حاولت كاري ليم، رئيسة هونغ كونغ، الثلاثاء 9 يوليو/تموز، إنهاء ما بات أسوأ أزمةٍ دبلوماسيةٍ في البلاد منذ عقودٍ، بإعلانها إلغاء مشروع قانون تسليمٍ جنائيٍّ مثيرٍ للجدل، كان قد أطلق موجةً من الاحتجاجات امتدت لأسابيع.
الكلمة التي كان المتظاهرون يطالبون بها هي "سحب" مشروع القانون أو "chit wui"، وهو مطلبٌ أساسيٌّ للمتظاهرين، يقضي بسحب المشروع رسمياً من أمام البرلمان، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
تلاعب بالألفاظ
وفور انتهاء المؤتمر الصحفي انتقد المتظاهرون "تلاعبها بالألفاظ"، وتعهَّدوا بتنظيم مزيدٍ من الاحتجاجات إن رفضت الاستجابة لمطالبهم.
لكن آخرين قالوا إذا لم يتم سحب مشروع القانون، وفقاً للقواعد وإجراءات السلطة التشريعية، فلا يسعهم إلا الاعتماد على وعد لام بعدم إعادة إحياء المشروع.
يقول يان عامل الإنشاءات البالغ من العمر 35 عاماً، الذي طلب ألا يذكر اسمه كاملاً: "هي لم تقل شيئاً في الواقع، ضمانها الشخصي لا يعني شيئاً، لم يُسحب مشروع القانون ولا يزال بإمكانهم إعادة تقديمه بشكلٍ آخر".
أزمة في عدم الثقة
جاء مشروع قانون التسليم الجنائي، الذي يخشى منتقدوه أن تستخدمه بكين كأداةٍ سياسيةٍ للمطالبة بتسليم الخارجين عليها ومنتقدي حكومتها، ليصُب عليه متظاهروا هونغ كونغ استياءهم، لأنه يُعد أيضاً مثالاً حياً لتقلص حريات المدينة تحت وطأة سيطرة بكين.
وكانت لام، التي انتُخبت من قِبَل لجنةٍ مكونةٍ من 1194 فرداً، يُسيطر عليها الممثلون السابقون لبكين، محط كثيرٍ من ذلك الاستياء، بل وطالب المتظاهرون بتنحيتها.
يقول أنتوني دابيران، مؤلف كتاب City of Protest، المقيم في هونغ كونغ: "مستوى عدم الثقة بين لام وحكومتها عميقٌ للغاية في هذه المرحلة، إلى حدّ أن أنصاف الإجراءات هذه ليس من المرجح أن تُقبل، وعلى الأغلب سيستمر المتظاهرون".
يُشير المتظاهرون إلى سجل لام من الحنث بالوعود التي تُطلقها للرأي العام، مثل قولها إنها ستستقيل إن طالبها الرأي العام بذلك، مع ذلك قالت في بيان الثلاثاء إنها لن تتنحى.
ويقول النقاد إنه حتى وإن أُلغي مشروع القانون حقاً، فمن المستبعد أن يُسترضى المتظاهرون. يقول دينيس كووك، العضو الديمقراطي بالمجلس التشريعي والمنتمي للحزب المدني: "المشروع قد أُلغي، لكن الناس لم يعودوا يثقون به".
المظاهرات ستستمر وقد تفضي لتغيير حقيقي
رفضت لام كذلك الاستجابة لمطالب أخرى للمتظاهرين، من بينها إطلاق سراح أولئك المعتقلين أثناء الاحتجاجات، وإجراء تحقيقٍ مستقلٍّ في استخدام الشرطة للقوة على المتظاهرين يوم 12 يونيو/حزيران، حين استخدم الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والهراوات ضد جموعٍ واسعةٍ من المسالمين.
يقول جوزيف شينغ، أستاذ العلوم السياسية المتقاعد بجامعة مدينة هونغ كونغ: "ستستمر الحملة، يُريد الناس نتائج ملموسةً، وهم غير سعداء بما رأوه حتى الآن".
ورغم أن المظاهرات قد تقل في الحجم، إلا أن شينغ يعتقد أن المتظاهرين سيستمرّون. لقد تجاوزت مطالبهم مجرد سحب مشروع القانون، يحث المتظاهرون كذلك الحكومة على اتخاذ إصلاحاتٍ ديمقراطيةٍ من بينها اقتراعٌ عام، وهو ما كان مطلباً رئيسياً لموجةٍ سابقةٍ من المظاهرات وقعت عام 2014.
يقول جوشوا وونغ، من قيادات الطلاب في مظاهرات 2014، والأمين العام لحزب ديموسيستو: "جوهر هذه الحركة السياسية هو المطالبة بانتخاباتٍ حرةٍ؛ لأن كل أزمات الحكم منبعها عدم المساواة السياسية، سيستمر المتظاهرون".