تشعل نزاعات مع جيرانها وتعادي أكبر الدول دون تردد.. هل حان الوقت الذي تكشر فيه الصين عن أنيابها للعالم؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/07/25 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/25 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش
الرئيس الصيني شي جين بينغ، أرشيفية/ رويترز

عقد الزعيم الصيني شي جين بينغ في وقت سابق من هذا الأسبوع اجتماعاً نادراً في بكين مع قادة الشركات. واعترف بأن جائحة "كوفيد-19" كان لها "تأثير هائل" على اقتصاد البلد، واستخدم شي مصطلحاً صينياً لطمأنة المُصغين له. قال شي: "بينما تدوم التلال الخضراء، سيكون هناك حطب يحترق"، مضيفاً: "إذا استمرينا في استراتيجيتنا سنجد فرصة في وسط الأزمة والاضطراب. الشعب الصيني سينتصر بالتأكيد على كل الصعوبات والتحديات المقبلة".

تقول صحيفة The Guardian البريطانية إن تصريحات شي تعطي فكرة خاطئة عن بيئة دولية صعبة ومتزايدة العدائية، تلك البيئة التي يقول النقاد إن القيادة الصينية جلبتها لنفسها عن طريق سوء التقدير وخنق المعارضة داخل الحزب الحاكم.

الصين تعادي الجميع

خلال الأسابيع والأيام الأخيرة أمرت الصين بإغلاق قنصلية الولايات المتحدة في جنوب غرب البلاد رداً على خطوة مماثلة من واشنطن، وخاضت الصين اشتباكات دامية عبر الحدود مع الهند، حيث يهدد خلاف عالق حول الحدود بالاشتعال من جديد، وشهدت النهاية المفاجئة لما يسمى "العصر الذهبي" للعلاقات مع المملكة المتحدة، ودخلت في حرب كلامية مع أستراليا، لتدفع العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوى لها، وفرضت قانوناً جائراً للأمن القومي على هونغ كونغ، ما أثار انتقادات دولية، وانغمست أكثر في تنافسها مع الولايات المتحدة ما أجبر بلداناً أخرى على الاختيار بين الجانبين. وهم يختارون الولايات المتحدة على نحوٍ متزايد.  

بدأت الشركات والمواطنون الصينيون في تحمل تكلفة عدم الثقة المتزايد. فقد مُنعت 59 شركة صينية من دخول الهند، أحد أكبر الأسواق متسارعة النمو بما في ذلك شركتا "وي شات" و"تيك توك"، اللتان يوجد ثلث مستخدميهما العالميين في الهند. وفقدت شركة هواوي الصينية إمكانية الوصول إلى موطئ قدم في أوروبا مع انحياز المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة وإعلان أنها ستمنع مشاركة عملاق التكنولوجيا في شبكة الجيل الخامس لديها.

مع بدء البلدان في الترحيب بمواطني هونغ كونغ الفارين من المنطقة، ستشهد الأراضي الصينية على الأرجح هجرة الكفاءات. بدأ مزيد من الدول في الحديث علناً عن احتجاز الصين الجماعي للإيغور وأقليات أخرى مسلمة في إقليم شينجيانغ، مع مطالبة المدافعين عن حقوق الإنسان بفرض عقوبات واتخاذ إجراءات قانونية. أصبح العلماء والطلاب وغيرهم من الصينيين في الخارج محل تدقيق أكبر.

تكاليف سياسية واقتصادية

قالت سوزان شيرك، مديرة مركز الصين في القرن 21، التابع لجامعة كاليفورنيا في سان دييغو: "يغير هذا الرواية كاملة عن نوايا الصين. تبدو الصين وكأن لها مصلحة ضيقة الأفق للغاية تسعى وراءها بدلاً من نهج أكثر تعاونية، ويعني هذا أن الدول الأخرى ستُقيم كل أنواع العوائق. ستكون هناك تكاليف حقيقية، لا تتعلق بسمعتها فقط بل تكلفة اقتصادية (أيضاً)".

عملت الصين لسنوات على طمأنة المجتمع الدولي بأن صعودها كان سلمياً، وأنها لن تحاول الانقلاب على الوضع القائم. ظهرت صين أكثر حزماً في ظل حكم شي جين، إنها صين أكثر استعداداً لمواجهة منتقديها والأضرار التي تلحق بسمعتها. في العام الماضي، بعد احتواء تفشي فيروس كورونا على أرضها، كانت بكين في وضعٍ أقوى من بعض منافسيها، مثل الولايات المتحدة، التي لا تزال تكافح الجائحة. 

قالت دالي يانغ، أستاذة العلوم السياسية المتخصصة في الشأن الصيني بجامعة شيكاغو: "يفكرون هذه المرة (كالآتي): "ربما نحن أقوياء كفاية. نحن متساوون الآن وبالتالي يمكننا التسبب في ألم كبير مثلكم. يمكننا القتال".

زاد المسؤولون الصينيون بشدة من الهجمات وانتقاد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على خلفية استجابة تلك الدول لجائحة "كوفيد-19″، ودافعت عن سياساتها في شينجيانغ، وطردت صحفيين أجانب وسرعان مع طبقت القانوني الأمني في هونغ كونغ، مع تنفيذ اعتقالات في غضون أقل من يوم من تمريره.

جيرانها حذرون منها

تجد بكين أيضاً نفسها عالقة في مواجهات مع دول لا تعتبرها عادة منافسة. بعد دفع أستراليا إلى إجراء تحقيق في جائحة "كوفيد-19″، فرضت الصين تعريفات جمركية تصل إلى 80% على الشعير الأسترالي وحكمت على رجل أسترالي بالإعدام. مع بدء قضية تسليم ميغ وانزو المديرة المالية لشركة هواوي في كندا، بدأت المحاكم الصينية توجيه اتهامات رسمياً لمواطنين كنديين اثنين في ما يُنظر له على نطاق واسع على أنه انتقام. أضر إرسال سفن صينية إلى جزر تدعي كلاً من اليابان والصين سيادتها عليها بسنوات من التقارب، مع دعوة مشرعين محافظين حالياً الحكومة لإلغاء زيارة رسمية مقررة لشي إلى اليابان.

قالت ميرا راب هوبر، وهي زميلة أقدم متخصصة في دراسات آسيا بمجلس العلاقات الخارجية: "لطالما كان هناك سؤال عما إذا كان بإمكان بكين أن تكن استبدادية في الداخل في حين تتصرف بطريقة مسؤولية وبناءة في الخارج". 

وأضافت: "أتت (قضايا) هونغ كونغ، وشينجيانغ، وبحر الجنوب الصيني، وهواوي جميعاً في صورة مُغِمّة. يصعُب عدم الشعور بأننا لم نحصل على لمحة مسبقة مما قد تبدو عليه القيادية الصينية العالمية المنفردة"، وقالت: "يجعل هذا كل جيرانها في حالة حذر في الحال". 

تحميل المزيد