تسير بورصة إيران بشكل معاكس تماماً لكل ما يحدث في هذا البلد المحاط بالأزمات.
فبينما يبدو أنه ليس ثمة نهاية لمعاناة إيران، بعدما تصارعت مع العقوبات الأمريكية ومع إحدى أسوأ موجات تفشي وباء كورونا في العالم، فإن البورصة الإيرانية لا تنعكس عليها هذه الأزمات، حسبما ورد في تقرير لمجلة The Economist البريطانية.
واللافت أن بورصة إيران تواصل تحقيق أداءً جيداً رغم الإشارات التي تتداعى عن تعرض البلاد لموجة كورونا ثانية شديدة الفتك مع إعادة الفتح مرة أخرى.
اقتصاد ينكمش وبورصة تزدهر
تقلص الاقتصاد الإيراني بالفعل العام الماضي بنسبة 8% تقريباً، إلا أن الأمر قد يكون أسوأ هذا العام. إذ بعد أن قطعت العقوبات الأمريكية بدرجة كبيرة أوصال اتصاله بالسوق العالمية، جاء فيروس كورونا لينهي المهمة تقريباً.
ومع ذلك، بطريقة ما، فإن بورصة إيران مزدهرة.
إذ ارتفع مؤشرها الرئيسي Tedpix، عشرة أضعافه في عامين بالعملة المحلية، وتضاعف الارتفاع منذ أن أعلنت إيران إجراءات الإغلاق في 27 مارس/آذار، حتى عند قياسه بالعملة الصعبة، يظل المؤشر الأفضل أداءً في العالم.
ويقول ماسيج ووجتال، الذي يتولى إدارة الصندوق الأوروبي الوحيد الذي يركز على العمل في السوق الإيرانية: "في ثلاث سنوات، ضاعفنا قيمة اليورو الخاصة بنا ثلاث مرات".
لماذا تزدهر بورصة إيران بهذا الشكل؟
السبب الرئيسي لهذا الازدهار هو أن الإيرانيين ليس لديهم سوى قليل من الأماكن الأخرى لوضع أموالهم. ومع ارتفاع معدل التضخم عن 30% وانهيار قيمة الريال الإيراني، ليس ثمة حافز كبير لفتح حساب توفير.
وتصعب الحكومة من عملية شراء العملات الأجنبية. كما أن العقوبات الأمريكية جعلت من الاستثمار في أسواق الأسهم الخارجية أمراً بعيد المنال.
وقد لجأ بعض الإيرانيين إلى شراء أراض أو سيارات، لكن الأسعار مرتفعة للغاية على الغالبية.
وحتى المبتدئين بدأوا يدخلون إلى السوق المالي، ففي أبريل/نيسان، سمحت السلطات للإيرانيين بتداول "أسهم العدالة" الخاصة بهم، وهي حصص في شركات حكومية أعطتها الحكومة للفقراء منذ سنوات. ومن ثم ارتفعت أحجام التداول اليومية من نحو 100 مليون دولار إلى 400 مليون دولار في عامين.
فرصة لزيادات إيرادات الحكومة، ولكن الخبراء يحذرون من فقاعة
يدعم قادة إيران هذا النشاط ويعملون على تشجيعه، وهم متمسكون بنشر الأمل في ظل هذه الأوضاع الصعبة. كما يتلمسون في الأزمة فرصةً لزيادة إيرادات الدولة التي تضررت بشدة من العقوبات. وهكذا أدرجت الحكومة مؤخراً صندوقاً متداولاً في البورصة للاستثمار في حصص حكومية في بنوك ومؤسسات مالية، وقد تفعل ذلك قريباً مع شركات التعدين والصلب والبتروكيماويات التابعة لها. (يجدر الانتباه إلى أن أياً من ذلك لا يحسن في الواقع من أداء هذه الشركات).
ويرى الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الازدهار مسألة فخر وطني، ويقول إنه "مع تطور بورصة إيران، أصبح [أعداؤنا] متوترين". ومع ذلك، فإن مستثمرين ذوي خبرة وحتى بعض المسؤولين الإيرانيين قلقون من هذه الفقاعة التي يمكن أن تنفجر في أي وقت، مفضية إلى اضطرابات أكبر. وهو ما دفع ووجتال إلى بيع نصف حيازته من الأسهم في شهر مارس/آذار.