"يجب ترحيل هؤلاء اللاجئين المؤيدين لبشار الأسد"، تصاعدت الدعوات من قبل العديد من المسؤولين الألمان إلى ترحيل بعض فئات اللاجئين المؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد، وتحديداً الذين ارتكبوا جرائم خلال وجودهم في ألمانيا.
ويأتي هذا ضمن جدل بين المسؤولين حول ترحيل اللاجئين السوريين الذين ارتكبوا جرائم.
وبعد فشلهم في حسم الجدل، مدد وزراء داخلية الولايات الألمانية الـ 16 مع ختام مؤتمرهم الجمعة 14 يونيو/حزيران 2019، في مدينة كيل، حظر ترحيل السوريين إلى بلادهم حتى نهاية العام الحالي مبدئياً إلى حين حسم الموضوع
ودعوا وزارة الخارجية في الحكومة الاتحادية إلى وضع تقييم أمني جديد لسوريا بحلول الخريف، ليعودوا للنقاش حول إمكانية ترحيل فئات محددة منهم في مؤتمرهم القادم الذي سيعقد في ذلك الوقت.
وتوقفت الولايات الألمانية عن ترحيل السوريين منذ عام 2012، وسيبقى كذلك حتى نهاية 2019 لأسباب إنسانية، بحسب ما صرح اليوم الجمعة هانس-يواخيم غروته، وزير داخلية ولاية شليزفيغ هولشتاين، الذي ترأس المؤتمر هذه الدورة.
وينظر وزراء داخلية الولايات الألمانية ووزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، في إمكانية ترحيل عدد من فئات اللاجئين مثل مرتكبي الجرائم والخطرين إلى سوريا.
وقال غروته إنه تمت مطالبة الداخلية الاتحادية بوضع تصور لإعادة هاتين المجموعتين لسوريا.
الوزراء الألمان مختلفون حول ترحيل اللاجئين
وعبر بوريس بستيريوس، وزير داخلية ولاية ساكسونيا السفلى والمتحدث باسم مجموعة الوزراء المنتمين للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في مؤتمر صحفي مشترك عن ارتياحه لتمديد حظر الترحيل لسوريا لنهاية العام، مشيراً إلى تحدثهم عن إيقاف حظر الترحيل لسوريا مؤقتاً في المستقبل، لمجموعات معينة.
وقال إنهم لم يلاحظوا حدوث تحسن للوضع في سوريا، لذلك طلبوا جميعاً من الحكومة الاتحادية، تقييماً جديداً عن الوضع لأجل مؤتمر وزراء الداخلية الألمان القادم في الخريف.
وقال إن ترحيل الخطرين ومرتكبي الجرائم (الجسيمة) إلى سوريا يمكن التفكير فيه
على أساس صورة وضع محدثة، ضمن تقرير تفصيلي حول سوريا يظهر تحسن الوضع هناك.
وكان بستيريوس قد وصف سوريا بأنها "حالة خاصة"، لا تزال حرب أهلية تدور فيها، لا يمكن إعادة معارضي الأسد إليها، لأن ذلك يعني تعريضهم للخطر، واصفاً الترحيل إلى هناك حالياً بالأمر الذي لا يمكن تصوره البتة.
وبحسب آخر تقييم لوزارة الخارجية الألمانية للوضع الأمني في سوريا، ما زالت هناك مخاطر شديدة تتمثل في الاعتقال والتعذيب تهدد العائدين، إلى جانب العمليات القتالية.
بعضهم يدعون إلى ترحيل بعض فئات اللاجئين المؤيدين للرئيس السوري
وكان وزراء داخلية ولايات بايرن وساكسونيا وبادن فورتمبرغ (المنتمون للمحافظين) قد دعوا منذ انطلاق المؤتمر إلى وضع استثناءات تمكنهم من ترحيل مرتكبي الجرائم والخطرين والذين يجاهرون بولائهم لنظام بشار الأسد مستقبلاً، أو الذين يذهبون في إجازة لسوريا.
إذ دعا وزير داخلية ولاية بايرن يواخيم هيرمان (من الحزب المسيحي الاجتماعي الذي ينتمي إليه وزير الداخلية الاتحادي) إلى عدم اعتبار ترحيل مرتكبي الجرائم والخطرين إلى سوريا بأسرع وقت ممكن من المحظورات، وإلى وضع تقييم جديد للوضع في سوريا.
