سلاح غريب والأسطول الأمريكي يتدخل.. ملابسات يجب التوقف عندها في هجوم خليج عمان

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/13 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/13 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
احتراق ناقلة النفط في مياه خليج عدن بعد مهاجمتها اليوم الخميس - رويترز

"يجب منع الصراع المسلح بين إيران وأمريكا بأي ثمن" بعد ساعات من إدلاء رئيس الوزراء الياباني بهذه الكلمات خلال لقائه مع الرئيس الإيراني، فوجئ العالم بوقوع هجومين غامضين على ناقلتي نفط في خليج عمان قبالة السواحل الإيرانية.

في الهجمات السابقة في منطقة الخليج العربي كانت أصابع الاتهام تشير إلى إيران التي يعتقد أنها تحاول الانتقام من العقوبات الأمريكية  عبر استهداف حلفاء واشنطن، وتحديد الإمارات مثلما حدث في هجوم الفجيرة، أو السعودية عبر الحوثيين حلفاء طهران.

ولكن ملابسات وتوقيت الهجومين الأخيرين تطرحان تساؤلات أكثر تعقيداً عن منفذ الهجمات على ناقلتي النفط في خليج عمان والمستفيد منه.

ما نعرفه عن الهجمات على ناقلتي النفط في خليج عمان

الهجمات استهدفت ناقلتي نفط سنغافورية ونرويجية، تعرضتا لانفجارات وحرائق صباح اليوم الخميس 13 يونيو/حزيران 2019 في مياه خليج عمان، وتم إخلاء طواقمهما وإعلان التأهب.

وقالت وكالة رويترز إن الناقلة الأولى تسمى "فرونت ألتير" وتشغلها شركة الشحن النرويجية "فرونتلاين"، أما الثانية فاسمها "كوكوكا كاريدجس" وتشغلها شركة "بي.إس.إم شيب" السنغافورية.

وتفيد تقارير متعددة بأن حدث هو نتيجة عمليات تخريب، أما التفاصيل فلم تظهر كلها بعد.

فقد نقلت رويترز عن طاقم الناقلة "كاريدجس" أنها ما تزال في منطقة خليج عمان ولا تواجه الغرق، وأنه تم انتشال الطاقم من قارب إنقاذ على يد سفينة مجاورة اسمها "كوستال إيس".

وأضافت أن أحد أفراد الطاقم أصيب بإصابة طفيفة ويتلقى العلاج، وذلك بعدما تسبب "هجوم" في أضرار بالجانب الأيمن من الناقلة.

وذكر مصدر من طاقم "كاريدجس" أنها كانت في طريقها من الجبيل بالسعودية إلى سنغافورة، وهي محملة بشحنة ميثانول، مضيفاً أن الشحنة سليمة.

الإيرانيون ينقذون 44 بحاراً أجنبياً

"سفن إيرانية أنقذت 44 بحاراً أجنبياً، وتم نقلهم إلى ميناء جاسك الإيراني"، حسبما قال مصدر لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وجاء في موقع العالم الإيراني أن هناك غرق وشيك لإحدى ناقلتي النفط في بحر عمان.

ولم توضح المصادر الإيرانية أي من السفن التي كانت معرضة لهذا الغرق الوشيك، أو تلك التي تم انتشال بحارتها.

ولكن فقا لوكالة بلومبيرغ الأمريكية، فإن حريقاً شبّ في "فرونت ألتير" بعد أن شحنت حمولتها من نفط أبوظبي، وقبل أن تنطلق في البحر.

ونقلت بلومبيرغ عن الأسطول الأمريكي الخامس أن مشغلي إحدى ناقلتي النفط وصفوا الحادث بأنه بفعل هجوم.

موقع الهجوم والسلاح المستخدم يثيران الريبة

 ولم يعرف بعد كيف تم تنفيذ الهجوم، ولكن صحيفة "تريد ويندز"، المعنية بالشحن، نقلت اليوم الخميس، عن مصادر لم تحددها، أن طوربيداً أصاب ناقلة نفط مملوكة لشركة "فرونت لاين" النرويجية، قبالة سواحل إمارة الفجيرة بالإمارات.

