الذهب والسلاح والمقاتلون.. هكذا سار حميدتي حتى أصبح أقوى رجل في السودان

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/30 الساعة 10:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/30 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
الفريق محمد حمدان "حميدتي" قائد الجنجويد/ رويترز

كانت قوات الدعم السريع سيئة السمعة، التي يعتلي مقاتلوها شاحنات صغيرة مزوَّدة بالمدافع الرشاشة وصناديق القذائف الصاروخية، تُمثِّل مشهداً مقلقاً للخرطوم حين بدأت تنتشر في أرجاء العاصمة السودانية في وقتٍ سابق من هذا العام، 2019.

إذ لم تعُد المجموعة شبه العسكرية، التي باتت الآن رسمية، مجموعة من الجامحين في أطراف السودان، بل باتت تهيمن على جنبات الشوارع في قلب الخرطوم. وكانت سمعة هذه القوات سيئة بالفعل بسبب أصولها التي تعود لميليشيا الجنجويد، التي تعني "الجِنّيّ الذي يمتطي ظهر الخيل" والمتهمة بالتطهير العِرقي في إقليم دارفور، بحسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.

وفي خضم صراعٍ على مستقبل السودان بعد أشهر من الاحتجاجات التي أسقطت ثلاثة عقود من حكم عمر البشير، أصبحت قوات الدعم السريع واحدة من أقوى القوى في البلاد، ويعتبر كثيرون قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" هو الحاكم الفعلي للسودان.

من قوات تحمي القوافل إلى قوة إقليمية!

وقد بدا أنَّ إخراجهم مستحيل، على الرغم من مطالب المحتجين الذين يمقتون قوات الدعم السريع بسبب العنف المميت الذي يُزعَم أنَّها أطلقت العنان له ضد المتظاهرين.

وتؤمِّن الحكومة المدنية والعسكرية المشتركة التي تتبلور الآن مركز حميدتي باعتباره قائداً، ومكانة قواته باعتبارها تكافئ عملياً جيشاً داخل القوات المسلحة.

تضمَّن صعود قوات الدعم السريع تنفيذ رغبات البشير داخلياً، لكنَّها أصبحت كذلك يداً يمنى للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ما أدَّى إلى تحويل صورتها من كونها ميليشيا تدهم القرى على ظهور الخيول والجِمال، إلى فاعلٍ إقليمي مهم.

مع ذلك، لم يكن اليمن هو أول مناسبة تضطلع فيها ميليشيا الجنجويد بدور له تبعات تتجاوز حدود إقليم دارفور.

إذ تضمَّن المسار الذي سلكه قادة الجنجويد إلى الثروة والسلطة نقل الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود مع ليبيا وجيران السودان الآخرين، وتصدير منتجات احتكار تعدين الذهب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، واستغلال رغبة أوروبا في وقف تدفُّق اللاجئين من إفريقيا.

ولا يبدو أنَّ هذا المزاج الدولي تغيَّر بسبب زيادة عبء السيطرة على العاصمة السودانية، فأفادت تقارير بنشر قوات قوامها ألف شخص في ليبيا، واستمرت مبيعات الأسلحة إلى الميليشيات في جمهورية إفريقيا الوسطى المجاورة في الأشهر الأخيرة.

قال الأستاذ علي دينار، وهو محاضر بقسم الدراسات الإفريقية في جامعة بنسلفانيا، لموقع Middle East Eye البريطاني: "قوات الدعم السريع هو اسمٌ آخر للجنجويد، مُعاد تغليفها بزيٍ جديد، مع موارد أكثر، تمكَّنت من الحصول عليها محلياً وكذلك من الخارج".

وأضاف: "قوات الدعم السريع هي دولة داخل الدولة. فلديها استثماراتها الاقتصادية، ولديها علاقاتها السياسية مع الدول. هنالك الكثير مما يدور".

على طول الحدود: ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى

حدود إقليم دارفور الطويلة مع ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى ليست صعبة بقدر ما تبدو على الخريطة. فهي سهلة الاختراق، ويجتازها كلٌ من التجار ورعاة قطعان الماشية الذين تمتد قبائلهم عبر الحدود ولا يقومون بالكثير لوقف حركة الميليشيات العابرة للحدود الوطنية.