وقال هيرمان أن هدفه يكمن في أن يكون بالإمكان ترحيل مرتكبي الجرائم الذين لا تتوافر لديهم أسباب لجوء خاصة أخرى إلى سوريا، في موعد أقصاه مطلع العام ٢٠٢٠، مؤكداً أنه لن يعني ارتكاب كل مخالفة للقانون بأن اللاجىء بات مهدداً بالترحيل، وأنه سيؤخذ بالحسبان، السبب الذي ساقه اللاجىء لطلبه اللجوء في ألمانيا.
وقال هيرمان لشبكة "بايرشه روندفونك" العامة اليوم الجمعة إنه "ينبغي القول بوضوح "يتوجب عليكم العودة مجدداً لدمشق"، على نحو خاص لأناس موالين للأسد مثلاً، وارتكبوا جرائم عنف جسيمة.
وقدر الوزير عدد الذين يمكن ترحيلهم لسوريا بعدة مئات، مبرراً ذلك بالقول إنه في الواقع، يحكم الأسد مناطق واسعة من البلاد مجدداً، وعندما يذكر الناس أنهم موالون للأسد، فلا يمكن لشخص كهذا الادعاء بأنه سيتهدده ما هو سيئ إذا عاد إلى دمشق.
وعارض الوزير الاشتراكي بستيريوس في ساكسونيا السفلى، دعوات زميله هيرمان في بايرن هذه، مشيراً إلى الوضع الأمني غير الآمن هناك.
وزير أكبر ولايات ألمانيا يعتذر لضحايا الأسد
وكان وزير داخلية ولاية شمال الراين فستفاليا هيربرت رويل قد أثار الاستياء بتصريحات له للقناة الألمانية الثانية على هامش المؤتمر عندما قال إن بإمكان الملاحقين من قبل نظام الأسد وطلبوا اللجوء في ألمانيا، العودة إن اقتضى الأمر، زاعماً بأنه لم يعودوا ملاحقين بعد الآن.
وعندما لفت المذيع انتباهه مستغرباً إلى أن الأسد ما زال في السلطة بل وسع من مناطق نفوذه، قال رويل، إنه ليس مسؤولاً عن شأن اللاجئين في ولايته.
وأشار إلى وجود مناطق في سوريا لا يحكمها الأسد يمكنهم العودة إليها، في حال كانت آمنة.
وحاول رويل استرضاء المنزعجين من تصريحاته قائلاً في سلسلة تغريدات على تويتر اليوم، وساق مثلاً "لو صمت لبقيت فيلسوفاً"، مبيناً أنه خلط بين الملاحقين ومؤيدي الأسد في المقابلة، وأرجع ذلك إلى غَشْيَة خرقاء تعرض لها في مقابلة على الهواء مباشرة، انزعج هو نفسه منها، معبراً عن اعتذاره لضحايا رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وأكد أنه بالطبع ما زال هؤلاء الناس ملاحقين في سوريا، وبحاجة لحمايتهم في ألمانيا. وبين أن مقصده كان أنه لم تعد هناك حجة لدى الذين بينوا عند دخولهم لألمانيا أنهم هاربون من "داعش"، لأنهم من الموالين للأسد.
وحتى لو اتخذوا قراراً بالترحيل ستظهر لهم مشكلة جديدة بسبب الأسد
وستكون السلطات الألمانية أمام معضلة سياسية إن قررت بدء الترحيل إلى سوريا; إذ ما زالت السفارة الألمانية مغلقة أمام دمشق.
كما أن برلين ستصبح مضطرة للتواصل مع النظام السوري، لتنسيق رحلات الترحيل الجوية.
لذا أشارت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" يوم الأحد الماضي إلى أن الترحيل لسوريا سيكون إشكالياً، نظراً لأن الأسد تعامل بأقصى قسوة مع مئات الآلاف من المدنيين ما زال في السلطة.
وأوضحت أن الترحيلات الرسمية ستكون بمثابة شرعنة غير مباشرة للنظام السوري.
وكان وزير داخلية ولاية بافاريا باير قد قال إنه يتوقع أن تبين الحكومة الاتحادية، مع من يمكن للسلطات الألمانية التعاون في سوريا لتنفيذ الترحيلات، مقراً بأنه سيتوجب عليهم في الواقع أن يكونوا على تواصل مباشر مع "حكومة دمشق"، وذلك بغض النظر عما إذا وجد المرء ذلك جيداً أم لا، وكيف تطور الأمر إلى هذا النحو.