أصدر أول قراراته لحماية القوات الأمريكية فخرجت ضده قوات “الحشد”.. تفاصيل مواجهة الكاظمي مع الأذرع الإيرانية بالعراق

عربي بوست
تم النشر: 2020/06/26 الساعة 18:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/26 الساعة 18:47 بتوقيت غرينتش
ميليشيات الأحزاب المسلحة تتعقب النشطاء ثم تخطفهم وتذيقهم صنوف العذاب فهل الحكومة لا تعلم أم أنها متواطئة / رويترز

أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أنه سيتخذ في القريب العاجل عدة قرارات تقضي بتغيير بعض المواقع الإدارية بالدولة، في خطوة قد يعتبر البعض أن الكاظمي يفتح النار من خلالها على الفصائل المسلحة الموالية لإيران، في أول خطوة اتخذها بعد 50 يوماً من تولي رئاسة الوزراء.

وهو ما قد يدفع بعض الأحزاب الموالية لايران إلى إعادة النظر في حساباتها مع الكاظمي، وقد تسحب تأييدها ودعمها.

أعقب ذلك قيام قوة من جهاز مكافحة الإرهاب بمداهمة أحد الأماكن التي يوجد فيها عناصر كتائب حزب الله العراقي المقربة من إيران والتي تعتبر أحد فصائل الحشد الشعبي، واعتقال عدد من العناصر الموجودة بالمقر، في خطوة اعتبرها الحشد الشعبي استهدافاً ممنهجاً له.

قامت قوات الحشد بإرسال صور المعتقلين التابعين له إلى الصحفيين والإعلاميين العراقيين، وقالت إن هؤلاء تم الإفراج عنهم فجر الجمعة، بعد تقديم رئيس الوزراء اعتذاره عن القرارات الأخيرة.

معتقلوا قوات الحشد الشعبي الذي قال أن الحكومة أطلقت سراحهم الليلة

وبشأن ما حدث يقول مسؤول بالحكومة العراقية لـ"عربي بوست"، إنه "بناء على معلومات استخباراتية وبأوامر قضائية في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، قامت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ أوامر مكتب القائد العام للقوات المسلحة بالقبض على 14 متهماً باستهداف المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي في منطقة البوعيثة جنوب العاصمة بغداد".

أسلحة وقواعد صاروخية

وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "القوة الأمنية عثرت بحوزة المتهمين على أسلحة خفيفة ومتوسطة، بالإضافة إلى قاعدتين لإطلاق الصواريخ"، وأن المتهمين كانوا يخططون لاستهداف المنطقة الخضراء.

وأكد أن رئيس أركان الحشد الشعبي، أبو فدك المحمداوي، وهو خليفة أبو مهدي المهندس في الحشد، أنه أخذ قوة يتراوح عددها بين 150و200 مسلح واقتحم المبنى القديم لجهاز مكافحة الإرهاب داخل المنطقة الخضراء.

فيما قامت قوة أخرى باستعراض عسكري في شارع المطار ومنطقة الجادرية وبوابات المنطقة الخضراء، إلا أنهم انسحبوا من مواقعهم فجر الجمعة.

وتابع: "على الفور عقد رئيس تحالف الفتح ومنظمة بدر، هادي العامري، اجتماعاً ثلاثياً ضم رئيس هيئة الحشد الشعبي ومستشار الأمن الوطني فالح الفياض، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بحضور بعض قيادات الحشد الشعبي وتحالف الفتح؛ لتدارُك الأمر والسيطرة على الموقف، والاتصال برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لتوضيح موقفة من عملية الاعتقال".

وأشار إلى أن "الكاظمي أبلغ المجتمعين،، بقيادة العامري، أنه ليس له دخل بما حدث، وأن العملية نُفذت بأوامر قضائية، وسيُترك الأمر للقضاء لاتخاذ ما يلزم، وأنه على العناصر الموجودة بالمنطقة الخضراء الانسحاب فوراً وعدم تصعيد الموقف".

ولفت المسؤول إلى أن "عملية اعتقال المتهمين جاءت وفق مذكرة إلقاء قبض أصولية بحقهم من القضاء العراقي وفق قانون مكافحة الإرهاب، وأن العملية بمتابعة مكتب القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي".