لذا، حين وقَّع حميدتي اتفاقاً للضغط (اللوبي) بقيمة 6 ملايين دولار في مايو/أيار الماضي تضمَّن مقترحاً بإرسال الدعم العسكري إلى اللواء خليفة حفتر في شرق ليبيا، كان ذلك بعيداً كل البعد من أن يكون أول مرة تُنقَل فيها المقاتلون أو الأسلحة عبر تلك الحدود.

إذ أدَّى سقوط العقيد الليبي معمر القذافي في 2011، وما تبع ذلك من تقسيمٍ للبلاد إلى وجود فائض من الأسلحة التي غالباً ما شقت طريقها جنوباً. لكن قبل ذلك بفترة طويلة، في الثمانينيات، كان القذافي مرتبطاً بتدفُّق الأسلحة إلى جنوب الصحراء الكبرى.

أحد عناصر قوات الدعم السريع/ ميديل إسيت آي البريطاني

قال الباحث في الشأن السوداني إريك ريفيز إنَّ "القذافي، قبل وبعد سقوطه، كان نبعاً للأسلحة إلى منطقة الساحل الكبرى"، واصفاً كيف أنَّ معظم أسلحة قوات الدعم السريع الحديثة الآن تبدو قادمة من ليبيا.

فحين شنَّ القذافي سلسلةً من الحروب ضد تشاد طوال الثمانينيات، جعل "الفيلق الإسلامي" التابع له، وهو قوة شبه عسكرية تأسست لتعريب منطقة الساحل، يتمركز في دارفور. وهناك، استُضِيف الفيلق من جانب قبيلة أم جلول ووالد قائد ميليشيا الجنجويد المستقبلي موسى هلال.

وبحسب برقية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) عام 1986، أرسلت ليبيا قوافل من المعدات العسكرية والفنيين والقوات الخاصة وأفراد آخرين وُصِفوا بأنَّهم عمال إغاثة لكنَّهم كانوا حاصلين على تدريبٍ عسكري.

وأوردت صحيفة The New York Times الأمريكية بعد عامين أنَّ مسؤولين تشاديين اتهموا ليبيا بـ"تهريب البنادق في أجولة الدقيق" من خلال استخدام طرق بُنيَت بذريعة المساعدة في نقل الأسلحة.

استعار الحرب العرقية

وفي الوقت نفسه تقريباً، كانت التوتُّرات تتنامى بين السكان العرب البدو مثل قبيلة موسى هلال، الذين كانوا يفقدون أراضي الرعي الخاصة بهم في إطار بيئةٍ آخذة بالتغيُّر، والسكان الأصليين المزارعين أمثال عِرقية الفور.

أدَّت التوتُّرات بحلول عام 1987 إلى قيام مجموعة تُسمَّى "التجمُّع العربي"، والذي روَّج في خطابٍ للرئيس السوداني آنذاك جعفر النميري لرؤية تنطوي على فكرة التفوق العربي عكست أفكار الوحدة العربية لدى القذافي.

قال دينار: "بالعودة إلى زمنٍ طويل مضى، كانت هناك حربٌ من نوعٍ ما بين مجموعات عربية مختلفة استقرت في المنطقة وعرقية الفور التي كانت موجودة هناك. وظل هذا الصراع طوال الثمانينيات، وأحدث الكثير من الدمار من كلا الجانبين، واحتدمت هذه القضية بسبب القدرة على الوصول إلى السلاح خلال الحرب التشادية".

وقال إنَّ الحكومة السودانية لم تقم بالكثير من أجل التدخُّل، بل وربما استفادت من التوترات. لاحقاً، استغلت الحكومة هؤلاء السكان العرب لتكوين الجنجويد.

كان هال واحداً من أعضاء التجمُّع العربي، وبحلول العقد الأول من الألفية الثالثة، كان يخبر مقاتليه الجنجويد بـ"تغيير التركيبة السكانية لدارفور وإفراغها من القبائل الإفريقية"، واضطلع بدورٍ مهم في حملة برعاية الدولة تُقدِّر الأمم المتحدة أنَّها أسفرت عن مقتل 300 ألف شخص على الأقل.

