تدوينة على تويتر لأحد مؤسسي تنظيم الجهاد ادعى فيها أن النشاط الاقتصادي للسوريين في مصر من أموال التنظيم الدولي للإخوان، التقطها محامٍ مقرب من السلطة وتقدم ببلاغ للنائب العام محرضاً على اللاجئين السوريين في مصر، ليأتي الرد الشعبي مرحّباً، فما هي حقيقة النشاط الاقتصادي للسوريين في مصر؟ وما هي أعدادهم؟
كم لاجئاً سورياً في مصر؟
نبدأ من أعداد اللاجئين السوريين في مصر، فنجد أن إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تشير إلى وجود نحو 133 ألف سوري، منهم أكثر من 55 ألف طفل (نحو 42%)، وهذه هي أرقام المسجلين لدى المفوضية.
أما أرقام الحكومة المصرية فتضع الرقم ما بين 250 و 300 ألف سوري، في بلد عدد سكانه يفوق 100 مليون مواطن، ويعيش السوريون في مصر جنباً إلى جنب مع المواطنين المصريين وليس داخل معسكرات للاجئين أو مناطق محددة.
ما هو حجم استثماراتهم؟
إجمالي الأموال التي يستثمرها السوريون في مصر منذ اندلاع الأزمة في بلدهم في مارس/آذار عام 2011، بحسب الأرقام الصادرة من الأمم المتحدة، يقدر بنحو 800 مليون دولار، من خلال 30 ألف مستثمر مسجل لدى السلطات المصرية.
وفي السياق ذاته، تشير البيانات الصادرة عن هيئة تقييم أوضاع اللاجئين في مصر، في آخر تقرير لها عام 2017، إلى أن 85% من اللاجئين السوريين في مصر غير قادرين على تلبية الاحتياجات الأساسية للمعيشة، وأن 64% منهم يضطرون للجوء إلى الاستدانة لمواجهة أعباء الحياة، بحسب موقع المفوضية السامية للاجئين في مصر.
هذه البيانات الرسمية تناقض ما جاء في المذكرة التي تقدم بها المحامي المصري سمير صبري، المعروف بقربه من السلطات المصرية، إلى النائب العام يطالبه فيها بوضع الاستثمارات السورية في مصر تحت الرقابة القانونية، ذاكراً أن حجم الاستثمارات السورية في مصر يقدر بـ23 مليار دولار.
ما هي مجالات عمل السوريين في مصر؟
يحق للاجئ أن يعمل في بلد اللجوء بحسب القوانين المحلية والقوانين الدولية والأممية، ولكن في ظل ارتفاع نسبة البطالة في سوق العمل المصرية يعاني غالبية السوريين في مصر من صعوبة الحصول على عمل وبالتالي يلجأون – شأنهم شأن المصريين – إلى سوق العمل غير الرسمية، بحسب التقارير الأممية.
أما عن أبرز المهن التي يعمل بها السوريون فهي إعداد الطعام بشكل عام والحلويات الشرقية بشكل خاص، أما أصحاب بعض التخصصات مثل الأطباء فيواجهون صعوبات جمة في العمل في مصر، بسبب عدم اعتراف الحكومة المصرية بالشهادات السورية، لكن ذلك لا يمنع أن الطبيب السوري سيجد من يلجأ إليه طلباً للكشف من جيرانه أو معارفهم، نظراً لطبيعة الحياة في مصر.
ويعتمد غالبية السوريين في مصر على المساعدات من المنظمات التابعة للأمم المتحدة في مصر، مثل برنامج الغذاء الدولي الذي يقدم كوبونات غذاء لنحو 52% من اللاجئين المسجلين، كما يتلقى نحو 40% منهم مساعدات مالية من المفوضية السامية للاجئين.
أما عن أماكن تجمع السوريين في مصر، فيتركزون بشكل أساسي في منطقة العاصمة أو القاهرة الكبرى التي تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، ولكن البعض منهم يتواجد في محافظات الدلتا، وأيضاً منطقة القناة، وبنسبة أقل في محافظات الصعيد، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
ترحيب شعبي بالأشقاء
نبيل نعيم، أحد مؤسسي تنظيم الجهاد الإسلامي، زعم في حديث له مع البي بي سي، أنه "علم بهذا الأمر (تمويل الإخوان للسوريين في مصر) بنفسه خلال حضوره أحد المؤتمرات الدعوية في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2017 بحضور مفتي الأراضي السورية وبعض العلماء المحسوبين على نظام الرئيس السوري بشار الأسد".
وادعى نعيم أنهم ذكروا له، خلال أحاديث جانبية، أن السوريين الذين يقيمون في مصر يديرون مشاريع واستثمارات بأموال التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وعبر وسطاء من بعض الدول في الإقليم.
تدوينة نبيل نعيم وبلاغ سمير صبري للنائب العام وما تبعهما من بعض المنشورات المسيئة، قابلها تدشين هاشتاغ #السوريين_منوريين_مصر على تويتر، والذي حظي بزخم كبير وتصدر مواقع التواصل الاجتماعي في رسالة دعم وترحيب بالسوريين على أرض مصر.
وتنظر الغالبية العظمى من المصريين إلى السوريين على أنهم إخوة وأشقاء، ومن خلال جولة بسيطة لسؤال المواطنين في شوارع القاهرة عن مدى رضائهم عن وجود السوريين في مصر والأنشطة التي يعملون بها، بادر أغلبهم بالقول إن السوريين يمثلون "نموذجاً ناجحاً للإنسان الذي يستطيع النهوض من جديد، وبناء ذاته بعد فقد كل شيء، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.
حملة الترحيب بالسوريين في مصر نالت إعجاب الصحف العربية، وفي مقدمتها الإعلام المصري، وندد العديد من الكتاب بما وصفوه بـ "الحملة" ضد السوريين في مصر.
ووصف الكاتب حمدي رزق، في المصري اليوم، الموقف بقوله: "السوريون في مصر حالة نموذجية من العيش المشترك، لم يصدر عنهم ما يخشى منه، ولم يتورطوا فيما يشينهم، السوريون يعيشون بيننا يعملون في كل شيء إلا السياسة، نعم باتوا ظاهرة عددية واقتصادية واستثمارية لا تخطئها عين مراقب، وليس هناك ما يمنع في بلد يتمنى الاستثمار ويسعى إليه حثيثاً".
ويحذر الكاتب من أن "ما وراء هذه الحملة جد خطير يستهدف قلقلة أوضاع السوريين المستقرة، وإحداث فتنة بين الإخوة، والقول بسيطرة سوريا على الأعمال التجارية قول خبيث، فلا ضير من دخول السوريين مجال الأعمال، هم تجار شطار، وصادفوا فسحة فنفذوا منها إلى الأسواق، واستثمروا أموالهم، وغنموا رزقاً وفيراً".