من هو الخاسر أكثر إذا خرجت تركيا من مشروع الطائرة الإف 35، هل لدى تركيا بدائل للطائرة أف 35؟، وكيف ستعوض الولايات المتحدة غياب أنقرة.
ليست هذه أول مرة تلوح فيها أمريكا بعدم تسليم تركيا طائرات إف 35، التي تعاقدت عليها الأخيرة.
فحتى قبل الجدل حول حيازة صواريخ أس- 400 الروسية، كان هناك جدل مماثل يربط بين هذه الطائرات التي تعتبر الأفضل في العالم وبين احتجاز تركيا للقسّ الأمريكي أندرو جاكسون.
وتركيا لن تكون الخاسر الوحيد إذا خرجت من المشروع، كما يبدو للوهلة الأولى، فالولايات المتحدة ستواجِه بدورها مشكلات إذا أخرجت أنقرة من المشروع، حسبما قال وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس.
فهل وصل البلدان إلى مرحلة اللاعودة، وهل لديهما بدائل إذا استفحلت الأزمة؟
يمكننا التراجع عن كل هذه الخطوات إذا تخلَّى أصدقاؤنا الأتراك عن الصواريخ الروسية
كانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن وقف مشاركة الطيارين الأتراك في التدريب على طائرات إف 35، وذلك في حلقة جديدة من سلسلة خطوات تهدف إلى الضغط على تركيا للتخلي عن شراء صواريخ إس 400 الروسية، ولكن اللافت قول وكيلة وزارة الدفاع الأمريكية إيلين لورد: "إن كل الخطوات التي اتَّخذتها الولايات المتحدة يمكن الرجوع فيها".
وأضافت: "إذا اختارت تركيا التخلي عن تسليم إس- 400، فنحن نتطلع إلى استعادة نشاط البرنامج العادي".
الأمر أكبر من مجرد صفقة عسكرية، فهذه الطائرة قد تُعيد تشكيل العالم
واللافت في هذا السياق، أنَّ التعقيدات الراهنة في الأزمة التركية- الأمريكية تتجاوز الخسائر الاقتصادية.
إذ تمتدُّ آثار الأزمة إلى الخسائر والمميزات العسكرية الدفاعية واللوجستية لكل منهما، وربما تتسبب نتائج هذه الأزمة في إعادة تشكيل جانب من محاور التحالفات الجيوستراتيجية في أوروبا والشرق الأوسط.
فقد تكون الأزمة نقطةً فارقةً في مسيرة بدأتها تركيا تحت قيادة أردوغان في الابتعاد عن الغرب.
بدأت المسيرة مع أزمة الانضمام للاتحاد الأوروبي، وخذلان الغرب لأنقرة في الصراع السوري، والتوتر مع روسيا، والملف الكردي.
هذه المواقف الغربية جعلت أنقره تميل إلى روسيا، التي تحاول بدورها الحصول على مكاسب عدة من التنسيق مع الأخيرة، خصوصاً فيما يتصل باستقطاب حليف مهم للولايات المتحدة و "الناتو"، فضلاً عن المكاسب اللوجستية المتعلقة بحرية المرور في مضيق البوسفور.
في ضوء كل ذلك تعتبِر تركيا حصولها على المقاتلة الأمريكية هو "استحقاق" وليس "منحة"، كما يبدو أنها لا تريد أن ترمي كل بيضها في سلة الغرب، التي ثبت أنها يمكن أن تكون مراوغة.
لماذا تصرُّ تركيا على شراء هذه الصواريخ الروسية؟
سبق أن قال وزير الخارجية التركي إن بلاده أرادت شراء صواريخ باتريوت، أمريكية الصنع، لكنها لم تكن قادرة على الحصول على التزام من واشنطن بذلك.
وفي صيف 2015، أعلنت هولندا وألمانيا والولايات المتحدة، الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أنهما سيقومان بسحب أنظمة الدفاع الجوية "باتريوت" من تركيا، لعدم حاجة أنقرة لها بعد الآن، على حدِّ تعبيرهم.
وجاء ذلك في وقت كانت العلاقات التركية الروسية تتسم بالتوتر، وترك هذا القرار أنقرة التي لا تمتلك نظام دفاع جوي متطور مكشوفة أمام الروس، الذين تكرَّرت اختراقاتهم بعد ذلك للمجال الجوي التركي، إلى أن انتهى الأمر بإسقاط تركيا لطائرة روسية من طراز سوخوي 24، الأمر الذي خلق أزمةً خطيرةً بين البلدين.
