هل بوسع أمريكا إيقاف هجوم نووي كوري شمالي؟ تعرف على سيناريو الحرب التي ليس كمثلها شيء

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/12 الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/12 الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش
التقى كيم وترامب مرتين، الأولى في هانوي، في فبراير/شباط الماضي، والثانية في سنغافورة، يونيو/حزيران 2018، لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق لرفع العقوبات مقابل تخلِّي كوريا الشمالية عن برامجها النووية والصاروخية/ Reuters

هل تستطيع الولايات المتحدة وقف هجوم نووي كوري شمالي؟ ومن سينتصر إذا اندلعت الحرب في شبه الجزيرة الكورية؟

منذ سنوات والعالم يسمع تحذيرات عن سلاح كوريا الشمالية النووي، غير أن معظم العالم كان يتشكك في أن يوم استخدام هذا السلاح سيحين. 

 إذ إن معظم أسلحة كوريا الشمالية غير قادرة على التغلب على الدفاعات الجوية، إلا صاروخ واحد، وهو الصاروخ الأهم من بينها جميعاً. ففي غمضة عين يمكن أن يودي بحياة مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين.

إذ تطور بيونغ يانغ أنواعاً من الصواريخ التي يصعب تعقبها، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

 هل يمكن أن تُطلق كوريا الشمالية سلاحاً نووياً؟

 لا أحد يعرف الإجابة على وجه اليقين، ولكن ما نعرفه حقاً هو أن السيناريو الوارد في هذا المقال هو ما تُهدد به منذ عقود كوريا الشمالية التي باتت تتسم بالعدوانية والقوة المتزايدة.

 وفي حين أنّ النظام الكوري الشمالي المنطوي على نفسه كانت تنقصه في السابق الأسلحة اللازمة لتنفيذ تهديده، فإنه قد بات الآن ممتلكاً للقدرات التي تمكنه من تحويل بعض تهديداته على الأقل إلى وعدٍ ووعيد.

لدى الولايات المتحدة وحلفائها في شرق آسيا مخزون استراتيجي من الأسلحة الدفاعية، غير أن الحروب تتسم بعدم القدرة على توقع ما سيحدث فيها.

هل تستطيع الولايات المتحدة وقف هجوم نووي كوري شمالي؟

هل تستطيع الدروع الصاروخية حماية أمريكا وحلفائها؟

يقول جيفري لويس، خبير الأسلحة المشهور، لمؤسسة Daily Caller News Foundation: "يعتقد الناس أن الدفاعات الصاروخية عصا سحرية، لكنها ليست كذلك.

 إليكم ما سيحدث إذا قررت كوريا الشمالية الضغط على الزناد.

ما الذي يمكن أن يحدث إذا بدا إطلاق الصواريخ وشيكاً؟

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر أن الولايات المتحدة وحلفاءها غير مستعدين لهجوم نووي تشنه كوريا الشمالية.

 إذ إن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لديهما خطط  لتوجيه ضربة استباقية لكوريا الشمالية، في ظل الظروف التي تبدو فيها الضربة النووية الكورية الشمالية وشيكة. وفي الوقت الذي تدرس فيه اليابان خيارات جديدة، فإنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على الدفاعات الأمريكية.

لدى كوريا الجنوبية نظامٌ دفاعي يعمل على ثلاث مراحل.

المرحلة الأولى هي توجيه ضربة استباقية، وهي مصممة لتدمير القدرات الهجومية المتوفرة لدى كوريا الشمالية. وتكشف منظومة "سلسلة القتل" للضربات الاستباقية عن العلامات التي تشير إلى قرب شن هجوم صاروخي نووي من جانب كوريا الشمالية، وستوجه ضربات إلى مواقع الأسلحة النووية وقواعد الصواريخ فيها باستخدام صواريخ موجهة وغيرها من الأسلحة.

كما أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لديهما خطة الاستجابة المشتركة المعروفة باسم خطة العمليات (OPLAN)  5015.

