خطر كورونا يطرق أبواب زنازينهم.. الوباء القاتل يهدد حياة المعتقلين بمصر والسعودية والأسرى الفلسطينيين

تم النشر: 2020/03/19 الساعة 16:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/22 الساعة 14:35 بتوقيت غرينتش
سجون الاحتلال الإسرائيلي/ تويتر

كارثة حتمية تلاحق عشرات الآلاف من الأسرى والمعتقلين السياسيين وغيرهم، بسجون دول عربية كالسعودية ومصر، بالإضافة للأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل، تمثل حالة رعب لذويهم الذين يناشدون العالم ومنظمات حقوق الإنسان كافةً الإفراج عنهم بشكل فوري، بعد تفشي فيروس كورونا في هذه الدول واستمرار تصاعد نِسبه فيها مؤخراً، وتوارُد أنباء عن وصول الفيروس القاتل لبعض السجون والمعتقلات، التي يقطن فيها كثير من المرضى والمسنين والأطفال.

فيروس كورونا يصل للسجون الإسرائيلية

ففي الأراضي المحتلة، أعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية، الخميس 19 مارس/آذار، أنها "عزلت" أربعة معتقلين فلسطينيين، بعد اتصالهم بمصاب بفيروس كورونا، الأسبوع الماضي، نافيةً في الوقت ذاته، ثبوت إصابتهم بالفيروس. في حين كان نادي الأسير الفلسطيني قد أكد أن إدارة السجون الإسرائيلية أبلغت المعتقلين في سجن مجدّو شمال فلسطين المحتلة، إصابة 4 أسرى بفيروس كورونا.

وأضاف النادي في بيان صحفي، أنه جرى نقل الفيروس للمعتقلين عن طريق أسير، كان يخضع للتحقيق في مركز تحقيق بيتح تكفا وسط الأراضي المحتلة، ووصلت له العدوى عن طريق أحد المحققين الإسرائيليين. في حين، حمّلت كتائب القسام وفصائل فلسطينية أخرى، فوراً، إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة وصحة الأسرى في السجون، واصفةً إياها بـ"الخط الأحمر".

والإثنين الماضي، قرر المعتقلون في السجون الإسرائيلية البدء بخطوات تصعيدية ضد إدارة السجون، بدءاً من يومي الجمعة والسبت المقبلين، رداً على إجراءات الإدارة بشطب أكثر من 140 صنفاً من متاجر السجون بينها مواد تنظيف، بحسب بيان صدر عن هيئة شؤون الأسرى.

ويتفشى الفيروس في إسرائيل بمستويات متصاعدة يوماً بعد يوم، حتى في صفوف الجيش الإسرائيلي وضباطه، حيث وصل مجموع الإصابات حتى الخميس 19 مارس/آذار، إلى أكثر من 500 حالة، وتم الحجر على عشرات آلاف آخرين، وإعلان حالة الطوارئ في عموم الأراضي المحتلة.

وتسببت هذه الأنباء من داخل السجون الإسرائيلية، في حالة قلق شديد لآلاف العائلات الفلسطينية التي يقبع أبناؤها بالسجون، ففي تلك السجون نحو مئات من المسنين والأطفال، في حين تقول إحصائيات فلسطينية إن عدد الأسرى الذين يحملون أمراضاً مزمنة يبلغ نحو 700 أسير وأسيرة، بينهم 30 مصاباً بمرض السرطان.

وكانت الحكومة الفلسطينية في رام الله ومنظمات حقوقية حذَّرت من احتمالات انتقال فيروس كورونا للسجون، حيث يعيش الأسرى الفلسطينيون في ظروف صعبة، تجعل فرصة انتقال العدوى بينهم مرتفعة جداً، وهو ما يمثل كارثة إنسانية بكل المستويات.

المعتقلون في السعودية مهدَّدون

وفي السعودية، يقبع آلاف المواطنين والمقيمين بالسجون منذ عام 2017، على خلفيات تتعلق بنشر الآراء السياسية، والمطالبات الحقوقية، من أكاديميين ودعاة وناشطي حقوق إنسان، بالإضافة إلى معتقلين أردنيين وفلسطينيين متهمين بدعم المقاومة. ناشد ذووهم ومنظمات حقوقية، السلطات السعودية سرعة الإفراج عنهم، محذرين من وجود مجموعة كبيرة من كبار السن والمرضى بين هؤلاء المساجين، هم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا.

ووصل عدد الإصابات بفيروس كورونا في المملكة العربية السعودية نحو 238 إصابة مؤكدة، على امتداد مدن ومحافظات مختلفة، حتى نهار الخميس 19 مارس/آذار.

ودشنت حملة "معتقلي الرأي" السعودية، الأسبوع الماضي، حملة إلكترونية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، قائلة إن المطالبة تأتي "في ظل الخطر الحقيقي على حياتهم في ظروف السجن الصحية المتردية". وفي ظل تفشي المرض بالمملكة، وكإجراء احترازي، كانت السلطات السعودية قد أعلنت، الأسبوع الماضي، وقف جميع الزيارات في السجون.

من جانبه قال رئيس لجنة المعتقلين الأردنيين السياسيين بالسعودية، خضر المشايخ، الخميس، إن خطر الإصابة بفيروس كورونا بين المعتقلين في سجون المملكة بمختلف جنسياتهم، بات "أمراً حتمياً"، وسط تأكيد حالات الاشتباه.