وبعد هذه التجربة المريرة، يمكن فهم سرِّ حرصِها على امتلاك هذه المنظومة
ومن الأسباب التي تجعل تركيا تصرُّ على إبرام هذه الصفقة الحصول على تكنولوجيا التصنيع لهذه المنظومة، خاصة أن أنقرة عانت كثيراً حتى حصلت على موافقة روسيا على معرفة عمل تقنية هذه المنظومة، ما يتيح لتركيا مستقبلاً تصنيع هذه المنظومة محلياً، أو على الأقل المشاركة في تصنيعها مع روسيا.
ومن الأهداف التركية أيضاً لهذه المنظومة استمرار التعاون مع روسيا، التي باتت اللاعب الأهم في الأزمة السورية، إضافة إلى تركيا وإيران، فهذه الصفقة تقرِّب إلى حدٍّ كبير في وجهات النظر بين موسكو وأنقرة حيالَ هذا الملف الحساس والهام بالنسبة لتركيا، وإبرام هذه الصفقة يأتي في إطار المزيد من التقارب بينهما.
ولماذا يخشاها الأمريكيون لهذا الحدِّ؟
سبق أن قالت كاتي ويلبارجر، القائمة بأعمال مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي الأمريكي: "إس-400 كمبيوتر وإف-35 كمبيوتر. لا يمكنك توصيل جهاز الكمبيوتر الخاص بذلك التابع لخصمك، وهذا بالأساس ما سنفعله".
وتم تصميم الطائرة S-400 الروسية لإسقاط الطائرات الأمريكية وقوات التحالف، في نطاقات وأطوال وأكبر من الأنظمة القديمة.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يشعرون بالقلق من احتمال تعرُّض تقنية F-35 الحساسة المصممة للتهرب من هذا النظام للخطر، واستخدامها لتحسين نظام الدفاع الجوي الروسي إذا كانت تركيا تمتلك كلا النظامين، حسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
وعرضت تركيا على واشنطن مقترحاً بتشكيل مجموعة عمل مشتركة إن كانت الولايات المتحدة واثقة من ادّعاءاتها حول تشكيل المنظومة تهديداً لأنظمة الناتو.
ما الذي ستخسره تركيا، وماذا ستكسب من خروجها من المشروع؟
تعدّ مشاركة تركيا في مشروع إف 35، الذي يعد المشروع الأكبر في التاريخ العسكري للعالم برمته أمراً مهماً للبلاد من نواحٍ عدة.
إذ تستفيد البلاد اقتصادياً من دورها في تصنيع الطائرة، وعلمياً واستراتيجياً من اكتسابها للمعرفة العلمية في هذا المجال المهم، وكذلك عسكرياً، فإنها ستُصبح واحدةً من أكبر الدول التي تمتلك هذه الطائرة الشبحية ذات القدرات الاستثنائية.
ولكن في المقابل، فإن مشاركة تركيا في المشروع لا تخلو من عيوب، أولها أنه يشكِّل مزيداً من الاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر للتسليح بشكل كبير.
ولكن الأهم أن هناك دواعي أخرى للقلق، تتعلق بالمخاوف الأمنية المتعلقة بالطائرة.
حقيقة المخاوف المتعلقة بالطائرة.. هيمنة أمريكية
من المحتمل أن تستخدم الولايات المتحدة نظام المعلومات اللوجستية المستقل في المستقبل، كوسيلة فريدة من نوعها لفرض رقابة على الطائرات المصدَّرة من هذا الطراز.
وبناء على توجيهات الحكومة الأمريكية، يمكن أن تسمح شركة "لوكهيد مارتن" بحرمان أي بلد يحصل على طائرات إف-35 من التحديثات الحيوية، أو قد تعمد إلى تعطيل قدرات الطائرات النفاثة عن بعد، إذا لزم الأمر.
ومن المرجَّح أن تكون السلطات الأمريكية قادرة على استخدام الشبكة، باعتبارها ناقلاً لهجوم سيبراني لتعطيل الطائرة تماماً.
وحتى اللحظة الراهنة، لم تتمكن سوى إسرائيل من تأمين الحقوق من شركة "لوكهيد مارتن"، لتثبيت برامجها الخاصة على الطائرات، التي من شأنها أن تسمح لها بالعمل بشكل مستقل عن الشبكة السحابية للشركة الأمريكية.
