بينما أطلق الجيش الوطني الليبي، التابع لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، عملية "دروب النصر" لتطهير مدينتي سرت والجفرة من ميليشيات خليفة حفتر المدعومة بمرتزقة فاغنر الروسية، كشف مصدر عسكري رفيع المستوى موالٍ لحفتر لـ "عربي بوست" عن التحشيدات التي تقوم بها قوات حفتر وحلفاؤها في سرت.
وأكد المصدر أن مدينة سرت أصبحت خط الدفاع الأول لمواجهة تقدّم الجيش الوطني الليبي التابع لحكومة الوفاق، لذلك تم تعزيزها بأعداد من المسلحين والمدرعات والأسلحة المتوسطة والثقيلة.
وأوضح المصدر توزيع التشكيلة العسكرية داخل المدينة وعلى تخومها على النحو التالي:
1- كتيبة 604
تتخذ الكتيبة من معسكر الكشاف الواقع قرب وسط المدينة مقراً لها تحت مسمى الأمن المركزي.
يقودها ضابط أول حصل على الترقية منذ بضعة أشهر بعد نقله من جهاز الشرطة الزراعية يُدعى ناصر مهلهل.
وتعتبر من الكتائب المؤدلجة ذات الطابع الديني التي تتبع التيار السلفي المدخلي.
عدد أفرادها لا يتجاوز 100 عنصر غير مدربين بشكل جيد، ويمتلكون أسلحة متوسطة وخفيفة تقليدية. وهذه الكتيبة هي المسؤولة عن دخول ميليشيا الكرامة للمدينة في يناير/كانون الثاني 2020.
2- "فاغنر" الروسية
يتمركز مرتزقة شركة فاغنر الروسية على حدود مدينة سرت الغربية والجنوبية الغربية، حيث تشكل طوقاً على المدينة بمنطقة جارف والغربيات والقرضابية، وبالتالي هم يشكلون خط المواجهة مع قوات حكومة الوفاق القادمة.
يُقدر عددهم بأكثر من 2000 عنصر، يسيطرون على قاعدة القرضابية وبعض المنازل والمزارع الخاصة بالمواطنين الذين تم إجلاؤهم من بيوتهم بأمر من قادة المرتزقة.
يمتلك مرتزقة فاغنر أسلحة خفيفة متطورة، أبرزها قانصات متطورة، إضافة إلى مدافع موجهة وراجمات وأجهزة تشويش، وأكثر من 6 منظومات بانستير تم تركيبها في قاعدة القرضابية والمزارع المحيطة.
كما يملكون مدرعات وأيضاً طيارين محترفين يقودون الطائرات الروسية التي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية وصولها الشهر الماضي، وهي مزيج من "سوخوي 24″ و"ميغ 29".
لا يأتمر مرتزقة فاغنر بأوامر غرفة عمليات سرت التابعة لحفتر، بل يتبعون تعليمات قادة روس لهم غرفة عمليات في قاعدة القرضابية.
وقام مرتزقة فاغنر بتفخيخ كل المواقع والمزارع التي يتمركزون بها حول سرت، لإعاقة تقدم قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق.
3- مرتزقة سودانيون وسوريون
يتواجد المرتزقة السوريون ومرتزقة حركة العدل والمساواة السودانية بمناطق طوق مدينة سرت التي يتواجد بها مرتزقة فاغنر، ويمثلون دعم مشاة لقوات فاغنر.
يتسلحون بأسلحة تقليدية بين متوسطة وخفيفة، ويقومون بعمليات التمشيط الدوري بالمناطق التي يسيطر عليها مرتزقة فاغنر.
يقدر عددهم بأكثر من 1500 عنصر، وأكثر تواجد لهم بمنطقة بوهادي جنوب غرب مدينة سرت.
سُجل ضد هؤلاء عدد من الانتهاكات في المدينة، تمثلت باقتحام البيوت وإخلائها بالقوة، إضافة إلى النهب والسرقة وعدد من عمليات التصفية للمعارضين لأعمالهم، بحسب مصادر محلية متطابقة من داخل سرت.
4- كتيبة الكورنيت
تتخذ سرية الكورنيت (سلاح مدفعي موجّه ضد الدروع) من الأماكن التي تحتوي على ساتر طبيعي موقعاً للتمركز لها، وتتنقل بشكل دوري بين مداخل المدينة الثلاثة (الشمالي والجنوبي والغربي).
يقودها عسكري سابق في نظام القذافي يدعى يوسف القماطي، سُجن بعد القبض عليه في سرت عام 2011 إبان قتاله ضد الثوار، وتم الإفراج عنه عام 2017 ضمن مجموعة من العسكريين شملهم قرار العفو الذي أصدره البرلمان في طبرق.
عددهم ليس كبيراً، ويملكون 20 عربة مسلحة بسلاح الكورنيت.
5- مسلحو شرق ليبيا
ميليشيات المنطقة الشرقية هي خليط من المقاتلين المنسحبين من جنوب طرابلس وترهونة وبعض المسلحين القادمين من بنغازي.
يُقدر إجمالي عددهم بقرابة 1500 عنصر، يتخذون من مدارس مدينة سرت الواقعة في الوسط الشرقي للمدينة ومنطقة "السواوة" مقراً لهم.
اختار هؤلاء تلك المواقع لسهولة هروبهم إلى شرق البلاد في حال قرر مرتزقة فاغنر الانسحاب من المدينة.
