جاءت إدانة رئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب عبدالرزاق بالفساد لتُسلِّط الضوء مجدداً على أكبر فضيحة في تاريخ البلاد، وهي تتعلق بمئات المليارات من الدولارات، وتورَّطت فيها جهات كبرى من نحو عشر دول، منها مؤسسة مالية أمريكية كبيرة، والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي والرجل القوي في الإمارات.
وحُكم على نجيب، اليوم الثلاثاء، بالسجن لمدة 12 عاماً في أول محاكمة بشأن فضيحة بمليارات الدولارات في صندوق الدولة 1MDB، وهي الفضيحة التي تبيّن أنها ممتدة في الخليج وهوليوود.
كما حكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة الإخلال الإجرامي بالثقة وغسل الأموال، لتلقّيه بشكل غير قانوني ما يقرب من 10 ملايين دولار من وحدة تطوير ماليزيا السابقة.
وكان من بين الأدلة المقدَّمة فيها تسجيل صوتي لنجيب الله وهو يستنجد بالشيخ محمد بن زايد لإنقاذه من الفضيحة.
تقول بريدجيت ويلش، باحثة مشاركة وخبيرة في ماليزيا بجامعة نوتنغهام: "يؤكد هذا القرار في الواقع أن سيادة القانون تعمل".
الاستثمار في فيلم "وولف وول ستريت" الهوليوودي في 2013
نجيب، الذي تولّى المنصب المزدوج لرئيس الوزراء ووزير المالية حتى تم انتخابه خارج منصبه قبل عامين، تمت إدانته في 7 تهم تتعلق بغسل الأموال، وإساءة استخدام السلطة، وخرق الأمانة بشكل إجرامي، دفع بأنه غير مذنب.
أدى الكشف عن المخطط الضخم إلى هزيمة ائتلاف نجيب الحاكم، في مايو/أيار 2018، وبعد أيام من خسارته في الانتخابات أغارت الشرطة على أحد مساكن نجيب قبل الفجر، وصادرت عشرات الحقائب التي تحتوي على النقود والمجوهرات والمئات من أكياس المصمم، فيما يتعلق بمسبار 1MDB.
المحاكمة التي انتهت يوم الثلاثاء هي الأولى من بين عدة قضايا يواجهها رئيس الوزراء السابق. في ذلك قال المدعون إنه تلقى 10 ملايين دولار من صندوق 1MDB، ولكن يعتقد أن نجيب تراكمياً استحوذ على ما يعادل حوالي مليار دولار من الصندوق.
تقول بريدجيت ويلش، باحثة مشاركة وخبيرة في ماليزيا بجامعة نوتنغهام: "يؤكد هذا القرار في الواقع أن سيادة القانون تعمل".
من بين أمور أخرى، تتبع المدعون الأموال لشراء يخت ضخم ولوحة بيكاسو، والاستثمار في فيلم "وولف وول ستريت" الهوليوودي في 2013.
في الأسبوع الماضي، توصّلت شركة Goldman Sachs ومقرها الولايات المتحدة إلى تسوية بقيمة 3.9 مليار دولار مع ماليزيا، حول دورها في ترتيب وتأمين 1MDB. واتّهمت ماليزيا غولدمان بتضليل المستثمرين بشأن ثلاثة سندات بمليارات الدولارات لجمع الأموال للصندوق.
سعت دعوى قضائية رفعتها وزارة العدل الأمريكية في عام 2016 إلى الاستيلاء على عشرات الممتلكات المرتبطة بـ1MDB، مدّعية أنه تم اختلاس أكثر من 3.5 مليار دولار. في العام الماضي، أعلنت وزارة العدل أنها توصلت إلى تسوية لاسترداد حوالي 700 مليون دولار من هذا المبلغ.
دور محمد بن زايد
وكانت لجنة مكافحة الفساد بماليزيا قد عرضت في 8 يناير/كانون الثاني 2020، تسجيلات صوتية لمحادثات بين رئيس الوزراء السابق نجيب عبدالرزاق وبعض الشخصيات البارزة، وصفتها اللجنة بتسريبات من مكتب المدعي العام.
وحين شملت تسجيلات المحادثات الهاتفية زوجة نجيب روزما منصور، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونائب المنظمة القومية الملايوية المتحدة (أمنو) في بالينغ، عبدالعزيز عبدالرحيم، وغيرهم من الشخصيات البارزة الأجنبية.
رئيسة مكافحة الفساد، لطيفة كويا، أوضحت أنَّ تلك المكالمة أُجرِيَت بعد أسبوعٍ من رفع وزارة العدل الأمريكية دعوى تجريد مدني من الأصول، لمصادرة مليار دولار أمريكي يُعتَقد أنّها اختُلِسَت من الصندوق السيادي الماليزي العالمي.