واستخدام طوربيد في مثل هذه الهجمات يعد أمراً غريباً، فمنفذو مثل هذه الهجمات عادة يريدون إحاطتها بقدر من الغموض، ولذلك فإنهم يفضلون استخدام أسلحة يصعب تتبعها، وأن تكون مستخدمة لدى الجيوش والجماعات المسلحة والإرهابية في ذات الوقت، بحيث يصعب إثبات من يتحمل مسؤولية الهجوم.

ولكن استخدام طوربيد في الهجوم قد يشير إلى أن هناك دولة تقف وراءه، أو أن طرفاً يريد أن يلقي اللوم على الهجوم.

اللافت أيضاً أن الهجوم تم بالقرب من السواحل الإيرانية، إذ كانت السفينة النرويجية تبعد 70 ميلاً بحرياً تقريباً عن الفجيرة ونحو 14 ميلاً بحرياً عن إيران.

 وماذا قال الأسطول الخامس الأمريكي؟

الأسطول الأميركي الخامس، الذي يوجد مقره بالبحرين، أعلن أنه تلقى نداءي استغاثة منفصلين عند الساعة 6:12 صباحاً وعند الساعة 7:00 صباحاً بالتوقيت المحلي، وقال إن قواته موجودة في المنطقة وتقدم المساعدة.

وإمارة الفجيرة، التي وقعت بالقرب منها الهجوم هي أحد أكبر مراكز تزويد السفن بالوقود في العالم، وتقع خارج مضيق هرمز القريب.والبحرية البريطانية تحذر

من جانبها، أعلنت مجموعة "عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة" -التي تديرها القوات البحرية البريطانية- صباح اليوم الخميس، عن وقوع حادث غير محدد في خليج عُمان قرب الساحل الإيراني.

ووفقاً لوكالة أسوشيتد برس، فقد أعلنت المجموعة البريطانية حالة التأهب دون أن تقدم المزيد من التفاصيل، واكتفت بالقول إنها تحقق مع شركائها في الحادث.

ولكنها دعت إلى "توخي الحذر الشديد" في ضوء حالة التوتر السائدة بين الولايات المتحدة وإيران.

الهجوم سُمع في سلطنة عمان وباكستان.. وأسعار النفط ترتفع

كما سبق أن ذكرت وسائل إعلام إيرانية، وأخرى لبنانية مقربة من إيران، أن موانئ باكستان وسلطنة عمان تلقت نداءات استغاثة من ناقلتي نفط.

وطلبت الناقلتان المساعدة من الدول المطلّة على بحر عُمان. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن القيام بتلك العمليات.

وصعدت أسعار النفط اليوم الخميس، بعدما قالت وحدة تابعة للأسطول الملكي البريطاني، إنها على علم بحادث يتعلق بناقلة في خليج عمان بالقرب من سواحل إيران.

وبحلول الساعة 0646 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت دولارين أو 3.3% إلى 61.97 دولار للبرميل.

 وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.41 دولار، أو 2.7% إلى 52.55 دولار للبرميل.

وفي الهجوم السابق الذي وقع قبالة الفجيرة، لم توجه الإمارات الاتهام إلى إيران

وكانت أربع ناقلات للنفط تعرضت لهجوم قبالة سواحل الفجيرة الإماراتية الشهر الماضي، حيث قدمت الإمارات والسعودية والنرويج وثيقة إلى الأمم المتحدة مؤخرا قالت فيها إن الألغام المستخدمة في الهجوم وضعها على السفن غواصون كانوا في زوارق سريعة، دون إشارة إلى الجهة المنفذة.

وفي 21 مايو/أيار الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن احتمال أن تكون طهران مسؤولة عن استهداف السفن أمر "ممكن جداً"، في حين ترفض إيران هذه الاتهامات بشدة.

ويعتقد أن الإمارات فضلت عدم توجيه اتهام مباشر لإيران بتنفيذ هجوم الفجيرة الذي وقع الشهر الماضي خوفاً من تأثيرات ذلك اقتصادها، لأن مثل هذا الإعلان من شأنه رفع تكلفة الشحن والتأمين في البلاد، إضافة إلى تداعياته السياسية.

ولكن هذه المرة وقع الهجوم في منطقة أقرب إلى الساحل الإيراني.

والأمر اللافت للانتباه أيضاً هو توقيت الهجوم

وبدأت الأزمة الحالية بين إيران وأمريكا بسبب إلغاء إدارة ترامب للإعفاءات الممنوحة لعدد  من الدول لاستيراد النفط الإيراني بهدف إيصال الصادرات النفطية الإيرانية إلى صفر.

