ضربت الاحتجاجات هونغ كونغ بعد تظاهر مئات الآلاف من الأشخاص الأسبوع اعتراضاً على التعديلات القانونية التي من شأنها تسهيل عملية تسليم الأفراد من المدينة شبه المستقلة إلى الصين. وإليكم ما قد يفعله قانون تسليم المجرمين المُعدَّل وأسباب إثارته للجدل، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ما هو قانون تسليم المجرمين المقترح؟
ويسمح قانون تسليم المجرمين المُعدَّل بتسليم المشتبه بهم إلى البر الرئيسي للصين للمرة الأولى. ويقول الداعمون إنَّ التعديلات ضرورية لضمان عدم تحول المدينة إلى ملاذ للمجرمين، لكنَّ المنتقدين قلقون من أنَّ بكين قد تستخدم القانون لتسليم المعارضين السياسيين وغيرهم إلى الصين، وهناك لا يمكن ضمان الحمايات القانونية لهم.
تدَّعي الحكومة أنَّ الدافع لتعديل القانون، الذي سيُطبَّق كذلك مع تايوان وماكاو، ناجم عن مقتل سيدة من هونغ كونغ العام الماضي أثناء وجودها في تايوان مع حبيبها. وتشتبه السلطات في تايوان في حبيب السيدة، الذي لا يزال في هونغ كونغ لكن لا يمكنها محاكمته؛ لأنَّه لا توجد اتفاقية لتسليم المجرمين.
وبموجب القانون المُعدَّل، يمكن تسليم أولئك المتهمين بارتكاب جرائم تصل عقوبتها إلى سبع سنوات أو أكثر. ومن شأن القانون الجديد أن يمنح قائد هونغ كونغ، المعروف بالرئيس التنفيذي، سلطة الموافقة على طلبات التسليم بعد مراجعتها من المحاكم. ولن يكون للسلطة التشريعية في هونغ كونغ، المجلس التشريعي، أي رقابة على عملية التسليم، بحسب الصحيفة البريطانية.
لماذا يشعر سكان هونغ كونغ بالغضب الشديد من مشروع القانون؟
يخشى الكثيرون من سكان هونغ كونغ أن تستخدم السلطات قانون تسليم المجرمين المقترح لاستهداف الأعداء السياسيين. وينتابهم القلق من أن يُمهِّد القانون الجديد لنهاية سياسة "دولة واحدة ونظامان"، ما يؤدي لتآكل الحقوق المدنية التي تمتَّع بها سكان هونغ كونغ منذ تسليم السيادة عليها من المملكة المتحدة إلى الصين عام 1997.
وقال الكثيرون ممن شاركوا في الاحتجاجات يوم الأحد 9 يونيو/حزيران 2019 إنَّهم لا يمكن أن يثقوا في الصين؛ لأنَّها كثيراً ما استخدمت الجرائم غير السياسية لاستهداف منتقدي الحكومة، وقالوا إنَّهم أيضاً يخشون من أنَّ مسؤولي هونغ كونغ لن يكونوا قادرين على رفض طلبات بكين.
وعبَّر عاملون بمجال القانون كذلك عن قلقهم بشأن حقوق أولئك الذين يتم إرسالهم عبر الحدود للخضوع للمحاكمة. فمعدل الإدانة في المحاكم الصينية مرتفع، ويصل إلى 99%. ويُعَد الاحتجاز التعسفي والتعذيب والحرمان من التمثيل القانوني الذي يختاره الشخص أمراً شائعاً هناك كذلك.
ماذا يقول مؤيِّدو مشروع القانون؟
يقول المؤيدون إنَّ التشريع ضروري لسد "ثغرة" في القانون الحالي وحماية هونغ كونغ من أن تصبح "ملاذاً للهاربين الدوليين". ووعد المسؤولون بالحماية من الانتهاكات، وتعهَّدوا بعدم إرسال أي شخص مُعرَّض لخطر الاضطهاد السياسي أو الديني إلى البر الرئيسي للصين، وشدَّدوا على دور القضاة المحليين باعتبارهم "حُرَّاساً" لطلبات التسليم. ولن يُسلَّم كذلك المتهمون الذين يمكن أن يواجهوا حكم الإعدام.
ما مقدار ضغط بكين لتبنّي القانون المُعدَّل؟
قال مسؤولو هونغ كونغ مراراً إنَّ مشروع القانون لم يأتِ من الحكومة المركزية في بكين. مع ذلك، أعربت بكين عن دعمها للتعديلات. وقالت وزارة الخارجية الصينية، في بيانٍ، أمس الإثنين 10 يونيو/حزيران، إنَّها "تدعم بحزم" حكومة هونغ كونغ في تمرير القانون.
وذكرت صحيفة China Daily المملوكة للحكومة الصينية في مقال افتتاحي يوم الإثنين: "أي شخص منصف سيعتبر مشروع قانون التعديل تشريعاً مشروعاً ومعقولاً ومنطقياً من شأنه تعزيز حكم القانون وتحقيق العدالة في هونغ كونغ".
ما هي المخاوف الأشمل من تأثير بكين على هونغ كونغ؟
قال الكثيرون خلال احتجاجات يوم الأحد إنهم شعروا بوطأة العجز في مواجهة تأثير الصين السياسي والاقتصادي والثقافي المتزايد على هونغ كونغ. فمثلاً لا يُنتخب القادة السياسيون في هونغ كونغ من قِبَل الناخبين العاديين بل من قِبَل لجنة انتخابية تتألف من 1200 عضو تكون مسؤولة أمام بكين. ويُختار نصف هيئتها التشريعية من خلال أنظمة انتخابية غير مباشرة تؤيد الأشخاص الموالين لبكين.
وأشار مواطنو هونغ كونغ إلى اعتقال قادة ونشطاء حركة "احتلوا مركز المدينة" عام 2014 –وهي حركة عصيان مدني جماعي استمرت 79 يوماً- بالإضافة إلى استبعاد المشرِّعين المحليين الشباب كمؤشر على تآكل الحريات المدنية.
وتصاعدت حدة الاستياء من الصين بسبب الارتفاع الهائل في أسعار العقارات -مدفوعاً بزيادة أعداد العقارات الصينية المشتراة في المدينة- بالإضافة إلى الحملة الحكومية "التعليم الوطني"، وزيادة أعداد السياح الذين يتدفقون من بكين إلى هونغ كونغ.
ويساور العديد من مواطني هونغ كونغ القلق أيضاً إزاء تنامي سيطرة الصين على وسائل الإعلام بالمدينة، إذ إنهم يمارسون الرقابة الذاتية بشكل متزايد ويتبعون تعليمات بكين الضمنية.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
قالت الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ كاري لام، أمس الإثنين 10 يونيو/حزيران، إنها تعتزم إقرار مشروع قانون تسليم المطلوبين إلى الصين. ووعدت بإصلاحه، لكن يبدو أن جماهير العامة غير مقتنعين.
ودعت الجماعات الناشطة إلى الإضراب ومقاطعة الجلسات النقاشية وتنظيم احتجاجات، غداً الأربعاء 12 يونيو/حزيران 2019، أثناء استئناف القراءة الثانية لمشروع القانون.