بحلول منتصف ليلة غدٍ الجمعة، 31 يناير/كانون الثاني 2020، تصبح بريطانيا رسمياً خارج الاتحاد الأوروبي، مع دخول بريكست حيز التنفيذ. فهل ستتأثر الدول العربية بالوضع الجديد؟ وكيف سيكون اتجاه ذلك التأثير؟ سلباً أم إيجاباً؟
موقع ذا فويس أوف أميركا نشر تقريراً بعنوان: "مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الدول العربية والخليجية تفكر في كيفية تأثرها بذلك الخروج"، ألقى فيه الضوء على القصة.
توقعات بنمو الاستثمارات
تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسمياً بحلول منتصف ليل الجمعة، 31 يناير/كانون الثاني 2020، وتتناول وسائل الإعلام العربية تداعيات محتملة لذلك الانفصال على الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط. يقول بعض المحللين إن التجارة بين الشركاء التقليديين لبريطانيا في الخليج ومصر من المرجح أن تزداد، في حين من المتوقع أيضاً أن تنمو الاستثمارات العربية في بريطانيا.
وفي تصريحات لوسائل إعلام عربية وغربية، قال رجل الأعمال الإماراتي وصاحب الفنادق الضخمة، خلف الحبتور، إنه يتوقع زيادة استثماراته في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، شريطة ألا يخسر أمواله بالطبع.
وكتبت صحيفة Arab News السعودية الصادرة بالإنجليزية في عام 2018، أن "المستثمرين من المؤسسات والقطاع الخاص في منطقة الخليج سيتمتعون بفرص منخفضة التكلفة نسبياً (في بريطانيا)"، على افتراض أن قيمة العملة البريطانية ستنخفض، وأن الشركات والعقارات البريطانية ستصبح صفقة مربحة للشراء.
يقول خطّار أبو دياب، الذي يدرّس العلوم السياسية في جامعة باريس، لإذاعة VOA، إنه يتوقع أن يمنح البريكست أسباباً لكل من بريطانيا ودول الخليج العربي لتوثيق الروابط الاستراتيجية بينهم، ويضيف أن دول الخليج العربي -التي لديها بالفعل استثمارات ضخمة في بريطانيا- ربما تحاول استخدام تلك الاستثمارات لصالحها، لكي تؤكد لبريطانيا أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية في العلاقات المتبادلة بينهما.
سعي خليجي لاستقطاب لندن
يذهب محلل الشؤون الخليجية ثيودور كاراسيك إلى أبعد من ذلك، فهو يعتقد أن بعض الدول العربية والخليجية ستستخدم استثماراتها لحمل بريطانيا على إعادة تقييم بعض مواقفها الاستراتيجية، خاصة الآن وقد زاد احتمال الاعتماد عليهم في تحسين اقتصاد البلاد.
يقول كاراسيك: "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيدفع لندن إلى إعادة تقييم مصالحها الاستراتيجية، على النحو الذي نراه يحدث الآن مع عُمان ومصر، ويمكنك رؤية ذلك أيضاً في التغييرات المتعلقة بتدفق الاستثمارات، وهو ما سيُفضي إلى إعادة تشكيل هذه العلاقات. لكن السياسات ذات الصلة ستكون المحرك في عديد من القضايا الساخنة في المنطقة، التي تشمل إيران واليمن والشام وليبيا".
وذكرت صحيفة The Peninsula البارزة، التي تصدر من قطر، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن الدوحة لديها استثمارات تبلغ قيمتها نحو 50 مليار دولار في بريطانيا. كما وعد "جهاز قطر للاستثمار" (QIA) باستثمار ما يقرب من 6 مليارات دولار في بريطانيا، في أعقاب التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2017.
ويشير كاراسيك إلى أن خصوم قطر من الدول الخليجية والعربية، كالسعودية والإمارات ومصر، بدأوا يتجهون، بعد فرضهم عقوبات اقتصادية على قطر في عام 2017، إلى "دفع بريطانيا لكي تعيد التفكير في الدعم الذي تقدمه لبعض أنشطة قطر في المنطقة".
ويضيف: "أصبحت بريطانيا ساحة معركة، إن جاز التعبير، للنزاع بين الأطراف المتنافسة حول تعريف ما تفعله قطر على وجه التحديد في المنطقة. وبالتالي، فإن هذا يدفع أيضاً للنقاش والشد والجذب، إضافةً إلى أنه سيصبُّ أيضاً في كيفية تعامل بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي مع قطر، والعكس".
يؤكد خطّار أبو دياب أن بريطانيا تميل إلى أن تكون لها علاقات استراتيجية أوثق مع الولايات المتحدة مقارنة بشركائها الأوروبيين، وأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيعزز على الأرجح هذا الاتجاه.
ويقول أبو دياب إن الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا، قد نشرت قوات خاصة في الإمارات، في حين عمدت بريطانيا بدلاً من ذلك إلى نشر قواتها بجانب قوات الولايات المتحدة في البحرين.
مصر أيضاً لها نصيب
زار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لندن مؤخراً، بصفته رئيساً لوفد من الاتحاد الإفريقي، والتقى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وأشار الإعلام البريطاني إلى أن كلا البلدين يأمل في تعزيز العلاقات التجارية بينهما، خاصة أن بريطانيا هي المستثمر الأجنبي الأول والأهم في الاقتصاد المصري.
ويقول بول سوليفان، وهو أستاذ في جامعة الدفاع الوطني الأمريكية بواشنطن، لإذاعة VOA إن بريطانيا "ستتجه إلى البحث عن شركاء تجاريين جدد ليحلوا محل تراجع التجارة مع الاتحاد الأوروبي، وإن مصر والدول الكبيرة الأخرى في المنطقة قد تستفيد من ذلك".
ويميل سوليفان أيضاً إلى الرأي الذي يتوقع أن "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد البريطاني. وأن هذا سيفضي على الأرجح إلى خفض وارداتها من النفط والغاز الطبيعي المسال"، وأن هذا "يمكن أن يكون له تأثير على بعض الدول العربية في أسواق الطاقة".