بدأت مناطق سورية محررة من قبضة النظام في اعتماد الليرة التركية كعملة أساسية وموحدة للتداول وشراء السلع الغذائية والمنتجات المحلية إلى جانب السلع المستوردة، كبديل عن الليرة السورية، جاء ذلك عقب إصدار بيان مشترك بين كل من "الحكومة السورية المؤقتة" التي تشرف على إدارة المناطق الشمالية السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة ـ المدعومة من تركيا ـ وحكومة "الإنقاذ" التي تدير محافظة إدلب شمال غرب سوريا.
جاءت هذه الخطوة بعد انهيار القيمة السوقية لليرة السورية أمام العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي إلى أكثر من 3000 ليرة.
الليرة التركية في الأسواق
في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون شمال حلب الخاضعة للنفوذ التركي، بدأت مراكز البريد التركية "ptt" بضخ العملة التركية من الفئات النقدية الصغيرة من فئة "الليرة المعدنية و5 ليرات و10 ليرات الورقيتين" في الأسواق، بعد الحصول عليها بتصريفها مقابل الدولار الأمريكي، أو من خلال الرواتب التي يحصل عليها موظفو المنظمات الإنسانية أو العسكريون العاملون ضمن صفوف قوات المعارضة المدعومة من تركيا، لتوفيرها في الأسواق وتسهيل عمليات البيع والشراء بين المواطنيين، بحسب ما أكد لنا محمود الخنوس، أحد العاملين في القطاع الإنساني والإغاثي بمنطقة الباب وأعزاز شمال حلب.
ويضيف الخنوس أن تدهور القيمة السوقية لليرة السورية وتراجعها بنحو 50% خلال أيام، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي الواحد إلى نحو 3000 ليرة سورية، أثر على أسعار السلع وأهمها الغذائية ومشتقات البترول ما تسبب بشلل الحركة الاقتصادية، ليجد المواطن متنفساً من خلال التعامل بالليرة التركية كبديل عن الليرة السورية وتفادي الخسائر المالية، بعد تدخل المجالس المحلية في مدن الباب وإعزاز واخترين ومدن أخرى شمال حلب إلى توجيه ودعوة التجار والمواطنين على حد سواء للتعامل بالليرة التركية للحد من ارتفاع أسعار السلع الغذائية المرتبطة بأسعار الدولار.
من جهته قال الحاج ممدوح النعسان، تاجر مواد غذائية في مدينة عفرين شمال حلب: "تقلب أسعار الليرة السورية وتراجعها أمام العملات الأجنبية وأهمها الدولار الأمريكي في غضون يوم واحد على سبيل المثال، أحدث خسائر مالية كبيرة لدى العديد من التجار".
مشيراً إلى أنه وكثيراً من التجار يحصلون على البضائع بالعملة الأجنبية عن طريق تركيا، وغالباً يتم سداد ثمنها بالدولار الأمريكي، ويتم بيعها للمواطنيين بالعملة السورية، ومع تأرجح الليرة وتقلب أسعارها، تبدأ الخسائر.
وقال إنه كان يقوم بتغيير أسعار السلع كل ساعة بحسب أسعار الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي للمحافظة على مستوى ربح معين وعدم التعرض للخسارة في عملية البيع، ورغم ذلك تعرضت كثيراً للخسارة في البيع وعندما يأتي المساء ونصطدم بتراجع قيمة الليرة السورية إلى مستوى متدنٍ لا يتماشى مع الغلة اليومية عندما أذهب لتحويلها إلى الدولار الأمريكي.
وكان وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبدالحكيم المصري قد صرح قبل أيام بأن "كل التعاملات لدى مؤسسات الحكومة المؤقتة" في المناطق التي تشرف على إدارتها شمال سوريا ستكون بالليرة التركية أو الدولار.
الليرة السورية إلى أين
الاقتصادي كمال الحسين قال لـ"عربي بوست": "لا شك أن هناك آلاف الموظفين المتقاعدين في الشمال السوري أو المعارضة يحصلون على رواتبهم التقاعدية من مؤسسات النظام بالليرة السورية وحتماً سيتم التداول بها في مناطقهم إلى جانب الليرة التركية وللتخلص منها وتبعاتها السلبية على الأسواق".
