حُسم الأمر وأصبح ارتداء الكمامة إجبارياً في غالبية الدول العربية بحكم القانون، ومن يخالف ذلك سيواجه عقوبات تبدأ بالغرامة وقد تنتهي بالسجن، فهل الكمامة تقي بالفعل من الإصابة بعدوى وباء كورونا القاتل؟ العلم يقول نعم، لكن تطبيق ذلك ربما لا يكون أمراً ميسوراً للجميع.
الكمامة شرط لرفع القيود
مع قرب انتهاء شهر رمضان وعطلة عيد الفطر التي تحل الأسبوع المقبل، بدأت الدول العربية تباعاً في الكشف عن الخطط والإجراءات التي ستبدأ في تطبيقها على مراحل لإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد أن فرض وباء كورونا إغلاقاً شبه تام للحياة في المنطقة والعالم منذ منتصف مارس/آذار الماضي، وكان الأمر المشترك بين جميع الخطط والاستراتيجيات هو حتمية ارتداء الكمامة حال مغادرة المنزل لأي سبب من الأسباب.
وكان ارتداء الكمامة، شأنه شأن كل التفاصيل الأخرى المتعلقة بالفيروس المستجد، قد مر بمراحل متعددة من عدم جدواها في منع ارتداء العدوى إلى النصح بارتدائها لأنها تقلل من العدوى، وصولاً إلى الإجماع على أنها لا غنى عنها في مكافحة انتشار الوباء، خصوصاً في مرحلة التعايش مع الفيروس وحتى التوصل للقاح يقي البشر شره.
الفيروس ينتقل من خلال الرذاذ المتطاير من الفم عند الحديث والصراخ يزيد من المسافة التي تقطعها قطرات الرذاذ في الهواء، وربما يكون الشخص حاملاً لعدوى وباء كورونا دون أن تظهر عليه الأعراض، وبالتالي ينقل العدوى لآخرين يتحدث معهم دون أن يدري، وهنا يأتي دور الكمامة خصوصاً في الأماكن المغلقة أو المزدحمة كوسائل المواصلات أو أماكن العمل أو محلات التسوق وغيرها.
ومع بدء مرحلة رفع قيود الإغلاق وعودة النشاطات الاقتصادية والاجتماعية تدريجياً، أصبح ارتداء الكمامة شرطاً أساسياً على كل مواطن يغادر منزله، وأعلنت كثير من الدول العربية عقوبات عدم الالتزام بارتداء الكمامة والبعض الآخر سيعلن عن ذلك قريباً.
عقوبات صارمة في دول الخليج
ونبدأ من دول الخليج، حيث بدأت قطر بالفعل، أمس الأحد 17 مايو/أيار، في تنفيذ قرار حكومي بإلزام جميع المواطنين والمقيمين، عند الخروج من المنزل لأي سبب، بارتداء كمامة، إلا في حالة تواجد شخص بمفرده أثناء قيادة المركبة، وحذر القرار الحكومي، الذي صدر الخميس الماضي، من أنه في حالة عدم الالتزام، تطبّق على المخالف عقوبات تشمل الحبس مدة لا تتجاوز 3 سنوات وغرامة لا تزيد عن 200 ألف ريال (نحو 55 ألف دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفي الكويت، التي فرضت حظراً شاملاً في جميع أنحاء البلاد منذ 10 مايو/أيار الجاري وحتى نهاية الشهر، تم أمس الأحد إقرار عقوبات تتضمن السجن والغرامة بحق من لا يلتزم بارتداء كمامة طبية واقية، ضمن تدابير مكافحة الفيروس استعداداً للبدء في رفع إجراءات الإغلاق.
وقالت وزارة الصحة الكويتية، في بيان، إنه سيتم تطبيق عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز 3 أشهر وغرامة لا تزيد عن 5 آلاف دينار كويتي (نحو 16 ألف دولار)، أو إحدى العقوبتين، لكل من يخالف القرار الذي كان قد صدر الثلاثاء الماضي، بارتداء الكمامة أو تغطية الأنف في الأماكن العامة، بحسب وكالة الأناضول.