وتعد تفاصيل خطة العمليات 5015 سرية، غير أن هناك اعتقاداً أنها تعزز خطط الطوارئ السابقة، وتحديداً الخطة OPLAN 5029 (زعزعة الاستقرار الداخلي في كوريا الشمالية) والخطة OPLAN 5027 (الإعداد لحرب شاملة)، وخطة لزمن السِلم تشمل التعامل مع الاستفزازات الكورية الشمالية.

صواريخ كورية شمالية خلال عرض عسكري/Reuters

غير أن هناك شكوكاً بأن الخطة OPLAN 5015 تدعو إلى شن ضربات استباقية على المنشآت العسكرية والأسلحة الرئيسية لدى كوريا الشمالية، وربما أيضاً شن ضربات تستهدف قيادة كوريا الشمالية.

خطة أمريكا للقضاء على قدرات بيونغ يانغ بضربة استباقية

وفي حال بدا للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية أن كوريا الشمالية على وشك توجيه ضربة صاروخية نووية، فإن قواتهما قد تحاول القضاء على الصواريخ الكورية الشمالية قبل انطلاقها.

وقد صرح مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، العام الماضي أنَّ الولايات المتحدة يمكن أن تتحرك "لتدمير قدرات الإطلاق الصاروخي على منصة الإطلاق" إذا بدت كوريا الشمالية متأهبة لشن هجوم صاروخي نووي.

ترامب أمريكا كوريا الشمالية العقوبات الأمريكية على كوريا الشمالية
لقاء دونالد ترامب وكيم جونغ أون على الحدود بين الكوريتين/ رويترز

وتجري الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بانتظام تدريبات على حالات الطوارئ تلك. على سبيل المثال، أثناء المناورات السنوية المعروفة باسم "فرخ النسر" و"العزم الرئيسي"، تتدرب القوات الأمريكية والكورية الجنوبية على خطة عمليات 4D، التي تشمل خيارات عسكرية استباقية للكشف عن الضربات الكورية الشمالية وعرقلتها وتدميرها وصدها.

 وينصب التركيز على توجيه ضربات بالغة الدقة للمنشآت العسكرية الرئيسية وأنظمة الأسلحة الموجودة لدى العدو.

ولكن كوريا تحاول التغلب على هذه الخطة بطريقتين 

التحدي الآن هو تزايد عدد الصواريخ الكورية الشمالية الموضوعة على منصات إطلاق متنقلة والمتناثرة في أرجاء البلاد.

 أضف إلى ذلك أن الجيش الشعبي الكوري قد بدأ استخدام صواريخ الوقود الصلب، التي تتطلب وقتاً أقل بكثير في الإعداد، إذ يمكن تزويدها بالوقود مقدماً ولا تحتاج إلى طاقم عمل كبير.

وبالتالي فإن صواريخ الوقود الصلب يمكن إطلاقها بتحذيرات أقل، كما أن اكتشافها وتتبعها أصعب بكثير، مما يجعلها أقل عرضة للاستهداف بالضربات الاستباقية.

ومن بين الإشكالات الأخرى أن الضربات الاستباقية الموجهة ضد كوريا الشمالية يمكن أن تكون أصعب في التبرير من الناحية الدبلوماسية، لا سيما إذا اندلعت على إثرها حرب، وهو الأمر الاحتمال الأرجح.

ماذا لو أن الرؤوس النووية أصبحت في الجو بالفعل؟ 

إذا انطلق صاروخ نووي كوري شمالي إلى الجو، فهناك خطط للتعامل مع هذا الموقف أيضاً.

تعتمد كوريا الجنوبية واليابان على منظومة دفاع صاروخي متعددة المستويات. المستوى الثاني من منظومة الدفاع الثلاثية لكوريا الجنوبية هو منظومة الدفاع الجوي والصاروخي (KAMD)، المصممة لاعتراض الصواريخ القادمة. 

تدعم الولايات المتحدة منظومة الدفاع الصاروخي لكوريا الجنوبية، من خلال نشر منظومة ثاد لدى كوريا الجنوبية، وهو أمرٌ بدأ بعد أن أطلقت كوريا الشمالية أربعة صواريخ في بحر اليابان قبل بضعة أسابيع.