يقتصر عملهم على دعم مقر الأمن الجنائي في سرت فقط، وإنشاء البوابات الأمنية بوسط المدينة، وأعمال المداهمة.
6- جنود مصريون
ينتشر بالمدينة عدد كبير من البوابات الأمنية التي يتواجد بها عسكريون مصريون يقومون بتفتيش المواطنين، وخصوصاً هواتفهم لتحديد انتماءاتهم.
لا يُعرف بشكل واضح عدد هؤلاء المصريين.
قبضة أمنية تحكم مدينة سرت
وكشف مصدر محلي من مدينة سرت لـ "عربي بوست" أن المدينة تشهد قبضة أمنية قوية تفرضها ميليشيات حفتر على المواطنين.
وأوضح المصدر أن المدينة تشهد عدداً من حملات القبض والمداهمة لبيوت المواطنين الموالين لحكومة الوفاق حتى ولو بالرأي فقط.
تفخيخ المنازل وانتشار الألغام
وأكد المصدر أن مرتزقة شركة فاغنر المتمركزين في مناطق جارف والغربيات والقرضابية، إضافة إلى المرتزقة السوريين، قاموا بتفخيخ الطرقات المؤدية لتلك المناطق إضافة إلى منازل المواطنين وبعض المقرات الحكومية.
وكشف مصدر طبي داخل أحد مستشفيات مدينة سرت لـ "عربي بوست" عن استقبال جثث 3 أشخاص، اثنان منهم من قبيلة القذاذفة في منطقة جارف بمدينة سرت، جراء انفجار لغم تم زرعه حديثاً.
فيما أكد العميد عبدالهادي داره، الناطق باسم غرفة عمليات سرت الجفرة التابعة للجيش الليبي بحكومة الوفاق، مقتل مدني وإصابة 3 أطفال، جراء انفجار ألغام زرعتها ميليشيا خليفة حفتر في سرت.
وأوضح دراه أن أحد الرعاة قُتل بمنطقة أم الخنفس (شرق سرت)، فيما أصيب 3 أطفال بمنطقة الزعفران (غربي سرت) جراء انفجار ألغام زرعتها ميليشيا حفتر.
قوات الوفاق تنتظر الضوء الأخضر
وأعلن الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق أنه عزَّز وجود قواته غرب سرت وجنوبها، وبانتظار أوامر غرفة العمليات الرئيسية لشن هجوم على المدينة.
وقال الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت والجفرة العميد عبدالهادي دراه، في تصريح صحفي، إن قوات الوفاق جاهزة لمعركة سرت والجفرة بعد وصول الدعم العسكري من كل القوى المساندة -المشاة والهندسة العسكرية ومدفعية الصواريخ- بالإضافة إلى الدعم اللوجيستي.
وأضاف دراه: "ننتظر تعليمات القائد الأعلى للجيش فايز السراج بالتقدم باتجاه الجفرة أو سرت، حسب ما تقتضيه الخطة الموضوعة من القيادة العسكرية".
ولم يستبعد الناطق باسم غرفة تحرير سرت-الجفرة وجود توافقات سياسية حول سرت بالقول: "قد تكون المعركة الآن سياسية عسكرية في آن واحد وتسيران في خطين متوازيين، ننتظر ونرَ".
خط الدفاع الأول أمام الحقول النفطية
العميد طيار الليبي عادل عبدالكافي قال لـ "عربي بوست" إنه بعد هزيمة الروس والميليشيات المحلية التابعة لخليفة حفتر في تخوم العاصمة طرابلس وعدم قدرتهم على تنفيذ استراتيجية اجتياح العاصمة طرابلس، تعمل الآن غرفة العمليات التي يقودها القادة العسكريون لفاغنر على التفرغ لجبهة سرت-الجفرة كجبهة واحدة بإقامة خط دفاعي أخير، في محاولة لإعاقة تقدم قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، إلى منطقة الحقول النفطية.
وتعد منطقة الحقول النفطية هي الهدف الاستراتيجي لحكومة الوفاق.
وأكد عبدالكافي أن مرتزقة فاغنر والروس يستخدمون عدة أساليب لحماية الخط الدفاعي الأخير لهم، منها زرع المفخخات والعبوات الناسفة والألغام الأرضية الخاصة بالمدرعات والعربات المسلحة، لإعاقة تقدم قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق.
وأوضح أن قوات الوفاق تعتمد على استخدام سلاح الطيران كعامل مهم في إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف المرتزقة السوريين ومرتزقة فاغنر إضافة إلى الميليشيات المحلية، مما يتيح فتح محاور جديدة بعيدة عن المحاور التي تم تفخيخها وتلغيمها، واستكمال المراحل المنوطة بالجيش في تطهير قاعدة الجفرة ومدينة سرت، وصولاً إلى الحقول النفطية كمرحلة حالية.
وتابع عبدالكافي أن خليفة حفتر سينقل دائرة المعارك إلى الحقول النفطية كمناطق حساسة يصعب التعامل معها، مؤكداً أن قوات الوفاق ستتعامل مع المواقع الحساسة بحرفية عالية للتقليل من الخسائر فيها وتحريرها.
وأشار عبدالكافي إلى أن عمليات زرع الألغام الأرضية لن تعيق تقدم قوات الوفاق بسبب الخبرة التي اكتسبها المقاتلون بالتضاريس والرقعة الجغرافية للمنطقة والواقع المهمة التي أتاحت لقوات الجيش الليبي اقتحام المدينة إبان تحرير مدينة سرت من تنظيم الدولة في 2017.