الضغط الهائل على الإنترنت بسبب الحجر المنزلي لم يسقط الشبكة.. فما تفسير ذلك؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/04/18 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/18 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
كان من المفترض أن يشكل العمل من المنزل ضغطاً على الإنترنت، لكن لماذا لم يحدث ذلك؟/ Istock

نجت واقيات التدفق الخاصة بشبكة الإنترنت من عاصفة اضطراب هائلة. ووجد مئات الملايين من الأشخاص أنفسهم فجأة مضطرين للعمل من المنزل طوال اليوم. وكانت النتيجة، وفقاً لرئيس شركة Cloudflare للبنية التحتية للإنترنت ماثيو برنس، هي ارتفاع حاد في الطلب الذي كان ليدمر أي مرفق عام آخر. 

ويقول إنَّ شبكة الإنترنت الخاصة بشركته شهدت ارتفاعاً في الطلب بأكثر من 50%، وهو معدل ارتفاع "يشكل كارثة" إذا فُرِض على شبكة صرف صحي مثلاً أو خطوط الكهرباء.

شبكات تخفيف الأحمال

تقول صحيفة Financial Times البريطانية، إن هذا المرفق الإلكتروني لم يرزح تحت ثقل الاستخدام الهائل للأجهزة الإلكترونية، وذلك بفضل مجموعة من الشبكات المتخصصة المضافة إلى شبكات الإنترنت للمساعدة في تخفيف الأحمال الثقيلة. وتختص هذه الشبكات، المعروفة باسم شبكات توصيل المحتوى، في تقديم الأفلام وصفحات المواقع وأي شكل آخر من أشكال المحتوى الإلكتروني بأكفأ طريقة ممكنة.        

ويكمن مفتاح عملها في تخزين نسخ من المحتوى الأكثر شيوعاً عبر الإنترنت على خوادم (سيرفر) حول العالم؛ مما يجعله أقرب إلى المستخدمين. وتعني هذه التقنية، التي تُسمَى بالتخزين المؤقت، أنه عندما يحاول أي شخص تشغيل أغنية أو تصفح موقع، يمكن عادة نقل البتات الرقمية (Bits) من جهاز كمبيوتر قريب، بدلاً من نقلها من النصف الآخر من العالم. وذلك يقلل من الحركة عبر الشبكة "الأساسية"، ويخفف الضغط على مسارات الإنترنت الرئيسية ويقلل التأخير السابق لتسليم المحتوى – وهو ما يُعرف باسم فترة الانتظار أو (الكمون).

من جانبه، قال توم ليتون، المدير التنفيذي لشركة Akamai أكبر شبكات تقديم المحتوى الإلكتروني، "لن تستطيع شبكة الإنترنت الأساسية أن تتحمل بأي شكل من الأشكال هذا القدر من الارتفاع الحاد في الاستخدام الذي شهدناه". وتُخزِن شركة Akamai محتوى الإنترنت على خوادم في 4000 مراكز بيانات في 1000 مدينة في أنحاء العالم. وتُستخدم الخوارزميات لتحسين طرق عمل أنظمة التخزين هذه، والتقييم المستمر لأي محتوى يرغب فيه المستخدمون، والتأكد من وجود هذا المحتوى على خوادم قريبة منهم.

فترات ذروة هائلة

وأجبرت فترات الذروة الهائلة في حركة الإنترنت التي شوهدت خلال حالة الإغلاق الناجمة عن فيروس كورونا المستجد شبكات تقديم المحتوى على الابتكار. ويُخبَأ نفس المحتوى على جميع الخوادم في الشبكة؛ ما يعني أنه عندما يرتفع الحمل على أي جزء من الشبكة، يمكن تلبية الطلبات من مواقع أخرى.

فعلى سبيل المثال، لتلبية طلبات المحتوى في الأوقات المزدحمة، كانت Cloudflare تلجأ لخوادم على الجانب الآخر من العالم، حيث قد يكون الوقت منتصف الليل. وقال ماثيو برنس: "في الأوقات العادية، أكثر من نصف المعدات تظل خاملة نسبياً لأنها تخدم جزءاً من العالم يكون الناس فيه نائمين".

وقال إنَّ الخدعة تكمن في موازنة تدفق البتات الرقمية القادمة من مواقع مختلفة للحفاظ على تجربة سلسة للمستخدمين. وتتمثل استجابة الشبكة الأولى لأي طلب في تقديم محتوى من خادم محلي، على سبيل المثال، بث فوري لأول دقيقة من الفيديو المرغوب. وبمجرد تسليم ما يكفي من الفيديو إلى جهاز المشاهد لبناء محتوى احتياطي، تتراجع الحاجة إلى السرعة ويمكن للشبكة التبديل إلى سحب الباقي من خادم بعيداً.

وبالرغم من أنَّ شبكات تقديم المحتوى استطاعت التكيف مع الأزمة الحالية، لكنها ليست منيعة. إذ يعد التنزيل الجماعي لألعاب فيديو كاملة أحد الأنشطة التي هددت بزيادة الضغط عليها. وذكرت شركة Akamai، التي تتعامل مع تنزيلات الألعاب من Microsoft وSony، أنَّ أية لعبة تقليدية تضع ضغطاً على شبكتها يعادل نقل 30 ألف صفحة ويب. وفي أواخر شهر مارس/آذار، وفي مواجهة خطر تباطؤ أنواع أخرى من حركة تدفق الإنترنت نتيجة لذلك، اضطرت الشركة إلى تأخير تنزيل الألعاب في أوقات ذروة الطلب، وتأجيلها إلى الفترات الأهدأ.

مواكبة الضغط

وأصبحت شبكات تقديم المحتوى أيضاً خط الدفاع الأول ضد هجمات حجب الخدمة الموزعة -وهو شكل من أشكال الهجوم السيبراني الذي ينطوي على إغراق موقع ويب بالعديد من الطلبات حتى لا يستطيع المستخدمون الحقيقيون الوصول إليها.

ولكي تتمكن الشبكات من مواكبة الضغط، تتضمن خوادم تُعرَف باسم "مراكز تنظيف"، التي صُمِّمت لامتصاص الزيادة في الطلبات الوهمية مع الاستمرار في توفير سعة كافية لخدمة المستخدمين الحقيقيين. وقال برنس إنَّ هذه الخوادم مفيدة في وقت يعمل فيه الكثير من الأشخاص عن بُعد: إذ يمكنها التعامل مع الارتفاع في عدد الطلبات الواردة من مواقع مختلفة، وهو نمط قد يكون في الأوقات العادية بمثابة هجوم خبيث.

تحميل المزيد