مأزق ترامب.. بايدن يتفوق عليه بالاستطلاعات، ونجاحه يحتاج إلى هذه المعجزة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/25 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/25 الساعة 17:14 بتوقيت غرينتش
السباق إلى المكتب الأبيض يعني تأجيج الانقسامات السياسية وحملات اغتيال الشخصيات معنوياً كل 4 سنوات. ولكن ماذا لو شهدت الحملة وفاة قائدها؟/ istock

إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وعاد إلى البيت الأبيض، فلن يكون ذلك بفوز ساحق. كما أن أي احتمال لفوزه على الإطلاق، مرتبطٌ بالدرجة الأولى بانتعاش الاقتصاد الأمريكي، لكي تكون له فرصة لرؤية الناخبين بالضواحي يتأرجحون في اتجاهه، إضافةً إلى غمر الناخبين بشعور من التفاؤل حيال فترة رئاسية أخرى من عهد ترامب، كما تقول صحيفة The Guardian البريطانية.

هذا هو الرأي الذي خلص إليه قرابة اثني عشر من الاستراتيجيين السياسيين والنشطاء الجمهوريين المخضرمين الذين تحدثت إليهم صحيفة The Guardian. وتُبرز خلاصة هذه الأولويات الوضعَ غير المستقر الذي يجد الرئيس الأمريكي نفسه فيه. إذ تُظهر معظم استطلاعات الرأي الوطنية وعلى مستوى الولايات، أن نائب الرئيس السابق، جو بايدن، يتقدم على ترامب، غالباً بهوامش مريحة.

ترامب صُدم من حجم التحديات

صدمت التحديات العديدة لعام 2020 الرئيسَ بشدة. فقد عانى فيما يتعلق بتقديم قيادة متماسكة للبلاد في مواجهة فيروس كورونا، وتعرَّض لموجات من الانتقادات؛ لسوء تعامله مع الجائحة التي قتلت أكثر من 120 ألف أمريكي حتى الآن. وقد أسفرت الأزمة الاقتصادية المرتبطة بالجائحة عن تقديم أكثر من 40 مليون شخص طلبات للحصول على معونات البطالة. ثم أعقبت ذلك الانتقادات الشديدة التي تلقاها فيما يتعلق باستجابته للاحتجاجات التي اندلعت على وفاة جورج فلويد، إضافةً بالطبع إلى الفضائح السياسية المعتادة، مثل حملة الهجوم والانتقادات اللاذعة التي وجهها إليه كبير المستشارين السابق جون بولتون.

ومع ذلك، فقد قال الخبراء المستطلعة آراؤهم، إن أياً من ذلك لا يعني أن ترامب ليست لديه فرصة لإعادة انتخابه.

الفرصة الوحيدة للفوز

على النقيض من استطلاعات الرأي المتشائمة والمؤشرات الاقتصادية المتداعية، أظهر بعض الجمهوريين في جميع أنحاء البلاد إحساساً قوياً بالتفاؤل بأن الأوضاع الحالية مهيّأة لتكرار ترامب لفوزه المفاجئ في عام 2016.

ومع ذلك فإن هذا مرتبط فقط بإحداث بعض التغييرات الأساسية المهمة. والاقتصاد هنا هو الأولوية القصوى، والأمر الثاني هو مدى قدرة ترامب على الفوز بدوائر التصويت الرئيسية خارج قواعده الأساسية. وعليه أيضاً أن يقنع الناخبين بأن فترته الرئاسية الثانية ستكون أقل فوضوية من الأولى.

يقول خبير الاستطلاعات الجمهوري، ريكس إلساس: "على ترامب أن يذكِّر الناس بما قال إنه سيفعله وفعله بالفعل. من الواضح أن الأشياء الخارجة عن إرادته هي الأشياء الوحيدة التي تعرقله. ومن ثم فهو يحتاج إلى تذكير الناس بأنه عندما تكون الأمور طبيعية –وستكون كذلك! لن تظل الأوضاع فوضوية إلى الأبد- ستكون لدينا فرصة لمواصلة العمل على تعافي الاقتصاد وتعزيز مكانة أمريكا على الصعيد الدولي. حالة التفاؤل التي كانت قد عادت إلى أمريكا يمكن استعادتها وسوف تُستعاد مرة أخرى".

إلى حد ما، بدأت حملة ترامب بالفعل في إحداث تحوُّلٍ بنهجها. فقد حوّرت الركيزة الأساسية لخطابها، وباتت تَعِد الآن بـ"عودة أمريكية عظيمة"، بعد الانكماش المالي الكارثي الذي تزامن مع جائحة فيروس كورونا.

الاقتصاد.. الحل السحري

لطالما كان الاقتصاد الحلَ السحري التقليدي للحملات السياسية الأمريكية. وفي هذا السياق، دائماً ما تُستدعى العبارة الشهيرة التي روّج لها جيمس كارفيل، مستشار الحملات الانتخابية لبيل كلينتون، "إنه الاقتصاد، يا غبي"، وها هي تعود الآن للخبراء الذين يرون أملاً في مسار خفي لانتصار ترامب، من خلال الاقتصاد.

