ببساطة.. ترامب وافق على طلبات أنقرة فتم الاتفاق على تعليق إطلاق النار حتى تنسحب «قسد»

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/18 الساعة 09:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/18 الساعة 10:21 بتوقيت غرينتش
الرئيس التركي ونائب الرئيس الأمريكي/ رويترز

اعتبرت جميع الأطراف أن اتفاق تعليق عملية "نبع السلام" التركية في شمال سوريا الذي تم التوصل إليه بين أنقرة وواشنطن انتصار لها، فالأكراد رحبوا به والرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبره انتصاراً للجميع وحتى دمشق لم تبدِ اعتراضها عليه وتركيا تراه قد حقق لها كل ما أرادت، لكن من هو الرابح الأكبر من الاتفاق؟

ما هي بنود الاتفاق؟

بحسب البيان المشترك "تركي – أمريكي" الذي صدر أمس الخميس 17 أكتوبر/تشرين الأول في أعقاب مباحثات نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شمل الاتفاق  13 بنداً، وجاءت أبرز تلك البنود على النحو التالي:

أعرب الجانب التركي عن التزامه بضمان سلامة ورفاهية سكان جميع المراكز السكانية في المنطقة الآمنة التي تسيطر عليها القوات التركية (المنطقة الآمنة)، والتأكيد من جديد على أنه ستتم ممارسة أقصى درجات الحرص حتى لا تقع أي أضرار للمدنيين، والبنى التحتية المدنية.

 يؤكد البلدان التزامهما بوحدة سوريا السياسية ووحدة أراضيها والعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى إنهاء النزاع السوري وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

 اتفق الجانبان على استمرار أهمية إنشاء منطقة آمنة ووظيفتها "معالجة شواغل الأمن القومي لتركيا"، بما في ذلك إعادة جمع الأسلحة الثقيلة من وحدات حماية الشعب وتعطيل تحصيناتهم وجميع مواقع القتال الأخرى.

 ستنفذ القوات المسلحة التركية المنطقة الآمنة في المقام الأول وسيزيد الجانبان تعاونهما في جميع أبعاد تنفيذها.

 سيوقف الجانب التركي عملية "نبع السلام" من أجل السماح بسحب وحدات حماية الشعب من المنطقة الآمنة خلال 120 ساعة، سيتم إيقاف عملية "نبع السلام" عند الانتهاء من هذا الانسحاب.

تركيا أمريكا عملية نبع السلام
وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو/ رويترز

 بمجرد إيقاف عملية "نبع السلام"، توافق الولايات المتحدة على عدم مواصلة فرض العقوبات بموجب الأمر التنفيذي الصادر في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019 ، بحظر الممتلكات وتعليق دخول أشخاص معينين يساهمون في الوضع في سوريا، وستعمل وتتشاور مع الكونغرس، للتأكيد على التقدم المحرز لتحقيق السلام والأمن في سوريا، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

بمجرد إيقاف عملية "نبع السلام" وفقاً للفقرة 11، تُرفع العقوبات الحالية بموجب الأمر التنفيذي المذكور.

ماذا يعني ذلك لتركيا؟

الإجابة على هذا السؤال تستدعي العودة للأهداف التي أعلنت تركيا أنها تسعى لتحقيقها من وراء العملية العسكرية التي أطلقت عليها "نبع السلام"، وهي فرض منطقة آمنة على الحدود في شمال سوريا بعمق 30 إلى 35 كيلومتراً تنسحب منها قوات حماية الشعب الكردية "قسد" بشكل كامل.

بحسب بنود الاتفاق تحقق هذا الهدف التركي وبضمان أمريكي، وتعليق العمليات العسكرية لمدة 120 ساعة لإعطاء الفرصة للقوات الكردية بالانسحاب من المنطقة الآمنة، وما أن يتم ذلك سيتم إعلان وقف إطلاق النار بشكل كامل.

المعنى نفسه عبر عنه بشكل مباشر وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو، عندما قال إن بلاده اتفقت مع أمريكا على أن القوات التركية هي التي ستسيطر على المنطقة الآمنة بسوريا، وأوضح قائلاً: "أخذنا ما نريده في مفاوضات اليوم (مع الأمريكيين) نتيجة القيادة الحكيمة لرئيسنا أردوغان".

