انتقد الدكتور عبدالله العكايلة رئيس كتلة الإصلاح بالبرلمان الأردني، تصرف الحكومة الأردنية بإدخال المملكة في أزمة نقابة المعلمين وهي لم تستفق بعدُ من أزمة جائحة كورونا، وقال في حوار مسجل له مع عربي بوست، إن أزمة نقابة المعلمين أصبحت أزمة الشارع الأردني بأسره.
وشدد على أن كيان نقابة المعلمين يشكل ما يزيد عن 130 ألف معلم ومعلمة وأن مشكلتهم مع الحكومة دخلت كل بيت أردني فهي تمثل الشعب وتمثل الجسم السياسي والاجتماعي للدولة الأردنية.
واعتبر الدكتور العكايلة ما سماه بهجوم الحكومة على النقابة، أنه هجوم على الشعب الأردني وأن هذا ما دفع المحافظات لتقف مع المعلم وتؤازره وتساند نقابة المعلمين.
ووصف اعتداء الأمن على مقر نقابة المعلمين واعتقال مجلس النقابة ونائب النقيب وإغلاق المقرات وحل مجلس النقابة بأنه اعتداء على الحريات العامة وخرق للدستور والقوانين وخرق للحريات العامة وحقوق المواطنين التي كفلها الدستور الأردني.
وأبدى تعجبه مما وصفه بالوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد وقال: "لا نعلم ماهي مصلحة الحكومة في تأزيم الأوضاع بهذه الصورة، فنحن في أحوج ما نكون إلى صف الصفوف وبناء الجبهة الداخلية وبدلاً من أن تساهم الحكومة في تمتين الجبهة الداخلية في وجه المخاطر والتهديدات التي تجملها صفقة القرن وما يهدد به الكيان الصهيوني من توسع على حساب الأردن وتصفية القضية الفلسطينية، إذا بالحكومة تزعزع الأمن والاستقرار وتخلخل الجبهة الداخلية وتصب هجومها على نقابة المعلمين وتشغل الشعب الأردني في أزمة جديدة".
حراك مهني قد يتحول لسياسي
ولوح بأن حراك المعلمين في المحافظات الأردنية قد يتحول إلى حراك سياسي بامتياز رغم أنه بدأ حراكاً مهنياً، هو حراك مطلبي بامتياز من خلال الاتفاقية التي وقعت مع الحكومة الأردنية والتي فيها 16 بنداً من ضمنها بند العلاوة، وقال: "تذرعت الحكومة بأنّ النقابة تصرّ على صرف العلاوة التي أجلت إلى بداية العام القادم، ولكنّ هذا الكلام غير صحيح، فالنقابة مستعدة أن تقبل بما قبلت به كل كوادر الدولة الأردنية من تأجيل صرف العلاوة إلى العام الجديد".
وانتقد العكايلة استغلال الحكومة لأزمة كورونا وظروف قانون الدفاع الجديد، لتنفيذ هجومها على نقابة المعلمين وعلى غير النقابة، وقال: "من المؤسف أن تتسع دائرة الاعتقالات والمداهمات إلى غير نقابة المعلمين وتصل إلى عناصر وكودار جبهة العمل الإسلامي وإلى رؤساء الفروع في الحزب وإلى رؤساء اللجان المركزية وأصبحت المسألة مسألة مسيسة بامتياز".
من الغريب أن تأتي كل هذه الحملة والمداهمات عشية إعلان جلالة الملك عن الانتخابات النيابية في هذا العام وعن تحديدها في العاشر من شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم، هكذا قال العكايلة، وتساءل: "كيف يمكن أن نوفق بين إرادة ملكية بإجراء انتخابات نيابية مباشرة لعملية ديمقراطية وبين هجوم كاسح على الحريات العامة واعتقال المواطنين واعتقال كوادر حزب جبهة العمل الإسلامي وكل الرموز المحركين للعملية الانتخابية".
ووصف الأجواء السياسية التي صنعتها الحكومة ـ على حد وصفه ـ بأنها ليست أجواء انتخابية ولا ديمقراطية وإنّما هي تعزيز مقاطعة الانتخابات النيابية.