ويمكن ضبط منظومة ثاد للمراقبة (AN/Typ-2) لتعمل بإحدى الطريقتين التاليتين: المنظومة الأمامية والمنظومة الطرفية. في النوع الأخير، يكون لدى الرادار نطاق يبلغ عدة مئات من الأميال، ويمكن أن يسهل إزالة الصواريخ في المرحلة النهائية من الطيران. 

أما النوع الأول، فيكون مدى الرادر فيها متسعاً، مما يجعل من الممكن لمنظومة ثاد أن تستهدف المقذوفات في المرحلة الأولى أو مرحلة الإطلاق.

وللتخفيف من مخاوف الصين بشأن قدرة الرادار على مراقبة أراضيها، وافقت الولايات المتحدة على ضبط منظومة ثاد على الوضع الطرفي. غير أن الصين لا تزال تعارض نشر المنظومة من الأساس.

وتعد منظومة ثاد خطوة مهمة لمنظومة الدفاع الصاروخي لدى كوريا الجنوبية

وفي هذا الصدد يقول بروس كلينغنيرر، المتخصص في الشؤون الكورية واليابانية والباحث الأول المختص في شؤون جنوب شرق آسيا لدى مؤسسة Heritage Foundation: "ثاد أفضل من أي شيء امتلكته كوريا الجنوبية أو ستمتلكه لعقود قادمة. ويلزم أن ننشرها لرفع القدرة الدفاعية لدى القوات الأمريكية والكورية المنشورة هناك".

ويوجد أيضاً عدد من مدمرات إيجيس تعمل في المياه الإقليمية بالقرب من كوريا الجنوبية. 

كما أن الولايات المتحدة تمتلك أيضاً العديد من المدمرات في تلك المنطقة؛ ولدى اليابان ست ولدى كوريا الجنوبية ثلاث. ويمكن لمنظومة الدفاع الصاروخي الباليستي إيجيس أن تتبع العديد من الصواريخ في نفس الوقت وأن تعترض مقذوفات العدو عند الحاجة إلى ذلك.

ولكن المنظومات الدفاعية بها نقاط ضعف

هناك بعض الفجوات في منظومة الدفاع لدى كوريا الجنوبية. أولاً، فإن منظومة KAMD لدى كوريا الجنوبية ليست مدمجة داخل منظومة الدفاع المشتركة الأوسع، بما يضعف فعاليتها بشكل إجمالي. كما أن كوريا الجنوبية عرضة بشكل خاص للصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، والتي اختبرتها كوريا الشمالية بنجاح العام الماضي.

وفي هذا الصدد يشير كلينغنيرر إلى أنَّ اليابان أكثر ميلاً إلى النهج الاستباقي.

إذ إن لديها منظومتي قدرات باتريوت متقدمة PAC 2 و 3، ومدمرات من طراز إيجيس، ومنظومة اعتراض صواريخ من طراز SM-2، كما أن اليابان تفكر في نشر وحدات ثاد وإيجيس أشور على الأراضي اليابانية لتعزيز الدفاع الوطني.

لدى الولايات المتحدة نظم دفاعية أرضية متوسطة المدى في فورت جريلي ألاسكا وفي قاعدة فاندنبرج الجوية في كاليفورنيا.

وفي الحرب الحقيقية قد تحدث هذه المفاجآت غير السارة

غير أن هناك حدوداً للأنظمة المضادة للصواريخ الباليستية.

وصرح كلينغنيرر أنه "بالتأكيد هناك احتمال بتسلل قذيفة دز باليتسية نووية عبر دفاعاتنا المركزة خاصةً وأن معظم الأنظمة الدفاعية الإقليمية لم تُختبر من قبل في ظروف معركة حقيقية".

ويقول جيفري لويس مدير برنامج منع انتشار الأسلحة النووية في شرق آسيا في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية "بالتأكيد تساعد الأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ الباليستية على الحد من التهديدات لكنها لا تقضي عليها

أنظمة الدفاع الصاروخية -بشرح مبسط- تتضمن التصدي لقذيفة بقذيفة أخرى وهي ليست مهمة سهلة.

