عادل عبدالمهدي.. من رئيس حكومة توافقي إلى “متهم” تجب محاكمته!

عربي بوست
تم النشر: 2020/05/07 الساعة 10:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/07 الساعة 10:15 بتوقيت غرينتش
رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، عادل عبدالمهدي - رويترز

يطالب عدد من العراقيين الآن بمحاكمة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بسبب الأحداث التي تسببت في الإطاحة به قبل عدة أشهر على إثر تظاهرات طالبت بتغيير النظام الحالي، والتي تسببت في مقتل المئات من العراقيين.

مَن هو عبدالمهدي؟

سيذكر تاريخ العراق الحديث أن عادل عبدالمهدي كان أول رئيس حكومة مستقلاً وصل إلى الحكم بديمقراطية توافقية كشخصية قادرة على الإمساك بالعصا من النصف داخلياً وخارجياً في بلد كان حينها مزهواً بالنصر على تنظيم الدولة الإسلامية، وخرج حاملاً وزر عهد انتهى دامياً بمقتل متظاهرين، وعملية اغتيال أجّجت التوتر في المنطقة.

وعبدالمهدي البالغ من العمر 77 عاماً، الذي تسلّم منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2018، صاحب باع طويل في السياسة العراقية. وهو رجل اقتصاد وُلد لعائلة شيعية في بغداد جذورها في الناصرية التي عاشت قبل أشهر ليالي دم ونار، وعارف بدهاليز الأوساط الدبلوماسية، وكان أمامه مهمة رسم مستقبل العراق على مدى أربع سنوات.

رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي / AFP

لكنه أصبح في ديسمبر/كانون الأول 2019، أول رئيس حكومة يترك منصبه قبل نهاية ولايته، في عراق ما بعد عام 2003، تاريخ الإطاحة بصدام حسين.

كانت لعبدالمهدي انتماءات سياسية متعددة خلال عقود معارضته في المنفى لنظام الديكتاتور الراحل صدام حسين.

وكان من المرتقب أن يكون جسراً بين قوى عدة، من المؤيدين لإيران صاحبة النفوذ الكبير في العراق، ومن حلفاء الولايات المتحدة، وأنصار استقلال القرار السياسي للبلاد، إضافة إلى الأكراد الذين يتنازعون مع بغداد عائدات النفط.

اسم مرتبط بمراحل حساسة 

استقال عبدالمهدي تحت ضغط المتظاهرين الذين يربطونه بفضيحة عمرها عشر سنوات، متهمين أعضاء من فريق أمنه الشخصي بارتكاب جريمة دامية في أحد مصارف بغداد. ولكن أيضاً بضغط من المرجعية الشيعية الأعلى في البلاد وحلفائه من الحشد الشعبي الذين دعوا إلى "التغيير".

وكان عبدالمهدي، كما يقول منتقدوه، الحلقة الأضعف في وجه الأحزاب التي كانت تحاول تشديد قبضتها على دولة ينخرها الفساد والمحسوبية.

ويقول أحد كبار المسؤولين الذين عملوا لفترة طويلة مع عبدالمهدي لوكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب): "إنه يحب الإجماع ويكره اتخاذ قرارات جذرية".

احتجاجات العراق إلى أين؟

لكن في مواجهة عشرات آلاف المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع، "كان مقتنعاً بأن عليه أن يقاتل ضد انقلاب".

ويضيف المسؤول: "كان (عبدالمهدي) يعلم بأنه لا يستطيع أن يكون ثورياً" وتمسك بحلفائه السياسيين، لأنه ليس لديه أي حزب أو دعم شعبي.

عرف رئيس الحكومة المستقيل السياسة على يد والده الذي كان وزيراً في عهد الملكية التي سقطت عام 1958 في العراق. فانضم في بداياته إلى حزب البعث الذي أوصل صدام حسين إلى سُدة الحكم في أواخر السبعينيات.

وبعد ذلك، صار معارضاً شرساً لنظام صدام، أولاً في صفوف الشيوعيين، ثم بـ"سيف" الإسلاميين، في منفاه بين سوريا ولبنان، قبل أن يعود إلى بغداد بعد سقوطها في أعقاب الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003.