من جهته اعتبر الحشد الشعبي عملية الاعتقال استهدافاً ممنهجاً للحشد، ومحاولة لإعادة هيكلته وتصفية حسابات معه بناء على أوامر القيادة الأمريكية.

عملية استفزازية

ويقول القيادي بالحشد الشعبي أبو جعفر الموسوي، لـ"عربي بوست"، إن "العملية التي نفذها جهاز مكافحة الإرهاب ضد اللواء 45 بالحشد الشعبي، تعتبر استفزازية، كما أن هناك شكوكاً حول ضغوط أمريكية تمارَس على الحكومة العراقية لتنفيذ أجندتها واعتقال وتصفية قيادات بالحشد الشعبي".

وأضاف: "رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، اعتذر لرئيس منظمة بدر، هادي العامري، عن العملية واعتبرها خاطئة ونفذت دون علمه، إلا أن القيادات بالحشد الشعبي ترى أن العملية استهداف ممنهج للحشد ومحاولة لإعادة هيكلته وتصفية حسابات معه بناء على أوامر القيادة الأمريكية وسفارة الولايات المتحدة في بغداد".

وتابع الموسوي، أن "عناصر الحشد الشعبي انسحبت من المقر القديم لجهاز مكافحة الإرهاب والمنطقة الخضراء والشوارع الرئيسية في بغداد، بعد اعتذار الكاظمي وإطلاق سراح جميع المعتقلين، وإن الكاظمي أعطى تعهُّداً للعامري بعدم تنفيذ أي عملية ضد ألوية الحشد دون علم هيئة الحشد وقادة الفصائل المسلحة".

وأكد أن "العملية التي نُفذت ضد الحشد كانت بأوامر مباشرة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي؛ ومن ثم فإن الحشد لن يسكت عن فِعلته، وتحالف الفتح بالبرلمان العراقي سيتخذ الإجراء المناسب ويسحب تأييده ودعمه للكاظمي ولحكومته".

ما حدث في العاصمة بغداد، من رفع السلاح بوجه الدولة وتهديد الحكومة، يعتبر تمرداً عسكرياً على قرارات القائد العام للقوات المسلحة، بحسب رأي المحلل السياسي العراقي عبدالرحمن الجبوري.

ويقول الجبوري لـ"عربي بوست"، إن أي فصيل مسلح يتمرد على القائد العام للقوات المسلحة تجب محاكمته عسكرياً طبقاً للقانونين المدني والعسكري.

وتساءل: "لو كان أحدٌ من تحالف الفتح في منصب رئيس الوزراء بدلاً من الكاظمي، فهل كان الحشد سيفعل الشيء نفسه ويرفع السلاح بوجه الدولة ويحاول الاستيلاء على المقرات الحكومية وإخراج عناصره المطلوبة للقانون!".

القرار للقضاء

وأثنى الجبوري على قرار رئيس الوزراء بعدم إطلاق الموقوفين، وترك الأمر للقضاء العراقي، وقال: "إن كانوا مذنبين فستتم محاكمتهم وفق القانون العسكري تحت مسمى هيئة الحشد الشعبي، على اعتبارهم جزءاً من القوات المسلحة، وإن كانوا أبرياء فسيتم إطلاق سراحهم بعد انتهاء التحقيق".

وتابع: "لو كانت العملية قد نُفذت بأوامر أمريكية، فالتحالف يمكنه اللجوء إلى مجلس النواب باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، واستجواب الكاظمي وفق القانون والدستور، وليس رفع السلاح بوجه الدولة والتمرد على قرارات القائد العام للقوات لمسلحة".

وبيَّن الجبوري، أن "القوة التي خرجت في منتصف ليلة الجمعة، ليست من الحشد، إنما هي قوة منفلتة رفعت السلاح بوجه الدولة واستعرضت في شوارع العاصمة بغداد، ووجودها بهذه الطريقة يعني انقلاباً عسكرياً على قرارات الحكومة". 