حميدتي يجد ضالته

وبعد عقدين من توغلات القذافي في تشاد، سيساهم تمرُّدٌ تشادي جديد انطلق من دارفور عام 2008 في ترسيخ علاقات حميدتي مع حكومة البشير، في وقتٍ كانت ميليشيات الجنجويد المختلفة فيه تتفكك بل وحتى تثور على الحكومة بعدما تباطئت حملتها الأولى ضد متمردي دارفور.

وانشق حميدتي نفسه لفترة وجيزة، قبل أن يعود إلى صف الحكومة ويجري نشره إلى جانب 4 آلاف رجل قرب الحدود لدعم المتمردين التشاديين الذين يحاولون الإطاحة بالرئيس إدريس ديبي، الذي وصل هو نفسه إلى السلطة بدعمٍ من الخرطوم.

صور عناصر الجنجويد التقطت عام 2004/ موقع ميدل إيست آي

ووفقاً لبرقية أرسلها القائم بالأعمال الأمريكي آنذاك، قادت حاجة الخرطوم للمقاتلين لدعم هجوم تشاد إيَّاها للموافقة على شروط حميدتي التي رفضتها مسبقاً، بما في ذلك الدمج الرسمي لقواته، وترقية قادته، ومبلغ 3 مليارات جنيه سوداني كانت تساوي آنذاك 120 مليون دولار.

وبحلول عام 2012، كان قائد آخر في الجنجويد يُجنِّد مقاتلين لمغادرة دارفور من أجل حربٍ خارجية: موسى أسيميه.

منح أسيميه نفسه لقب الجنرال حين أصبح أحد قادة مجموعة من الميليشيات معروفة باسم "سيليكا"، التي تكونت في الغالب من السكان المسلمين بجمهورية إفريقيا الوسطى للإطاحة بالحكومة في بانغي.

حقَّقت سيليكا هدفها مؤقتاً، لكنَّ العنف الذي أُطلِق العنان له ضد السكان المسيحيين بإفريقيا الوسطى خلال تلك العملية أدَّى إلى رد فعلٍ عنيف تجاه المسلمين، وانهار تحالف سيليكا بعد ذلك بفترة قصيرة. ووفقاً لرواية من جانب وكالة أسوشيتد برس، قُتِل أكثر من 5 آلاف شخص في القتال بين المجموعتين السكانيتين.

ومع أنَّ أسيميه لم يكن جزءاً من فصيل الجنجويد التابع لحميدتي، ذكر موقع Africa Confidential الإخباري أنَّ بعض المقاتلين الذين قاتلوا في جمهورية إفريقيا الوسطى جرى استيعابهم لاحقاً في صفوف قوات الدعم السريع.

ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، واصلت قوات الدعم السريع بيع الأسلحة والمعدات والشاحنات الصغيرة المُستخدَمة في نقل المقاتلية لميليشيات إفريقيا الوسطى، على الرغم من اتفاق السلام الذي وُقِّع مع الحكومة. واستمر أسيميه وحتى هلال بالانخراط في عمليات البيع تلك، على الرغم من دخول الأخير السجن في السودان منذ 2017.

وتوضح التقارير بالتفصيل كيف تأخذ الميليشيات مركباتها للصيانة في بلدة نيالا جنوبي دارفو، في حين التقى حميدتي نفسه مع نور الدين آدم، وهو واحد من أكثر القادة النافذين في تمرُّد سيليكا.

عبر البحر الأحمر: الذهب والأسلحة والحرب في اليمن

حين احتاج البشير مقاتلين لإرسالهم إلى اليمن دعماً لحلفائه السعوديين والإماراتيين في 2015، كان مَن لجأ إليه هو حميدتي.

فكانت قوات الدعم السريع في موضعٍ مثالي لتقديم القوات للقتال على الأرض في اليمن، مُوفِّرةً وجوداً مادياً يُكمِّل الغارات السعودية والإماراتية، وذلك من خلال التجنيد في دارفور، بل وحتى عبر الحدود في تشاد.

