"ليس بوسعهم حتى شراء صابونة، فكيف يواجهون الفيروس"، كان هذا ما خطر على بال أسعد وهو يتتبع أخبار فيروس كورونا حول العالم، محاولاً تخيل صورة الكارثة المحتملة جراء تداعيات كورونا على اللاجئين السوريين.
وعلى مدار الساعة يتابع المدرس المتقاعد أسعد حسين الذي نزح مؤخراً إلى مخيم الكرامة شمال سوريا وسائل التواصل الاجتماعي، متخوفاً من وصول الفيروس إلى المخيمات المكتظة بالنازحين في الشمال السوري.
ويقول: إذا ما وصل كورونا إلى المخيمات التي تفتقر لأدنى شروط السلامة الصحية ستحدث كارثة كبرى قد يفوق حجمها البراميل المتفجرة والكلور السام وغاز السارين التي قتلت مئات آلاف من السوريين خلال الحرب".
ففي ظل وجود المخيمات المؤقتة وتجاور الخيام بعضها جنب إلى بعض دون مسافات تذكر بينها وانعدام النظافة فيها إلى حد بعيد، فضلاً عن أحوال النازحين المتردية اقتصادياً، وليس بوسعهم حتى شراء صابونة أو عبوة محلول مطهرة، لاسيما وأن أسعارها بدأت بالارتفاع خلال الأيام الأخيرة مع ارتفاع مخاطر كورونا في العالم أجمع.
ويبلغ عدد مخيمات اللجوء في الشمال السوري 1259 مخيماً، يقطنها نحو مليون و22 ألفاً من النازحين، منها 348 مخيماً عشوائياً، واستهدفت قوات النظام والطائرات الروسية أكثر من 23 مستشفى ونقطة طبية، وفق آخر إحصائية لفريق منسقو استجابة سوريا.
مرافق صحية مشتركة
مراسل عربي بوست تجول في عدد من المخيمات والتقى مع عدد من النازحين ومدراء مخيمات، ورصد حالة التخوف بين النازحين من خطر انتشار كورونا.
حمود العلي مدير مخيم المهجرين في دير حسان الحدودية قال: ربما يتم تطويق أو الحد من انتشار وباء فيروس كورونا لدى سكان المدن والمناطق الأكثر استعداداً لمثل هذا الفيروس من خلال عمليات العزل والحجر الصحي للمصابين وسرعة اكتشافها، لقربهم من المشافي مجرد ظهور الأعراض، بينما في المخيمات التي تفتقر لأدنى المقومات الصحية من "مراكز ونقاط طبية" وانعدامها في معظم المخيمات التي يأوي بعضها أكثر من 1000 أسرة تعيش ضمن خيام مزدحمة أقيمت على بقعة جغرافية صغيرة، لا يمكن إطلاقاً الحد من انتشار الفيروس بين النازحين لقرب الخيام من بعضها البعض من جهة، وبسبب نظام المرافق الصحية كالحمامات والمراحيض المشتركة من جهة أخرى.
ويضيف: ناشدنا المنظمات الإنسانية والطبية للقيام بإجراءات وقائية لحماية النازحين من خطر انتشار الفيروس، إلا أن الاستجابة مازالت ضعيفة للغاية، واقتصرت استجابة بعض المنظمات على الإرشادات والمنشورات التحذيرية من خطر الفيروس على الإنسان.
وقال إن النازحين الآن بأمس الحاجة إلى المنظفات ووسائل التعقيم والكمامات والعمل بالسرعة القصوى على توسيع المساحات بين الخيام كإجراءات وقائية من شأنها الحد من انتشار فيروس كورونا بين النازحين ما إذا وصل إلى المخيمات.
خزانات مشتركة لمياه الشرب، ويبتكرون طرقهم الخاصة للعزل
صافي المحمود أحد نازحي مخيم البركة في منطقة دارة عزة الحدودية قال: تزداد مخاوفنا هنا في المخيمات مع ارتفاع عدد الإصابات في العالم بفيروس كورونا المستجد وسرعة انتشاره بين الناس.
وأضاف "هنا في المخيمات كل شيء فيها مشترك، حتى مياه الشرب التي نحصل عليها من خلال الخزانات المشتركة وسط ازدحام النازحين، فضلاً عن سوء النظام الغذائي للنازحين وانعدام الأغذية التي تحتوي على الفيتامينات".