ووصف الحكومات الثلاث الأخيرة التي تعاقبت على المملكة بأنها ابتلاء للشعب الأردني، واعتبرها حكومات تأزيم أرهقت المواطن ودفعت به إلى ساحة المعاناة وضنك المعيشة والفقر والبطالة والدخول في الأزمات السياسية.
طالبت الملك بإقالة الحكومة
وكشف العكايلة في حواره مع عربي بوست، أنه ناشد العاهل الأردني في أكثر من مناسبة وطالبه بإقالة حكومة الرزاز وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لتعيد الأمور إلى سالف عهدها وإلى ما كانت عليه قبل الأزمة وقبل الإجراءات الحكومية الأخيرة.
وحول دور الإمارات في دعم وأد الحركات الإسلامية، قال العكايلة: "نعلم توجهات النظام السياسي في الإمارات نحو الحركة الإسلامية فهي توجهات سلبية وعدوانية وتملى باستمرار على كل من لهم علاقة بالحركات الإسلامية أن يقفوا موقفاً معادياً منها وأن يضيقوا عليها وأن يعتبروها حركات إرهابية".
وشدد على أن أبناء جماعة الإخوان والحركات الإسلامية بالإمارات ساهموا خلال العقود الأربعة الماضية في بناء دولة الإمارات من الناحية الثقافية والتربوية وإعداد كوادر الدولة وتدريبهم، وقال: "يشهد لهذه الحركات بالسلوك الإيجابي والحضاري".
وأرجع تغير موقف العاهل الأردني من جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى دولة الإمارات، واتهم الأخيرة بأنها حاولت الضغط على الأردن بأن يقف موقفاً سلبياً من الجماعة وأن يمارس عليها التضييق عليها ويسعى لتصفيتها ووصفها بالحركة الإرهابية.
واعتبر أن سياسات هجوم الجومة على النقابات في الأردن تأتي في طليعة السياسات التي تريدها الإمارات في تضييقها على جماعة الإخوان ظناً منهم أنّ نقابة المعلمين تدار من قبل الجماعة، وقال: "هو ظن خاطئ وعدد الأعضاء التابعين للجماعة في مجلس النقابة ثلاثة من بين 13 عضواً".
واستدرك قائلاً: "العاهل الأردني مستقل بقراره ويعرف مصلحة الأردن ومصلحة شعبه ويعرف وزن الجماعة ودورها الايجابي السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في الدولة الأردنية منذ نشأتها، فقد واكب نشوء الجماعة استقلال المملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 1946 ولم ير منها إلا مواقف البطولة الوطنية والدفاع عن أمن المملكة".
دعوة لتحالف إسلامي
فيما دعا العكايلة العاهل الأردني، إلى إعادة قراءة تحالفاته على أساس المتغيرات والتوازنات الجديدة ، وقال: "إنّ الأردن لابدّ له أن يتحرّك وأن ينوعّ خياراته وتحالفاته حتى لا يكون رهيناً للتحالفات المحور الحالي، واقترحنا مراراً وتكراراً أن يوسع الأردن مجاله الحيوي نحو تحالفات جديدة مع تركيا وقطر والمغرب العربي كله وباكستان وإندونيسيا وماليزيا وإيران وكل الدول المؤمنة بالحق العربي والحق الفلسطيني في القضية الفلسطينية".
وأردف: "لابدّ أن نتحرك نحو هذا الحلف الجديد على أساس أن نتحرر جزئياً من الضغوط التي يواجهها الأردن، لكننا ما زلنا للأسف حتى هذه اللحظة ندور في إطار المحور الذي اعتاد الأردن أن يقف فيه، وهو نفسه لا يزال يمارس الضغوط علينا سواء كان عربياً أو إقليمياً أو دولياً باتجاه مصلحة الكيان الصهيوني وليس في اتجاه مصلحة الأردن والقضية الفلسطينية".
ودعا بلاده إلى أن تتحرك أثناء تشكيل الحكومة الجديدة نحو توسيع المجال الحيوي للأردن والتخلص من الضغوط التي يمارسها المحور الحالي حتى يتحرر من هذه الضغوط وأن يجد متنفساً واسعاً،
وقال:" القضية الفلسطينية قضية عربية – إسلامية بإمتياز ولابدّ أن تتسع إلى هذه الساحة حتى يتحمل الجميع هذه المسؤولية ويواجه هذه الضغوط التي تمارس على الأردن".