قال دينار: "الأمر ليس سراً. إذ جرى تجنيد الناس بصورة خاصة من جنوب دارفور، من مدينة نيالا، من أجل اليمن، ووُعِدوا بالكثير من المال. وحين تُفكِّر في معدل البطالة في السودان عموماً وفي تلك المنطقة من دارفور خصوصاً.. فبدلاً من الذهاب والعمل كمدني، تذهب وربما لا تعود".

وادَّعى حميدتي نفسه أنَّ لديه 30 ألف مقاتل في اليمن.

ووفقاً لكاميرون هودسون، الباحث الأول غير المقيم بالمجلس الأطلسي والمحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، استغل البشير قوات الدعم السريع لتعميق علاقته مع السعوديين والإماراتيين، لكنَّ العلاقة أيضاً ساعدت حميدتي على تنمية مكانته هو نفسه.

وأضاف هودسون: "كان موجوداً على الأرض في اليمن، وذهب بصورة روتينية عبر أبوظبي والرياض، فالتقى مع الجيش وشخصيات سياسية بشأن خطط المعارك في حملة اليمن ونال ثقتهم واحترامهم".

وبعدما فضَّت القوات السودانية، التي تقودها على ما يبدو قوات الدعم السريع، في يونيو/حزيران الماضي اعتصاماً سلمياً ضد الحكم العسكري ظل قائماً لشهر في الخرطوم، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 محتج، اجتاحت قوات حميدتي أرجاء المدينة، بعضها في مركبات عسكرية إماراتية الصنع.

ونشر الصحفي كريستيان تريبيرت صورة لواحدة من تلك المركبات على حسابه بتويتر، وكتب مُعلِّقاً: "هذه صورة أوضح لواحدة من مدرعات عجبان A440 إماراتية الصنع من تصنيع شركة نمر. وهي تسير شمالاً بطول شارع بشير النفيدي في الخرطوم بالسودان".

وبعدما استولى المجلس العسكري على الحكم من البشير، وتسمية حميدتي رسمياً نائباً لرئيس المجلس، وعدت السعودية والإمارات بتقديم 3 مليارات دولار مساعدات.

لكنَّ علاقة حميدتي مع الخليج لم تعتمد فقط على الأسلحة. إذ عثر كذلك على ثروة في مناجم الذهب بدارفور.

فكانت مناجم جبل عامر تجتذب مُنقِّبين صغاراً من المنطقة وحتى من عبر الحدود في تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام 2010، لكنَّهم سرعان ما وقعوا في يد الجنجويد.

أسَّست قوات هلال احتكاراً، فجنت المال من فرض رسوم على الكشَّافين والمُنقِّبين، وصدَّرت الذهب بنفسها.

وقدَّرت الأمم المتحدة أنَّ الفترة بين عامي 2010 و2014 شهدت تصدير ما قيمته 4.6 مليار دولار من الذهب بصورة غير شرعية من السودان للإمارات.

وبحلول عام 2017، كان حميدتي مسؤولاً عن تلك المناجم، وكان تولى مسؤوليتها أثناء حملة لنزع السلاح برعاية الحكومة في دارفور هزمت خلالها قوات الدعم السريع قوات هلال وسجنت القائد المنافس لجنجويد.

قال دينار: "الذهب هو المال، الذهب هو السلطة، وأعتقد أنَّ أيَّاً مَن يسيطر على هذا الذهب، فستكون له كلمته المهمة في الحياة السياسية. ومع أنَّ حكومة السودان تعرف ذلك، أسندت الذهب بطريق الباطن لحميدتي، بدلاً من أن تضع هي يداها عليه، وكان على حميدتي أن يُظهِر ولاءه".

شمالاً باتجاه البحر المتوسط

يقع السودان على الطريق الطويل شمالاً باتجاه أوروبا عبر البحر المتوسط، ويُعَد محطة توقف للاجئين ومصدراً لهم.

وبدأ الاتحاد الأوروبي "عملية الخرطوم" في 2015 للاستثمار في المشروعات بمنطقة القرن الإفريقي، رغبةً في وقف حركة الأشخاص هذه وأعداد مَن يلقون حتفهم خلالها.

وفي حين كانت تلك المشروعات تهدف لتحسين ظروف معيشة اللاجئين في بلدانهم، فإنَّها تضمَّنت كذلك العمل مع قوات حرس الحدود لمنع الأشخاص من الوصول إلى ليبيا، التي تُعَد نقطة الانطلاق الرئيسية لأوروبا.