مشيراً إلى أنه تم وضع حلول لذلك وهي إرغام التجار في مناطق النظام على بيع منتجاتهم المحلية المصدرة للمناطق الشمالية بالليرة السورية بدلاً من الدولار كما في السابق.
وأكد أن هناك حلاً آخر هو إعادتها لمناطق النظام السوري عبر عمليات البيع والشراء للسلع القادمة من مناطق خاضعة لسيطرة "قسد" التي فضلت التعامل بالليرة السورية أو الدولار الأمريكي على التعامل بالليرة التركية لأسباب سياسية.
الليرة التركية في إدلب
الوزير باسل عبدالعزيز، وزير الاقتصاد والموارد في حكومة الإنقاذ السورية، قال لـ"عربي بوست": "ناقشنا مسألة انهيار الليرة السورية وانعكاساتها على المناطق المحررة مع الفعاليات الشعبية والتجارية والاقتصادية، فتم عقد جلسة في مجلس الشورى العام لبحث اختيار عملة أكثر استقراراً من السورية وتتوفر فيها فئات صغيرة سهلة التداول اليومي؛ فكان اعتماد الليرة التركية هو الأنسب وتم التوجيه من حكومة الإنقاذ للفعاليات التجارية لتطبيق هذا الحل".
واستطرد:" إلى الآن ليس لدينا عملة رسمية في المناطق المحررة، والذي اتُّفق عليه اعتماد مجموعة من العملات عوضاً عن الليرة السورية المنهارة، فكان الدولار للتعاملات الكبيرة والمتوسطة والليرة التركية والسورية للتعاملات الصغيرة واليومية".
وأكد أن رواتب الموظفين والعاملين في الحكومة قُيمت عموماً على الدولار، ليصرف بالعملة المتداولة سواء تركية أو سورية، وأن رواتب هذا الشهر قد سلمت لمستحقيها بالعملة التركية باعتبارها متوفرة، كما عُقد اجتماع مع اتحاد النقابات وأعضائها لتحديد الحد الأدنى لأجور العمال بالدولار أو الليرة التركية، لاعتماده من الحكومة.
من جهته قال مدير المالية العامة في إدلب، في حكومة الإنقاذ المدعومة من هيئة تحرير الشام، إبراهيم الإبراهيم،: "أصدرت الحكومة قبل أيام قرارين 201 و202 لعام 2020 المتضمنين زيادة رواتب العاملين في الجهات العامة وتثبيتها بالدولار الأمريكي".
ويضيف أن حكومة "الإنقاذ" قامت بتسليم رواتب الموظفين عن الشهر الماضي بما يعادل قيمتها بالدولار الأمريكي بعد أن بدأت الليرة السورية تشهد انهياراً غير مسبوق، لحماية الموظفين من التضخم وارتفاع أسعار السلع بالعملة المحلية.
من جانبه قال ساهر المصطفى، صاحب محل لبيع الألبسة الجديدة، لـ"عربي بوست": "ما أن بدأ الحديث بالشارع في إدلب عن نية حكومة الإنقاذ ضخ العملة التركية في الأسواق حتى بادرت أنا وكثير من أصحاب المحال التجارية إلى تسعير الملبوسات بالعملة التركية استعداداً للتعامل بها حصراً، عوضاً عن الليرة السورية التي أرهقتنا بتراجع أسعارها وعدم قدرتنا على ملاحقتها من خلال شراء الدولار الأمريكي لتفادي الخسائر، ورغم ذلك لاحقتنا الخسائر المالية جراء ذلك".
فيما قال أحمد العلي، عامل حر في سرمدا شمال إدلب: "منذ أيام قليلة بدأنا نحصل على أجور عملنا إما بالدولار الأمريكي أو العملة التركية، وذلك حسن من ظروفنا المعيشية التي قاربت على المعاناة بسبب تراجع القيمة الشرائية لليرة السورية".
لافتاً إلى أن تضخم العملة السورية مقارنة مع أجره اليومي بمقدار 2500 ليرة سورية لم يعد كافياً لشراء علبة شاي بوزن 200 غرام، أما اليوم وبتحديد أسعارها بالليرة التركية في الأسواق تحدد سعرها بـ 11 ليرة تركية، أي بقيمة ربع الأجر اليومي الذي حدد لنا بالعملة التركية الذي يتراوح ما بين 30 و40 ليرة تركية، وذلك فرصة لنا حتى نتمكن من التغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تسبب بها انهيار العملة المحلية.
