هل تحل المنتجات التركية محل الصينية؟ أمريكا تبحث عن بديل لبكين ومشرّعون يدعمون التوجه لأنقرة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/23 الساعة 13:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/23 الساعة 13:41 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي خلال زيارة الأخير للولايات المتحدة، أرشيفية/رويترز

شرع مجلس أعمال تركي أمريكي مشترك في مساع لطرح تركيا بديلاً تجارياً عن الصين، بمساعدة السيناتور الجمهوري الأمريكي صاحب النفوذ الواسع والعلاقات الوثيقة بترامب، ليندسي غراهام. إذ تأتي المساعي التركية بعد أسبوعين من إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن فتح صفحة جديدة لتجاوز العلاقات المتوترة منذ فترة طويلة مع واشنطن، كما يقول موقع responsible statecraft الأمريكي.

واشنطن تبحث عن تنويع سلاسل التوريد

تأتي موافقة غراهام على المشاركة في ندوة ينظمها عبر الإنترنت "مجلس الأعمال التركي الأمريكي" (TAIK)، وهو أحد المجالس المنضوية تحت "مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي" (DEIK) أقدم وأكبر جمعيات الأعمال في البلاد، وسط جهود تركية لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة كعامل أمان واحتياط لها في علاقاتها مع روسيا.

وفيما يتعلق بهذا الموضوع، قال رجل أعمال تركي: إن "الصدع المتفاقم بين الولايات المتحدة والصين فرصةٌ كبيرة للتعاون الجيوسياسي فيما بيننا. وهو تعاون ستستفيد منه تركيا والولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية".

وكانت الانتقادات التي وجهتها الولايات المتحدة للصين بشأن تعامل الأخيرة مع وباء كورونا قد عمّق الخلافات بين واشنطن وبكين، وأثار دعوات لتنويع سلاسل التوريد العالمية التي تتمحور حول الصين.

المواجهة في ليبيا

من ناحية أخرى، فقد تعرض الاقتصاد التركي كغيرة من الاقتصادات، لصدمات شديدة جراء وباء كورونا، وهذا في الوقت نفسه الذين آلت فيه الأمور بين تركيا وروسيا إلى أن أصبحت على جانبين متنازعين خلال الأشهر الأخيرة، سواء في شمال سوريا أم في ليبيا.

كانت قوات حكومة الوفاق الليبية المعترف بها أممياً والمدعومة من تركيا قد تمكنت خلال الأسابيع الأخيرة من طرد القوات المتمردة المدعومة من روسيا بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من مناطق غرب ليبيا، وذلك بعد حملة تركية استهدفت طائرتها المسيرة فيها أنظمة دفاع جوي روسية ودمرتها.

كما رفضت حكومة الوفاق دعوات مصر وخليفة حفتر المتأخرة لإنهاء النزاع الليبي عن طريق التفاوض، وتعهدت بالمضي قدماً حتى تحرير مدينة سرت الجنوبية الشرقية الغنية بالنفط والتي كان حفتر قد استولى عليها. وأيدت تركيا رفضَ حكومة الوفاق الوطني التفاوض مع حفتر.

وأشار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نهاية هذا الأسبوع إلى أن القوات المصرية يمكن أن تتدخل رسمياً في ليبيا إذا هاجمت قوات حكومة الوفاق الوطني مدينة سرت. التدخل المصري يمكن أن يؤدي إلى مواجهة ميدانية مع تركيا، مثيراً المزيد من الفوضى، في غمار المحاولات التركية لإدارة خلافاتها مع روسيا.

الرهان التركي في العلاقات مع واشنطن

يقول الموقع الأمريكي، إن الجهود التركية لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة تراهن على أن الانتصارات العسكرية لحكومة الوفاق الوطني أضعفت من آمال الولايات المتحدة في إمكانية أن يبرز حفتر بوصفه شخصية ًموحِّدة يسود إجماع ما عليها في ليبيا.

وكانت العلاقات التركية مع الولايات المتحدة توترت بسبب إقدام تركيا العضوة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس 400″، وبسبب استضافة الولايات المتحدة لفتح الله غولن، رجل الدين التركي الذي يحمله أردوغان المسؤولية عن الانقلاب العسكري الفاشل ضده عام 2016، إضافة إلى الإجراءات القانونية التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد بنك تركي مملوك للدولة بتهمة التحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران.

غير أن أردوغان اعتمد في كثير من خطواته الأخيرة على علاقته الشخصية مع ترامب، والتي أسفرت في الماضي عن قرارات لصالحه من طرف الرئيس الأمريكي تجاوز خلالها الأخير معارضة البنتاغون والفروع الأخرى لحكومته.

أولاً، وقبل كل شيء، كان قبول ترامب لطلب أردوغان العام الماضي بسحب القوات الأمريكية في شمال سوريا، ممهداً الطريق لعملية عسكرية تركية. سعى أردوغان مرة أخرى للاستفادة من علاقته بترامب في مكالمة هاتفية أجراها معه في 9 يونيو/حزيران الماضي، والتي قال عنها أردوغان، دون أن يذكر تفاصيل أخرى: "بصراحة، بعد محادثتنا الليلة، يمكن القول إننا نبدأ حقبة جديدة في تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا". تحدث أردوغان إلى ترامب عارضاً عليه أن تكون تركيا شريكاً تجارياً مهماً للولايات المتحدة.

