رغم أن وباء كورونا لا يزال يحصد أرواح الأمريكيين بصورة يومية ويتم تسجيل الاف الإصابات، فإن الانتخابات الرئاسية نوفمبر/تشرين الثاني القادم أصبحت حاضرة بشكل يومي أثناء مؤتمرات الرئيس دونالد ترامب الصحفية، وبينما يسعى منافسه جو بايدن لجعل فشل ترامب في حرب الوباء القضية الرئيسية، يبدو أن ترامب قرر جعل التصعيد مع الصين هو سلاحه لتفادي الخسارة.
على ماذا تركز حملة جو بايدن؟
في ظل الانتقادات المتصاعدة بشأن استجابة ترامب وإدارته لكارثة الوباء والتي جاءت متخبطة وشهدت العديد من الأخطاء، من الطبيعي والمتوقع أن تتركز حملة منافسه الديمقراطي جو بايدن -النائب السابق للرئيس باراك أوباما- على قضية الوباء وفشل إدارة ترامب في حماية الأمريكيين منها، وهو ما حدث بالفعل.
الجمعة الماضية 17 أبريل/نيسان شهدت إطلاق حملة بايدن الانتخابية هجوماً مضاداً جديداً ضد ترامب واستجابته لوباء كورونا، ركّز على تعامل الرئيس مع الصين خلال الأزمة، وجاء ذلك في صورة مقطعي فيديو استخدمتهما حملة بايدن في تصوير كيف أن ترامب أضعف موقف أمريكا في الاستعداد للوباء، وكيف أنه لم يكن حاسماً بشكل كافٍ مع السلطات الصينية.
وقال بايدن في أحد المقطعين: "الحقيقة غير المريحة هي أن الرئيس ترك أمريكا ضعيفة ومكشوفة في مواجهة الوباء، فقد تجاهل تحذيرات خبراء الصحة والوكالات الاستخباراتية ووضع ثقته في القيادة الصينية"، بحسب تقرير لشبكة CNN اليوم الاثنين 20 أبريل/نيسان.
وفي المقطع الثاني، قال توني بلينكن، مستشار السياسة الخارجية لبايدن: "تعامل الرئيس ترامب بتراخٍ مع الصين في وقت هام للغاية، بينما جو بايدن سيصر على تحميل الصين مسؤوليتها"، وهو ما يوضح الخطوط العريضة لخطة حملة الانتخابية وفي القلب منها جعل استجابة ترامب لفيروس كورونا هي النقطة المركزية التي تدور حولها الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ترامب يضع الصين في المقدمة
إذا كان تركيز حملة بايدن ينصبّ على قضية الوباء واستجابة ترامب لها أمر طبيعي ومتوقع، فالسؤال هو: كيف سترد حملة ترامب الانتخابية؟ والإجابة لم تتأخر كثيراً وكلمة السر فيها هي الصين أيضاً، ولكن بطريقة مختلفة عن تركيز حملة منافسه بالطبع.
فيما يبدو أنه خطة منسقة، شنت حملة ترامب الانتخابية ومؤيديه من الجمهوريين هجوماً حاداً على بايدن بصفته "صديق للصين"، ونشرت إعلانات بقيمة 15 مليون دولار عبر منصات التواصل الاجتماعي يركز على تلك النقطة وعلى كون هانتر بايدن، ابن منافسه، كانت له تعاملات تجارية في الصين.
وأشار أندرو كلارك، مدير الاستجابة السريعة في حملة إعادة انتخاب ترامب، إلى أن "جو بايدن، على مدى أربعة عقود قضاها في واشنطن، كان منحنياً أمام الصين"، مضيفاً أن "الشعب الأمريكي لن ينسى هذا".
ويفسّر هذا السجال نبرة ترامب الحادة تجاه الصين في الأيام القليلة الماضية أثناء الملخصات اليومية الخاصة بالوباء والتي يستغلها ترامب في الدعاية الانتخابية، حيث اتهم الصين مراراً وتكراراً بإخفاء الحقيقة بشأن خطورة فيروس كورونا.
وأول أمس السبت 18 أبريل/نيسان، توعّد ترامب الصين بأنها ستواجه عواقب إذا كانت "مسؤولة عن عمد" عن جائحة فيروس كورونا، وأضاف للصحفيين خلال الملخص اليومي: "لو كان خطأ فالخطأ خطأ. ولكن إذا كانوا مسؤولين عن عمد فأعني هنا أنه لا بد وأن تكون هناك عواقب".
لهجة ترامب الحادة تجاه الصين جاءت في اليوم التالي لإطلاق حملة بايدن مقطعي الفيديو، وصحيح أن ترامب لم يتحدث عن تفاصيل "العواقب" التي توعد باتخاذها، لكن التصعيد تجاه الصين يبدو أنه سيكون محور أداء ترامب في الفترة القادمة وحتى موعد الانتخابات، والسؤال هنا: إلى أي مدى قد يصل تصعيد ترامب؟ وكيف يمكن أن يكون رد فعل الصين؟
كيف تغير موقف ترامب تجاه الصين؟
المتابع لتصريحات ترامب منذ بداية كارثة وباء كورونا سيلاحظ كيف تغيرت لهجة الرئيس الأمريكي بشكل واضح تجاه بكين، فقد أشاد ترامب "بشفافية الصين ونجاحها في إدارة أزمة الفيروس" 15 مرة خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين.
وقبل أن تسجل الولايات المتحدة أول حالة وفاة بسبب وباء كورونا، وجه ترامب التحية للحكومة الصينية على "شفافيتها وعملها الجاد لهزيمة فيروس كورونا".
ففي يوم 22 يناير/كانون الثاني، غرد ترامب قائلاً: "أحد الأمور العظيمة الكثيرة بشأن اتفاقنا التجاري العملاق الذي وقعناه هو أن الاتفاقية ستقرب الولايات المتحدة والصين في مجالات كثيرة جداً. أمر رائع أن أعمل مع الرئيس شي وهو رجل يحب بلده بحق. أمور كثيرة طيبة قادمة!"
وبعد ذلك بيومين فقط أي يوم 24 يناير/كانون الثاني، غرد الرئيس الأمريكي قائلاً: "تبذل الصين جهوداً جبارة لاحتواء فيروس كورونا وتقدر الولايات المتحدة جهودهم وشفافيتهم. وسوف تكون الأمور كلها على ما يرام ونيابة عن الشعب الأمريكي، أريد أن أتوجه بالشكر للرئيس شي!"
واستمرت تغريدات الإشادة وتوجيه الشكر للصين طوال شهر فبراير/شباط ومطلع مارس/آذار، وليس هذا فحسب، بل إن ترامب أشاد في أكثر من مناسبة بمنظمة الصحة العالمية وجهودها في مكافحة الفيروس المستجد ومساعدة دول العالم، قبل أن ينقلب على المنظمة ويتهمها بالتواطؤ مع الصين لإخفاء حقيقة الفيروس ويتخذ مؤخراً قرار تعليق التمويل الأمريكي للمنظمة.