تفجرت الأوضاع في العراق وخرج الآلاف للتظاهر وتعاملت قوات الأمن باستخدام القوة المفرطة، فلماذا خرج العراقيون للاحتجاج ومن يقف وراء المظاهرات ولماذا فتحت قوات الأمن النار وكيف سيكون رد فعل الحكومة في الفترة القادمة؟
ماذا حدث؟
قُتل شخصان على الأقل وأصيب 200 عندما قامت قوات الأمن العراقية بفتح النار على متظاهرين احتشدوا أمس الثلاثاء 1 أكتوبر/تشرين الأول، في ساحة التحرير، محاولين الوصول للمنطقة الخضراء ببغداد، مقر الحكومة والسفارات الأجنبية.
وانطلقت المظاهرات في العاصمة بغداد وبعض المحافظات الأخرى، وقال بيان للحكومة ومتحدث باسم وزارة الصحة إن شخصاً قُتل وإن من بين المصابين 40 من أفراد قوات الأمن، ولم يذكر البيان أو المتحدث أين سقط القتيل، وذكرت مصادر بالشرطة في مدينة الناصرية الجنوبية أن أحد المحتجين قُتل بالرصاص هناك، بحسب تقرير لرويترز.
وحاول المتظاهرون، الذين بلغت أعدادهم نحو ثلاثة آلاف، عبور الجسر المؤدي إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد والتي تضم المباني الحكومية والسفارات الأجنبية، ولكن قوات الأمن أغلقت الطرق، واستخدمت قنابل الصوت ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين، ثم فتحت النار بعد رفض المحتجين مغادرة المكان.
ما هي أسباب التظاهرات؟
شهد العراق احتجاجات مشابهة العام الماضي كانت أشد عنفاً وأوقعت أعداداً كبيرة من الضحايا، وعلى مدار العام احتدم الغضب الشعبي بسبب تدهور الأحوال المعيشية وقلة فرص العمل ونقص إمدادات الكهرباء والمياه النظيفة.
ويلقي العراقيون باللوم على الساسة والمسؤولين في الفساد المستشري الذي يحول دون تعافي البلاد من سنوات من الصراع الطائفي والحرب المدمرة على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وقال متظاهر طلب عدم نشر اسمه خوفاً من الانتقام لرويترز: "هذه ليست حكومة بل مجموعة من الأحزاب والميليشيات التي دمرت العراق".
شرارة انطلاق الاحتجاجات
بحسب المحتجين، المظاهرات خرجت للاحتجاج على أداء حكومة عبدالمهدي التي فشلت في تنفيذ برنامجها الحكومي خلال عام من عمرها، حيث "لم تنجز أي شي مهم في الملفات الكبيرة، كتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات"، كما فشلت في تكليف وزير للتربية خلال عام كامل، إضافة إلى تدهور قطاع الصحة وضعف أداء الأجهزة الأمنية.
وكانت الشرارة هي الدعوات التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لرفض إقالة القادة الميدانيين الذين حاربوا تنظيم داعش، ومن بينهم رئيس جهاز مكافحة الإرهاب عبدالوهاب الساعدي، حيث اعتبرت جهات عراقية أن قرار إقالة الساعدي بأمر من رئيس الحكومة يأتي في إطار تنفيذ أجندات خارجية، ترمي إلى القضاء على هيبة المؤسسة العسكرية المتمثلة بالجيش العراقي، وتعمل على أن يكون للحشد الشعبي (الموالي لإيران) قوة أكبر من قوة الجيش، بحسب تقرير لسكاي نيوز العربية.
ماذا قالت الحكومة؟
أصدر رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، الذي رأس اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي أمس الثلاثاء، بياناً يعد فيه بوظائف للخريجين، ووجه وزارة النفط وهيئات حكومية أخرى للبدء في تطبيق حصة تشغيل خمسين بالمئة من العمالة من المحليين في عقودها مع الشركات الأجنبية.
وعانى العراق الغني بالنفط على مدى عقود في عهد صدام حسين وبسبب العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، والغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والحرب الأهلية التي أعقبته والمعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية التي أعلنت بغداد النصر فيها في عام 2017، والفساد منتشر في البلاد والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء ضعيفة.
بيان الحكومة ألقى باللوم في العنف على "مجموعة من مثيري الشغب" وقال إن قوات الأمن تحرص "على أمن وسلامة المتظاهرين"، كما ردد مسؤولون حكوميون مصطلحاً شهيراً تستخدمه الأنظمة العربية منذ ثورات الربيع العربي في موجتها الأولى قبل نحو تسع سنوات، وهو مندسون".
ما حدث أمس يبدو أنه بداية موجة جديدة من الاحتجاج الشعبي ضد الفساد وانشغال السياسيين والأحزاب والميليشيات المسلحة كل بأجندته الخاصة ومصالحه، وبالتالي لا توجد قيادة للمتظاهرين، إضافة لتعدد أسباب الغضب الشعبي ووجود ملايين العراقيين مهجرين من بيوتهم ومناطقهم ولا يستطيعون العودة حتى الآن، وهذه العوامل تضيف إلى تعقيد الموقف وتزيد من احتمالات سقوط مزيد من الضحايا.