صرح روجر بيكر رئيس قسم التحليل الاستراتيجي في مركز ستراتفور، وهو إحدى منصات الذكاء الجغرافي السياسي لصحيفة ذا ديلي كولر، "لن تقدم أنظمة الدفاع الصاروخية حماية بنسبة 100%.. لا يضمن تفعيل نظام ثاد توفير الحماية لسيول لكنها إضافة مهمة لنظامنا الدفاعي المعقد والدائم التغير" 

كما أن توسع بيونغ يانغ أسرع من التحصينات الأمريكية.. هل تنتصر بأسلوب الرشقات؟

تطور كوريا الشمالية بسرعة من القدرات اللازمة للتغلب على أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ الباليستية. 

 إذ يقول لويس "بإمكان كوريا الشمالية تصنيع صواريخ (خاصةً صواريخ سكود إي-آر) بسرعة وبتكلفة أقل فنحن لا نستطيع صنع وتفعيل الأنظمة الدفاعية بنفس هذه السرعة والتكلفة المنخفضة. أطلقت كوريا الشمالية في اختبارات الأسلحة والتدريبات العسكرية التي أجرتها مؤخراً صواريخ عديدة بشكل متعاقب أو دفعة واحدة وذلك للتغلب على أنظمة الدفاع الصاروخية لدى أعدائها. 

"يُطلق على هذا اسم "الرمي بالرشقات" salvo ويتم ذلك بغرض تكثيف الضغط على كل أنواع أنظمة الدفاع المضادة للصوايخ الباليستية. 

زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يبتكر طريقة إعدام جديدة!
Reuters/ زعيم كوريا الشمالية يريد حماية عرشه

قال جوشوا بولاك المحرر في دورية The Nonproliferation Review وأحد كبار الباحثين في  مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري لصحيفة ذا ديلي كولر TheDCNF "لا أعرف ما عدد الهجمات المتزامنة اللازم للتغلب على أنظمة إدارة المعارك التي تستخدمها اليوم الجيوش الأمريكية أو الجنوبية الكورية أو اليابانية لكن يبدو أن كوريا الشمالية عازمة على صقل قدراتها الصاروخية." "حتى وإن لم تنجح في التغلب على الدفاعات فستؤدي الهجمات إلى نفاد القذائف حيث يحتوي النظام الدفاعي على عدد محدود من القذائف"

وقالت كيلسي دافنبورت مديرة قسم سياسة منع انتشار الأسلحة النووية في معهد مراقبة الأسلحة لصحيفة ذا ديلي كولر بعد أن أطلقت كوريا الشمالية ثلاثة صواريخ في نفس الوقت في سبتمبر الماضي "قد يؤدي الإطلاق المتزامن للصواريخ إلى التغلب على نظام ثاد ويزيد من مخاطر وصول الصواريخ الباليستية المزودة برؤوس نووية إلى هدفها داخل كوريا الجنوبية" 

 ويقول لويس لشبكة CNN الأمريكية أن "الإطلاق المتزامن لصواريخ متعددة هو إجراء مضاد لأنظمة الدفاع الصاروخية.

ولفت إلى أن بطارية واحدة لنظام ثاد ليست كافية. 

وصرح لويس لصحيفة ذا ديلي كولر "نحتاج على الأقل بطاريتين إن لم يكن أكثر".

ولكن هناك نقطة ضعف لهذا الأسلوب  

" الجانب الإيجابي للموضوع هو أنه إذا تمكنت الدفاعات من التصدي لجولة الإطلاق الأولى فسيكون من الأسهل تحديد موقع  منصات الصواريخ المتحركة أكثر من ذي قبل وذلك لأنه عندما تنطلق الصواريخ الباليستية، ترتفع درجة حرارتها وتلمع بحيث تتمكن الأقمار الصناعية من اكتشاف نقطة إطلاقها بسرعة>

ربما تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها أيضاً من الهجوم على مركبات إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية الفارغة قبل أن تسنح لها الفرصة بإعادة التعبئة لكن ليس هناك ما يضمن هذا." 

