تفلت بعلاقاتها الدافئة مع إسرائيل، بينما يستمر الشعب العربي في دعم القضية الفلسطينية. علاوة على ذلك، فإن جهود إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية قد هددت بزعزعة استقرار الأردن، وهو قلق أثير في مواقف مختلفة. لكن هذا قد لا يحدث الآن، وبينما قد يكون هناك غضب من السعر، فلن يشكل الأمر تهديداً لبقاء المملكة الأردنية.

كل هذا يقلل من النفوذ الضئيل أصلاً الذي يتمتع به الفلسطينيون، ويجعل الخيارات الدبلوماسية أقل قابلية للتطبيق.

"زيادة النزعة العسكرية"

تقول أبوظبي وتل أبيب إن فتح العلاقات الدبلوماسية يساعد على دعم السلام الإقليمي والدبلوماسية. لكن الظروف والدوافع مؤثرة، وفي هذه الحالة، قد يكون لها مفعول معاكس.

تروج إدارة ترامب لفوائد متنوعة للاتفاق، لكن إتاحة الفرص لإسرائيل للعمل بشكل أكثر مباشرة مع الإمارات ضد إيران هو الهدف الاستراتيجي الأساسي. هذا الهدف لا يساعد في تعزيز الدبلوماسية في منطقة الخليج خلال وجود ترامب في السلطة. لكن إذا قررت إدارة مستقبلية التحول نحو الالتزام الكامل بالدبلوماسية مع إيران، فسيكون عليها أن تختلف مع النهج العسكري الحالي، وتسعى لجعل الدبلوماسية أكثر جاذبية لإيران.

زيادة شعور إسرائيل بأن احتلالها للفلسطينيين لا يكلف الكثير من المال سيجعل الدبلوماسية أقل قابلية للتطبيق بالنسبة للفلسطينيين ومؤيديهم. ومن المرجح أن تتحرك بعض الدول، مثل تركيا وقطر، لتقديم نفسيهما لقيادة دعم القضية الفلسطينية. وكلما زادت ثقة إسرائيل بقدرتها على الوصول للعلاقات التي تريدها مع العالم العربي دون إنهاء احتلالها، قلت دوافعها ﻹنهائه.

وعلى المدى البعيد، فإن استمرار الاحتلال الإسرائيلي، ورفضه للتوصل إلى تسوية تمنح الفلسطينيين حقوقهم الكاملة والمتساوية، يزيد عدم الاستقرار الإقليمي. هذا الاتفاق يزيد العقبات في طريق الدبلوماسية، وهذا لا يمكن أن يؤدي في النهاية إلى أي شيء سوى "العنف"، بحسب وصف الموقع الأمريكي.

تحميل المزيد