ليست الأزمة الأولى، وزير الدفاع الأمريكي يحذِّر الكونغرس
وخلال عام 2018 وقعت أزمة مماثلة، ولكنها كانت أسوأ بسبب اعتقال أنقرة للقس الأمريكي أندرو برانسون، إضافة إلى مشكلة الصواريخ الروسية.
ففي أغسطس/آب 2018، مرَّر الكونغرس الأمريكي قانوناً قد يُوقِف بيع 100 مقاتلة من طراز F-35، من إنتاج شركة Lockheed Martin Corp لتركيا؛ وذلك بسبب الاتفاق الذي يمكِّن الأتراك من شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية.
إلا أنَّ وكالة Bloomberg الأمريكية علَّقت آنذاك قائلة، إن قرار حرمان الأتراك من هذه المقاتلات التي تعد الأحدث في العالم ليس بالسهل.
إذ إنَّ تركيا تُخطط لشراء 100 طائرة من طراز إف-34 إيه. وبصفتها شريكاً في البرنامج، فإنَّ القطاع العسكري المحلي لديها يساعد في صناعة طائراتٍ من طراز إف-35.
فأمريكا قد تواجه قائمة طويلة من المشكلات
فخروج تركيا سيؤثر على المشروع برمته.
والمشكلة أن وقف تصدير الطائرة إلى تركيا قد يؤدي إلى تفاقم عدة مشكلات في برنامج الطائرة، الذي يواجه مشاكل أصلاً.
فتركيا ليست مجردَ شريك في تصنيع الطائرة.. بل تحتكر بعض مكوناتها.
وستجني 10 شركات تركية أرباحاً تقترب من 12 مليار دولار من صناعة مكونات للطائرة F-35، من بينها مكونات أساسية مثل مركز جسم الطائرة وبعض معدات الهبوط.
وتمثل تركيا المصدرَ الوحيدَ في العالم لإنتاج بعض المكونات، مثل نظام عرض قمرة القيادة.
والأمر الأبرز هو أنَّ شركة Turkish Aerospace Industries تُصنِّع مركز جسم الطائرة.
وقد اختيرت أيضاً مركزَ دعمٍ لمجموعة إف-35 الدولية.
وتمثل شركة Ayesas المُورِّد الوحيد لمكوّنين رئيسيين في طائرة F-35، هما: وحدة إطلاق الصواريخ عن بُعد، ونظام عرض قمرة القيادة البانورامي.
أما شركة Kale Aerospace، فتصنع الهيكل الميكانيكي للطائرات والقِطع التي تثبِّت دواليب الطائرات في أثناء الهبوط.
وتصنع شركة Fokker Elmo ما يمثل 40% من نظام الربط الكهربائي البيني السلكي لمحرك F135 المستخدم في الطائرة.
وتصنع شركة Alp Aviation الهياكل الميكانيكية للطائرات، وأجزاء معدات الهبوط، وأكثر من 100 قطعة لمحركات F135، من بينها شيفرات الدوارات المتكاملة المصنوعة من مادة التيتانيوم.
وتركيا قد تردُّ بشكل يؤدي إلى عرقلة الطائرة
في حال منعت الولايات المتحدة صفقة الطائرات، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد يُوقِف تدفق تلك المكونات من بلاده، حسب وكالة Bloomberg.
وكتب وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، في يوليو/تموز 2018، في خطابٍ له وجهه إلى الكونغرس: "إن انقطع توريد المكونات التركية اليوم، فسيُسبِّب ذلك تعطُّلاً في إنتاج الطائرات، وهو ما سيؤخر تسليم من 50 إلى 75 طائرة ما يقرب من 18 إلى 24 شهراً، إلى حين توفير مصدر آخر للمكونات".
ولم يقل أردوغان كثيراً عمَّا يمكن أن يفعله في حال حدوث ذلك.
وتأثير الأزمة سيتعدَّى الطائرة إلى تغييرات سياسة كبيرة
وتمثل مبيعات الطائرات، وضمن ذلك طائرة F-35، نسبة 40% من عائدات شركة لوكهيد مارتن لعام 2018، التي تزيد على 50.3 مليار دولار.
ولقد تحدَّث كلٌّ من قادة الكونغرس ومسؤولي البنتاغون ومديري "لوكهيد مارتن" بشكل متكرر، عن الحاجة إلى خفض التكلفة الإجمالية للبرنامج إلى أقل من 100 مليون دولار لكل مقاتلة، إذا كان البرنامج سيكون مستداماً.
ولكن أي خطط للتوفير في التكاليف تمت مناقشتها من قبلُ، كانت في الأصل تشمل شراء تركيا المخطط له 100 طائرة من طراز F -35.