ويضيف: استطعنا حماية أسرنا من الصواريخ والبراميل المتفجرة وسنعمل على حمايتها قدر الإمكان من فيروس كورونا، لذلك قررت أخيراً أن أنقل أسرتي وخيمتي إلى مكان بعيد عن تجمع الخيام والمخيمات للحفاظ على صحة وسلامة أفراد أسرتي ووالدتي المريضة من خطر انتشار الكورونا في المخيمات".
وقال "سأعتمد خلال فترة عزل أسرتي على وسائل المعيشة شبه البدائية كالخبز على صاج النار واللبن والحليب الذي سأحصل عليه من أغنامي وبعض المؤن التي جمعتها سابقاً، وسأختصر قدر الإمكان من الاختلاط مع الناس وحتى يتم احتواء هذا الوباء في العالم والمخيمات".
ولفت إلى أن قرار العزل الذي اتخذه، لم يقتصر عليه فقط، وإنما عدد كبير من أقربائه وأصدقائه في المخيم سيتخذون ذات القرار للحفاظ على حياتهم وأفراد أسرهم.
خطة الدفاع المدني في إدلب لمواجهة تداعيات كورونا على اللاجئين السوريين
قال أبو حمدو مسؤول الدفاع المدني في إدلب إنه تقرر اتخاذ إجراءات الوقاية ضد انتشار فيروس كورونا في المخيمات والمدن في محافظة إدلب، عبر فرق تم تدريبها لذلك، اعتباراً من السبت 21 مارس/آذار.
وأوضح أن الخطة تركز على تعقيم الخيام والمساجد والأماكن العامة الأخرى.
ولفت إلى أن التأخير في القيام في الإجراءات الوقائية كان سببه تأخر وصول المواد المعقمة من تركيا والمنظمات الدولية وستباشر فرق الدفاع المدني التي تم إخضاعها لدورات تدريبية في هذا الشأن عملها على أوسع نطاق في المخيمات والمدن.
التركيز على أصحاب الأمراض المزمنة
من جهته قال الدكتور عبدالحكيم رمضان منسق الصحة العامة في مديرية صحة إدلب: إنه باعتبار أن ضعف المناعة واحد من الأسباب المتعددة التي تهدد بالوفاة نتيجة الفيروس، كان لابد من وضع خطة خاصة بالمصابين بالأمراض المزمنة الذين يعانون بالأساس من اضطراب وظيفي مستمر يؤدي لإنهاك المناعة وإنقاص قدرة الجسم على المقاومة وتشمل هذه الخطة:
- ندوات ومحاضرات لعمال الصحة المجتمعين لإيصال رسائل خاصة بالمرضى المزمنين وتوزيع نشرات إيضاحية خاصة بهم.
- التعميم على المراكز الصحية بضرورة تخفيف تردد المريض المزمن لزيارة المركز عبر تأمين العلاج له لفترات أطول من الفترات العادية.
- التركيز على اتباع العلاج الخاص بالمرضى بدقة وإجراء الفحوص الروتينية للمرضى المزمنين والمتابعات المنزلية بدل زيارة المركز.
ويضيف: إن برنامج الصحة المجتمعية المشكل من المنظمات الأعضاء في قطاع الصحة قد بدأ بإعداد خطط العمل وطباعة مواد التوعية الخاصة ليقوم فريق مؤلف من 1000 عامل صحي بجولاته على القرى والمخيمات ضمن خطة التوعية المجتمعية.
وقال إنه بالتعاون بين مديرية صحة إدلب والدفاع المدني ومنظمة بنفسج فقد تم إعداد خيم طبية خارجية لـ15 منشأة صحية مع مواد التعقيم والمسح الحراري المرفقة بها، بحيث تضمن هذه العملية فرز المرضى قبل دخولهم إلى المنشأة الصحية والتأكد من خلوهم من أعراض فيروس كورونا، وبالتالي عدم نقلهم العدوى للمرضى المراجعين ضمن هذه المنشآت.
وذكر، أنه يوجد مختبر وبائي في إدلب، كوادره مدربة لتقصي المرض، لكن للآن المعدات الخاصة بكشف المرض لم تصل ومتوقع وصولها خلال أيام قليلة من تركيا، وبالتالي فسيكون هناك مختبر فعال في إدلب خلال أيام قليلة لكشف المرض وتحديد الإصابة.