ما رد الفعل المتوقع بعد إطلاق كوريا الشمالية لهجوم نووي؟ 

يرى العديد أنه في حالة ما إذا شنت كوريا الشمالية هجوماً نووياً فسترد الولايات المتحدة بالأسلحة النووية وتحول كوريا الشمالية إلى حفرة كبيرة وذلك بغض النظر عن نجاح هجوم كوريا الشمالية أو عدمه. 

فإذا استخدمت كوريا الشمالية سلاحاً نووياً فهل يرغب الأمريكيون حقاً في تسوية بيونغ يانغ بالتراب وقتل مليون شخص؟.

قد يكون هدفهم من الهجوم هو التخلص من القيادة الكورية الشمالية لكن هل من مصلحة العالم أن تستخدم أمريكا الأسلحة النووية خاصة أنه بمقدورها فعل ذلك باستخدام الذخائر دقيقة التوجيه. الإجابة  على هذا السؤال غير واضحة. 

"تبتعد الاستراتيجية الأمريكية عن فكرة الرد بالأسلحة النووية، حسبما قال كلينغنيرر لـ"ذا ديلي كولر".

فالولايات المتحدة لا تقول "هم يمتلكون أسلحة نووية ونحن أيضاً نمتلك أسلحة نووية وسندمر كل مدنهم".

وأضاف قائلاً "إذا شنت كوريا الشمالية هجوماً نووياً فلن تلجأ الولايات المتحدة إلى الرد بالأسلحة النووية إذا تمكنت من تحقيق أهدافها بطرق أخرى." 

كوريا الشمالية أجرت العديد من اختبارات الصواريخ

إن قرار استخدام الأسلحة النووية للرد على كوريا الشمالية سيكون قراراً سياسياً يستند إلى الغضب الشعبي الناتج عن الهجوم وكذلك حجم الهدف ونجاح الهجوم أو فشله. 

صرح بيكر لصحيفة ذا ديلي كولر "لدى الولايات المتحدة سيناريوهات عديدة لحالات الطوارئ العسكرية المحتملة وتعمل على تحديث هذه السيناريوهات خاصة السيناريوهات المتعلقة بكوريا الشمالية، إذا اتخذت كوريا الشمالية إجراءً عسكرياً حتى وإن كان محدود النطاق فسيؤدي إلى تعزيزات كبيرة للجيش الأمريكي وسيتطلب إجراءً عاجلاً من الأمم المتحدة لكن التدخل العسكري الكلي ليس خياراً مستبعداً" 

إذا اندلعت الحرب فسيتعقد الموقف كثيراً، وستكون اليد العليا في هذه الحرب للولايات المتحدة وحلفائها لكن أي حرب في شبه الجزيرة الكورية ستسفر عن أعداد هائلة من الضحايا.

كوريا الجنوبية لديها خطة منفصلة عن الأمريكيين 

تعتمد كوريا الجنوبية واليابان بشكل كبير على الولايات المتحدة في الدفاع عن كل منهما في حالة الأزمات الخطيرة رغم امتلاك كلٍ منهما لجيشها الخاص.

لكن كوريا الجنوبية لديها استراتيجية منفصلة تعرف باسم "خطة العقاب والثأر الكورية (KMPR)" وهي المرحلة الأخيرة من مراحل الدفاع الثلاث لدى كوريا الجنوبية. 

تتضمن خطة العقاب والثأر استخدام قوات خاصة لتقويض القدرات الكورية الشمالية والقضاء على قيادتها، كما ستقوم كوريا الجنوبية بحشد وتعبئة قوات الصواريخ والمدفعية. 

تركز خطة العقاب والثأر على القضاء الكامل على كل موارد بيونغ يانغ. 

صرح أحد مسؤولي الدفاع الكوريين الجنوبيين الذي رفض ذكر اسمه "ستتحول عاصمة كوريا الشمالية إلى رماد وستمحى من على وجه الكرة الأرضية، ستدمر صواريخنا الباليستية والقذائف شديدة الانفجار كل منطقة في بيونغ يانغ وخاصة المنطقة التي تختبئ بها القيادة الكورية الشمالية" 

تدرس اليابان الآن إمكانية تطوير قدراتها الدفاعية المضادة للهجمات لكن لا تزال هذه النقاشات في مراحلها الأولية. 

