جاء الرد الإماراتي على انتقادات وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، بمحاسبة أبوظبي على أفعالها في الملفين السوري والليبي ضعيفاً إلى حد كبير.
واعتبر وزير الدولة الإماراتي، أنور قرقاش، عبر حسابه في "تويتر" السبت 1 أغسطس/آب 2020، تصريح وزير الدفاع التركي استفزازياً وسقوطاً جديداً لدبلوماسية بلاده.
الرد الإماراتي على انتقادات وزير الدفاع التركي
ولم يخرج الرد الإماراتي عن نطاق العبارات التقليدية الإماراتية، التي تحاول إعادة تأويل الإرث العثماني في المنطقة، بما يتوافق مع المنطق الإماراتي.
إذ قال قرقاش إن "منطق الباب العالي والدولة العليّة وفرماناتها مكانه الأرشيف التاريخي، فالعلاقات لا تدار بالتهديد والوعيد، ولا مكان للأوهام الاستعمارية في هذا الزمن، والأنسب أن تتوقف تركيا عن تدخلها في الشأن العربي".
وقال وزير الدفاع التركي في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، الخميس الماضي، إن "أبوظبي ارتكبت أعمالاً ضارة في ليبيا وسوريا، وسنحاسبها في المكان والزمان المناسبين".
وأضاف أن الإمارات دولة وظيفية تخدم غيرها سياسياً أو عسكرياً ويجري استخدامها عن بُعد، موجهاً رسالة إلى الدولة الخليجية بأنها "يجب أن تنظر إلى ضآلة حجمها ومدى تأثيرها، وألا تنشر الفتنة والفساد".
واتهم آكار الإمارات بدعم المنظمات الإرهابية المعادية لتركيا، بقصد الإضرار بها، في حين لم يحدد اسم هذه المنظمات.
وطالب الوزير التركي، مصر، التي هدّدت بعملية عسكرية في ليبيا، بالابتعاد عن التصريحات التي لا تخدم السلام في ليبيا، بل تؤجج الحرب فيها.
ما أشبه التعامل مع تركيا بإيران رغم تصعيدها ضد أبوظبي
وبدا لافتاً عدم وجود ردود أفعال من مصر والسعودية على التصريحات التركية، وجاءت التعليقات ممن يمكن وصفهم بأعضاء منخفضي المستوى في المحور السعودي المصري الإماراتي، مثل ممكلة البحرين أو البرلمان العربي.
يأتي ذلك في وقت تشهد العلاقات العمانية التركية تطورات لافتة، وسط تقارير عن موقف معاكس في العلاقات بين مسقط والإمارات، في عهد سلطان عمان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد.
كما ظهرت تقارير عن اعتزام تركيا إنشاء قاعدة بحرية في سلطنة عمان، وهو ما نفته مصادر تركية.
ويعيد الرد الإماراتي الضعيف نسبياً للأذهان السياسة الإماراتية في التعامل مع إيران، إذ عمدت إلى الرد على التصعيد الإيراني الذي وصل إلى تنفيذ عمليات ضد أهداف إماراتية (مثل عملية الفجيرة التي يعتقد أن الإيرانيين يقفون وراءها) بتقديم إيماءات إيجابية ضد طهران، بعدما كانت تحرض واشنطن والسعودية ضدها.
وقد يكون السبب في رد الفعل الإماراتي الباهت أن التهديد الذي جاء على لسان رأس العسكرية التركية بدا أنه لا يمثل مجرد انتقاد، بل يحمل وعيداً يشير إلى احتمال اتخاذ إجراءات ضد الدولة الخليجية الصغيرة.
وقد تشير محدودية الرد الإماراتي إلى معرفة الدولة الخليجية لحدود قدراتها وميلها للتحريض المتواري ضد خصومها أكثر من المواجهة المباشرة.
وقد تكون الانتقادات التركية الحادة لأبوظبي بداية لفصل جديد من العلاقة بين البلدين، علاقة كانت فيها الإمارات هي التي تطارد المصالح التركية، بينما أنقرة تكتفي بالتصدي للمحاولات الإماراتية، مع السعي للحفاظ على شعرة معاوية مع أبوظبي.
ولكن السياسة التركية بدت منذ حرب إدلب، مطلع العام، ثم الدعم الواسع لحكومة الوفاق بعد ذلك، تُظهر ميلاً أكبر لمجابهة خصومها وتحقيق مكاسب ميدانية، بعد أن بدا أن كثيراً من هؤلاء الخصوم يميلون لعدم مراعاة مصالح أنقرة ومحاولة الاستجابة لدعواتها لحلول وسط.
سر العداء الإماراتي لتركيا
ويمثل العداء الإماراتي لتركيا جزءاً من مناهضة لكل ما ينتمي للتيار الإسلامي المعتدل، أو يعبر عن الديمقراطية في المنطقة.
وكانت العلاقات التركية- الإماراتية تأزّمت خلال السنوات الماضية، بسبب اتهام أبوظبي بضلوعها في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، في يوليو/تموز 2016.
وتصاعد الخلاف بين البلدين بسبب خلافات جيواستراتيجية، وقيادة الإمارات للثورة المضادة في العالم العربي، وتعارُض أهداف البلدين في ملفات الشرق الأوسط، وخاصة ملفي سوريا وليبيا.
ويأتي الخلاف القائم حالياً بين البلدين في ظل التصعيد العسكري في ليبيا بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم من قِبل الإمارات وروسيا ومصر، وبين حكومة "الوفاق" المعترف بها دولياً، والمدعومة من قِبل تركيا وقطر.
وأكد آكار أنه إذا لم توقف الإمارات والسعودية ومصر وروسيا وفرنسا دعم الانقلابي حفتر فلن تستقر ليبيا.
ووصل العداء الإماراتي لتركيا إلى عرض الإمارات رشوة على الرئيس السوري لإفساد وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه أنقرة وموسكو في إدلب، رغم أن الأسد هو تابع لإيران، العدو التاريخي لدول الخليج، والتي تحتل جزر الإمارات الثلاث.
وكانت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، المقربة من "حزب الله" اللبناني تحدَّثت في فبراير/شباط الماضي، عن دور خفيّ لدولة الإمارات العربية المتحدة في المعارك الجارية في إدلب وريف حلب الغربي من قِبل قوات النظام بدعم الطيران الروسي.
وقالت الصحيفة إن الإمارات قدَّمت مبادرة حول العملية السياسية وإشراك المكون الكردي، ما يستوجب إعادة رسم الخريطة الميدانية في إدلب والسيطرة على الطريقين الدوليين "M5″ و"M4" وسحب البساط من تحت تركيا في المنطقة.