في حين تضمَّن تسجيل صادم آخر، اتّصال نجيب بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، طالباً المساعدة في تهم غسل الأموال التي يواجهها ابن زوجته صانع الأفلام في هوليوود رضا عزيز، وذلك في أوج فضيحة الصندوق الماليزي السيادي العالمي.
وحسب ما تسرّب آنذاك من جهات التحقيق الماليزية فإن محمد بن زايد قد تورّط في مساعدة -والتآمر مع- نجيب من أجل التستُّر على فضائح فساده من اليوم الأول، حين دخلت وزارة العدل الأمريكية في قضية الصندوق السيادي الماليزي العالمي عام 2016.
كما أن الشيخ منصور (49 عاماً)، وهو فرد العائلة الملكية الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء الإماراتي ووزير شؤون الرئاسة. كان متورِّطاً في التسجيلات الصوتية لمساعَدة نجيب في التستُّر على ابن زوجته رضا عزيز، الذي كانت له علاقةٌ بفضيحة الصندوق السيادي الماليزي العالمي.
أبرز تطورات قضية رئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب عبدالرزاق
فيما يلي بعض التطورات المتعلقة بالفضيحة أوردتها وكالة Reuters
2009
يوليو/تموز: بعد ثلاثة أشهر من توليه رئاسة الوزراء، أطلق نجيب 1MDB للاستثمار في الطاقة والعقارات والصناعات الأخرى.
2015
مارس/آذار: شكلت ماليزيا فرقة عمل خاصة -بما في ذلك مسؤولون من البنك المركزي والشرطة ووكالة مكافحة المنح وغرف المدعي العام- للنظر في 1MDB.
يوليو/تموز: ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن ما يقرب من 700 مليون دولار من أموال الصندوق ذهبت إلى حساب نجيب المصرفي الشخصي.
2016
يناير/كانون الثاني: برّأ المدعي العام الماليزي نجيب من ارتكاب مخالفات، قائلاً إن 681 مليون دولار في حسابه كانت هبة من أحد أفراد العائلة المالكة السعودية، وإن نجيب أعاد 620 مليون دولار في غضون بضعة أشهر.
2017
يونيو/حزيران: تقول وزارة العدل الأمريكية إن أكثر من 4.5 مليار دولار تم سحبها من الصندوق من قبل مسؤولين به رفيعي المستوى وشركائهم.
أغسطس/آب: تقوم وزارة العدل بإجراء تحقيق جنائي بشأن صندوق 1MDB.
2018
مايو/أيار: نجيب يخسر بشكل غير متوقع الانتخابات أمام رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، الذي أعاد فتح التحقيق على الفور في قضية صندوق 1MDB.
يونيو/حزيران: تقول الشرطة إن ما يقرب من 275 مليون دولار من الأصول التي تم العثور عليها في عقارات مرتبطة بنجيب، بما في ذلك المجوهرات وحقائب اليد الفاخرة والساعات، وحوالي 30 مليون دولار نقداً.
يوليو/تموز: السلطات الماليزية تعتقل نجيب.
سبتمبر/أيلول: وكالة مكافحة الفساد تقول إن نجيب يواجه اتهامات فساد أخرى تتعلق بصندوق 1MDB.
نوفمبر/تشرين الثاني: السلطات الماليزية تقول إن نجيب أمر بإجراء تغييرات على تقرير تدقيق الصندوق في عام 2016.
ديسمبر/كانون الأول: وجَّه المدعون اتهامات جديدة ضد نجيب بشأن السرقة المزعومة لمليارات الدولارات من الصندوق، ثم رفعت ماليزيا اتهامات جنائية ضد مجموعة غولدمان ساكس الأمريكية، بتهمة تضليل المستثمرين بشأن 3 مبيعات سندات، يبلغ مجموعها 6.5 مليار دولار جُمعت للصندوق، وقد دفع غولدمان بأنه غير مذنب.
2019
أبريل/نيسان: بدء محاكمة رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبدالرزاق
2020
يناير/كانون الثاني: وكالة مكافحة الكسب غير المشروع تكشف عن مقاطع صوتية يطلب فيها نجيب المساعدة من ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد لتزييف الأدلة للتغطية على فضيحة صندوق 1MDB.
يوليو/تموز: وافق غولدمان ساكس على دفع 3.9 مليار دولار لتسوية تحقيق جنائي ماليزي.
– محكمة ماليزية في محاكمة هيئة الإنصاف والمصالحة، تُثبت إدانة نجيب في 7 تهم، وقال نجيب إنه سيستأنف أمام المحكمة الفيدرالية الماليزية، وستُبقي المحكمة عقوبته.