إيريك إلدمان، سفير أمريكي سابق لدى أنقرة ومسؤول رفيع سابق في البنتاغون، وصف الاتفاق في تصريحات له نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، بأنه "يبدو استسلاماً كاملاً من جانب واشنطن لكل شيء طلبه الأتراك"، مضيفاً: "لا أعرف ما الذي تنازل عنه الأتراك. لا شيء على الإطلاق". 

ماذا يعني ذلك للجانب الأمريكي؟

في أول تعليق له على الاتفاق، أشاد ترامب بنظيره التركي أردوغان، معتبراً أن الاتفاق ينقذ حياة ملايين الأرواح، وأن بلاده لم تتخل عن حلفائها الأكراد، واعتبر ترامب أن الاتفاق انتصار كامل لسياساته.

امتدح ترامب الاتفاق الأمريكي-التركي لوقف إطلاق النار في سوريا
امتدح ترامب الاتفاق الأمريكي-التركي لوقف إطلاق النار في سوريا

لكن باقي الأطراف الأمريكية ترى الأمر بشكل مختلف تماماً، وهذا ما عكسته تغطية الإعلام وردود الأفعال من جانب المشرعين الديمقراطيين وحتى بعض أبرز النواب الجمهوريين.

صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريراً مفصلاً حول الاتفاق بعنوان: "الرضوخ: اتفاق ترامب عزز المكاسب التركية في سوريا"، جاء فيه أن أفضل ما في الاتفاق هو أنه ربما يكون أوقف القتال في الأراضي الكردية شمال سوريا، لكن التكلفة بالنسبة للأكراد  حلفاء أمريكا في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية باهظة للغاية، حتى إن المسؤولين في البنتاغون حائرون بشأن أين سيذهب عشرات الآلاف من الأكراد بعد انسحابهم من المناطق الحدودية بحسب بنود الاتفاق، هذا إن وافقوا من الأساس.

ماذا يعني ذلك للأكراد؟

القيادي الكردي البارز آلدار خليل قال إنه يرحب بوقف المعارك مع تركيا في شمال سوريا، لكنه قال إن الأكراد سيدافعون عن أنفسهم إذا تعرضوا لهجوم. وقال خليل إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يريد التوغل 32 كيلومتراً في سوريا وسبق أن رفضنا هذه الشروط".

وبدوره، أعلن القائد العسكري لـ "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد قبول وقف إطلاق النار. وقال الجنرال مظلوم عبدي، في تصريح لقناة روناهي الكردية: "سنقدم كل ما يلزم لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار، في المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض، ويتضمن عودة النازحين إلى منازلهم ولا يتضمن تغيير ديموغرافية المنطقة".

وفي وقت لاحق أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في بيان بدء سريان وقف إطلاق النار اعتباراً من الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي (1900 بتوقيت غرينتش)، بحسب تقرير لموقع دويتش فيله الألماني.

وبحسب بنود الاتفاق، سيكون على قوات قسد التي تصنفها تركيا ميليشيات إرهابية أن تنسحب من المنطقة الآمنة التي تشرف عليها تركيا في ظرف 120 ساعة، وأن تسلم الأسلحة الثقيلة التي بحوزتها لقوات التحالف الدولي أو تتخلى عنها، وهذا ما كانت تريده أنقرة وتطالب به طوال الأشهر السابقة على بدء العمليات العسكرية.

ماذا عن روسيا؟

تقرير نيويورك تايمز ركز على أن واشنطن والأكراد هما الطرفان الخاسران، بينما تركيا الرابح الأكبر تليها روسيا، حيث إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكتسب مزيداً من التأثير الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، حيث لم يكن له أي تأثير يذكر هناك حتى  2015، والآن أصبح لاعباً رئيسياً يملأ الفراغ السياسي الذي تركه ترامب عندما أعطى الضوء الأخضر للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا بسحبه القوات الأمريكية من المنطقة.

نظام بشار الأسد أحد الرابحين بالتبعية فقد عادت قواته ولو بصورة رمزية إلى منطقة لم يكن له وجود فيها منذ سنوات طويلة، وسيكون وجود تلك القوات على الحدود مرهوناً باتفاق بين روسيا وتركيا من المحتمل أن يتوصل إليه أردوغان وبوتين خلال زيارة الأول لموسكو في الأيام القليلة المقبلة كما أعلن الكرملين الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول.

تحميل المزيد