لا تُبدي الحرب الأهلية المحتدمة في اليمن بين قوات الحكومة التي تدعمها من السعودية والإمارات، وقوات المتمردين الحوثيين المتحالفة مع إيران أنها على شفير الانتهاء حتى اللحظة، حتى مع إعادة شركاء مهمّين في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، مثل الإمارات العربية المتحدة، النظر في موقف قواتهم في البلاد.
الحوثيون يهددون عدن
قتلت قوات الحوثيين ما لا يقل عن 40 شخصاً في الأول من أغسطس/آب، في هجوم معقد شنّته على عرض عسكري في مدينة عدن الساحلية، باستخدام صاروخ باليستي وطائرة بدون طيار. وكان من بين الضحايا أعضاء في الحزام الأمني، وهو قوة محلية تدعمها ودرّبتها الإمارات.
وقال شهود عيان إن الصاروخ الباليستي سقط خلف منصة المتحدث بالضبط بعد أن اختتم الجنرال حديثه مباشرة. وقال الحوثيون إنهم استخدموا صاروخاً باليستياً متوسط المدى وطائرة بلا طيار من طراز Qasef-2K محملة بالمتفجرات لشنّ الهجوم الذي أودى بحياة اللواء منير اليافعي.
هجمات متطورة وتكتيكات معقّدة
من الناحية التكتيكية، يُبرز الحادث قدرة الحوثيين على شن هجمات متطورة ودموية في جميع أنحاء اليمن كما يقول مركز الدراسات الأمريكي Stratfor. وتوضح الطبيعة التنسيقية للهجوم أن الحوثيين أصبحوا أكثر كفاءة في تنفيذ الهجمات باستخدام صواريخ بالستية وطائرات بدون طيار، كما تبرز القدرات التي يمتلكها الحوثيون وسيستخدمونها في هجمات مستقبلية في اليمن والسعودية. واستهداف عرض عسكري أثناء تنظيمه وخلال خطاب أحد متحدّثيه يبيّن أن الحوثيين تمكنوا من جمع معلومات استخباراتية يمكنهم الاعتماد عليها لاتّخاذ خطوة عملية في عدن.
أما على الصعيد السياسي، يعتبر الهجوم أحد جهود الحوثيين للعودة إلى مسرح الأحداث في عدن بقوّة؛ فبينما ينتشر العنف القبلي والإجرامي في المدينة الساحلية، لم تتمكن قوات الحوثيين من شن مثل هذا الهجوم الضخم على القوات اليمنية التي يقودها التحالف السعودي هناك منذ طرد الحوثيين من عدن في عام 2015.
الحوثيون يتحدّون التحالف
وربما يحاول الحوثيون إظهار قدرتهم الحالية على تحدي التحالف الذي تقوده السعودية في محاولة لتقويض المفاوضات السياسية التي تدعمها الأمم المتحدة، والتي تميل إلى تفضيل الحكومة اليمنية التي تحظى بالدعم الدولي والتحالف الذي تقوده السعودية.
وقد يمثل الهجوم أيضاً محاولة لاختبار مدى قدرة الإماراتيين، الذين سحبوا قواتهم مؤخراً من أجزاء من اليمن، على توحيد قوات التحالف المتفرّقة التي تقاتل في صف الحكومة اليمنية. وربما كان هدف الهجوم كذلك هو تقويض معنويات قوات التحالف في أعقاب الانسحاب الإماراتي.
وقد وقع الهجوم في قلب منطقة نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو جماعة انفصالية متحالفة مع الحكومة اليمنية المركزية في الحرب ضد الحوثيين، وتربطها علاقات سياسية قوية بالإمارات. وبمقتل اليافعي المتحالف مع المجلس، قد يلقى الحوثيون الآن ردّاً انتقامياً من الجماعة الانفصالية الجنوبية.
لماذا عدن؟
فقد الحوثيون السيطرة على عدن لتسيطر عليها قوات التحالف عام 2015، بعد عدّة أشهر من إحكام قبضتهم على المدينة الساحلية الاستراتيجية التي تعدّ ثاني أهم مركز تجاري في اليمن بعد العاصمة صنعاء. ومنذ عام 2015، لم تكن هجمات الحوثيين هناك تضاهي في دمويتها هجمات الأول من أغسطس؛ فعلى سبيل المثال، أُحبِط هجوم شنّه الحوثيون باستخدام صاروخ باليستي في سبتمبر/أيلول 2018 على المدينة، ولم يتسبب في وقوع إصابات.
وجرى التصدّي لأول هجوم بمروحية يشنّه الحوثيون على قاعدة التحالف في عدن في يوليو/تموز 2018، حيث أسقطت قوات التحالف الطائرة بدون طيار. وبشكل عام، زاد الحوثيون من هجماتهم التي استخدموا فيها طائرات بدون طيار في جميع أنحاء اليمن في عام 2019، بما في ذلك هجوم يناير/كانون الثاني الذي استهدف عرضاً عسكرياً آخر في محافظة لحج الجنوبية الغربية، فضلاً عن أكثر من 30 هجوماً في السعودية.