خطوة مميزة
عضو الهيئة السياسية في محافظة حماة السيد محمد فريجة قال لـ"عربي بوست": "بعد طول انتظار ومفاوضات مع المعنيين بأمر الجانب المحرر مع الجانب التركي، جاءت الموافقة على التداول بالعملة التركية في منطقة إدلب ودرع الفرات وغصن الزيتون، وهذا ما كان ينتظره الناس هنا في الشمال السوري".
واستطرد: "حيث إن انهيار الليرة السورية المرتبطة باقتصاد النظام بدأ في الآونة الأخيرة، وهذا ما شكل عبئاً إضافياً على كاهل النازحين في مخيمات الشمال السوري، فهذه الخطوة المميزة يشكر عليها كل من ساهم ودفع باتجاه هذا الأمر، وهو استبدال العملة السورية المنهارة بالعملة التركية".
مشيراً إلى أن هذا الأمر له دلالات سياسية مهمة واقتصادية أيضاً باعتباره سيضيّق الخناق أكثر على النظام عندما ينقطع هذا الشريان المهم الذي كان يعتمد عليه وهو العملة الصعبة من المناطق المحررة واستبدالها بفئة 2000 ليرة التي لا رصيد لها.
قائمة الأسعار الجديدة
وكان "عربي بوست" قد حصل على قائمة بالأسعار للسلع الغذائية حددت أسعارها بالليرة التركية في مناطق إدلب وشمال حلب على النحو التالي:
أسعار المواد الغذائية في مدينتي سرمدا والدانا بعد بدء تداول الليرة التركية في المنطقة:
(T.L تعني ليرة تركية)
سكر: 4 T.L
شاي بلدنا فرط ممتازة: 36 T.L
شاي ليالينا علب 450 غ: 21 T.L
شاي ليالينا فرط: 45 T.L
شاي ليالينا 112 ظرفاً: 13 T.L
شاي ليالينا علب 200 غ: 11 T.L
شاي كرزة علب 450 غ: 28 T.L
شاي كرزة علب 200 غ: 14 T.L
عدس صاغ نوع أول: 4 T.L
عدس مجروش نوع أول: 4 T.L
فريكة نوع أول: 9 T.L
سميد نوع أول: 7 T.L
برغل مغلف نوع أول: 3.50 T.L
أرز صيني مغلف 1 كغ: 4 T.L
أرز هندي كبسة: 7 T.L
فاصوليا بيضاء نوع أول: 6 T.L
مرتديلا صغيرة: 2 T.L
مرتديلا وسط: 4 T.L
مرتديلا بوري: 8 T.L
سردين: 2.50 T.L
حلاوة سادة 400 غ: 5 T.L
حلاوة فستق 400 غ: 6 T.L
زيت 700 مل: 5.50 T.L
زيت 1 لتر: 7 T.L
زيت 4 لترات: 26 T.L
زيت 5 لترات: 31 T.L
سمنة 880 مل: 7 T.L
سمنة 1750 مل: 14 T.L
دبس بندورة 400 غ: 3 T.L
دبس بندورة 800 غ: 5.50 T.L
معكرونة سباكيتي 500 غ: 1.50 T.L
زبدة: 2 T.L
محارم 300 غ: 3.50
محارم 400 غ: 4 T.L
كاتشب: 4.50 T.L
زعتر 500 غ: 5.50 T.L
إندومي: 1 T.L
شعرية 400 غ: 1.50 T.L
مربيات 700 غ: 4 T.L
مربيات 1400 غ: 8 T.L
خل تفاح: 2 T.L
جبنة مثلثات: 1.25 T.L
كاسات شاي الأصلي: 6 T.L
شامبو هوبي الأصلي: 5 T.L
صابون مغسلة عدد 5 ألواح: 2 T.L
صابون غار نوع أول: 6.50 T.L
بيض وزن 1900 غ: 5 T.L
بيبسي عائلي 2.25 لتر: 6 T.L
بيبسي كولا تنك: 2.5 T.L