شريك تجاري بديل للصين

الندوة التي يعقدها مجلس العلاقات التركي الأمريكي على الإنترنت، ستكون تحت عنوان: "حان الوقت للحلفاء أن يكونوا حلفاء حقيقيين: سلسلة التوريد العالمية التركية الأمريكية"، والتي تقرر ان يتحدث فيها غراهام ومعه السيناتور الأمريكي السابق ديفيد فيتر، وتعد جزءاً من مساعي تركيا لطرح نفسها طرفاً أساسياً في خطة الولايات المتحدة التي ترمي إلى تقليل الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية عالمياً.

وأفاد موقع Foreign Lobby Report، الذي يقدم خدمات إخبارية عبر الإنترنت من واشنطن، أن مجلس العلاقات التركي الأمريكي، بالعمل مع شركة الضغط السياسي والعلاقات العامة  Mercury Public Affairs، تمكن من التواصل مع غراهام في مارس/آذار الماضي، وأطلعه على عرض يتضمن أن تكون تركيا بمثابة بوابة الولايات المتحدة إلى إفريقيا.

وفي رسالة وجهها إلى غراهام، كتب محمد علي يالشينداغ، رئيس مجلس العلاقات التركي الأمريكي: "في الوقت الذي نسعى فيه جاهدين للمضي قدماً، فكرنا بالفعل في مجلسنا في كيفية إعادة تنشيط الاقتصاد بعد الوباء". "ومن الممكن أن تصبح المشروعات المشتركة في إفريقيا جزءاً جديراً بالاهتمام من هذه الخطة. إذ لن يقتصر الأمر على دعم الاقتصادات الهشة التي ستحتاج إلى المساعدة للتعافي فحسب، بل وسنوجه من خلالها أيضاً ضربة للمخططات الصينية في إفريقيا ونقيم علاقات أوثق بين تركيا والولايات المتحدة".

وأوصى يالشينداغ في رسالة أخرى أرسلها الشهر الماضي إلى وزير التجارة الأمريكي، ويلبر روس، "بالتركيز أولاً على الاستثمارات في الغاز الطبيعي المسال والواردات الزراعية من الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، إمكانية أن تشارك تركيا في تعزيز صادرات السلع المعمرة وقطع غيار السيارات، وذلك لتنويع سلسلة التوريد الأمريكية بعيداً عن الصين، وهو هدف صريح أعلنته إدارة ترامب".

ماذا ستقدم أنقرة لواشنطن؟

يجدر بالذكر أن تعزيز الصادرات الزراعية التي تضررت بشدة من الرسوم الجمركية لترامب على الواردات الصينية يحتل مرتبة عالية في قائمة أولويات الرئيس الأمريكي.

ويدعم فيتر، السيناتور السابق الذي من المقرر أن يشارك في ندوة مجلس العلاقات التركي الأمريكي عبر الإنترنت، عرضاً من شركة Louisiana Natural Gas Exports Inc. الأمريكية لتزويد تركيا "بإمدادات غاز طويلة الأجل وآمنة وبأسعار تنافسية إلى محطات الغاز الطبيعي المسال في تركيا، وخط أنابيب غاز ومرافق تخزين"، ما من شأنه أن يجعل تركيا أقل اعتماداً على الواردات الروسية والإيرانية.

ويأتي عرض الشركة الأمريكية في الوقت الذي فتحت فيه شركة "بوتاش" Botas التركية، مشغل شبكة الغاز الطبيعي المملوكة للدولة، مناقصة لإنشاء خط أنابيب يصل إلى إقليم ناخيتشيفان، في أذربيجان، وهو ما يتيح تقليل اعتماد أذربيجان على واردات الغاز من إيران.

ولطالما دعا أردوغان ووزير الطاقة التركي، فاتح دونماز، إلى تنويع مصادر واردات الطاقة التركية. وأصدرت تركيا الشهر الماضي موافقة على رحلتي شحن أسبوعياً لشركة طيران "العال" الإسرائيلية بين إسطنبول وتل أبيب، رغم العلاقات المتوترة مع إسرائيل. ونقلت اثنتان من هذه الرحلات إمدادات طبية من تركيا إلى الولايات المتحدة. وكانت الرحلات إلى تركيا هي الأولى لشركة "العال" بعد نحو عشر سنوات.

يقول يالشينداغ في رسالته: "لقد حان الوقت لتعزيز مناخ التعاون والتضامن. والشركات التي لطالما اعتمدت على الصين في سلاسل توريدها.. بدأت تتجه إلى دول مختلفة، ومن بينها تركيا"، مشيراً إلى أن شركة "وول مارت" Walmart الأمريكية، إحدى أكبر شركات تجارة التجزئة في العالم، بدأت بالفعل في توريد منتجاتها من تركيا.

وتوقع يالشينداغ أن يؤدي الانفصال الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين إلى مصالح مشتركة بين الولايات المتحدة وتركيا، وأضاف نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، أن "الاقتصاد العالمي قبل الوباء كان يتمحور حول سلسلة توريد واحدة، والصين في مركزها. ومن ثم، فإن الانفصال عن الصين، يتيح لبلدان مثل تركيا، تتمتع بقطاع تصنيع قوي ونسبة كبيرة من السكان الشباب، فرصةً اقتصادية كبيرة".

تحميل المزيد