دول عربية نجحت في مواجهة كورونا، بإمكانيات قليلة ولكن بثمن باهظ

عربي بوست
تم النشر: 2020/05/13 الساعة 16:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/13 الساعة 22:38 بتوقيت غرينتش
دول عربية نجحت في محاصرة مرض كورونا/رويترز

بينما تترنح قوى عظمى جراء جائحة كورونا، لا يتم التركيز على دول عربية نجحت في محاصرة مرض كورونا حتى الآن.

وهذه النجاحات لم تحققها فقط دول عربية غنية، بل بعضها تحقق في دول تعاني أزمات اقتصادية حادة.

قصص دول عربية نجحت في محاصرة مرض كورونا

تونس: 3 أيام من دون كورونا

تقدم تونس، البلد العربي المغاربي الذي انتخب لتوّه رئيساً جديداً يعتبر نفسه من رحم الربيع، نموذجاً لافتاً في محاصرة المرض ولكن بثمن باهظ.

فقد أعلنت تونس، اليوم الأربعاء 13 مايو/أيار 2020، عدم تسجيل أي إصابة جديدة بفيروس كورونا لليوم الثالث على التوالي، بعدما استقرت عدد الحالات المسجلة عند 1032 حالة.

كما لم تسجل البلاد حالات وفاة جديدة، حيث استقر عدد الوفيات عند 45 حالة، حسب وزارة الصحة التونسية.

ورغم ذلك فقد قالت الوزارة في مؤتمر صحفي عقدته المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض المستجدة التابعة، نصاف بن علية، إن تقييم المخاطر الوبائية في البلاد ما زال مرتفعاً.

وقالت بن علية إن تسجيل صفر حالة في تونس منذ 3 أيام "لا يعني أن كورونا غير موجود في البلاد"؛ لأنه "يجب أن نسجل 40 يوماً دون إصابات حتى نقول إن الوضع مستقر"، محذرة من التجمعات، لأنها تُمثل خطراً كبيراً لعودة تفشي الفيروس في تونس.

وأرجعت بن علية ارتفاع تقييم المخاطر الوبائية إلى تواصل إجلاء تونسيين من الخارج وعدم القضاء على الفيروس في العديد من المناطق الأخرى في العالم.

لقد حققت ذلك عبر حجر صحي شامل

وكانت تونس أول دولة عربية تفرض حجراً صحياً كاملاً على أراضيها، بدأ الأحد 22 مارس/آذار الجاري، مصحوباً بانتشار وحدات الجيش وحظر جزئي للتجول.

وشمل الحجر أيضاً إجراءات بينها منع التنقل بين المدن إلا في حالات الضرورة القصوى وإغلاق المتاجر الكبرى والمناطق الصناعية التي يعمل فيها عدد كبير من الأشخاص.

وبدأت تونس قبل أيام مرحلة جديدة مخففة سُميت الحجر الصحي الموجّه، يتضمن فتح العديد من المؤسسات الاقتصادية مع التزام اشتراطات السلامة، والسماح للتنقل بين المدن وفقاً لقيود معينة.

وشددت السلطات على أن الحجر الموجه يتطلب التقيد بوسائل الوقاية، لتقليص حدة انتشار المرض.

الثمن باهظ: فلول النظام يحاولون استغلال الجائحة

لكن مقابل هذا النجاح في الحجر ووقف انتشار المرض، تزايدت المخاوف من ارتفاع نسبة الفقر في تونس لا سيما أن هناك عدداً كبيراً مهدداً بفقدان مصدر عمله، وسط دعوات مشبوهة لتنظيم ما سُمي "ثورة جياع".

ويتوقع أن ينكمش الاقتصاد التونسي بأكثر من 4,3% هذا العام في أسوأ ركود منذ استقلال البلاد في 1956، وأن يكون قطاع السياحة الحيوي مهدداً بخسائر قد تصل إلى 1,4 مليار دولار وفقدان 400 ألف وظيفة بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا.

الرئيس التونسي قيس سعيد/رويترز

وظهرت دعوات تروّج على وسائل التواصل الاجتماعي لإشعال ما يسمى "ثورة جياع في تونس"، واللافت فيها أنها تأتي من مصدرين شديدي التناقض.