وبيونغ يانغ مضطرة لاستخدام السلاح النووي

لن تتمكن كوريا الشمالية على الأرجح من الانتصار في نزاع عسكري طويل الأمد بالاعتماد على الأسلحة التقليدية فقط لكن هنا يأتي دور أسلحة الدمار الشامل. 

قال دكتور بروس بنيت وهو أحد كبار الباحثين في منظمة الأبحاث والتطوير RAND "قد تتمكن كوريا الشمالية من إحداث دمار كبير في سيول والمناطق المحيطة بها.

لكن إذا تحلت كوريا الشمالية بضبط النفس واستخدمت الأسلحة التقليدية في هجومها على كوريا الجنوبية فمن غير المحتمل أن تتمكن من التغلب على دفاعات كوريا الجنوبية لكن إذا استخدمت أسلحة الدمار الشامل وغيرها من الأسلحة غير المتماثلة، فقد تتمكن من التغلب على دفاعات كوريا الجنوبية، لكن لا يمكننا الجزم أبداً عندما يتعلق الأمر بالحروب"

 

وصرح وزير الدفاع الأمريكي السابق آشتون كارتر  لصحفيي ABC "أثق بأن الحرب ستسفر عن هزيمة كوريا الشمالية، أود أن أحذركم.. ستشهد هذه الحرب قدراً من العنف لم نره في الحرب الكورية الأخيرة، سيول قريبة للغاية من المنطقة منزوعة السلاح. لذا، حتى إن كانت نتيجة الحرب محسومة فستظل حرباً مدمرة للغاية. 

هل تستطيع كوريا الشمالية ضرب الأراضي الأمريكية؟ 

تهدد كوريا الشمالية دوماً بأنها ستشن حرباً ضد الولايات المتحدة والتي تعتبرها بيونغ يانغ أكبر تهديد لها لكن من غير المحتمل أن تكون كوريا الشمالية قد تمكنت من تطوير تقنيات الصواريخ طويلة المدى القادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة.

لكن كوريا الشمالية تعمل دون كلل ولا ملل على تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والمزودة برؤوس نووية فما هي إلا سنوات معدودة حتى تتمكن من صنعها. 

قالت مكفارلاند نائب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض "هناك احتمال بأن تصبح كوريا الشمالية قادرة على الهجوم على الولايات المتحدة بنهاية الفترة الرئاسية الأولى للرئيس ترامب. 

وقال كلينغنيرر "لا نعرف مدى التقدم الذي أحرزته كوريا الشمالية لكننا متأكدون من أنهم يعملون على ذلك".

يبدو أنها اقتربت من تحقيق هدفها عبر هذه الصواريخ العابرة للقارات   

أطلقت كوريا الشمالية العديد من الأقمار الصناعية باستخدام صواريخ من طراز تايبودونج التي قد تشكل قاعدة أساسية لتصنيع صواريخ بالستية عابرة للقارات. طورت كوريا الشمالية من محركات الصواريخ بشكل فاق توقعات الخبراء السابقة. 

كما يبدو أنها تعمل على تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات متحركة طراز KN-08 وKN-14 

أحرزت كوريا الشمالية تقدماً ملحوظاً لكنها لم تصل بعد إلى إمكانية إعادة تعبئة مركبة إطلاق الصواريخ ولا تزال تعمل على تطوير رؤوس نووية مناسبة.

وهذه هي البلدان التي تستطيع تدميرها حالياً 

إذا شنت كوريا الشمالية حرباً نووية على عدو أجنبي فستتعرض كل من كوريا الجنوبية واليابان إلى الهجوم ويعيش في هاتين الدولتين 180 مليون شخص تقريباً بالإضافة إلى 75,000 جندي أمريكي.