والمائة طائرة التي تنوي تركيا شراؤها تمثل أكثر من 20% من المبيعات الأوروبية للطائرة، التي تبلغ حوالي 478 طائرة حتى عام 2030.
إذ إنها رابع دولة من حيث حجم الطلبات على الطائرة بعد أمريكا واليابان وبريطانيا.
ومما يزيد الطين بلة بالنسبة للشركة هو أن بريطانيا وإيطاليا تفكران في تقليص مشترياتهما المرتقبة من الطائرة.
إلى جانب أن إخراج تركيا من المشروع قد يفجر أزمة أخرى تتعلق بوضع القسم الأمريكي من قاعدة إنجيرليك التركية، التي تشكل مركزاً حيوياً للتحركات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.
هل لدى تركيا بدائل للطائرة أف 35؟
وفي أغسطس/آب 2018، انتقد الرئيس رجب طيب أردوغان قرار الولايات المتحدة تأجيل تسليم الطائرات، قائلاً: "تركيا لديها بدائل أخرى لطائرات مقاتلة من طراز F-35".
وأكد أن "تركيا بحاجة إلى صواريخ إس-400، كما تحتاج تركيا أيضاً طائرات F-35".
وأضاف أن العالم لم يعد مكوناً من دولة واحدة، وهناك كثير من البدائل.
وقال الرئيس التركي: "إذا لم يقدِّموا لنا فسنشتريها من مكان آخر، أو سنُنتجها".
السوخوي بديلاً
وتحدثت تقارير إعلامية عن أن تركيا قد تلجأ إلى شراء طائرات حربية روسية من طراز Sukhoi Su-57 (سوخوي 57) ذات المحركين، بدلاً من F-35 ذات المحرك الواحد، إذا أوقفت واشنطن تسليم الأخيرة رداً على شراء أنقرة أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز S-400 من روسيا.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "يني شفق" اليومية التركية، فإن تكلفة الطائرة الروسية Sukhoi Su-57، التي يتم تطويرها من أجل التفوق الجوي والعمليات الهجومية تقارب نصف تكلفة الطائرة F-35.
وأضاف التقرير أن الطائرة المقاتلة الروسية من الجيل الخامس يمكنها أن تستجيب لاحتياجات تركيا الوطنية أكثر من طائرة F-35.
والروس يتحرّكون فعلاً
"مستعدون لتقديم طائرة الجيل الجديد Su-57 لتركيا"، كانت هذه كلمات مسؤول رفيع روسي رفيع المستوى، تعليقاً على الأزمة بين الولايات المتحدة وأنقرة.
وقال سيرجي شيمزوف، رئيس شركة روستك الروسية الحكومية، في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية "هذه الطائرات المقاتلة الروسية من الجيل الخامس [Su-57] لها صفات بارزة وتبشر بالخير للتصدير".
ومازالت طائرة Su-57 الروسية قيدَ التطوير، وتواجه مشاكل أكبر من برنامج الإف 35، ولكنها تظلّ المنافس الأقرب للطائرة الأمريكية في السباق على ريادة الجيل الخامس من الطائرات الحربية.
وقال مسؤول بمشتريات الدفاع التركية لـ "Defense News" إن "التقييم الجغرافي الاستراتيجي" سيجعل الخيارات الروسية تظهر كخيار طبيعي.
وأضاف المسؤول: "تكنولوجيا المقاتلات الروسية ستكون الخيار الأول الأفضل إذا تصرف حلفاؤنا الأمريكيون بطريقة غير صديقة، وشككوا في عضوية تركيا في برنامج إف 35.
والبديل قد يكون منتجاً وطنياً ولكن له مشكلاته أيضاً
وقد يعني خروج تركيا من مشروع إف 35 تحويل الأموال المخصصة له للتركيز على مشروع تصنيع المقاتلات التركية "تاي تي إف-إكس"، بدلاً من ذلك.
ولكن هذا يؤخر حصول تركيا بشكل كبير على طائرات مقاتلة من الجيل الخامس، نظراً لكلفة وطول المدة اللازمة لتطوير هذه الطائرات في وقت يواجه هذا المشروع الرائد صعوبات في الاتفاق مع شركة بي إيه إي سيستمز (BAE SYSTEMS) البريطانية".
في الوقت الحاضر، لا تتوقع الشركة التركية لصناعات الفضاء أن يكون نموذج "تاي تي إف-إكس" قادراً على التحليق حتى سنة 2023 على الأقل.