فأحد مصادر هذه الدعوات هو فلول دولة بن علي العميقة من جهة، واليسار الراديكالي الذي يؤيد بعضه الرئيس قيس سعيّد من جهة أخرى.

الأردن: نموذج عربي حازم

الأسبوع الماضي، سجل الأردن 8 أيام دون إصابات.

ولكن سجلت البلاد يوم أمس الثلاثاء، 14 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، ليصل إجمالي الحالات المسجلة بالأردن إلى 576، بمن فيهم المتعافون والمتوفون، وفق ما أعلنه وزير الصحة الأردني الدكتور سعد جابر، الذي أوضح أن كثيراً من الحالات من القادمين من الخارج.

وبلغ عدد حالات الوفاة 9 فقط أي بنسبة 1.5% من إجمالي الإصابات، فيما بلغت حالات الشفاء 390، والمصابين الحاليين 122 من إجمالي الإصابات التي تبلغ 576 مصاباً أي الأغلبية قد تعافت.

تنفس الأردنيون الصعداء بعدما أعلنت السلطات مؤخراً عودة العمل للقطاعات الاقتصادية بكامل طاقتها الإنتاجية، وتخفيف إجراءات حظر التجول القائمة منذ 55 يوماً، لكن ضمن شروط وضوابط صحية تحافظ على الإنجازات الوطنية في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".

واستثنت قرارات التخفيف الحكومية دور العبادة والمدارس والجامعات الحكومية والخاصة، والأندية الرياضية ودور السينما والمسارح والحدائق والمكتبات العامة وعدداً من القطاعات من العودة للعمل. 

سر نجاح التجربة الأردنية

عن سر نجاح التجربة الأردنية في مواجهة كورونا، أرجع وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة الأسباب للإجراءات المبكرة والمشددة التي بدأت قبل وصول الفيروس بشهرين.

وتمثلت الإجراءات في إغلاق الحدود أمام القادمين للمملكة والمغادرين، وحظر شامل على حركة المواطنين، وتعطيل العمل في المؤسسات العامة والخاصة والقطاعات الاقتصادية، وكذلك إغلاق دور العبادة والمدارس والجامعات، وحجر صحي للقادمين للمملكة.

وقال الوزير الأردني للجزيرة نت إن أي إصابة يتم تسجيلها في أي منطقة يفرض عليها حظر شامل من قبل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وتتم محاصرتها بشكل تام لمدة عشرين يوماً، إضافة إلى استجابة المواطنين رغم شدة وقسوة الإجراءات في بعض الأسابيع.    

وأعلنت السلطات إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية منتصف مارس/آذار الماضي، ومنعت أي دخول أو خروج من أراضي البلاد، وأخضعت نحو 5000 عائد لحجر صحي 14 يوماً لضمان خلوّهم من الإصابة بالفيروس.

وتنبهت المملكة التي تعتمد على التجارة مع الدول المجاورة لخطر الفيروس القادم مع سائقي شاحنات نقل البضائع من دول الجوار، خاصة معبر العمري مع السعودية نتيجة ضعف مراقبة الحالات المصابة، وعدم وجود حجر صحي للمصابين على الحدود هناك.

وأعلن وزير الصحة الأردني سعد جابر أن العدد التراكمي للعينات المخبرية منذ بدء انتشار الفيروس في البلاد بلغ أكثر من 97 ألفاً، ما يعكس الجهد الكبير لفرق التقصي الوبائي بجميع المحافظات.

الثمن: الاقتصاد يتألم

رغم النجاح في محاصرة الوباء، لكن القطاعات التجارية في البلاد تضررت بشدة.

وتوقعت جمعية البنوك في الأردن في دراسة عن أثر فيروس كورونا على الاقتصاد الأردني ارتفاع العجز في الحساب الجاري وانخفاض احتياطات البنك المركزي بنسب تتراوح ما بين 11.6 إلى 14.6% لتتراوح ما بين 10.714 إلى 10.354 مليار دولار.

قطر: نسب وفيات متدنية للغاية

رغم الزيادة التي شهدتها قطر في أعداد المصابين في الأيام الماضية، فإن النجاح القطري يتركز في مجالين: أولهما نسبة الفحوصات حيث تعد من أعلى الدول التي أجريت عدد فحوصات بالنسبة لعدد السكان.

