كيف يمكن أن تنشب حرب نووية بين الولايات المتحدة والصين؟ قرار أمريكي خاطئ قد يورطها بمعركة خاسرة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/12/08 الساعة 23:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/08 الساعة 23:45 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الصيني/رويترز

هل يمكن أن تنشب حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين؟ وما هي نتيجة هذه الحرب، وما هو القرار الذي قد تنزلق له واشنطن ويمكن أن يورطها بمعركة عسكرية مع الصين يحتمل أن تخسرها؟  

نشرت مجلة The Critic البريطانية هذا الأسبوع مقالة بعنوان Looking Back: World War III Remembered، تسترجع فيها ذكريات الحرب العظمى التي جرت في عام 2029. 

يعلق الكاتب كايل ميزوكامي، المعني بمسائل الدفاع والأمن القومي الأمريكي في مقال بمجلة The National Interest الأمريكية على  المقال المنشور بمجلة The Critic، موضحاً  الخيارات التي يجب أن تتجنبها واشنطن في التعامل مع أي أزمة قد تنشب مع الصين حول تايوان.

كيف يمكن أن تنشب الحرب العالمية الثالثة بين الولايات المتحدة والصين؟

يقول ميزوكامي: يحاول مقال المجلة البريطانية الذي يتناول قصة خيالية تجري أحداثها في المستقبل تقديمَ تصور تخيلي عن كيفية اشتعال حرب نووية بين الولايات المتحدة والصين، ملقياً الضوء على المناقشات التي يُفترض أنها ستهيمن على الدوائر العليا في الحكومتين قبل وقت قصير من اشتعال الحرب. 

ويلمح المقال إلى أن شرارة الحرب كانت بمثابة إعادة شبه كاملة لأزمة مماثلة حدثت في عام 1996، لكن هذه الأزمة المفترضة كانت لها نتائج أكثر تدميراً.

 يقول يبين المقال أن جذور الحرب كانت الصعود العدواني للصين. أما أمريكا، على الجانب الآخر، فكانت "العملاق الـمُنهك، الذي أخذ يتنامى خوفه من هيمنة الصين وانشقاق الحلفاء وانصرافهم عنه".

في المقال، تتخذ الولايات المتحدة القرار بدعم انفصال تايوان عن الصين والاصطفاف إلى جانبها، وتضمنت سياستها المتعلقة بتنفيذ القرار "تعزيز مبيعات الأسلحة، ودعم الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين، وزيارات الموانئ البحرية، وحتى إبحار حاملة طائرات خلال مضيق تايوان".

في الوقت نفسه، على الأرض في تايوان، يقول المقال، إنه "دون سابق إنذار، أعلن رئيس تايوان استفتاءً على الاستقلال. وردت بكين بفرض حصار كامل، مطالبة بإقرار "صين واحدة" تنتمي تايوان إليها. ورداً على ذلك، قررت الولايات المتحدة إرسال حاملتي طائرات عسكريتين إلى مضيق تايوان، إما لفرض حصارٍ مضاد على الصين وإما كسر الحصار الصيني المفروض على تايوان. ومع ذلك، فإننا لا نعرف أبداً في المقال مسار العمل الذي قررت واشنطن اتخاذه في نهاية المطاف.

الصين تطلق قنبلة نووية وأمريكا ترتكب خطأً استراتيجياً  

رداً على قرار الولايات المتحدة بنشر قواتها، قررت الصين إطلاق "قنبلة صن شاين"، في تفجير نووي بعيد عن القوات الأمريكية والتايوانية، بهدف أن تظهر الصين عزمها على موقفها. إذا لم ينجح ذلك، فإن جيش التحرير الشعبي الصيني سيشن هجوماً محدوداً على حاملات الطائرات الأمريكية. وتبعاً لمسار الأحداث، يمكننا استنتاج أن "قنبلة صن شاين" لم تنجح في إثناء بقية الأطراف عن موقفها، كما لم تنجح أي مساع من الجانبين للحيلولة دون وقوع حرب، ويتبين لنا أن الصراع تحول في نهاية المطاف إلى حرب نووية شاملة.

ترتكب الولايات المتحدة خطأً استراتيجياً فادحاً، بحسب المقال، فقد نقلت حاملتي طائرات هجوميتين بالقرب من مضيق تايوان. وعلى الرغم من أن حاملات الطائرات هي أعظم ممتلكات البحرية الأمريكية، فإن نحو ستة آلاف جندي أو أكثر على متن كل حاملة هم من يمثلون مشكلة خطيرة بالفعل في الأزمة. إذ إن الخسارة الكلية لحاملة واحدة يمكنها التسبب في خسائر تبلغ تقريباً تلك التي تكبدتها الولايات المتحدة في هجمات 11 سبتمبر/أيلول والهجوم الياباني على بيرل هاربور مجتمعين. 

ومن ثم ستؤدي خسارة حاملة طائرات إلى خلق قوةٍ دافعة لتصعيد النزاع إلى حد كبير، أكثر من خسارة أي طراد أو مدمرة بحرية أو غواصة.

ولكن واشنطن لن تقحم نفسها بهذه المعركة 

بعيداً عن المقال الخيالي، فإن الواقع أن واشنطن لن تحرك مجموعات قتال لحاملات طائرات بالقرب من المضيق في حال أزمة حرب حقيقية. 