إذا قررت كوريا الشمالية أن تشن هجوماً على هاتين الدولتين وهو قرار لن تتخذه بيونغ يانغ بسهولة فقد يضرب الجيش الشعبي الكوري القواعد الأمريكية والأصول الاستراتيجية أو المناطق كثيفة السكان أو كليهما. 

 أوضح لويس لصحيفة دايلي كولر: "من المقلق أن كوريا الشمالية تعتزم على استهدف الاثنين معاً، فهي تأمل أن الصدمة ستدفعنا إلى التراجع أو على الأقل ستبطئ رد فعلنا" 

"منذ سنوات عديدة، تعهدت بيونغ يانغ بأن "تحترق طوكيو بنيران الأسلحة النووية".

لاجئ يروي كيف
الصواريخ الكورية تستطيع استهداف اليابان ولكن يصعب عليها ضرب أمريكا/رويترز

وفي بداية العام الماضي هددت بأن تحول سيول إلى "كتلة من النيران" وقد اعتادت كوريا الشمالية على إصدار مثل هذه التهديدات. 

في الوقت ذاته، هددت كوريا الشمالية بقصف أصول استراتيجية وموانئ كبيرة وقواعد عسكرية حيوية بل إنها دربت جنودها على ذلك. 

وبعد أيام من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية عن خطط تفعيل نظام ثاد الصاروخي الذي نصبته الولايات المتحدة على الأراضي الكورية الجنوبية صرحت كوريا الشمالية بأنها ستحول سونغجو، وهي موقع النظام الصاروخي، إلى "كتلة من النيران والرماد" 

عندما تجري الولايات المتحدة الأمريكية تدريبات عسكرية مشتركة مع الحلفاء تحسباً لنشوب نزاع في الجزيرة الكورية، تقوم كوريا الشمالية بتدريبات أيضاً على الهجوم على القوات المتحالفة بأسلحة تقليدية أو نووية وعلى الهجوم على النظم الدفاعية للقوات المتحالفة. 

خلال مناورات فرخ النسر المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية العام الماضي، أطلقت كوريا الشمالية صاروخين قصيري المدى في مياه الشاطئ الشرقي. صرحت وكالة الأنباء الكورية المركزية الحكومية حينها قائلةً "إذا ضغطنا على الزر فسندمر أعداءنا في التو واللحظة وسيتحولون إلى كتلة من النيران". 

تظهر صور الخرائط من عملية إطلاق الصواريخ ومن التحليل القائم على مصادر علنية أن الجيش الشعبي الكوري كان يتدرب على الهجوم على ميناء بوسان وهو المكان الذي وصلت فيه غواصة USS Ohio التي تعمل بالطاقة النووية. 

أطلقت كوريا الشمالية أربعة صواريخ سكود واسعة المدى في بحر اليابان أثناء تدريباتها هذا العام، صرحت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن رجال المدفعية بالجيش الشعبي الكوري قد "كلفوا بقصف قواعد المعتدي المستعمر (الولايات المتحدة) في اليابان. 

ويشير التحليل القائم على المصادر العلنية للخرائط المعروضة في مقاطع الفيديو التي عرضها الإعلام الكوري الشمالي بعد الهجوم إلى أن كوريا الشمالية تقوم بمحاكاة هجوم نووي على قاعدة إواكوني الجوية التابعة لقوات المشاة البحرية الأمريكية في اليابان التي لا تتمركز فيها إلا فرقة F-35 من قوات المشاة البحرية. 

وهذا ما ستفعله إذا تعرضت للغزو

 قال لويس معلقاً على التغير الملحوظ في عمليات إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية "تتدرب كلاً من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على غزو كوريا الشمالية، في حين تتدرب كوريا الشمالية على قصفهم بالأسلحة النووية.

قد تؤثر موثوقية الأسلحة واحتمالات لم الشمل على اختيار كوريا الشمالية لهدفها. 

وقال بيكر "الصواريخ الكورية الشمالية برغم تطورها لا تزال تعوزها الدقة، قد تفضل كوريا الشمالية أن تستهدف المنشآت العسكرية الأمريكية في اليابان بترسانتها النووية المحدودة لكن من المحتمل أيضاً أن توجه صواريخها نحو أماكن تمركز السكان كمحاولة لتحويل التأثير السياسي للصراع.