والنجاح الثاني هو انخفاض نسب الوفيات.

إذ بلغ عدد المصابين في قطر يوم 13 مايو/ايار، 26 ألفاً و539 شخصاً، بينما بلغ عدد الوفيات 14 شخصاً فقط بنسبة 0.053%، وهي نسبة ضئيلة للغاية.

ويعتقد أن هذه النسب تحققت بسبب بفضل نظام  الرعاية الصحية الناجح، إضافة إلى ارتفاع نسب الفحوصات، ما يعطي أرقاماً أدق بالنسبة لعدد الإصابات ويجعل رقم الوفيات أكثر واقعية مقارنة بدول أخرى.

ومن الأسباب التي قد ترجح فرضية انخفاض نسب الوفيات بقطر وغيرها من دول الخليج، مقابل ارتفاعها في دولة عربية أخرى كمصر هو احتمال أن يكون "فيروس كورونا في مصر على الأغلب مرتبط بالنموذج الأوروبي، وهو أكثر عدوى من ذلك المسجل في الخليج الذي يكون أقرب إلى السلالات المنتشرة في آسيا مثلاً"، حسب خبير الأوبئة الدكتور عماد بوظو.

الثمن: المشكلة أقل تأثيراً من جيرانها

تعاني دولة قطر كغيرها من دول الخليج من تضرر ميزانيتها جراء انخفاض أسعار النفط، لكنه يعتقد أنها الأقل تضرراً لأن سعر برميل النفط اللازم لتحقيق التعادل في ميزانية قطر أقل من الدول الخليجية الأخرى.

إذ تحتاج قطر سعراً يدور حول 40 دولاراً مقابل برميل النفط، لكي تحقق تعادلاً بالميزانية، في حين تحتاج الكويت وصول النفط لمستوى أقل قليلاً من 60 دولاراً، والإمارات إلى سعرٍ أقل قليلاً من 70 دولاراً، في حين تحتاج السعودية نحو 78 دولاراً للوصول لتعادل الميزانية، حسبما ورد في تقرير لصندوق النقد الدولي.

الإمارات: من أعلى نسب التحليل في العالم

احتفظت الإمارات لفترة بمرتبة أعلى نسب في إجراء "فحوص كورونا" بالنسبة لعدد السكان في العالم، لكنها حالياً في المركز الثالث.

وقد يكون السبب في تقدم أبوظبي في مجال التحليل لسكانها ليس نابعاً فقط من ثراء الدولة الخليجية، ولكن هناك تقارير تفيد بأنها اشترت منذ بداية الأزمة كمية كبيرة من إنتاج الصين من شرائح التحليل قبل خروجه من المصانع لدرجة أن الموساد الإسرائيلي لجأ إليها لشرائها.

قليل من السياحة، قليل من السفر

وسمحت دبي، التي تعد مركز الأعمال والسياحة في البلاد، بفتح الحدائق العامة والشواطئ الخاصة بالفنادق أمام النزلاء، وذلك في ظل تخفيف تدريجي للقيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا، حسبما ذكرت اليوم وسائل إعلام رسمية في الإمارات

وأعلنت شركة "طيران الإمارات"، اليوم الأربعاء، استئناف الرحلات العادية لـ9 مدن اعتباراً من 21 مايو/أيار الجاري، وذلك بعد توقفها بسبب جائحة كورونا.

ووفقاً لبيان نشرته على تويتر فإن الرحلات ستستأنف الأسبوع القادم إلى لندن هيثرو، وفرانكفورت، وباريس، وميلانو، ومدريد، وشيكاغو، وتورنتو، وسيدني، وملبورن.

الثمن: تكلفة مضاعفة 

بينما تواجه دولة الإمارات مخاطر مالية مرتبط بانهيار أسعار النفط كغيرها من دول الخليج، فإن إمارة دبي التي تعتمد على صناعة السياحة والسفر والتسوق إضافة إلى العقارات ستعاني آثاراً مضاعفة للأزمة خاصة في ظل تراكم الديون عليها، حسب تقارير دولية.

وسيجعل هذا الوضع دبي أكثر تضرراً من أزمة كورونا مقارنة بجيرانها النفطيين الآخرين، خاصة أبوظبي والدوحة اللتين تمتلكان أرصدة مالية قوية نسبياً.

تحميل المزيد