وبشأن المعلومات عن تحرُّك الحشد لانقلاب على الحكومة، أوضح الجبوري أن "الانقلاب العسكري كانقلاب غير وارد حالياً، وأن العراق الآن تحت مظلة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى وجود قوات أجنبية على الأراضي العراقية تمنع مثل هذه التحركات، فإن المجتمع الدولي يعتقد أن هذه القوات حركات إرهابية تم تصنيفها حسب التصنيف الأمريكي والأوروبي".

وشدد المحلل السياسي على أن الدول الكبرى لن تسمح بأن تستولى أية قوة موالية لإيران على الحكم بانقلاب عسكري، كما أن الشعب العراقي لن يسمح بذلك.

مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي

بيان العمليات المشتركة

على الجانب الآخر، أصدرت قيادة العمليات المشتركة العراقية بياناً بشأن ما حدث في العاصمة بغداد، ليلة أمس، واعتقال المتهمين بإطلاق النيران غير المباشرة على مقرات الدولة والمعسكرات العراقية والسفارات الأجنبية في البلاد.

وقال بيان للقيادة حصل "عربي بوست" على نسخة منه: "قد انشغل شعبنا العراقي الأبيُّ والعالم بإطلاق النيران غير المباشرة على مقرات الدولة والمعسكرات العراقية والسفارات الأجنبية المحميَّة من قِبل الدولة للسنوات الماضية، ولأهمية الموضوع وانعكاساته السلبية على الأمن الوطني العراقي، بات موضوعاً متابَعاً من أعلى المستويات، وبهدف إحاطة الشعب العراقي والرأي العام بالحقيقة لما يتعلق بهذا الموضوع والتطورات الحاصلة بشأنه ليلة 25-26 يونيو/حزيران الجاري".

وأضاف البيان: "توافرت معلومات استخباراتية دقيقة عن الأشخاص  الذين سبق أن استهدفوا المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي بالنيران غير المباشرة عدة مرات، وبعدها رصدت الأجهزة المعنية نوايا جديدة لتنفيذ عمليات إطلاق نار على أهداف حكومية داخل المنطقة الخضراء، وتم تحديد أماكن وجود المجموعة المنفِّذة لإطلاق النيران استخباراتياً، وأُعدّت مذكرة إلقاء قبض أصولية بحقهم مِن القضاء العراقي وفق قانون مكافحة الإرهاب".

وتابع أنه "تم تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ واجب إلقاء القبض والحيلولة دون تنفيذ العمل الإرهابي ضد مواقع الدولة، حسب الاختصاص، ونفذ الجهاز المهمة بمهنية عالية، ملقياً القبض على أربعة عشر متهماً، وهم عديد من المجموعة بالكامل، مع المبرزات الجرمية المتمثلة بقاعدتين للإطلاق، وشُكّلت حال إتمام عملية التنفيذ لجنة تحقيقية خاصة، برئاسة وزارة الداخلية وعضوية الأجهزة الأمنية، أودعت المتهمين لدى الجهة الأمنية المختصة حسب العائدية؛ للتحفظ عليهم إلى حين إكمال التحقيق والبتُّ في موضوعهم من قِبل القضاء".

ولفت بيان العمليات المشتركة العراقية إلى أنه "بعد إتمام عملية إلقاء القبض، بشكل واضح،  تحرَّكت جهات مسلحة بعجلات حكومية ومن دون موافقات رسمية نحو مقرات حكومية من داخل المنطقة الخضراء وخارجها، تقربت مِن أحد مقرات جهاز مكافحة الإرهاب داخل المنطقة الخضراء، واحتكَّت به تجاوزاً، وهذه الجهات لا تريد أن تكون جزءاً مِن الدولة والتزاماتها، وتسعى إلى البقاء خارج سلطة القائد العام للقوات المسلحة الدستورية والقانونية".

واستطرد: "إننا وفي الوقت الذي نؤكد فيه خطورة هذا التصرف وتهديده لأمن الدولة ونظامها السياسي الديمقراطي، نبين أن هذه الجهات قد استخدمت قدرات الدولة، وبما لا يمكن السماح به تحت أي ذريعة كانت، ونؤكد الإصرار على مواصلة المسيرة في تحقيق الأمن للشعب العراقي وإيكال الأمر إلى القضاء، السلطة المختصة".

تحميل المزيد