بعد كورونا شبح الجفاف يهدد الاقتصاد المغربي، فهل تنجح تدابير الرباط بإنقاذ البلاد من الكساد؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/05/28 الساعة 12:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/28 الساعة 12:51 بتوقيت غرينتش
المغرب يعيد إغلاق مدينة طنجة بعد الكشف عن بؤر جديدة لكورونا - مواقع التواصل

لا تزال الحكومة والبنك المركزي في المغرب يسابقان الزمن، لاتخاذ تدابير وإجراءات إضافية لاحتواء التداعيات السلبية لجائحة كورونا، ومواجهة "الكساد"، وإنقاذ الشركات من الإفلاس.

لم تكن الجائحة وحدها التي باتت تُنذر بـ"كساد" اقتصادي العام الجاري، بل تزامن انتشار الفيروس مع موسم جفاف، ما دفع الحكومة إلى إعلان إجراءات لدعم المزارعين المتضررين.

وتسبب الفيروس في تعطيل عجلة السياحة، وتعليق أنشطة مصانع إنتاج وتجميع السيارات، وتوقيف سلسلة الإمدادات بسبب تراجع الطلب العالمي. وأعلنت المملكة في 20 مارس/آذار الماضي، حالة الطوارئ الصحية لشهر، وتقييد الحركة لـ"إبقاء كورونا تحت السيطرة"، ولاحقاً تم تمديدها شهراً، ثم 3 أسابيع، تنتهي في 10 يونيو/حزيران المقبل.

استنفار حكومي وسباق مع الزمن

الحكومة أعلنت، في 11 مارس/آذار الماضي، إنشاء "لجنة اليقظة الاقتصادية" لمواجهة انعكاسات وباء كورونا على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة.

الاجتماع السابع للجنة، التي تضم 8 قطاعات وزارية، والبنك المركزي والمنظمات المهنية، عُقد في 8 مايو/أيار الجاري، تقرر خلاله "توفير الشروط اللازمة لاستئناف سريع لأنشطة الشركات".

ويرى المحلل الاقتصادي المغربي عبدالنبي أبو العرب، في حديث للأناضول، أن "اقتصاد البلاد يمر بمرحلة صعبة، من حيث التداعيات الخطيرة للجائحة".

ويضيف: "حتى الآن، الوضعية ما زالت تحت السيطرة في المملكة، نعم نعيش شبه توقف للنشاط الاقتصادي، باستثناء بعض القطاعات، وهو ما يكلف الديناميكية الاقتصادية كثيراً".

ويتابع أبو العرب: "من المنتظر أن يعرف نمو الاقتصاد المحلي تدهوراً كبيراً، وستكون نسبة سالبة في الفصل الثاني من العام". مشيراً أن "هناك تراجعاً للصادرات مع استقرار الواردات، هذا سيعمّق أزمة الميزان التجاري الخارجي، وسيزيد الضغط على العملات الأجنبية".

صندوق خاص للتخفيف من تداعيات الأزمة

في 17 مارس/آذار الماضي، صدر في الجريدة الرسمية قرار حكومي، تم بموجبه إحداث صندوق مالي لـ"التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة".

وحتى 24 أبريل/نيسان الفائت، بلغت الموارد التي تم ضخها بـ"الصندوق الخاص" حوالي 32 مليار درهم (3.25 مليار دولار)، بحسب تصريح لوزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون في البرلمان.

ويرى أبو العرب أن المغرب "أبدع في إيجاد الحلول البديلة، حيث أطلق صندوق كوفيد 19، وجمع حوالي 32 مليار درهم، وهو رقم كبير، يعادل 3% من الناتج الداخلي الإجمالي".

من جهتها، كانت الحكومة المغربية قد أطلقت، في منتصف مايو/أيار الجاري، حملة دعائية كبيرة من أجل تشجيع السياحة الداخلية، وتعويض غياب السائحين الأجانب، الذين لن يأتوا في الفترة القادمة بسبب جائحة كورونا؛ وهو ما تسبّب في انهيار تام للقطاع السياحي، الذي يُعتبر واحداً من أبرز القطاعات بالبلاد.

