“من الأفضل ترك بكين تتحمل الأعباء معنا”.. هل يصبّ التوسع الصيني بالشرق الأوسط في مصلحة واشنطن؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/07/25 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/25 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
ترامب في لقاء سابق مع قوات أمريكية بقاعدة عسكرية في العراق، أرشيفية/ رويترز

عقب عقود من حروبها ونفوذها في الشرق الأوسط، تتجه الولايات المتحدة الآن إلى "منافسة استراتيجية طويلة المدى" مع "قوى تحريفية" -الصين وروسيا- حتى مع حفاظ واشنطن على بعض قواتها على الأرض في سوريا وأفغانستان. ويقول الجنرال كينيث ماكينزي، القائد العام للقيادة المركزية الأمريكية، خلال فعالية لمعهد الشرق الأوسط مؤخراً، إنَّ وزارة الدفاع الأمريكية تدرك "تهديد المنافسين الذي تطرحه روسيا والصين. ولا يكمن هذا التهديد في منطقة عمليات القيادة المركزية؛ لذا علينا تغيير بعض الأمور".  

وأوضح ماكينزي أن هذا التغيّر كان صوب أوروبا ومنطقة آسيا-المحيط الهادئ، "حيث يمكن مواجهة هذه التهديدات على المستوى العسكري مواجهة أكثر مباشرة. وبينما نحن نمضي قدماً في ذلك، نحتاج كما هو واضح إلى التركيز على الصين وروسيا، وأعتقد أنَّ توفير الموارد في وزارة الدفاع هو الخطوة الأمثل في هذا الاتجاه". 

بيد أنَّ المنافسة بين القوى الكبرى لن تقتصر على تلك المنطقة، حسبما نوّه ماكينزي، واصفاً منطقة قيادة بـ"الغرب الوحشي" بسبب هذا الصراع العالمي. وقال ماكنزي إنَّ الصين تفضل متابعة مصالحها في الشرق الأوسط "تحت رعاية أمنية من طرف آخر. من يدري… ما هو مخططها على المدى الطويل، لكن أعتقد أنَّ هذا عامل مهم نحتاج إلى مواجهته".

الصين وكسب نفوذ في الشرق الأوسط

يقول موقع Business Insider الأمريكي، إن الوجود الصيني نما في المنطقة خلال العقدين الماضيين، وتحديداً من خلال العلاقات الاقتصادية. ورحبت الدول هناك وفي منطقة القرن الإفريقي ترحيباً كبيراً بالاستثمارات الصينية، على الرغم من أنَّ الكثير منها يصيبه الندم حالياً على هذه الصفقات.

وفي المقابل، يلتزم البعض الآخر مزيداً من الحذر. وتشعر الولايات المتحدة بالقلق بشأن القاعدة الجديدة الصينية في جيبوتي. إضافة إلى ذلك، تخشى واشنطن ودول أخرى من إمكانية استخدام الموانئ التي بنتها الصين حول المحيط الهندي في أغراض عسكرية، بالرغم من أنها أسستها في الظاهر لأغراض تجارية.

وفي هذا السياق، قال نائب الأدميرال جيمس مالوي، قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية في حدث لمعهد الشرق الأوسط هذا الشهر: "ما يقلقني في هذه المنطقة ليس القدرة القتالية [الصينية] على المدى القريب، بل جميع ركائز القوة الوطنية التي تدخل حيز التنفيذ".

وأضاف مالوي في إشارة إلى بحر الصين الجنوبي: "عندما ألقي نظرة على تلك المنطقة، لا أحتاج إلا إلى النظر للشرق لأتمكن من رؤية ما الذي سيبدو عليه المستقبل. وأرى إكراهاً اقتصادياً، وقهراً عسكرياً… لتغيير الواقع أو الحقائق على الأرض".

ولم يكن مالوي أول شخص يقول إنَّ الصين تسعى لكسب نفوذ في الشرق الأوسط، لكن الناقدين يجادلون بأنه من الأفضل ترك بكين تتحمل الأعباء الناجمة عن ذلك، فكيف ذلك؟ 

هل يصبّ التوسع الصيني في المنطقة بمصلحة واشنطن؟

يقول باتريك بورتر، أستاذ الاستراتيجيات والأمن الدولي في جامعة برمنغهام في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "إنَّ معضلة زحف بكين نحو الشرق الأوسط قد تصب في صالح أمريكا".

وأضاف بورتر: "إذا أصبحت الصين الدعامة الأساسية لملكيات الخليج وانتهى بها الأمر إلى مواجهة أزمات لا حد لها، سيتعيّن عليها تولي مهمة إدارة الحروب الأهلية أو مكافحة انتشار الأسلحة النووية، على سبيل المثال، وهذا كله سيشتت اهتمامها ووقتها ومواردها".

وقد تأججت المخاوف بشأن محاربة الصين لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط نتيجة تقارير عن صفقة أمنية واقتصادية بين الصين وإيران، التي ستسمح لكلا البلدين أن يضربا بعرض الحائط جهود الولايات المتحدة لعزلهما.

فيما قالت راتشيل إسبلين أوديل، الباحثة في معهد Quincy Institute for Responsible Statecraft، إنَّ الصين تريد "باستماتة" توسيع علاقاتها في الشرق الأوسط، لكن من غير المحتمل أن تسعى إلى وجود عسكري أكبر. 

وأضافت راتشيل في حدث استضافته جمعية جون كوينسي آدامز، وهي مجموعة من المهنيين الشباب الذين يركزون على السياسة الخارجية: "لا أعتقد أننا سنرى تحولاً جوهرياً في نمو الوجود الصيني في المنطقة. هذا ليس شيئاً يرغبون في التورط فيه أبداً".

وأشارت راتشيل إلى أن الصين تركز على الاتفاقات الدبلوماسية والاقتصادية الرئيسية لضمان الحصول على النفط بدلاً من استخدام القوة العسكرية. وقالت: "إنهم ينظرون لهذه الصفقة مع إيران التي تمتد لـ25 عاماً وتضمن لهم النفط لأجل طويل على أنها صفقة عظيمة".

قوى متعددة في الشرق الأوسط

تتنامى الشكوك لدى الجمهور والعديد من الخبراء في أن مصالح الولايات المتحدة في المنطقة هي مبرر وجودها الحالي. (على الرغم من أن الاستطلاعات كشفت عن تأييد البعض للحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي أو زيادته هناك). ويقول بورتر إن التكاليف السياسية والمادية لهذا الوجود "باهظة للغاية"، والمصالح التي لدى الولايات المتحدة هناك "إما تنشأ من وجودها في المقام الأول أو [يمكن] إدارتها من على بُعد".

وتنادي التقارير الأخيرة الصادرة عن مركز الأمن الأمريكي الجديد ومعهد كوينسي إلى التغيير؛ استناداً إلى أنَّ السياسات العسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا تخدم مصالحها وأنه يمكن استغلال صعود قوى متعددة لحماية تلك المصالح.

تحميل المزيد