لم تمض ساعات قليلة على إعلان روسيا، الأربعاء 12 يونيو/حزيران 2019، التوصل إلى هدنة جديدة في منطقة إدلب التي تشهد تصعيداً من النظام السوري وحلفائه، حتى تعرَّضت إحدى نقاط المراقبة التركية في المنطقة إلى هجوم مباشر، أدَّى إلى وقوع إصابات من الجانب التركي.
هذا النوع من الهجوم لم يكن الأول من نوعه، فقد تعرَّضت عدة نقاط تركية في إدلب لهجمات متعددة، إلا أن توقيت هذه العملية هو ما يلفت الانتباه، ويطرح تساؤلات عديدة حول جدية روسيا والنظام السوري في التهدئة بإدلب.
حيثيات الهجوم
ذكرت وزارة الدفاع التركية أن إحدى نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب، تعرَّضت لهجوم بـ35 قذيفة مورتر، مؤكدة أنه "متعمَّد" وأدى لإصابة 3 أشخاص، وإلحاق أضرار بالمعدات.
هذه النقطة المستهدفة تعد واحدة من 12 نقطة مراقبة عسكرية أخرى، تنشرها أنقرة في إدلب، وهي المنطقة التي تدخل في اتفاق مناطق "خفض التصعيد"، وتم التوصل إلى اتفاق بين تركيا، وروسيا، وإيران على إنشاء منطقة خفض توتر هناك في العام 2017.
تهدئة على الورق فقط
اللافت للانتباه في هذا الهجوم أنه جاء بعد ساعات قليلة من إعلان الجانب الروسي عن مبادرة تقضي بوقف تام لإطلاق النار في كامل أراضي منطقة إدلب، اعتباراً من منتصف ليلة 12 من يونيو/حزيران.
لكن هذه المبادرة لم تر النور، ليأتي هذا الهجوم، الذي يبدو أنه مقصود زمانياً ومكانياً ليخلط الأوراق في المنطقة من جديد، ويعيد وساطات التهدئة إلى نقطة الصفر.
فالجهة التي نفَّذت هذا الهجوم تعلم حساسية هذا المكان، وخطورة استهداف نقاط المراقبة التركية، كما أنها تحمل عدة احتمالات.
أولها: وجود خلاف جزئي بين النظام السوري وروسيا حول الذهاب إلى تهدئة في إدلب، خاصة أن قوات المعارضة كانت قد تقدَّمت بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة في عدد من المناطق على حساب قوات النظام.
ثانياً: من المحتمل أن تكون روسيا على وفاق مع النظام حول عدم إمكانية الذهاب لتهدئة في إدلب بهذا التوقيت، فأعلنت روسيا موافقتها على التهدئة لحفظ ماء وجهها أمام أنقرة، لكنها غضَّت الطرْف عن هذا الهجوم.
حاولت روسيا تبرئة ساحتها من هذا الهجوم، وقالت إنَّ مَن هاجم نقطة المراقبة التركية هم فصائل المعارضة، وهو ما يتعارض مع التصريح التركي الذي أكد أن الهجوم جاء من جانب النظام السوري من منطقة الشريعة بسهل الغاب.
وعلى الرغم من تضارب التصريحات بين الجانبين فإن تركيا تعلم بالتأكيد مَن يقف وراء الهجوم، والرسائل التي يحملها، إلا أنها لا تستطيع الانجرار لمواجهة عسكرية ضد النظام، وبالتالي روسيا وإيران، ولا تملك سوى الضغط على الجانب الروسي لإبرام اتفاق تهدئة يعيد الهدوء إلى المنطقة.