ما هي البدائل بالنسبة لأمريكا؟
المشكلة بالنسبة لأمريكا ليست في إيجاد بدائل لتركيا فقط في مشروع الإف 35 فقط، بل أيضاً في العديد من الملفات.
فإخراج تركيا من البرنامج من شأنه التأثير على علاقات البلدين الاستراتيجية، حيث كانت تركيا بموقعها الجغرافي الاستراتيجي مهمة للسياسة الأمريكية، سواء في الشرق الأوسط أو في المواجهة مع روسيا.
كما يوجد في تركيا مستودع لإصلاح محركات إف-35 بمدينة أسكي شهر في غرب البلاد.
وفي مارس/آذار 2019، قال مسؤول أمريكي إن الولايات المتحدة تبحث تدابير للتعامل مع الإصرار التركي على الصفقة، ومنها محاولة إيجاد مواقع بديلة لمستودع للمحركات في تركيا.
وأضاف المسؤول أن البدائل المحتملة ستكون على الأرجح في غرب أوروبا.
وقالت وكيلة وزارة الدفاع الأمريكية، إيلين لورد: "هناك 937 قطعة تنتجها الصناعات التركية"، منها ما يزيد قليلاً عن 400 تأتي من مصادر تركية فقط، هذا ما نركز عليه بشكل خاص. ونحن نعمل مع شركة لوكهيد مارتن فيما يتعلق بالطائرة، ومع برات آند ويتني بالنسبة للمحرك، للعثور على مصادر بديلة".
وأفادت مصادر بولندية مطلعة لوكالة "نوفوستي" الروسية، أن بولندا ستسعى للإسراع في الحصول على مقاتلات "إف 35" الأمريكية، في حال فشل صفقة "إف 35" بين واشنطن وأنقرة.
وأضافت المصادر أن "بولندا إن جاز التعبير تقف في الطابور للحصول على تلك الطائرات، وفي حال كانت الولايات المتحدة ترغب في بيع هذه الطائرات لبولندا، فإنه ليست لدى وارسو أي فرصة للحصول عليها قبل تركيا في ظروف عادية.
المشكلة أن هذا البلد مهم بشكل استثنائي
لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فقد أقرَّ تقرير سابق للبنتاغون بموقع تركيا الاستراتيجي الجغرافي الفريد من الجهة الجنوبية الشرقية لحلف شمال الأطلسي، يجعل من خيار التخلي عنها صعباً.
وقال التقرير إن "لدي أنقرة أيضاً خطة موثوقة" لزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024، وهو مطلب رئيسي يطرحه الرئيس دونالد ترامب على الشركاء في حلف شمال الأطلسي.
وقال البنتاغون في هذا التقرير: "على الرغم من التوترات الثنائية، لا تزال تركيا شريكاً عسكرياً منتِجاً في كثير من المناطق"، حيث يوجد أكثر من 2000 جندي أمريكي و "العشرات من الأصول الجوية والرادارية" في البلاد.
والحل قد يكون في توفير بديل موثوق للأتراك
وبينما تحاول الولايات المتحدة إثناء تركيا عن خطط شراء صواريخ "إس-400" الروسية، اقترحت الإدارة الأمريكية حزمة بديلة لتزويد تركيا بنظام دفاع جوي وصاروخي قوي وقادر متوافق مع حلف الناتو، ويتطلب دعماً من الكونغرس، وفقاً لما ذكره ملخص التقرير.
وقال البنتاغون إن هذا "ضروري لتوفير بديل حقيقي من شأنه أن يشجع تركيا على الابتعاد عن صفقة S-400 الضارة"، حسب تعبيره.
وقد زار وفد من وزارة الدفاع الامريكية تركيا قبل أسابيع قليلة، وعرض على الجانب التركي منظومة الدفاع الجوية الأمريكية باتريوت كبديل عن المنظومة الروسية، لكن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بهذا الشأن رغم الإغراءات التي قدمتها واشنطن.
وقال أردوغان إن بلاده مهتمة بشراء باتريوت في حال كان العرض الأمريكي مناسباً إلى جانب المنظومة الروسية.
واستشهدت تركيا في رفضها لإلغاء الصفقة الروسية بالغموض المحيط بنقل التكنولوجيا في صفقة الباتريوت، وكذلك الجدول الزمني الخاص بها.
لكن الجانب الأمريكي أكد لتركيا أن العرض مشروط بإلغاء صفقة إس-400 وهو مستبعد تماماً، إذ أكد أردوغان ألا عودة للصفقة مع روسيا.