يبدو أن أنصار خليفة حفتر المحليين من قيادات عسكرية واجتماعية، رأوا أنه لم يعد يملك الدعم الدولي والإقليمي السابق، وأن خروجه من المشهد السياسي والعسكري القادم في ليبيا أصبح مسألة وقت لا أكثر، خصوصاً بعد القرار الذي اتخذته القاهرة في 10 يونيو/حزيران الجاري بإخضاع خليفة حفتر للإقامة الجبرية في مصر ووضعه تحت مراقبة لصيقة لحين تشكيل هيكل سياسي يقود شرق ليبيا، بحسب ما أكد مصدر عسكري تابع لحفتر.
علم "عربي بوست" من مصدر عسكري بمعسكر الرجمة ـ مقر قيادة ميليشيات حفترـ أن بعض رجال حفتر وقادة ميليشيات بدأوا بالقفز من سفينته التي بدأت في الغرق.
وقال المصدر العسكري في تصريحات خاصة إن نجلي خليفة حفتر "صدام وخالد" ألقيا القبض على مجموعة من الضباط كانوا يرتبون للخروج من ليبيا بعدما باعوا عدداً من السيارات العسكرية والأسلحة والذخائر إثر خسارتهم عسكرياً في معارك غرب ليبيا والانشقاق عن خليفة حفتر.
وأوضح أن من أبرز الضباط الذين تم القبض عليهم اللواء عبد النورالدين واللواء كامل الجبالي التابعين لحفتر.
المخابرات المصرية
وتابع المصدر أن المخابرات الحربية المصرية أرسلت تقريراً للرئاسة المصرية بناءً على طلب من خالد، نجل خليفة حفتر، يفيد بوجود حركات تمرّد وانشقاق من بعض القيادات العسكرية والاجتماعية بمعسكر الكرامة في شرق ليبيا.
ونصح التقرير المخابراتي بوجوب إعادة حفتر إلى معسكر الرجمة (مقر قيادة ميليشياته) كي لا تخرج الأمور عن السيطرة.
وبالفعل تمت إعادة حفتر إلى ليبيا في محاولة للسيطرة على الوضع هناك، وهو ما ظهر من خلال الإعلان عن مقابلته السفير الألماني في شرق ليبيا.
القبض على النشطاء
وفي سياق متصل، قال مصدر مطلع من مدينة بنغازي إن الاستخبارات العسكرية التابعة لحفتر بقيادة شخص يُدعى سالم السراق، قامت بالقبض على بعض النشطاء من بينهم 3 نساء، وتسليمهم لمقر اللواء 106 التابع لصدام خليفة حفتر.
وأضاف المصدر لـ"عربي بوست" أن الاستخبارات العسكرية قامت بالقبض على الناشط السياسي المُوالي لحفتر في بنغازي، خالد السكران، على خلفية قيامه بالتواصل مع حكومة الوفاق وبعض الشخصيات السياسية في تركيا.
مشيراً إلى أنه كان من بين النساء اللاتي قامت الاستخبارات العسكرية بالقبض عليهن ريم التاجوري، التي تعمل بالمؤسسة الوطنية للنفط وصاحبة حساب "نجمة برقة" في موقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب انتقادها عمليات سير المعارك، وأبرزها ترك جثث المقاتلين في صفوف حفتر من أبناء بنغازي في ساحات المعارك جنوب طرابلس وترهونة.
وتابع المصدر أن اشتباكات مسلحة اندلعت بين ميليشيا "الكاني" المنسحبة من ترهونة والمستقرة في مدينة أجدابيا -160 كم شرق مدينة بنغازي- والتي عدد قوتها 200 سيارة مسلحة وقوة مكافحة الإرهاب بقيادة فرج قعيم على خلفية قيام عناصر من ميليشيا الكاني بمضايقات داخل المدينة، مؤكداً سقوط جرحى بين الطرفين والقبض على 3 عناصر من ميليشيا "الكاني".
وأوضح المصدر أن آمر قوة مكافحة الإرهاب التابع لحفتر، فرج قعيم، نفى في تصريحات صحفية حادثة الاشتباكات بناءً على أوامر من القيادة العامة للتخفيف من حدة الاحتقان الذي تشهده مدينة أجدابيا.
واجب الحكومة الشرعية
العقيد طيار سعيد بوغليظة الفارسي قال لـ"عربي بوست" إن "الأحداث العسكرية والسياسية الأخيرة كانت لصالح حكومة الوفاق باعتبارها جعلت حفتر يكاد أن يفقد السيطرة على بنغازي خصوصاً وبرقة عموماً".
وأضاف الفارسي أن المنطقة الشرقية تشهد احتقاناً كبيراً بين النخب المدنية وبعض القيادات العسكرية والاجتماعية، وقال: "هي جاهزة الآن لفتح قنوات للتواصل مع الحكومة الشرعية المتمثلة في حكومة الوفاق المعترف بها دولياً لطرد حفتر وأعوانه".
وأوضح أن تأخير العمليات العسكرية لحكومة الوفاق في تحرير سرت والجفرة والتوجه للمنطقة الشرقية يصبّ في صالح حفتر ولملمة أوراقه المبعثرة سياسياً وعسكرياً والتي يكاد يخسرها جميعها.
وشدد بوغليظة على أن حكومة الوفاق أن تسرع في زيادة دعم غرفة عمليات المنطقة الشرقية وإبراز بعض القيادات العسكرية البرقاوية التي ستحد كثيراً من المواجهات المسلحة حال وصولها إلى المنطقة الشرقية.
من جانبه أكد الناشط السياسي حمد العشيبي أن انهيار خليفة حفتر غرب ليبيا أفقده السيطرة على القوة المساندة له شرق ليبيا، موضحاً أن بعض الكتائب العسكرية الكبيرة المحسوبة على خليفة حفتر أصبحت تتصرف بشكل فردي دون الرجوع إلى القيادة العامة، ما يثبت بداية فرط العقد من يد خليفة حفتر وأبنائه.
وأضاف العشيبي أن أكبر 3 قبائل في شرق ليبيا والمؤثرة فيها والمتمثلة في قبائل "العبيدات والعواقير والمغاربة" سيكون لها دور كبير في إسقاط خليفة حفتر وأعوانه بعد الخسائر البشرية الفادحة التي لحقت بخليفة حفتر في حرب طرابلس والتي كانت أغلب قيادات تلك القبائل ترفضها.
مشيراً إلى أن أبناء المنطقة الشرقية المهجرين من ضباط وضباط صف وأفراد وثوار بقيادة رئيس الأركان السابق اللواء عبدالسلام جاد الله، ينتظرون الأوامر بالتوجه نحو تحرير مدن شرق ليبيا، وطالب حكومة الوفاق تقديم دعم أكبر لغرفة عمليات المنطقة الشرقية بأسرع وقت لقطع الطريق على المتمرد وعدم إعطائه فرصةً للمّ شتاته.