من غير المحتمل أن تستخدم كوريا الشمالية ترسانتها النووية في قصف كوريا الجنوبية لكنها قد تلجأ إلى استخدام الأسلحة الكيميائية لعرقلة وإبطاء رد فعل الولايات المتحدة. 

لماذا قد تطلق كوريا الشمالية صاروخاً نووياً؟ 

ترى كوريا الشمالية أن القنابل النووية هي الضمان الوحيد لاستمراريتها. 

تؤكد كوريا الشمالية على أنها لا تخشى شيئاً وأنها قادرة على محو الولايات المتحدة وحلفائها من على وجه الأرض بأسلحتها النووية الثمينة لكن الواقع يقول بأن بيونغ يانغ تساورها مخاوف بالفناء وبأن الولايات المتحدة وشركاءها الاستراتيجيين ستقضي عليها يوماً ما. ولأن مستقبلها مشوب بالغموض، ترى كوريا الشمالية أن الخيار الأمني الوحيد القادر على حمايتها على المدى الطويل هو تطوير أسلحة نووية. 

وتعد مخاوف كيم جونغ أون عاملاً كبيراً في قرار إطلاق هجمة نووية ضد أي دولة. وقال مسؤول سابق انشق عن الحكومة الكورية الشمالية العام الماضي واسمه تاي يونج هو "أعتقد أن كيم جونغ أون سيضغط على الزر إذا هدد حكمه وعرشه،  فهو لن يتورع عن أي شيء" 

وقال بيكر "وبالنظر إلى  الأمر من وجهة نظر كوريا الشمالية نرى أنها تشعر بأنها تواجه أكبر جيش وأكبر قوة نووية، ومن ثم ترى بأن السعي لامتلاك أسلحة نووية ليس إلا دفاعاً عن نفسها لتعويض ضعفها العسكري" 

صرح بولاك لصحيفة "ذا ديلي كولر" بأنه تتمثل الأهداف الأساسية لكوريا الشمالية في "إيقاف تعزيزات القوات الأمريكية حولها وحماية نفسها من أن تلقى مصير العراق" فهدفها هو في الأساس ردع الأسلحة النووية الأمريكية. 

إذا استخدمت كوريا الشمالية سلاحاً نووياً فسيكون ذلك إما في حالة نشوب نزاع أو إذا كان النزاع وشيكاً أو إذا شكل عامل خارجي خطراً وشيكاً على البلاد،  لكن تصورات هذه الظروف تختلف من طرف لآخر ومن الصعب توقع الإجراءات التي قد تثير غضب بيونغ يانغ وتدفعها لإعلان الحرب. 

قال بيكر "ليس من السهل توقع ذلك، فقد تعتبر بيونغ يانغ مجرد هجوم محدود على منشآتها النووية أو الصاروخية تهديداً وشيكاً وقد ترد باستخدام الأنظمة التقليدية، لكن في ظل التباين العسكري، ستعتبر بيونغ يانغ الهجوم المحدود مقدمة لهجمات أكبر مما سيدفعها إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل وإلا ستكون قدراتها معرضة للتدمير". 

برغم تهديدات كوريا الشمالية، تظل احتمالية شن كوريا الشمالية لهجوم ضئيلة نسبياً لكن قد يقرر كيم جونغ أون الذي يعتبره البعض غير عقلاني أو مجنوناً أن يتخذ هذا القرار غير المتوقع إذا ازداد الضغط عليه. 

 وتعد تهديدات كوريا الشمالية النووية أحد الأمور التي حيرت قادة العالم لعقود طويلة، وتتزايد الترسانة النووية لكوريا الشمالية يوماً بعد يوم.

 وقال لويس "في هذه اللحظة لا يوجد ما يمنع كوريا الشمالية من تعزيز ترسانتها، قد لا نحب كوريا الشمالية لكنها في هذه اللحظة ستكون قد وجدت طريقة تجبرنا على التعامل معها".

تحميل المزيد