بدأت السلطات المصرية حملة ضد الإعلاميين الذين يتحدثون عن وضع فيروس كورونا في مصر بطريق لا ترضي الحكومة.
ويشكل هذا السلوك خطراً على البلاد، بالنظر إلى أن تكميم الأفواه يمكن أن يعوق الرصد السليم لهذه الأزمة التي لا تواجه مصر وحدها، فالحكومة المصرية مثلها مثل غيرها من الحكومات ارتكبت أخطاء في معالجة الأزمة، حسبما ورد في تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.
عقوبة صارمة ضد الغارديان
وألغت السلطات المصرية ترخيص عمل مُراسلة صحيفة The Guardian البريطانية، ولوّحت بتهديدات ضمنية بانتهاج إجراء مشابه بحق صحيفة The New York Times الأمريكية، إثر تغطية الصحيفتين لمسألة فيروس كورونا، في ظل النمط الذي تنتهجه البلاد حالياً في رقابتها على الإعلام.
وطالبت الهيئة العامة للاستعلامات بمصر الصحيفة البريطانية بنشر اعتذار عمّا وصفته بأنه "تقرير كاذب" يقتبس عن طبيب كندي قوله إن عدد المصابين بالفيروس في مصر قد تخطّى 19 ألف حالة. وكتبت ذاك المحتوى المُراسلة التي تتعاون مع الصحيفة البريطانية اليومية المرموقة من القاهرة بنظام العمل الحر، روث مايكلسون، والتي تكتب باستمرار للصحيفة.
وقالت الهيئة، التي تصدر تصاريح العمل للصحفيين الأجانب في البلاد، في بيان، إنه "من خلال دور الهيئة العامة للاستعلامات في متابعة ما ينشر عن مصر في وسائل الإعلام الأجنبية، فقد رصدت صدور تقرير صحفي في صحيفة The Guardian البريطانية، يتضمن أرقاماً وتقديرات غير صحيحة بشأن أعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد في مصر".
وقد أعلنت منظّمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء 18 مارس/آذار، أن مصر لديها 196 حالة إصابة مؤكّدة بالفيروس، من بين 3015 حالة مُشتبهاً فيها كانت قد خضعت للفحص.
دراسة غير معترف بها
وقالت الهيئة العامة للاستعلامات في بيانها إن "تسرع المراسلين في ترويج بيانات غير صحيحة لا يبرر الاستناد إلى دراسة غير منشورة، وغير محكمة، وغير معترف بها في الجهات الأكاديمية والعلمية المرموقة في العالم، إنما يكشف سوء نية المراسلين المذكورين في الإضرار بالمصالح المصرية"، وإنه ما لم تصدر الصحيفة البريطانية اعتذاراً عن تقريرها ستُمنَع تماماً من العمل في مصر.
وأشارت الهيئة التابعة للحكومة المصرية أيضاً إلى رئيس مكتب صحيفة New York Times الأمريكية ديكلان والش، الذي علّق على تقرير روث مايكلسون بعدّة تغريدات حذفها لاحقاً.
لكن، لاحقاً نشر والش تغريدة عن الكاتبة المصرية أهداف سويف وثلاث نساء أخريات اعتقلتهن السلطات يوم الأربعاء، بسبب تنظيم احتجاج صغير طالبوا فيه بإجراءات فورية في السجون المكتظّة سيئة السمعة في مصر.
وبالفعل سبق أن استهدفت الحكومة المصرية صحيفة New York Times، ففي فبراير/شباط 2019، اعتقلت السلطات المصرية رئيس مكتب الصحيفة السابق ديفيد كيركباتريك في مطار القاهرة واحتجزته. وبحسب لجنة حماية الصحفيين، فإن مصر، إلى جانب تركيا، والمملكة العربية السعودية، والصين، بين أكثر البلدان اعتقالاً للصحفيين.
رفعت جائحة فيروس كورونا مستويات الرقابة في مصر، حيث تتضرر السياحة حالياً، التي هي مصدر أساسي للدخل في البلد -على ما يبدو- من جراء الفيروس. إذ تبيّن أن ما لا يقل عن 97 أجنبياً ممن زاروا البلد منذ منتصف فبراير/شباط، قد ظهرت عليهم أعراض الفيروس، أو ثبتت إصابتهم به، حسبما أوردت صحيفة The Guardian.
وفي الأسبوع الماضي، حذر رئيس وزراء مصر، مصطفى مدبولي، من اتخاذ إجراء قانوني ضد أي شخص ينشر "شائعات كاذبة" حول الوباء.
الحكومة المصرية تخطئ كغيرها من الحكومات
ولاحظت آمي هوثورن، وهي نائبة مدير الأبحاث لدى مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط أن "تحرك مصر لإسكات ومعاقبة بعض الصحفيين الدوليين المشهود لهم بالكفاءة جراء تغطية سرديات تتعلق بانتشار فيروس كورونا داخل حدودها أمر يمكن توقعه للأسف".
وتابعت في تعليق على الأمر أرسلته لموقع Al-Monitor عبر البريد الإلكتروني، أن "الأمر يأتي أيضاً بنتائج عكسية. تواجه البلاد تهديداً بالغ الخطورة من هذه الجائحة، وقد ارتكبت الحكومة المصرية، شأنها شأن بعض الحكومات الأخرى في أنحاء العالم، أخطاء مقلقة في استجابتها الأولية للأزمة.
وأضافت: "فلا يجب على السلطات المصرية، مثلما ينطبق على المسؤولين في كل مكان، قمع تدفّق المعلومات والنقاش الدائر حول ذلك الوضع الصحي الطارئ، بل عليهم التركيز على صحّة وسلامة جميع من على أراضيهم، لا على قمع الإعلام".