خطة نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية
ويمكن أن تؤدي خطوة دمج المستوطنات إلى إطاحة اتفاقيات السلام الإقليمية التي أُبرمت خلال عقود من المباحثات الدبلوماسية الهادئة وإحباط إمكانية حل الدولتين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
الأوروبيون يتوعدون بعقوبات، ونتنياهو يقدر العلاقة مع الأردن
قال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، هذا الأسبوع، إنهم سيجتمعون لمناقشة العقوبات المحتملة التي ستترتب على خطوات الضم.
ويقول المحللون إن على نتنياهو أن يختار بين الوفاء بوعده وتفادي الاضطرابات الدبلوماسية.
يقول يوهانان بليسنر، وهو مُشرِّع سابق ورئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلية: "نتنياهو حذِر بطبيعته، فهو يُقدِّر العلاقة الاستراتيجية مع الأردن، ويرى أن هذه الخطوة لم تعتبر حكيمة طوال الخمسين سنة الماضية. وربما قرر أن الضم الرمزي هو الأفضل في النهاية".
لكن شكل هذا الضم لا يزال غير واضح، وتحديداً مدى توغله في الضفة الغربية، وما إذا كان أي من المقترحات الأكثر شمولاً سيحظى بموافقة الحكومة.
يقول بليسنر: "ما يقصدونه بمصطلح الضم فضفاض وشديد الغموض، وقد ينتهي الأمر بالاستيلاء على 30% من الضفة الغربية، أو قد يكون امتداداً رمزياً للسيادة على مستوطنة أو مستوطنتين فقط، لا يمكننا بعد إجراء تقدير جدي لما سيحاولون فعله".
اتفاقيته مع غانتس تمنحه خيارات عديدة
تنص اتفاقية الائتلاف الإسرائيلي على أنه يمكن تقرير الضم من خلال تصويت الحكومة أو البرلمان، وكل خيار منهما يطرح تحديات أمام نتنياهو.
ففي الحكومة قد يملك غانتس السلطة لحجب مقترح لا يعجب فصيله، إذ إن غانتس خلال الحملة وافق على الضم، ولكن في سياق خطة ترامب الشاملة فقط، التي نصت أيضاً على دولة فلسطينية محدودة.
وإذا عُرض المقترح أمام الكنيست فقد يتطلب ذلك محاولة التوصل إلى حل وسط بين المشرعين الذين يفضلون شكلاً أكثر محدودية من الضم وأولئك الذين قد يريدون ما هو أبعد من خطة ترامب.
لن نأبه للأوروبيين، ولن نمنح الفلسطينين حتى شبه دولة
قال نفتالي بينيت، وزير الدفاع ورئيس حزب "اليمين" القومي المتشدد، صراحةً، إنه سيضغط على رئيس الوزراء حتى لا يتنازل، بغضِّ النظر عن التهديدات الأوروبية أو خطر العنف.
إذ قال بينيت يوم الإثنين 11 مايو/أيار: "خلال 100 عام، لن يتذكر أحد ما حدث لتحقيق الضم. نحن نعلم أن الفلسطينيين لا يريدوننا على هذه الأرض، ولكن لا ينبغي لأحد أن يعيق نتنياهو".
وحركة المستوطنين نفسها ليست موحدة؛ إذ يرى بعض المستوطنين، لاسيما أولئك الذين اجتذبهم انخفاض أسعار المساكن إلى مستوطنات الضفة الغربية القريبة من المدن الإسرائيلية، أن الضم المحدود حتى سيكون موضع ترحيب. وهذه الخطوة أيضاً ستؤدي إلى دمج المستوطنات في الاقتصاد الإسرائيلي وجعلها خاضعة بالكامل للقانون الإسرائيلي. وأحد الحلول الوسطية الممكنة هو ضم بضع مستوطنات فقط مثل غوش عتصيون ومعاليه أدوميم، اللتين تقعان بالقرب من القدس، وأرئيل، في شرق تل أبيب.
ويوجد مستوطنون آخرون، يعيش الكثير منهم في عمق الضفة الغربية، يرون أن أي شكل من الضم لن يكون مقبولاً إذا كان الثمن هو إقامة دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية الأخرى. وهم أيضاً منزعجون من دعوة خطة ترامب لتجميد التوسع الاستيطاني.
يقول يوشاي دامري، رئيس مجلس جنوب جبل الخليل الإقليمي في جنوب الضفة الغربية، حيث يعيش مع أربعة أجيال من عائلته: "لا يمكننا قبول هذا العناق القوي الذي سينتهي بخنقنا".
ويُشار إلى أن لجنة أمريكية إسرائيلية مشتركة "لرسم الخرائط" تعمل على ترجمة الخريطة المفاهيمية التي وضعها مستشار ترامب غاريد كوشنر إلى خريطة أكثر عملية، يمكن للحكومة الإسرائيلية الاستعانة بها لاتخاذ قرارات الضم وصياغة التشريعات. وكان الهدف من هذه الفكرة جزئياً، وفقاً لمسؤولين مطلعين، التوصل إلى اتفاق على أن إسرائيل لن تتعدى على أرض يمكن أن تشكل دولة فلسطينية في المستقبل.
هذيان البيت الأبيض
ورغم أن كوشنر منهمك في مواجهة الولايات المتحدة لجائحة فيروس كورونا، فقد حرص هو وترامب على طمأنة الحكومات العربية بأن أي ضم يمكن إدارته بشكل مدروس ودون التسبب في أعمال عنف أو اضطراب من المعارضين للخطة.
إلا أن بعض الدبلوماسيين العرب يقولون إن مخاوفهم قوبلت بالتجاهل.
إذ قال مسؤول عربي في المنطقة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل دبلوماسية حساسة: "سمعنا عن خطة الضم والجدول الزمني المحتمل. وعبّرنا عن قلقنا للحكومة الأمريكية، لكن لا يبدو أنها تغير أي شيء".
وحتى الآن، يرفض المسؤولون الفلسطينيون المشاركة في مساعي الولايات المتحدة، قائلين إنها متحيزة لإسرائيل بالكامل، وإنه من المستبعد أن يشجع الضم على إجراء مزيد من المحادثات.
وقال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في مقابلة: "البيت الأبيض يهذي".