ويقول خبير الاستطلاعات الجمهوري كريس ويلسون: "إذا كان لدينا اقتصاد ينخفض فيه معدل البطالة إلى 5% أو أقل، ولدينا مؤشر داو جونز [مؤشر صناعي لأكبر 30 شركة صناعية أمريكية مدرجة في بورصة نيويورك الأمريكية] أعلى من 40 ألف نقطة، فأعتقد أنه بحلول الخريف سيكون لديك وضع ينسى فيه الناس كل هذا الجنون، وننسب إليه الفضل فيما سيُنظر إليه على أنه انتعاش عظيم، إن لم يكن تاريخياً".

حضور بايدن القوي يصعّب المهمة على ترامب

ومع ذلك، فإن ترامب لا يمكنه تجاهل حضور جو بايدن، منافِسه الديمقراطي الأبرز. عادةً ما يسخر الجمهوريون من نائب الرئيس السابق والمرشح الديمقراطي بحكم الأمر الواقع، في الانتخابات القادمة، وأنه يدير حملته الانتخابية من قبو منزله، ومع ذلك فإنه لا يزال نداً لترامب وينافسه رأساً برأس في الاستطلاعات. وأكثر من ذلك، أن ترامب بعد الأزمات الأخيرة، لا يُنظر إليه بالتفضيل ذاته الذي يُنظر به إلى بايدن. 

وقد أظهر استطلاع أجرته جامعة "كوينيبياك" Quinnipiac ونشرته يوم الخميس 18 يونيو/حزيران، أن أغلبيةَ مَن شملهم الاستطلاع ينظرون إلى ترامب بنظرة سلبية، مقارنة بالتعددية فيمن ينظرون إلى بايدن بطريقة غير مواتية. غير أن كلا المرشحين يفتقر إلى نسب التأييد اللازمة. ومن أجل الفوز، سيتعيّن على ترامب أن يضع بايدن في موقع الخيار الذي لا يمكن تأييده أو الدفاع عنه لأغلبية من الناخبين.

ويذهب ويت أيريس، أحد خبراء الاستطلاعات الجمهوريين، إلى أنه "من الصعب أن نتصور فوز دونالد ترامب في استفتاء جديد على رئاسته ما لم يشهد العالم تغيراً بالغ التأثير من الآن وحتى موعد الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".

وأوضح أيريس أن ذلك "يعني أن أفضل أمل لترامب لإعادة انتخابه هو جعله الخيار الوحيد، من خلال وصم جو بايدن بأنه بديل غير مقبول. وسيكون هذا تحدياً أصعب مما كان عليه الأمر في عام 2016، لأن جو بايدن لا يولّد درجة العداء ذاتها التي كانت تخلقها هيلاري كلينتون".

سيناريوهات الحسم في الولايات

ومع ذلك، فإن أيريس يقول إنه على خلاف الدورات الانتخابية الرئاسية السابقة، فإن انتخابات 2020 لا تذهب في اتجاه أن تكون مجموعة صغيرة ومعينة من الولايات هي المحدِّد الوحيد للمرشح الفائز في تلك الانتخابات. ورغم أن بايدن يتقدم بولايات الغرب الأوسط الرئيسية، مثل ويسكونسن وميشيغان، فإن هناك مسارات أخرى لكلا المرشحَين لتحقيق النصر.

وأضاف أيريس: "هناك عديد من الولايات الأخرى التي تتجاوز بكثيرٍ الولايات الثلاث الكبرى في الغرب الأوسط الأعلى كثافةً والتي يبدو أنها متأرجحة في تلك المرحلة. أعني أن هناك أيضاً ولاية أريزونا، وجورجيا تبدو النسب فيها متقاربة، وتكساس كذلك، أما ولايتا أيوا وأوهايو فقد باتت الحظوظ فيهما متساوية ولم تعودا مضمونتين بفوز مريح لترامب".

وأشار أيريس إلى أن "بايدن يبدو متقدماً على نحو كبير في ميشيغان، وبنسلفانيا هي مسقط رأسه. ويبدو أن ولاية ويسكونسن هي الأقرب لترامب في ولايات حزام الصدأ. ومع ذلك، فإن هناك عديداً من السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن يصل بها بايدن إلى 270 صوتاً في المجمع الانتخابي وكذلك لكي يصل ترامب إلى 270 صوتاً، لأن هناك عدداً كبيراً من الولايات التي لا يزال الأمر غير محسوم فيها، أكثر من الولايات الاثنتي عشرة أو نحوها التي نركز عليها عادة".

يعوّل كبار القادة الديمقراطيين على الدعم الكبير لبايدن بين ناخبي الأقليات في تحقيقه الانتصار، وهو رأي يشاركهم فيه مستشار الحملات الانتخابية الجمهوري ستيوارت ستيفنز. ويذهب ستيفنز إلى أن العامل الحاسم في انتخابات 2020 الرئاسية سيكون معدل إقبال الأمريكيين من أصول إفريقية والناخبين البيض، أي إن الأمر لن يتعلق بولايات محددة.

وقال ستيفنز الذي انضم إلى "مشروع لينكولن"، وهو مجموعة من الجمهوريين المناهضين لترامب: "إذا عاد معدل الإقبال من غير البيض إلى ما كان عليه في انتخابات 2012 وانتخابات 2008، وحتى انتخابات 2004، فإن ترامب سيخسر. أما إذا لم يحدث ذلك، فسيظل لديه فرصة".

تحميل المزيد