أما في الإمارات، فمنذ بداية الشهر الجاري شهدت الدولة الخليجية اتجاهاً لافتاً لتعزيز ثقافة ارتداء الكمامة في الدولة الخليجية، التي تشهد ارتفاعاً في عدد الإصابات، وخصصت وزارة الصحة الإماراتية سيارة ذكية ذاتية القيادة، لتوزيع المستلزمات الطبية الوقائية، مثل الكمامات والمطهرات والقفازات.
المغرب أول من طبقها
كان المغرب أول دولة عربية تفرض ارتداء الكمامات وتقر غرامات على من يخالف ذلك منذ السابع من أبريل/نيسان الماضي، حيث تم إقرار فرض ارتداء الكمامة بشكل إجباري على جميع الأشخاص المسموح لهم بالتنقل، على أن يتم "فرض عقوبة حبس على المخالفين تصل إلى 3 أشهر وغرامة تتراوح بين 300 و1300 درهم (بين حوالي 33 و130 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وفي الجزائر، قال وزير الصحة عبدالرحمن بن بوزيد، قبل يومين، إن بلاده ستتجه إلى فرض ارتداء الكمامات الواقية بقوة القانون، في حال استمرار تفشي الوباء، حسبما نقلت صحيفة "الشروق" الجزائرية.
وفي العراق، أعلنت وزارة الداخلية، مساء السبت، فرض غرامة قدرها 50 ألف دينار (نحو 42 دولاراً) بحق من لا يلتزم بارتداء كمامة أو قفاز في الأماكن العامة.
وفي فلسطين، صار ارتداء الكمامة شرطاً لدخول المسجد لأداء صلاة الجمعة وعيد الفطر، بخلاف إجراءات أخرى تتضمن "التباعد وترك المصافحة"، بحسب بيان لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، الأحد، بعد أكثر من شهر من إغلاق المساجد.
الغرامة في مصر 5 آلاف جنيه
وفي مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، أعلنت الحكومة أمس الأحد 17 مايو/أيار، على لسان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أنه ستكون هناك إجراءات احترازية للتعايش مع كورونا، أهمها ضرورة استخدام الكمامة في وسائل المواصلات والمكاتب الحكومية والأماكن المغلقة، مع فرض عقوبات على المخالفين، مضيفاً أن مصر ستعمل على إنتاج الكمامات من الأقمشة، لأن لها "صفة الديمومة أو الاستدامة مش بتترمي بعد يوم واحد" وإنما يتم غسلها وكيها واستخدامها في اليوم التالي.
وذكر مدبولي أنه سيتم "تشجيع كل المصانع المصرية على إنتاج هذه الكمامات… من الأقمشة بمواصفات محددة بحيث تكون متاحة لكل المواطنين خلال الفترة القادمة"، لكنه لم يشر إلى تكلفة هذه الكمامات، بحسب رويترز.
رئيس الوزراء لم يحدد قيمة الغرامة على من يخالف قرار ارتداء الكمامة، لكن وسائل إعلام محلية كانت قد نشرت السبت 16 مايو/أيار ملامح التعديلات على قانون مكافحة الأمراض المعدية بغرض مواجهة وباء كورونا، وقال موقع مصراوي إن غرامة مخالفة قرار ارتداء الكمامة ستكون 5 آلاف جنيه مصري.
وكانت البنوك في مصر قد فرضت على عملائها ارتداء الكمامات لدى دخولهم إلى فروع البنوك، وبعد إعلان أمس عن فرض ارتداء الكمامة، زادت المخاوف بشأن مدى توفرها في الأسواق وقيام بعض الصيدليات برفع أسعارها، كما حدث مع أسعار الكحول الإيثيلي في مارس/آذار عندما ارتفع سعر اللتر من متوسط 40 جنيهاً إلى متوسط 150 جنيهاً، وهو ما أدى لمناشدات من جانب بعض وسائل الإعلام المحلية للحكومة بضرورة توفير الكمامات ومراقبة الأسواق.