وحول طبيعة المرحلة القادمة في ظل قانون الدفاع، والتصعيد الأمني ضد الأحزاب والعمل السياسي الذي تنتهجه حكومة الرزاز متمثلاً في وزير الداخلية سلامة حماد، قال العكايلة: "قانون الدفاع جاء لمسألة محددة فقط وهي النواحي الصحية، وكان توجيه الملك في هذا الإطار أن يُستخدم القانون بقدر الضرورة فقط وألا يُعتدى به على الحريات العامة ولا أن يتجاوز أي حد من الحدود التي تمسّ حريات المواطنين وحقوقهم الدستورية، لكن رأينا هجوماً حكومياً كاسحاً على النقابات، وهو الأمر الذي لم نعهده حتى في الأحكام العرفية".
ووصف العكايلة في حواره، أن الذي يجري الآن هو خلخلة بالجبهة الداخلية للأردن وعبث بأمن واستقرار البلد الذي هو بحاجة ماسة جداً إلى تمتينهما وتقوية الموقف الداخلي وبناء الجبهة الداخلية ورصّ الصفوف.
وقال: "حتى يكون الأردن قلعة عصيَّة شامخة على الاختراق وسنداً للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وليفوّت الفرصة على المطامع الصهيونية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن".
ووصف ما يجرى الآن بأنه أحكام عرفية بامتياز ودعا إلى الانتهاء منها ووقفها.
وشدد على رفض الاعتداء على الحقوق والحريات العامة، واعتبره أمراً مرفوضاً بكل المقاييس والمعايير، وأنه لا ينبغي إطلاقاً القبول به، لا من رئيس الحكومة ولا من وزير الداخلية ولا من أجهزته الأمنية.
وجدد مناشدة الملك أن يبادر إلى نزع فتيل الأزمة، وأن يُنهي هذه الحالة بتغيير هذه الحكومة وتشكيل حكومة أقطاب وإنقاذ وطني تراعي الأحكام والحقوق الدستورية ودولة القانون والمؤسسات.
نرفض دعم الأردن لحفتر
وبالتعريج على الأزمة الليبية ودور الأردن الأخير فيها، شدد العكايلة على أنهم في كتلة الإصلاح النيابية وباعتبارهم ممثلين عن الشعب الأردني، فإنهم يؤيدون الشرعية في ليبيا ممثلةً في حكومة الوفاق المعترف بها دولياً.
فيما انتقد الموقفَ الرسمي الذي تتبناه المملكة بدعم حفتر، وقال: "هذا بالنسبة لنا موقف مرفوض ونستغربه ونستهجنه، لأننا نرى أن لا مصلحة مطلقاً في وقوف الأردن مع انقلابي مثل حفتر، ومن معه ممن يقومون بحركات عسكرية تدمر المجتمع الليبي وتهدر المقدرات الليبية".
وقال إن الشعب الليبي خرج من أزمة ومن ثورة كان يأمل من خلالها أن يعود إلى دولة القانون والمؤسسات، وجدد قوله: "نحن مع الشرعية في ليبيا ولسنا مع هذا الانقلابي، ونحن نستهجن فعلاً أن يكون لنا أي موقف آخر مناوئ لموقف الشرعية الذي تمثله حكومة الوفاق في ليبيا".
وحول ما إذا كانت هناك علاقات سرية بين الأردن وميليشيات خليفة حفتر في ليبيا، قال: "إذا كانت هناك علاقة سرية بصورة أو بأخرى، لا نعلم تفاصيلها، مع حفتر، فنحن نرفضها رفضاً قاطعاً وندينها، ونؤكد أنها ليست في مصلحة الشعب الأردني ولا الليبي ولا الأمة العربية والإسلامية".
وشدد قائلاً: "على الجميع أن يعلم أن هذا الانقلابي إنما يسعى إلى إعادة الحكم العسكري في ليبيا، ويقف ضد خيار الشعب الليبي الذي يسعى إلى بناء دولة القانون والمؤسسات وإلى دولة تُمثِّلها الديمقراطية وتقوم على نهج ديمقراطي يجسِّد إرادة الشعب الليبيي في حكم نفسه بنفسه".