"السلطة" والاغتيال 

في تلك المرحلة، صار عبدالمهدي قيادياً بارزاً في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهي حركة أسسها محمد باقر الحكيم، وكان حينها رفيقاً لزعيم منظمة "بدر" هادي العامري.

بعد كل تلك التجارب، انسحب عبدالمهدي من التشكيلات السياسية، وقدم نفسه كمستقل.

ويقول أحد المسؤولين السابقين، طالباً عدم كشف هويته، إن تلك التنقلات الكثيرة في السياسة "تقول إن عبدالمهدي يريد شيئاً واحداً فقط: السلطة".

بعد استقالته، بقي عبدالمهدي رئيس حكومة تصريف أعمال لأكثر من خمسة أشهر، مع فشل شخصيتين قبل رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، بتشكيل حكومة.

وكانت حكومة عبدالمهدي شاهدة على عملية اغتيال الأمريكيين للجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في بغداد. وكان الرجلان من المفاوضين الرئيسيين لتأمين بديل له.

بدأ مشوار عبدالمهدي في السياسة العراقية كعضو في مجلس الحكم المؤقت الذي شكلته القيادة العسكرية الأمريكية بعد العام 2003، ثم اختير لفترة وجيزة وزيراً للمالية في الحكومة الانتقالية، قبل أن يصبح نائباً لرئيس الجمهورية بعد أول انتخابات متعددة الأحزاب في العراق العام 2005.

في العام 2014، عين وزيراً للنفط في حكومة رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، لكنه استقال من المنصب بعد عامين.

في 25 أكتوبر/تشرين الأول، ومع تسلمه منصبه، أكد رئيس الحكومة المستقيل الذي يتحدث الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، أن كتاب الاستقالة "في جيبه". لكنه لم يخرجه إلا بعد شهرين من الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص.

رئيس حكومة جديد للعراق

ومنذ الإطاحة بحكومة عبدالمهدي لم يكتب لحكومة جديدة النجاح بعد تكرار تكليف البرلمان لسلفيه محمد توفيق علاوي، وعدنان الزرفي في حشد التأييد لهما، قبل أن يتم الإعلان عن تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة

ومنح البرلمان العراقي بعد منتصف ليل الأربعاء 7 مايو/أيار 2020 الثقة لرئيس الحكومة الجديد، مصطفى الكاظمي، وتشكيلته الوزارية لتخلف الحكومة المستقيلة برئاسة عادل عبدالمهدي.

وصوت أعضاء البرلمان بأغلبية عدد الأعضاء الحاضرين (255 نائباً من أصل 329) على منح الثقة للكاظمي و15 وزيراً في حكومته، ولم يحظَ 5 مرشحين بثقة البرلمان، فيما لم يقدم الكاظمي أية مرشحين لشغل حقيبتَي النفط والخارجية.

ومن المنتظر أن يستكمل البرلمان منح الثقة لبقية التشكيلة الوزارية في الأيام المقبلة.

مصطفى الكاظمي مدير المخابرات العراقية
مصطفى الكاظمي مدير المخابرات العراقية

وخاض الكاظمي مباحثات شاقة مع الكتل السياسية الشيعية والسنية والكردية منذ تكليفه بتشكيل الحكومة من قِبل رئيس الجمهورية برهم صالح في 9 أبريل/نيسان الماضي.

وبذلك، يكون الكاظمي قد نجح في مهمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد فشل سلفيه محمد توفيق علاوي، وعدنان الزرفي في حشد التأييد لهما.

والكاظمي، مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، تسلَّم منصب رئيس المخابرات في يونيو/حزيران 2016، خلال تولِّي حيدر العبادي رئاسة الحكومة (2014 ـ 2018).

وتخلف الحكومة الجديدة، حكومة عادل عبدالمهدي الذي استقال مطلع ديسمبر/كانون الأول 2019، تحت ضغط احتجاجات شعبية تطالب برحيل ومحاسبة كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين، عام 2003.

علامات:
تحميل المزيد