وفي السودان، كانت قوات الدعم السريع هي التي تولَّت تلك المسؤوليات. ومع أنَّ الاتحاد الأوروبي ينفي أنَّه قدَّم في أي وقتٍ من الأوقات تمويلات مباشرةً لقوات الدعم السريع أو الحكومة السودانية، فإنَّ موظف لدى الأمم المتحدة صرَّح لموقع Middle East Eye بأنَّ منظمات شريكة للاتحاد الأوروبي تفعل ذلك.

عناصر تابعة لقوات الدعم السريع/ موقع ميديل إيست آي

وزعم حميدتي نفسه أنَّ قوات الدعم السريع تعمل نيابةً عن أوروبا لـ"حماية أمننا القومي" من خلال وقف آلاف المهاجرين.

في هذه الأثناء، استشهد تقرير يعود لسبتمبر/أيلول 2018 أعدَّه مركز أبحاث معهد كلينغنديل الهولندي بمقابلات مع مهاجرين يدَّعون أنَّ قوات الدعم السريع أيضاً تورَّطت في تهريب البشر إلى ليبيا.

وقال الباحث السوداني سليمان بلدو، وهو مستشار أول في مشروع "Enough Project" الساعي لإيجاد حلول للصراعات الكبرى في إفريقيا: "غض الاتحاد الأوروبي الطرف، ولم يشك من هذا. ولم يشك من أنَّ قوات الدعم السريع ضالعة في عدة حوادث مرتبطة بتورطهم في تهريب البشر".

وأضاف: "يتعين على الاتحاد الأوروبي إخضاع نفسه جدياً لمراجعة شاملة للآثار السلبية التي تسبَّب فيها، وأهمها أنَّه شرعن ميليشيا مميتة".

وتضمَّن اتفاق الضغط الذي وقَّعه حميدتي مع شركة Dickens and Madson في مايو/أيار الماضي وعداً بتطوير العلاقات بما يتجاوز إفريقيا والشرق الأوسط، وطرح إمكانية تدبير عقد لقاءات مع مسؤولين أمريكيين، بينهم الرئيس دونالد ترامب.

ووعدت الشركة كذلك بالضغط على روسيا، التي يملك السودان معها علاقة قوية بالفعل. إذ تعمل الشركات الأمنية الروسية التي تُدرِّب الجيش السوداني منذ 2018  في جنوب دارفور، وتُدرِّب مقاتلين من جمهورية إفريقيا الوسطى، وذلك بحسب إذاعة راديو دبنقا السودانية ومقرها أمستردام.

قوة مرتزقة

كتب القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم في فبراير/شباط 2008 أنَّ ميليشيات "الجنجويد القاسية" في دارفور أظهرت في تعاملاتها مع الحكومة السودانية أنَّها براغماتية وأكثر ما تكترث بشأنه هو حفاظها على مصالحها السياسية والاقتصادية.

وكتب: "سيكونون مع أي طرف يعرض عليهم أفضل صفقة".

وعلى مدار العقد التالي، استمرت ميليشيات الجنجويد المختلفة في المشاركة في مهمات محلية وإقليمية، خادِمةً مصالحها وكذلك مصالح الحكومة.

ووفقاً لهودسون، فإنَّ القوة الكبيرة التي يقودها حميدتي الآن ستحتاج دوماً للعمل لإبقاء المقاتلين مُشبَعين ومخلصين، وهو ما يزيد احتمالية مواصلتهم العمل خارج حدود السودان.

قال هودسون: "يحتاج (حميدتي) لإبقائهم مُشبَعين، ويحتاج لإبقائهم سعداء. إنَّ لديه بالأساس قوة مرتزقة هو الآن مستعدٌ لتأجيرها في المنطقة، وهذا يجب أن يكون مبعث قلق لكل الدول في المنطقة".

وأضاف: "أعتقد أنَّ الرسالة للسعوديين والإماراتيين هي أنَّه ربما يكون رجلكم في الخرطوم، لكن كونوا حذرين من أنَّه قد يبيع خدماته يوماً ما لمن يدفع أكثر".

تحميل المزيد