خرجوا بالآلاف لرفض الغاز واكتفوا الآن بمظاهرة لرجل واحد.. ما الذي أخمد غضب الأردنيين إزاء خطة إسرائيل لضم الضفة؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/06/29 الساعة 14:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/29 الساعة 14:59 بتوقيت غرينتش
ملك الأردن عبدلله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتناياهو/ Reuters

بالنسبة لشعب يسارع عادةً للتعبير عن تضامنه مع جيرانه الفلسطينيين، كان صمت الأردنيين مؤخراً مُطبَقاً ولم يصدُر عنهم أي احتجاج يُذكَر منذ أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 1 مارس/آذار أنَّ حكومته تخطط لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة إلى المستوطنات الإسرائيلية اعتباراً من 1 يوليو/تموز.      

شوارع الأردن/ رويترز

وفي 21 يونيو/حزيران، وقف النائب البرلماني سعود محفوظ، عضو حزب جبهة العمل الإسلامي، بمفرده أمام السفارة الأمريكية في العاصمة عمّان تعبيراً عن رفضه لمخططات الضم وخطة الرئيس الأمريكي ترامب للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين -المعروفة باسم صفقة القرن- التي تعرضت للكثير من الانتقادات.  

وكانت مظاهرة الرجل الواحد هذه هي الاحتجاج الأردني الوحيد منذ إعلان خطة الضم، بالرغم من أنَّ الأردنيين خرجوا إلى الشوارع في أعدادٍ غفيرة سابقاً لمعارضة صفقة غاز مع إسرائيل.    

كيف يمكن تفسير هذا الصمت إذاً؟ صرَّحت مصادر إعلامية وسياسية لموقع Middle East Eye بأنَّ الإجراءات الوقائية المفروضة، وكذلك الموقف القوي للقيادة الأردنية لهما دور كبير في إخماد الغضب الشعبي في الشوارع.

ومع ذلك، يُعرب البعض عن قلقهم من أن تصبح الإجراءات المُشدَّدة لاحتواء "كوفيد-19" حجة مناسبة لتثبيط التعبير العلني عن الرفض في الدولة.   

مكبّلون بسبب الجائحة

أشارت الأحزاب السياسية الأردنية إلى القيود المفروضة على التجمعات العامة لتفسير تقاعسها عن الرد عقب إعلان مخططات الضم.     

وقال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، لموقع Middle East Eye: "سبب غياب الاحتجاجات هو طبي. تمنع أوامر الدفاع التجمعات التي تضم أكثر من 20 شخصاً. ولم تتغير هذه القيود بالرغم من السيطرة على الجائحة".

وأضاف العضايلة: "مخططات الضم تمسّ الأمن القومي الأردني وتهدم ما يُعرَف بحل الدولتين. ولهذا السبب يجب على الحكومة أن تُوقِف أمر الدفاع الخاص بالتجمع. نحن ندرس كيفية تنظيم احتجاج مع الالتزام بالمباعدة الاجتماعية واحترام المخاوف المحيطة بالسلامة الصحية".

وبالمثل، لم يصدر عن الأحزاب اليسارية رد فعل قوي نسبياً، إذ اكتفت بإصدار الإدانات المعهودة.

نتنياهو يتجول في أراضي غور الأردن التي أعلن أنها سيتم ضمها لإسرائيل في 1 تموز/يوليو القادم/ TOI

لكن بالنسبة لعبدالمجيد دنديس، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة اليساري، فإنَّ "القيود الصحية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد ليست السبب الوحيد الذي يكبل الاحتجاجات الشعبية ضد خطط الضم".

وأوضح: "إن حظر التجمعات الكبيرة بسبب فيروس كورونا المستجد هو أحد العوامل التي أثرت في الأنشطة السياسية. لكن العامل الأهم كان القيود العامة على الحريات، وخاصة حرية التعبير. فقد ترك هذا التقييد تأثيراً قوياً".

وأشار دنديس إلى اعتقال الأمين العام لحزب الوحدة سعيد دياب، الذي أحالته الحكومة إلى وحدة الجرائم الإلكترونية في الأردن بسبب مقال كتبه بمناسبة عيد الاستقلال الأردني في 25 مايو/أيار، ودعا فيه الأردن إلى تحرير نفسه من نفوذ الدول الأجنبية، خاصة من الغرب، والوقوف أكثر في وجه الصهاينة وأنصار إسرائيل في المنطقة.

على الرغم من عدم خروجها إلى الشوارع، دعت الأحزاب السياسية الأردنية، سواء الإسلامية أم اليسارية أم القومية، الحكومة إلى إلغاء صفقة الغاز مع إسرائيل رداً على مخططات الضم.

بدوره، طالب محمد العبسي، قائد حملة بعنوان "غاز العدو احتلالاً"، بتصريح لتنظيم احتجاجات ضد مخططات الضم؛ "لأنها جزء من صفقة القرن المرفوضة".

وفي تصريح لموقع Middle East Eye، قال العبسي: "تحتاج الحكومة إلى التعبير عن آراء الشعب، التي ترفض جميع المخططات التي تهدف إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل".  

موقف رسمي قوي

بالرغم من هذه المخاوف، أعربت الحكومة الأردنية عن رفض قوي لمخططات الضم الإسرائيلية. 

في شهر مايو/أيار، قال الملك عبدالله لمجلة "دير شبيجل" الألمانية: "لا أريد توجيه أية تهديدات وخلق جو من الجدل، لكننا ندرس جميع الخيارات.. نتفق مع العديد من الدول في أوروبا ومع المجتمع الدولي على أنه لا يجب تطبيق قانون البقاء للأصلح في الشرق الأوسط".

من جانبه، تحدث رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز علناً عن احتمال اندلاع صراع إسرائيل إذا اختارت المضيّ قدماً في تنفيذ خطوات الضم.

وقال الرزاز، في خطاب أذيع يوم 21 يونيو/حزيران: "الضم الذي يعتزم الاحتلال الإسرائيلي تنفيذه في الضفة الغربية سيجلب الصراع والتوتر. نحن أمام مسارين: إما طريق السلام أو طريق الصراع".

خلت شوارع الأردن، من المارة والمركبات، صبيحة أول أيام عيد الفطر السعيد؛ إثر حظر شامل تشهده البلاد لمواجهة انتشار فيروس "كورونا المستجد". وفرضت السلطات حظراً شاملاً لثلاثة أيام، ضمن إجراءات احترازية؛ لمنع انتشار الوباء

ويعتقد عمر كلّاب (كاتب ومذيع تلفزيوني أردني) أنَّ موقف الحكومة ترك علامة وهدَّأ رغبة المواطنين في النزول إلى الشوارع والاحتجاجات. 

وقال كلّاب لموقع Middle East Eye: "الموقف القوي الذي عبر عنه الملك يُرضِي تطلعات الكثيرين ويترك مساحة صغيرة للناس للاحتجاج. هذا هو السبب في أنَّ الوضع الآن مختلف تماماً عمّا كان عليه وقت انعقاد ورشة عمل البحرين [لخطة ترامب في يونيو/حزيران 2019]".

وأضاف: "إنَّ الموقف السياسي الرسمي الواضح الذي لا لبس فيه يريح الناشطين، وعندما وُضِعَت قيود بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، وافق الناس على الامتناع عن التظاهر لأنهم راضون بموقف الملك".

ويرى كلّاب أنَّ "النزاع" الذي ألمح إليه الرزاز لن تكون له نهاية.

تحميل المزيد