ربما لو كان يعلم منفذ هجوم مسجد نيوزيلندا الذي خلفت عشرات الضحايا من المصلين المسلمين، أن الكثيرين سيدخلون في الإسلام بسبب فعلته لرفض القيام بها، ولكن هذا ما حدث بحسب تقرير لصحيفة Stuff النيوزيلندية.
تقول ميغان لوفلادي البالغة من العمر 22 عاماً: "كنت دوماً أبحث عن مكاني، وأن أكون صالحة له؛ لأنني لم أشعر أبداً بأن هناك مكاناً ملائماً لي".
شعرت الفتاة المقيمة في مدينة كانتربري بأن هناك ما يجذبها إلى الإسلام، ودخلت فيه بعد هجمات مسجد كرايستشيرش.
لا توجد أرقام رسمية على مستوى البلاد حول أعداد المسلمين في نيوزيلندا، لكن المؤشرات تشير إلى اهتمام متزايد بالعقيدة الإسلامية.
على سبيل المثال، هناك آلاف أخذوا مصاحف أو كتباً إسلامية أخرى. وينشئ المسلمون في ماناواتو قاعدة بيانات لدعم المتحولين الجدد بشكل أفضل.
وقال الإمام نظام الحق ثانوي، من الرابطة الإسلامية الدولية في نيوزيلندا، إنه فور وقوع الهجوم كان يدخل من ثلاثة إلى خمسة أشخاص إلى الإسلام يومياً في مسجد في ولنغتون.
الداخلون إلى الإسلام يومياً
وفي أوتاغو، نفدت الكتب والمصاحف في يوم مفتوح نظمه المسلمون حديثاً ويخططون لتنظيم يوم آخر، في حين ذكرت مساجد أوكلاند أيضاً أنها تستقبل الكثير من الزوار.
وتذهب ميغان الآن إلى مسجد النور، أحد المسجدين اللذين تعرضا لهجمات مارس/آذار، بصفة منتظمة.
كانت ميغان في حيرة من أمرها قبل الهجمات وشعرت بأنها لم تكن تعرف إلى أين تمضي بها الحياة تحديداً.
هاجرت الموظفة في قطاع الضيافة مع عائلتها من أمريكا إلى نيوزيلندا عندما كانت في السابعة من عمرها. وكانت كرايستشيرش هي المدينة التي استقروا فيها.
ولكن قبل بضع سنوات، أصابتها فاجعة حين رأت قطاراً يصدم حبيبها.
تقول ميغان باكية: "بعد ذلك، كان لسان حالي يقول: لماذا أنا؟ – لماذا كان عليّ أن أخوض هذه التجربة؟".
وقالت: "إذا كان الله عظيماً وقادراً على كل شيء، فلِمَ لَم ينقذني من مرارة خوض هذه التجربة؟ وقلل ذلك من رغبتي في الإيمان".
وبعد سنوات من الشعور بالضياع النفسي والعاطفي، أدت الأحداث التي وقعت بعد 15 مارس/آذار عام 2019 إلى تغيير عميق في حياتها.
القرآن يغيّر النفوس
وأثناء وجودها في هاغلي بارك لحضور صلاة الجمعة مع آلاف الآخرين الذين ما زالوا يعانون من آثار الهجمات، أثّرت تلاوة الإمام في ميغان كثيراً.
وقالت ميغان: "كانت تلاوته عذبة وحركت شيئاً في داخلي. أردت أن أشارك في أداء حركات الصلاة ولكني لم أكن أعرف كيف أفعل، ولذا اكتفيت بالوقوف والبكاء".
وقالت ميغان إنها بعد تفكير عميق شعرت بأنها كانت مسلمة دوماً.
منذ تحولها إلى الإسلام، أصبحت تزور المسجد كل يوم، لتقرأ القرآن والكتب الإسلامية الأخرى، وتقضي وقتاً مع مسلمين آخرين يتعلمون شعائر دينها الجديد.
وقالت: "في الواقع، ازداد شعوري بالراحة، والانتماء للمجتمع بطريقة لم أشعر بها في حياتي من قبل. الله كان يدعوني للراحة".
أما رحلة روب ديوهيرست فقد بدأت في إندونيسيا منذ عقود.
قال: "كنت أعاني فراغاً روحياً. وكنت أحرص على الذهاب إلى الكنيسة ولكن لم ألحظ أنها تملأ هذا الفراغ".
مسلم جديد
كان يعيش في جزيرة سومباوا مع المسلمين، بمن فيهم زوجته المستقبلية، حتى أصبح مبهوراً بأسلوب حياتهم.
نشأ روب في منطقة وايكاتو، وفي فترة شبابه، انضم إلى جمعية خيرية دولية للتنمية. وأُوفد المهندس المدني في مهمة وكان يعمل على تطوير شبكة المياه في المناطق والقرى النائية.
وقال: "عندما كنت في إندونيسيا وذهبت إلى المشروع في سومباوا، قابلت رجلاً يدعى آن يونغ. وما أثار دهشتي حول آن يونغ كان صبره. كان هادئاً ويتعامل مع الأمور ببساطة. كانت تحيط بآن يونغ هالة عظيمة".
وأضاف: "ربما كانت نشأتي هي أكبر العوائق بالإضافة إلى الصورة التي أخذتها عن الإسلام، وهي أن المسلمين هم أولئك الهمجيون الذين خطفوا طائرة وكانوا يصنعون الانفجارات دوماً".
وتابع قائلاً: "كان لذلك تأثيراً سلبياً كبيراً عليّ وعندما ذهبت إلى إندونيسيا، كانت تلك الصورة التي أخذتها عن الإسلام هي الغالبة".
أنجب روب وزوجته أربعة أبناء في إندونيسيا واستقروا أخيراً في نيوزيلندا عام 1997. وقد مضى على زواجهما 33 عاماً.
يقول الإمام ثانوي إن أشخاصاً من مختلف الطوائف يأتون إليه.
وقال: "من الباكيها، والماوري، ومن كانوا يدينون بالمسيحية، بل وقدِم هندوسي أيضاً".
يقول الإمام الذي ينتمي لعائلة من العلماء المسلمين يعيش أفرادها في جميع أنحاء العالم، إن أحداً منهم لم يشهد شيئاً مماثلاً من قبل.