فعلى المستوى الاستراتيجي، يعد انتقال الحاملات إلى مضيق تايوان مثيراً للاستفزاز والاحتكاكات بلا داع. وعلى المستوى التكتيكي، فإن وضع الحاملات في مثل هذا الموقف يجعلها أقل قدرة على الدفاع عن نفسها في حال اندلعت حرب بالفعل.

الطائرة الشبحية j 20 التي تطورها الصين/رويترز

يعد تواجد مجموعة قتال تابعة لحاملة طائرات بالقرب من البر الرئيسي الصيني موقفاً محفوفاً بالمخاطر، علاوة على أنه يتيح للصين استغلال كل نقاط قوتها. خاصة وأن السفن الصينية العاملة في مضيق تايوان لديها حرية المناورة، ومن ثم ستصبح الحاملات الأمريكية في مرمى مجموعة متنوعة من الأسلحة الصينية، من السفن القتالية عالية المناورة في المسافات القريبة، والطوربيدات، إلى الصواريخ الباليستية المضادة للسفن ذات المدى الأبعد مثل صواريخ "دي إف 21" متوسطة المدى. وسيُغمر أي أسطول بالقرب من البر الرئيسي الصيني بإشارات الرادار الصينية، وتقنيات التشويش ضمن حرب إلكترونية.

ومن المحتمل أن يحتاج الطرف المقابل إلى تتبع مئات من الاتصالات الجوية وفوق وتحت سطح البحر، والتي ستتعمد بثها مئات أو حتى آلاف من أنظمة الأسلحة الصينية، التي سبق لها الاستعداد للدفاع عن نفسها بمجرد إنذارها. 

في حين أن القوات الأمريكية سيكون لديها أدنى حدٍّ ممكن من الوقت للرد على أي هجوم. خلاصة الأمر أي المخاطر التي ستتعرض لها القوات الأمريكية تفوق بكثير حجم الرسالة التي قد يُراد إرسالها من مثل هذا التحرك.

الخطة الأمريكية البديلة

الأحرى من ذلك أن يظل الأسطول الأمريكي بعيداً عن الساحل الصيني، خارج نطاق معظم الأسلحة الصينية، مع الحفاظ على قدرته على إبراز قوة حماية للدفاع عن تايوان. وقد يرسو الأسطول شمال جزيرة لوزون الفلبينية، أو غرب مضيق مياكو الياباني. 

وهناك، في المحيط المفتوح، يغدو بإمكان مجموعات قتال حاملات الطائرات إدارة شؤونها الدفاعية بكفاءة أكبر، مع الدفاع عن تايوان من أي هجوم جوي أو صاروخي.

سيرسو أسطول حاملات الطائرات بحيث يكون بعيداً عن تايوان والبر الرئيسي الصيني وأقرب إلى قواعد أمريكية صديقة، وخاصة مقاتلات سلاح الجو الأمريكي المتمركزة في قاعدة كادينا بجزيرة أوكيناوا اليابانية. 

حاملة الطائرات الصينية "لياونينغ" أثناء تدريبات بحرية تفي غرب المحيط الهادئ/رويترز

ومن هناك، يمكن لطائرات "بوينغ إي 3 سنتري" أن تتكامل مع منظومة الإنذار المبكر والتحكم والسيطرة الجوية في طائرات "إي 2 هوك آي"، لتوفير صورة جوية شاملة لساحة المعركة. تتمركز في قاعدة كادينا أيضاً مقاتلات "إف 15 إيغل"، التي يمكنها مرافقة طائرات الدعم وتوفير تغطية جوية خلال الضربات. ولعل الأهم من ذلك هو أن طائرات التزود بالوقود جواً، مثل طائرات "بوينغ كيه سي 135"، ستكون قادرة على توفير دعم التزود بالوقود لمقاتلات الحاملات، وتوسيع مدى المهمات ونطاقها.

ومن الأهمية بمكان أن نذكر، أنه، على المستوى الاستراتيجي، يعطي عدم دخول القوات الأمريكية مضيق تايوان فعلياً، فرصةً للجانبين لتجنب التصعيد. 

إذ يمكن للولايات المتحدة أن تدعي أنها لا تزال مكتفية بالدفاع عن تايوان، وهو مسوغ حقيقي تماماً، في حين يمكن للصين أن تقف عند حد التلويح بالتصعيد، على أساس أن القوات الأمريكية لم تعبر فعلياً الخط الأحمر المتمثل في دخول المضيق.

وخلاصة الأمر أنه يمكن أن يبدأ نزاع بالفعل بين الولايات المتحدة والصين متخذاً من تايوان نقطة توتر واشتعال، لكن الأمر يقتضي اتخاذ خطوات استراتيجية وتكتيكية هائلة من جانب جميع الأطراف لجعل سيناريو الحرب في المقال حقيقياً. 

ومع ذلك، علينا أن نذكر مرة أخرى، أن الحروب غالباً ما تكون نتيجة لخطوات خاطئة وما يترتب عليها من عواقب لا رجوع عنها. وبغض النظر عن الكيفية التي قد تبدأ بها، يتعين على العالم أن يدرك جيداً خطر اشتعال حرب نووية بين قوتين كبيرتين.

تحميل المزيد