يمكن تصنيف مشكلة الكلاب الضالة في الشوارع المصرية بالمعضلة التي يصعب أن يكون لها حل في المستقبل المنظور، فتعرُّض أكثر من 200 ألف شخص للأذى من تلك الكلاب سنوياً رقم ضخم يضع حماية الناس في المقام الأول، وفي الوقت نفسه لا يمكن القبول بما تتعرض له تلك الحيوانات من إعدامات بالجملة، فكيف يمكن مواجهة تلك المعضلة؟
صحيفة فايننشال تايمز البريطانية نشرت تقريراً بعنوان: "مُحبّو الكلاب يكافحون لحماية الكلاب الضالة بالقاهرة"، تناولت فيه القصة من جانبيها المتعارضين.
صراع بين العادات القديمة ونمو ثقافة الرفق بالكلاب
يتسبب تسميم الكلاب الضالة في توترات بمصر، إذ تصطدم العادات القديمة مع صعود طبقة متوسطة مُحبِّة للكلاب، ويقول مناصرو العادات القديمة وكذلك السلطات إن الإعدام ضروري للسيطرة على الكلاب الضالة، لكن هناك عدداً متزايداً من سكان المدن يخوضون حرباً من أجل أصدقائهم من هذه الحيوانات الأليفة.
قالت منار صموئيل، التي تعيش في التجمع الخامس بشرق القاهرة: "قدمت شكوى لدى الشرطة لكنهم لم يتعاملوا معي بجدية". وأضافت: "في الحقيقة، سخروا مني". واتخذت منار، التي تبنَّت كلبين من الكلاب الضالة، إجراءً قانونياً ضد جارتها التي رأتها وهي تضع السم للكلاب، وقالت: "سأكمل الأمر إلى نهايته حتى أصل إلى النيابة، لكني لا أتوقع أن يقودني هذا إلى شيء".
ما مبررات الإعدام؟
برزت أزمة حيوانات الشارع في سلسلة من الفيديوهات التي نشرها على الإنترنت نشطاء الرفق بالحيوان. في شهر ديسمبر/كانون الأول، أُلقي القبض على أربعة رجال من حي المطرية بالقاهرة؛ بعد أن صُوروا وهم يطعنون كلباً حتى الموت، وأُلقي القبض على حارس مصنع في يوليو/تموز، بسبب ضرب كلب حتى الموت. لكن التسميم أكثر شيوعاً، ومن بينه عمليات الإعدام المصرح بها من مسؤولي مجلس الشعب.
قالت منار: "هذه الكلاب يمكن أن يحدث لها أي شيء ولا أحد يهتم. تتصرف الشرطة فقط عندما يسترعي الموقف الرأي العام".
وتقول السلطات إنها لا بد أن تستجيب لشكاوى هجوم الكلاب الضالة على الأشخاص، والتي يزداد عددها، وتقدر السلطات أعداد الكلاب بنحو 15 إلى 20 مليون كلب في مصر، ونحو 200 ألف بلاغ سنوي بالتعرض للعقر.
وحذَّرت منظمة الصحة العالمية من خطر السعار، وقال البدري ضيف، عضو مجلس الشعب الذي يعمل طبيباً بيطرياً، إن لجنة الزراعة بالمجلس كانت تُعد تقريراً عن المسألة، لكن الأولوية كانت لحماية الناس من السعار.
وأوضح أن الطلب الذي تقدم به نشطاء الرفق بالحيوان، والذي يدعو إلى حملة كبرى لإخصاء الكلاب بدلاً من الإعدام، كان طلباً غير عملي، وقال: "إخصاء الكلاب الضالة غير فعال". وأضاف: "مهما بلغ المجهود الذي تبذله المنظمات غير الحكومية، فإن عدد الكلاب التي يتعاملون معها سيكون أقل كثيراً من العدد الكلي للكلاب".
ما دور الثقافة العامة؟
قالت إحدى الناشطات، التي طلبت حجب هويتها، إن الحملة ظلت معركة شاقة، وأضافت: "تغيير ثقافة العامة الذين أصبحوا يهتمون بأمر الحيوانات، ما زالت لا تضاهي العدوانية العامة تجاهها".
وعلى الرغم من محاولات العثور على منازل للحيوانات، فإن الكلاب غير معروفة الفصيلة لا تحظى بشعبية بين محبي الكلاب، وقالت: " تكمن المشكلة في أنه لا يوجد طلب لتبنّي قطط وكلاب الشوارع"، وأضافت: "الجميع يريدون كلاب الجيرمان شيبرد والغولدن ريتريفر".
في حين قالت حنان عاطف زكي، التي تُدير مأوى للكلاب في حي الشيخ زايد غرب القاهرة، إن الوعي بحقوق الحيوان في زيادة، لكنه ليس بنفس سرعة زيادة أعداد الحيوانات الضالة.
وقالت إن المشكلة تعود إلى الإعدام الجماعي للخنازير استجابة لتفشّي إنفلونزا الخنازير في عام 2009. كانت المجتمعات المسيحية تربي الخنازير للتخلص من المخلفات، التي تتراكم الآن في الشوارع وتسمح للكلاب الضالة بالتكاثر.