تشهد العلاقات العمانية التركية تطورات لافتة، وسط تقارير عن موقف معاكس في العلاقات بين مسقط والإمارات، في عهد سلطان عمان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد.
فقد بحث مسؤولان تركي وعُماني، أمس الإثنين، سبل تعزيز العلاقات بين بلديهما، وقضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، حسب وكالة الأنباء العمانية الرسمية.
جاء ذلك خلال اجتماع، عبر تقنية الاتصال المرئي، بين بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، أمين عام وزارة الخارجية العُمانية، وسادات أونال، مساعد وزير الخارجية التركي. وذكرت الوكالة أن الجانبين ناقشا "جوانب العلاقات الثنائية القائمة بين تركيا وسلطنة عمان، وسبل تطوير مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والثقافية".
وتبادل المسؤولان وجهات النظر إزاء عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفق المصدر ذاته.
تطور لافت في العلاقات العمانية التركية.. مفتي عُمان يهنِّئ الأمة الإسلامية بالصلاة في آيا صوفيا
وقبل ذلك بأيام، غرَّد مفتي سلطنة عمان، الشيخ الفاضل أحمد بن حمد الخليلي، على تويتر، مهنئاً الأمة الإسلامية وأردوغان وتركيا بإعادة افتتاح آيا صوفيا كمسجد، وهي تغريدة يُعتقد أنها تُثير غضب دول الخليج كالسعودية والإمارات، إضافة إلى مصر.
ونشر الشيخ أحمد التغريدة على شكل صورة بسبب طول النص، حيث إن تويتر لا يقبل النص الطويل، وجاء في الرسالة: "نهنِّئ أنفسنا ونهنئ الأمة الإسلامية جميعاً، ونخصُّ بالتهنئة الشعب التركي المسلم الشقيق الأصيل، وعلى رأسه قائده المحنّك رجب طيب أردوغان، بردِّه معلم آيا صوفيا من جديد إلى بيت من بيوت الله التي أذن الله أن تُرفع ويذكرَ فيها اسمُه، يُسَبَّحُ له فيها بالغدو والآصال".
وأواخر مايو/أيار الماضي، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال اتصال هاتفي مع سلطان عُمان هيثم بن طارق، القضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية، وفق بيان صادر آنذاك عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
كما شهدت العلاقات الدفاعية بين تركيا وسلطة عمان تطورات مؤخراً؛ إذ تم افتتاح فرع لشركة HAVELSAN التركية في عمان، في مارس/آذار 2020، تحت اسم Technology Oman LLC، التي تمتلك فيها HAVELSAN حصة 70%، وتسيطر شركة Masirah International العمانية على 30%، ومن المتوقع أن يزيد المشروع المشترك من صادرات صناعة الدفاع التركية إلى عمان ودول أخرى في الشرق الأوسط.
إلغاء مشروع كبير مع شركة إماراتية
يأتي ذلك في وقت ألغت فيه عمان مشروعاً رئيسياً مع الإمارات العربية المتحدة بقيمة مليارات الدولارات، حسبما نقل موقع Middle East Monitor البريطاني عن مصادر عربية.
وأشار الموقع إلى أن هذا الموقف يُسلّط الضوء على التوتر المتزايد بين البلدين، حيث يقال إن سلطان عمان الجديد، هيثم بن طارق آل سعيد، أصدر أمراً للحدِّ من تأثير أبوظبي على شؤون بلاده.
وأدّى الإنهاء الأخير للعقد بين شركة داماك الدولية المملوكة للإمارات، وعمران الذراع الاستثمارية لوزارة السياحة العمانية، إلى تكهنات بأن بن طارق، الذي تولّى منصب ابن عمه في يناير/كانون الثاني، بعد وفاة السلطان قابوس، يبتعد ببطء عن موقف الحياد في المسائل الجيوسياسية الإقليمية، التي تم الحفاظ عليها بعناية من قبل سلفه.
وأشرفت داماك الدولية على عدد من المشاريع الكبرى في عمان، بما في ذلك تطوير ميناء السلطان قابوس.
وفي عام 2017، حصلت الشركة الإماراتية على عقد لتحويل المنطقة إلى وجهة استثمارية سياحية.
وتكهنت مصادر عربية بأن الشركات الإماراتية ستتكبد خسائر تزيد قيمتها عن 400 مليار دولار من أجل إلغاء العقود. وتشمل هذه الصفقات بناء مشاريع كبرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وأشار الموقع إلى فشل داماك في توظيف العمال العمانيين، وعدم القدرة على تعويض ملاك الأراضي، وضعف السجل في إنجاز بعض المشاريع كأسباب لإنهاء الشراكة بين عمان وشركة الإمارات.
ولكن جرى الحديث أيضاً عن وجود عوامل جيوسياسية أوسع نطاقاً. ويقال إن التوتر بين سلطنة عمان والإمارات أعلى مما كان في السنوات الأخيرة، ما دفع مسقط إلى الاقتراب من تركيا، حسب الموقع.
وإذا كان هذا هو الحال، فسيكون ذلك بمثابة تحوّل كبير في موقف عمان التقليدي، في عهد السلطان قابوس، إذ بذلت عمان جهداً للحفاظ على الحياد النسبي في النزاعات الإقليمية، وتجنب الضغوط الخارجية للانضمام إلى أي كتل كانت تطلب من السلطنة أن تتماشى مع أو ضد دول معينة.
ولم تنضم مسقط لدول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى، التي شكلت التحالف المناهض للحوثيين في اليمن.
وفي الأزمة السعودية الإيرانية، عام 2016، كانت مسقط العاصمة الخليجية الوحيدة التي لم تتخذ أي إجراء دبلوماسي ضد طهران.
في العام التالي، عندما بدأت ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى مصر) في حصار دولة قطر، رفضت عمان المشاركة.