وتأمل الحكومة المغربية بتشجيع المواطنين على استكشاف أسواق مراكش القديمة وشواطئ أغادير، وقد أُطلِق على الحملة شعار "على ما نتلاقاو"، أي "إلى أن نلتقي"، والتي تذكِّر المواطنين بمواقع الجذب السياحي العديدة في المملكة.

الجفاف يستهدف المغرب أيضاً

بالتزامن مع انتشار الجائحة، تعرف المملكة "عجزاً بلغت نسبته 46%، مقارنة بالمعدلات المسجلة خلال الـ30 سنة الماضية"، بحسب وزير الفلاحة عزيز أخنوش، في اجتماع لجنة برلمانية.

ويعتبر أبو العرب أن "الحالة الاقتصادية بالمغرب في منحى سيئ، خاصة حين تزامن الوضع مع حالة الجفاف التي يعرفها البلد". ويستطرد: "من المنتظر أن يبلغ المحصول هذا العام 30 مليون طن، وهو أدنى مستوى يتم تسجيله منذ سنوات، ما سيُعمّق من الأزمة الاقتصادية".

وتعد الفلاحة من أهم القطاعات التي يعتمد عليها اقتصاد المغرب، وتُسهم بشكل كبير في ارتفاع أو انخفاض معدل النمو الاقتصادي. ويلفت المحلل الاقتصادي أنه ينبغي "للدولة والمؤسسات البنكية التركيز على الحفاظ على المؤهلات الإنتاجية والنسيج الاقتصادي وعلى الشركات، لتظل في أفضل حالة من الناحية الاقتصادية".

"الأمر يتوقف على شقين، الأول يتعلق بمساعدة الاستهلاك الداخلي، من خلال دعم الطبقات المعوزة والأُجَرَاء الذين فقدوا أعمالهم، والثاني يتعلق بمساعدة الشركات، وضخ أموال في خزينتها المالية ودورتها الإنتاجية".

وفي 11 مايو/أيار الجاري، دعا البنك المركزي القطاع المصرفي المحلي إلى "تعليق كافة عمليات توزيع الأرباح برسم سنة 2019 حتى موعد لاحق". وقال المركزي في بيان له "في ظل الأوضاع الحالية التي تشهد تفشي جائحة كوفيد-19، أصبحت مؤسسات الائتمان مطالبة بتعزيز دورها في تمويل الاقتصاد".

خسائر فادحة يتكبدها الاقتصاد المغربي

كانت الحكومة قدمت في 10 مايو/أيار الجاري، مشروع قانون لإنقاذ الشركات السياحية من الإفلاس بسبب الجائحة، أمام لجنة برلمانية. وسجل المغرب، حتى صباح الأربعاء، 7 آلاف و584 إصابة بالفيروس، تعافى منهم 4 آلاف و969، وتوفي 202.

وبحسب ما تقول صحيفة "هسبريس" المغربية، يتكبّد الاقتصاد المغربي خسائر فادحة بسبب إجراءات الإغلاق، إذ يخسر المغرب مليار درهم كل يوم، وقد سجل المغرب تراجعاً كبيراً في الصادرات بـ61.5% مقابل 37.6% بالنسبة للواردات.

وتقول الحكومة المغربية إن "القطاعات التصديرية الأكثر تضرراً في الأنشطة الصناعية المرتبطة تتجلى بسلاسل القيمة العالمية مثل قطاع السيارات، والذي تراجعت صادراته بـ96% في شهر أبريل/نيسان، وصناعة الطيران بـ81% والصناعات الإلكترونية بـ93%، والنسيج والألبسة بـ86%، في وقت تم تسجيل تطور إيجابي لصادرات الفوسفات ومشتقاته".

ويشير المسؤولون إلى أن تباطؤ النشاط الاقتصادي انعكس أيضاً بشكل ملحوظ على تطورات عائدات السياحة بشهر أبريل/نيسان، ليبلغ معدل الانخفاض على مدى الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية 15%، بالإضافة إلى تسجيل انخفاض ملحوظ في تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج خلال شهر أبريل/نيسان بحوالي 30% و11% خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية".

تحميل المزيد