وأضاف "المشايخ" في تصريح لوكالة الأناضول: "بلغتنا إصابة بعض المعتقلين في أحد السجون (لم يسمه)، وهذا بحد ذاته خطر يهدد إصابة الجميع". وتابع أن "المعتقلين الأردنيين وعددهم 30، يحاكَمون وتُحتجز حرياتهم على خلفية تهم لا أساس لها من الصحة".

وشدد على أن من الضروري "وجود تحرك دولي حقوقي، يضمن حماية المعتقلين؛ للحيلولة دون إصابتهم بالفيروس، والإفراج عنهم وإعادتهم إلى بلدانهم"، مضيفاً أنه "تمت مخاطبة الجهات الأردنية المعنيَّة، للتدخل لدى السلطات السعودية؛ من أجل سرعة الإفراج عنهم".

مصر.. عشرات الآلاف في المعتقلات ينتظرون المجهول

أما في مصر، فما زالت المخاطبات الدولية والحقوقية للسلطات المصرية بضرورة الإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين وغيرهم، تتواصل بسبب تفشي كورونا في البلاد، حيث يقبع نحو 60 ألف معتقل منذ عام 2013 بالسجون، في ظروف إنسانية صعبة، أدت إلى وفاة عديد منهم، على رأسهم الرئيس المصري السابق محمد مرسي.

وأطلقت عائلات المعتقلين نداءات استغاثة طوال الأيام الماضية؛ لإنقاذ المعتقلين، تبعتها استغاثات للمعتقلين أنفسهم عبر رسائل مسربة، وسط مؤشرات ومخاوف من انتشار المرض بين صفوف المعتقلين بعد الاشتباه ببعض الحالات، حيث يعاني مئات منهم الإهمال الطبي والحرمان من الأدوية، بحسب ذويهم.

معتقلو سجن طرة تحقيق يستغيثون: اشتباه في إصابة البعض بفيروس كورونااستغاث عدد من معتقلي سجن طرة تحقيق في رسالة مسربة لهم…

Gepostet von ‎التنسيقية المصرية للحقوق والحريات‎ am Donnerstag, 19. März 2020

وأعلنت منظمات حقوقية ودولية، منها مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومنظمة هيومن رايتس مونيتور، المشاركة في حملة للضغط على القاهرة، قائلة إنها عازمة على إرسال مجموعة من المخاطبات الرسمية لحث الحكومة المصرية على الإفراج عن السجناء، على أن تكون موجهة إلى كل من النائب العام، والمجلس الأعلى للقضاء، ورئاسة الجمهورية، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الأوروبي، والبرلمان الأوروبي، فضلاً عن الاتحاد الإفريقي.

وكانت منظمات حقوقية مصرية دعت السلطات، في 3 مارس/آذار الجاري، إلى ضرورة الإفراج الفوري والسريع عن المحتجزين في السجون المصرية؛ خوفاً من تفشي فيروس كورونا بين المساجين.

وفي بيان مشترك، تحت عنوان "أنقِذوهم"، طالبت المنظماتُ السلطات المصرية بالانتباه إلى التكدس داخل السجون، فضلاً عن ضعف التهوية، وانخفاض مستوى النظافة، مع وجود كثير من الحالات المرَضية المزمنة، مؤكدةً أن كل هذه الأمور قد تؤدي إلى كارثة إنسانية يصعب تداركها، في ظل هذه المعايير، إذا ظهرت حالة واحدة مصابة بهذا الفيروس داخل السجون وأقسام الشرطة.

وبحسب أرقام السلطات المصرية، فقد تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا 210 مواطنين، كما أدى إلى 6 وفيات، حتى الخميس 19 مارس/آذار، في حين يتهم معارضون النظام بإخفاء الأرقام الحقيقية الناجمة عن تفشي الوباء، خصوصاً بعد أن أعلنت دول عربية وأجنبية وصول إصابات مؤكدة لها قادمة من مصر، لم تعلّق السلطات المصرية عليها بشيء.

دول عديدة أفرجت عن مساجين وموقوفين بسبب كورونا

ودفع الفيروس القاتل حكومات وأنظمة عديدة في الشرق الأوسط إلى الإفراج عن آلاف المساجين، سواء كانوا من أصحاب الجنح، أو المعتقلين على خلفيات سياسية، خلال الأسابيع الماضية.

ففي إيران، ذكر التلفزيون الرسمي الإيراني، الأربعاء 18 مارس/آذار 2020، أن المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، سيصدر عفواً عن 10 آلاف سجين، من بينهم سجناء سياسيون، الجمعة. وكان المتحدث باسم السلطة القضائية، غلام حسين إسماعيلي، قد أعلن، الثلاثاء، أن إيران أفرجت مؤقتاً عن نحو 85 ألف شخص من السجون، منهم سجناء سياسيون، في إطار إجراءات مواجهة وباء كورونا. قال إسماعيلي للتلفزيون الرسمي: "الذين سيتم العفو عنهم لن يعودوا إلى السجن.. تقريباً نصف المسجونين في قضايا تتعلق بالأمن سيتم العفو عنهم أيضاً".

وفي الأردن والعراق والبحرين، أعلنت السلطات هناك خلال الأسبوع الجاري، عن الإفراج عن آلاف السجناء والموقوفين، بعضهم مؤقتاً، بسبب تفشي فيروس كورونا، وحرصاً على حياتهم. وفي المغرب، دعت منظمات حقوقية السلطات إلى الإفراج عن السجناء الذين اقتربوا من نهاية محكوميتهم، والذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً، بسبب تفشي الوباء في البلاد.

تحميل المزيد