وصلت الأزمة ذروتها إلى تبادل التهديدات، ولكن شهدت مؤخراً تهدئة بعدما أعلن ترامب أنه لا يريد تغيير النظام الإيراني ويريد التفاوض معه بشروط مختلفة، وطلب خلال زيارته لليابان وساطة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذي توجه بالفعل إلى طهران.

وهناك قال كلاماً مثيراً للاهتمام جداً قبيل سويعات من الهجوم.

"نحذر من اشتباكات عارضة في منطقة الشرق الأوسط" قال آبي هذه الكلمات بعد اجتماعه مع الرئيس الإيراني في طهران يوم الأربعاء.

 وأضاف الزعيم الياباني: "يجب منع الصراع المسلح بأي ثمن. السلام والاستقرار في الشرق الأوسط لا غنى عنهما ليس بالنسبة لهذه المنطقة فحسب، بل من أجل الازدهار العالمي. لا يريد أحد الحرب".

وأضاف: "نريد لعب أكبر دور ممكن حتى نخفف التوتر. هذا ما دفعني للمجيء إلى إيران".

الهجوم تزامن مع زيارة رئيس وزراء اليابان لإيران/ reuters

ووصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الانفجارات بأنها "مشبوهة" .

وقال إن الحادث وقع بينما كان المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي يجتمع مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذي يعتقد أنه يقوم بوساطة لحل الأزمة بين واشنطن وطهران بطلب من الرئيس الأمريكي.

وآبي هو أول زعيم ياباني يزور إيران منذ الثورة الإسلامية في عام 1979.

واليابان حليفة للولايات المتحدة وتربطها في الوقت ذاته علاقات دبلوماسية جيدة مع إيران، مما يجعلها في موقع فريد للتوسط بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.

ويبدو أن تحذيرات آبي من اشتباكات عارضة يمكن أن تتطور إلى نزاع مسلح، قد اقتربت من التحقق أسرع من المتوقع.

في المقابل، فإنه من الواضح أن القادة الإيرانيين قد تلقفوا الوساطة اليابانية التي قد تمثل بالنسبة لهم طوق نجاة من العقوبات الأمريكية حتى لو أهانت كرامتهم قليلاً بعدما تراجعت واشنطن عن الاتفاق النووي.

وفي وقت سابق أبلغ مسؤولان إيرانيان رويترز بأن طهران ستطلب من طوكيو التوسط بينها وبين واشنطن لتخفيف العقوبات النفطية المفروضة على إيران.

إذاً، مَن دبَّر الهجوم على ناقلتَي النفط بخليج عُمان؟

توقيت الهجوم الذي جاء عقب زيارة رئيس الحكومة اليابانية لإيران يثير تساؤلات عديدة، هل ترسل إيران رسالة ضغط إضافية مع استقبالها لآبي أم أن هناك من يريد إفساد الوساطة اليابانية؟

وإذ كانت إيران هي المسؤولة عن الهجوم، فلماذا وقع بالقرب من سواحلها بينما هجوم الفجيرة السابق وهجمات الحوثيين وقعت داخل الحدود الإماراتية والسعودية بشكل يبعد التهمة نسبياً عن إيران.

هل تخلت إيران عن حذرها لتهاجم سفينتين قرب سواحلها بطوربيد وفي ظل وجود لسفن تابعة للأسطول الخامس الأمريكي أم أن هناك مَن يريد أن يبدو الأمر كذلك.

أما إذا كان الهجوم مدبراً من جهة تريد توريط إيران، فمن هذه الجهة، هل يعقل أن تكون دولة خليجية رغم أن الإمارات والسعودية بدأتا تشعران بوطأة التصعيد وتأثيراته السلبية على اقتصادهما وأمنهما أم كان هناك جهة أخرى قد تستفيد من التوتر في الخليج ولن تتضرر إذا تدهورت الأمور مثل إسرائيل أو حلفائها من الصقور الأمريكيين؟

يبدو أن منفِّذ الهجومين يريد دوماً أن تبقى هذه التساؤلات عالقة لتبقى كل الإجابات والسيناريوهات محتملة عسى أن يختار هو منها.

تحميل المزيد