وحول التحركات والمحاولات للتوسط في الأزمة القائمة بين الحكومة الأردنية من جانب وجماعة الإخوان ونقابة المعلمين من جانب آخر، نوّه العكايلة إلى أنه حاول بصفته رئيساً لكتلة الإصلاح، بحث الأزمة مع بعض رموز النظام ومع رئيس مجلس الأعيان تحديداً، إلا أن الحكومة مضت في إجراءاتها.
وشدد على أن النقابة تحركت لمطالب مهنية تخصها وأنها لا تتبنى مطالب سياسية، ورفض ما يردده البعض بأن النقابة هي التي أودعت كوادرها وقياداتها في السجون.
وواصل: "كان من المفترض أن تتحرك الحكومة تحركاً إيجابياً، وأن تُخلي سبيل معتقلي النقابة، وأن تعود الأمور إلى نصابها كما كانت عليه قبل هذه الأزمة، حتى بعد ذلك يتم التحرك من جديد للتوسط بين الجهتين إذا كانت المسألة معلَّقة بمسألة العلاوة، فيمكن الحديث مع النقابة فيها؛ لتأجيلها إلى مطلع العام القادم".
وأشار إلى أن هناك 16 مطلباً آخرين اتفق عليها مع الحكومة يُفترض أن تنفذها، وأن النقابة حاولت التحرك لكنها فوجئت بأن الحكومة تطلب أن تلتزم النقابة بكل ما تطلبه، وعندئذ سيبدأ الحديث، وقال: "هذا أمر ترفضه النقابة، فلا نقبل إملاءات وشروطاً مسبقة، إذا مضت الحكومة في تعنُّتها فستعلم أنها هي الخاسرة في النهاية كما خسرت بالجولة الأولى".
نتجه لمقاطعة الانتخابات
وحول جاهزية البلاد للانتخابات النيابية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، ووجود ضمانات لانتخابات حرة ونزيهة، استنكر العكايلة إعلان الإرادة الملكية إجراء الانتخابات وفي اليوم التالي هجمت الحكومة على النقابات وقامت بحملة اعتقالات ومداهمات كأنها تعلن عودة الأحكام العرفية والطوارئ، وقال: "هذا ينسف الإرادة الملكية بإجراء انتخابات نيابية حقيقية".
ورفض العكايلة التعليق على مشاركة "الإخوان المسلمين" وجبهة العمل الإسلامي في الانتخابات المقبلة، وقال إن "هذا أمر متروك لقيادة الحزب فهم الذين يقررون، ولسنا مفوَّضين للحديث عنه في هذا المجال".
أما عن التسريبات التي تتردد من حين إلى آخر بأنَّ فيصل الفايز هو الشخصية الأوفر حظاً لمنصب رئيس الوزراء القادم بعد رحيل الرزاز، أكد العكايلة أن هذا الكلام تردد كثيراً في الفترة الأخيرة وقال: "سألت دولة الرئيس فيصل الفايز عن هذا الأمر، وذكر لي بشكل قاطعٍ أنّ هذا الحديث مجرد شائعات، وأنه لم يتلقَّ لا إشارات صريحة ولا ضمنية حول هذا الموضوع".
السعودية والإمارات في صف الإحتلال
وختاماً، حول بعض التقارير الصحفية التي تحدثت عن الضغوط التي تمارسها المملكة العربية السعودية على الأردن لتوافق على ضم الأغوار، قال العكايلة: "للأسف لم نعُد نستغرب أي ضغط سواء كان من السعودية أو من الإمارات، فهما قد هرولتا إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتواترت الأخبار والتسريبات والمواقف عن العلاقات الوطيدة جداً بين الكيان الصهيوني وحكام السعودية والإمارات".
وأضاف: "لا نستغرب إطلاقاً أي دور وأي ضغط يمكن أن يمارَس على الأردن في هذا الصدد، خصوصاً أن الأمور قد باتت واضحةً جداً، وأن هاتين الدولتين اختارتا الهرولة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني بعد أن كنا نعوّل عليهما في أن تكونا ظهيراً وسنداً قوياً للقضية الفلسطينية وللأردن ولفلسطين على قدم المساواة".