كان لإطلاق سراح خمسة سجناء من حركة طالبان من معتقل غوانتانامو الأمريكي ضمن عملية تبادل مثيرة للجدل دورٌ رئيسي في مساعدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إبرام اتفاق السلام في أفغانستان.
جرت مبادلة السجناء، المعروفين باسم "Taliban Five"، أي "رجال طالبان الخمسة" في عام 2014 بجندي أمريكي يدعى بو بيرغدال كان يخدم في عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وأُسِر في أفغانستان قبل عملية التبادل بخمس سنوات، بحسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية.
كان السجناء الخمسة، الذين اُحتجزوا في المعتقل الموجود على ساحل كوبا لمدة 13 عاماً دون توجيه اتهامات لهم، أعضاءً في حكومة طالبان قبل اندلاع الحرب الأفغانية. واُعتقلوا بعدما استسلموا للحكومة التي نصبتها القوات الأمريكية.
والسجناء هم عبدالحق واثق، الذي يقول المسؤولون الأمريكيون إنه كان نائب رئيس جهاز المخابرات التابع لحكومة طالبان، ومحمد فاضل، الذي كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش، وخير الله سعيد والي الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية عند اعتقاله، ونور الله نوري وهو حاكم ولاية بلخ، ومحمد نبي عمري وهو مسؤول الاتصالات في حركة طالبان.
ومع دفع إدارة ترامب باتفاق السلام مع حركة طالبان، الذي وقِّع في 29 فبراير/شباط الماضي، حشدت الحركة الدعم للاتفاق. فقد سافر فاضل إلى باكستان مرتين لإقناع أعضاء الحركة المتشككين في مزايا الاتفاق، بحسب صحيفة The Washington post الأمريكية. وبدأت جهوده في أكتوبر/تشرين الأول عندما بدا أن الاتفاق يواجه مأزقاً في أعقاب إلغاء الرئيس ترامب قمة مُقررة في كامب ديفيد. وشارك كل من سعيد والي وعمري في المحادثات وحضر بعض أعضاء الحركة جلسات المفاوضات وتوقيع الاتفاق في قطر.
وقال سعيد والي، العام الماضي: "أثناء وجودنا في غوانتانامو، كان شعورنا هو أننا أُحضرنا إلى هنا ظلماً وأننا سنحصل على حريتنا"، مضيفاً: "لم يخطر ببالي قط أنه في يوم ما ستكون هناك مفاوضات معهم، وسأجلس معهم في مكان واحد".
يقدم الاتفاق جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في مقابل موافقة طالبان على خوض محادثات مع الأطراف الأفغانية الأخرى، على الرغم من عدم تحقُّق هذا إلى الآن. ويتضمن الاتفاق أيضاً اقتراحات لتشارك السلطة مع الحكومة الحالية في كابل.
كان إطلاق سراح الرجال الخمسة في عام 2014 محل انتقاد الجمهوريين من بينهم ترامب ومايك بومبيو الذي أصبح الآن وزير خارجيته، وكان آنذاك عضواً بالكونغرس عن ولاية كانساس. وقال بومبيو حينها: "لم أرَ أي شيء يجعلني أعتقد أن سلوكهم تهذَّب (أو) أنهم لن يعودوا إلى محاولتهم إيذاء أمريكا". وقال ترامب آنذاك إن "القتلة الخمسة" أُعيدوا "مجدداً إلى ساحة المعركة"، ووصف بيرغدال بأنه "بلا نفع، وخائن، فاسد".
أُسِر بيرغدال (33 عاماً) في عام 2009 بعدما ترك قاعدته العسكرية النائية في جنوب شرق أفغانستان دون إعلام أحد. وجرى اقتياده إلى باكستان حيث قُيد بالأصفاد إلى سرير أو حُبس في قفص لفترات طويلة. في عام 2017 في منشأة فورت براغ العسكرية بكاليفورنيا وجِد مذنباً بتهم الفرار من الجيش وسوء السلوك وسُرِّح من الجيش على نحوٍ مخزٍ. وقال الرئيس ترامب إن حكم القاضي بعدم إرسال بيرغدال إلى السجن كان "عاراً لبلادنا وجيشنا".
وفي تصويت في مجلس النواب في سبتمبر/أيلول عام 2014، مرَّر أعضاء جمهوريون مشروع قانون يدين الإدارة لفشلها في إعلام المشرِّعين بعملية التبادل، ويعبر عن "القلق البالغ بشأن المخاطر التي تهدد الأمن القومي المتعلقة بتبادل خمسة من كبار قادة طالبان".
واعتقد مسؤولو إدارة أوباما أن معارضة الحزب الجمهوري لعملية التبادل أعاقت عمداً أي فرص لإبرام اتفاق سلام خلال رئاسته. وقال جاريت بلانك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، إن الخلاف "أعاق إمكانية فعل أشياء كان من شأنها فعلياً إحراز المزيد من التقدم (في المفاوضات)".