يبدو أن هناك جهات في إسرائيل تخشى تحذيرات الأردن من ضم الضفة الغربية، وتأخذها بجدية كبيرة.
وكان الملك عبدالله الثاني قال إن الأردن "يدرس جميع الخيارات" للردّ إذا ضمَّت إسرائيل جزءاً من الضفة الغربية.
ويعبّر هذا التصريح عن حجم الشواغل التي تعتري عمان بشأن الخطوات التي يقدم عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن في الوقت ذاته قوبل هذا التحذير باهتمام من المؤسسة العسكرية الأمنية الإسرائيلية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.
قبل ذلك التصريح أطلق الملك عبدالله تحذيرات أكثر تفصيلاً وأشد قسوة خلال مقابلة مع صحيفة Der Spiegel الألمانية، وهي تحذيرات وصلت خلال الأشهر الأخيرة من الأردن إلى إسرائيل.
رسائل للجيش الإسرائيلي
لكن اللافت أن الملك عبدالله، حسب الصحيفة الإسرائيلية، أعرب كذلك عن الشواغل الأردنية بشأن خطوات فرض الهيمنة الإسرائيلية في الضفة الغربية وضم غور الأردن، في رسائل إلى مؤسسة الدفاع الإسرائيلية، إضافة إلى محادثات مع أشخاص مقربين من بيني غانتس، زعيم ائتلاف أزرق أبيض وشريك نتنياهو المفترض في الحكومة الجديدة.
وتنوي إسرائيل ضم أكثر من 130 مستوطنة يهودية في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، والشريط الممتد بين بحيرة طبرية والبحر الميت، والذي سيصبح الحدود الشرقية الجديدة لإسرائيل مع الأردن.
ويعد ذلك أبرز نتائج صفقة القرن التي أعلن عنها ترامب في 28 يناير/كانون الثاني 2020، التي تتضمن إقامة دويلة فلسطينية في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق، وجعل مدينة القدس عاصمة غير مقسَّمة لإسرائيل، والأغوار ستصبح تحت سيطرة تل أبيب.
ما الخطوةُ التي يمكن أن يقدم عليها الأردن؟
تخشى العائلة الملكية التظاهرات ضد الملك والاحتجاجات التي تنظمها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن. وقد أظهر الأردن حتى الآن قدرة على التعامل مع فيروس كورونا، لكن اقتصاده لا يزال في موقف صعب، فضلاً عن عدم استقرار مكانة الملك في ظل الأزمة الحالية، التي بدأت حتى قبل الانتشار العالمي للفيروس.
ويعتقد الخبراء في المؤسسة العسكرية أنه في ظل الظروف القاسية، قد تؤدي الضغوط المحلية إلى إلغاء الملك الأردني معاهدة السلام مع إسرائيل.
أخبر الملك عبدالله مجلة Der Spiegel قائلاً: "إذا ضمت إسرائيل فعلياً الضفة الغربية، في يوليو/تموز، فيمكن أن يؤدي هذا إلى صراع كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية".
وأوضح أن هذا ليس الوقت الملائم لمناقشة حل الدولة الواحدة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يمكن أن يؤدي إليه ضم الضفة، وطالب بلاد المنطقة بالعمل معاً ضد فيروس كورونا.
صفعة لأمننا القومي.. مؤسسات عدة في إسرائيل تخشى تحذيرات الأردن
الإضرار بعلاقات إسرائيل مع الأردن قد يُمثل "صفعة للأمن القومي لإسرائيل"، حسبما قال اللواء المتقاعد عاموس جلعاد، رئيس مؤتمر هرتسليا، لصحيفة Haaretz أمس السبت 16 مايو/أيار.
وأضاف جلعاد قائلاً إن الأردن "وفر لنا الهدوء على الحدود الشرقية، وأبعد التهديدات عن إسرائيل. سوف يقوض الضم علاقاتنا مع الأردن. ويمكن أن يكون تحركاً سياسياً من دون ميزة استراتيجية. وإنني على يقين أن كبار ضباط الجيش الإسرائيلي يفهمون هذا".
الأوروبيون يهددون
أخبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية الصحفيين الإسرائيليين على خلفية زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأخيرة إلى إسرائيل، في الأسبوع الماضي، أن الضم "يجب أن يكون في إطار نقاشات بين إسرائيل والفلسطينيين حول خطة إدارة ترامب للسلام".
وفي غضون ذلك، يتأهب الاتحاد الأوروبي لاحتمالية تعليق المشروعات المشتركة مع إسرائيل، رداً على التحركات نحو الضم من جانب واحد.
ويتوقع أن يصدر الاتحاد الأوروبي تحذيراً غداً الإثنين، 18 مايو/أيار، لإسرائيل ضد ضم الضفة الغربية.و
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسلبورن، إن دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء المجر والنمسا، دعمت مسودة نصٍّ تحذر فيه إسرائيل من ضم أجزاء من الضفة الغربية، في الوقت الذي ما زالت تبحث فيه إمكانية فرض عقوبات على تل أبيب.
أشار الوزير كذلك إلى خطوات يرغب الاتحاد في اتخاذها قبل الحديث عن عقوبات، حيث قال: "لا أريد الحديث عن عقوبات حالياً، لكن علينا فعل ما بوسعنا لمنع هذا العمل".
لكنه أكد أن الاتحاد الأوروبي مطالَب بفعل كل ما بوسعه لإقناع إسرائيل بالتخلي عن خططها في الضفة الغربية، قبل 15 يوليو/تموز 2020.
واستدرك قائلاً: "إذا انتقلت إسرائيل إلى الأفعال وضمّت غور الأردن في الضفة الغربية، فأنا لا أرى فرقاً عما فعلته روسيا مع (شبه جزيرة) القرم في 2014".
كما حذَّر أسلبورن من أنه إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من إقناع اسرائيل بالتخلي عن خطتها، "فسيكون الأصعب آتياً".
وسبق أن انتقد الاتحاد الأوروبي خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، مذكِّراً بدعمه لحل تفاوضي لدولتين، من أجل آفاق سلام قابلة للاستمرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين.