الأحزاب ستُعيد تدوير نفسها.. لماذا فشل قانون الانتخابات الجديد بالعراق في كسب تأييد الشارع؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/12/25 الساعة 11:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/25 الساعة 13:32 بتوقيت غرينتش
محتجون عراقيون يتظاهرون ضد الحكومة - رويترز

أعلن البرلمان العراقي أنه "أوفى بتعهده الخاص بإصلاح قوانين الانتخابات في البلاد"، وصوَّت يوم الثلاثاء لإجراء تغييرات شاملة في كيفية انتخاب النواب، استجابةً على ما يبدو لمطالب المحتجين بإعطاء المواطنين صوتاً ودوراً أكبر في إدارة أمور البلاد.

ما القانون الانتخابي الجديد؟

يلغي القانون الجديد الانتخاب على أساس اختيار قوائم المرشحين المجمعة حسب الحزب، ويحل محله التصويت على أساس فردي، وهو الأمر الذي يسعى على ما يبدو إلى التقليل من تأثير الأحزاب السياسية التي ينظر إليها المحتجون على أنها فاسدة.

لكن في غضون ساعات من تمريره، بدأت الانتقادات تنهمر من خبراء قانونيين ومثقفين ومن الشارع العراقي، وهو ما يشي بأن القانون قد لا يعمل كما أُعلن، تقول صحيفة The New York Times الأمريكية.

وبحلول منتصف الليل كانت لافتة تُعلق في ساحة التحرير، مركز الاحتجاجات، قائلة: "لا تتركهم يخدعونك: قانون الانتخابات لا يمثلنا".

كيف يراه المشرعون؟

دافع المشرِّعون عن القانون الجديد للانتخابات، وشدَّدوا على أنهم يُفعّلون من خلاله إرادة ومطالب المتظاهرين.

وقال وجيه عباس، وهو نائب من كتلة صادقون، بقيادة قيس الخزعلي الذي يُنظر إليه على أنه مقرب من إيران "لقد استمعت الكتل السياسية إلى مطالب المتظاهرين، ونفّذت انقلاباً سلمياً بنفسها من خلال قانون الانتخابات الجديد".

وكتب الزعيم السياسي والديني الشعبوي مقتدى الصدر، الذي تعد كتلته إحدى أكبر الكتل السياسية العراقية، تغريدةً على تويتر مؤيداً فيها القانون، وواصفاً إياه بأنه "خطوة أولى على طريق الإصلاحات".

ظلّ عشرات الآلاف من أتباعه في الشوارع لعدة أشهر، ونادوا بإدخال عديدٍ من التغييرات التي ينص القانون الجديد على إدراجها، لكن شكوكاً أخذت تظهر بالفعل حول الكيفية التي سيُطبق بها القانون.

ما المآخذ على القانون من وجهة نظر المعارضين؟

يقول عباس كاظم، مدير مبادرة المجلس الأطلسي العراقية، إن هذه التعديلات قد أنشأت شيئاً "مشابهاً لنظام الكونغرس الأمريكي (هيئة تشريعية مستقلة عن التنفيذية)، في حين أن النظام في العراق برلماني (يُشكل فيه مجلس الوزراء من البرلمان، أي أن العلاقة متشابكة بينهما)".

ويقول كاظم، وهو مراقب ومحلل منذ فترة طويلة للنظام السياسي العراقي، "الأمر يشبه وجود خطأ في سيارة فولكس فاغن، ليقرّر المصلِّح أن السيارة تحتاج إلى محرك جديد، فيحصل على المحرك الأفضل –محرك سيارة فيراري- لكنّ الاثنين لا يتناسبان للعمل مع بعضهما".

من المفترض أن القانون الجديد يقسم العراق إلى دوائر، ويجري انتخاب عضو انتخابي عن كل منها. وليس من الواضح عدد الأشخاص في كل دائرة، إذ لم يُجرى إحصاء سكاني منذ أكثر من 20 عاماً، ومن ثم فلا أحد يعرف عدد الأشخاص الذين يعيشون في كل منطقة بعينها.

ربما تكون المسألة الكبرى هي أنه بمجرد وصول الممثلين المختارين إلى البرلمان، فسيتعين عليهم، وفقاً للدستور العراقي، تشكيل كتلٍ سياسية من أجل اختيار رئيس للوزراء.

ويقول كاظم إن ما قد يحدث ببساطة هو أن الأحزاب والكتل ستعمد إلى إرسال مرشحين تابعين لها للترشح على نحو فردي في الدوائر التابعة لها في جميع أنحاء العراق، وتضخ الأموال وغيرها من وسائل الدعم في حملات المرشحين حسب الحاجة، ثم تعيد الكتل البرلمانية تجميع صفوفها بمجرد انتهاء الانتخابات.

وهكذا سيعود الأمر إلى الوضع القائم

الوضع القائم حالياً هو تحديداً ما دفع المتظاهرين للخروج إلى الشوارع في أكتوبر/تشرين الأول، حين تجمّعوا للمرة الأولى للاحتجاج على نقص الوظائف، وضعف الخدمات، وفشل البرلمان في تلبية احتياجات المواطنين العراقيين.

بعد أن فتحت الحكومة النار على المتظاهرين متسببة في مقتل أكثر من 100 شخص في الأيام الخمسة الأولى من الاحتجاجات، تضاعف عدد الأشخاص الذين قرّروا الخروج إلى الشوارع، ليبدأوا في الحضّ على مزيد من التغييرات بعيدة المدى، التي من شأنها التخلص من نظام الكتل السياسية، الذي يرى كثيرون أنه سبب فساد الحكومة.

إضافة إلى ذلك، فإن عدداً كبيراً من تلك الأحزاب والكتل السياسية قريب من إيران، أو مدين لها بالدعم، في حين أن السعي إلى الحدّ من نفوذ إيران والتمسك بإجراء انتخابات مبكرة قد أصبح المطلب الأول للمتظاهرين وهتافهم الموحد. وقد شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة من الاحتجاجات المستمرة مقتل أكثر من 500 شخص، وإصابة نحو 19 ألفاً آخرين.

بيد أن انتخابات مبكرة تبدو أمراً غير مرجح، لأن القانون الجديد لم يتحدث عن كيفية تشكيل الدوائر الانتخابية أو من سيُعيّنها. ويقول طارق حرب، أحد الخبراء في الدستور العراقي ونظامه القانوني، إن التوصل إلى سبل تطبيق ذلك قد يستغرق شهوراً أو أكثر.

ويقول حرب: "التعقيدات الفنية المتعلقة بتحديد الدوائر الجديدة، والتي تبلغ آلافاً بالنظر إلى التطبيق في جميع أنحاء البلاد تعني أنه لن تكون هناك انتخابات مبكرة".

تحميل المزيد