مع تزايد المخاوف من انجراف السودان إلى عنفٍ واسع النطاق، تستعد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأولخطوة تجاه الأزمة عبر تعيين مستشار للشؤون السودانية بوزارة الخارجية الأمريكية.
وينتظر أن تستدعي الإدارة دبلوماسيٍ سابق من التقاعد للمساعدة في صياغة السياسة الأمريكية تجاه دولةٍ تتفكك بسرعة منذ إطاحة حاكمها السابق الذي ظل في منصبه فترةً طويلة منذ شهرين، حسبما ورد في تقرير نشر بمجلة Foreign Policy الأمريكية.
فمن المتوقع أن ينضم دونالد بوث، السفير السابق المخضرم الذي يتمتع بخبرة كبيرة في الشؤون الإفريقية، إلى وزارة الخارجية الأمريكية ليكون مستشاراً أول لتيبور ناغي، كبير دبلوماسيِّ ترامب بخصوص الشؤون الإفريقية، حسبما ذكر مسؤولون حاليون وسابقون.
تعيين مستشار أمريكي للشؤون السودانية جاء بعد اتهام ترامب بإطلاق يد حلفائه العرب
ويأتي هذا التعيين في الوقت الذي تواجه فيه إدارة ترامب دعواتٍ متزايدة إلى تكثيف جهودها لتحقيق الاستقرار في السودان. ويتهم بعض النقاد واشنطن بالتكاسل عن اتخاذ إجراء بشأن السودان في الوقت الذي تؤدي فيه بعض دول الخليج القوية، بما في ذلك السعودية والإمارات، دوراً أكبر وراء الكواليس في الحكومة الانتقالية في السودان.
إذ قال كاميرون هدسون، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كان يعمل في السودان: "أي شخص يتابع الأوضاع في هذا البلد أدرك أنَّ هذه الحركة الاحتجاجية مختلفة اختلافاً جذرياً. كان ينبغي أن نتوقع ذلك، وأن نتنبأ به. من المثير للقلق البالغ أننا لم تكن لدينا إستراتيجية قائمة، ولا أشخاصٌ جاهزون للتعامل مع الوضع".
"فليس هناك أحدٌ يقود ملف هذه القضية سواءٌ في وزارة الخارجية أو البيت الأبيض"، حسبما قال أحد المسؤولين الأمريكيين المشاركين في المشاورات، الذي طلب عدم الكشف عن هويته.
في حين تحذر الأمم المتحدة من حدوث "أسوأ أزمة إنسانية في العالم
"السودان قد يواجه أعمالاً وحشية جماعية في حال عدم وجود صوتٍ أمريكي قوي ودعمٍ دولي للانتقال السلمي إلى الحكم المدني"، حسبما حذر بعض مسؤولي الأمم المتحدة وخبرائها.
وحذَّر أحد كبار مسؤولي الأمم المتحدة من "خطر زيادة الأعمال الوحشية وخطر الانهيار التام الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية في شوارع الخرطوم".
وأضاف أنَّ الأمور قد تصبح "أكثر تعقيداً" إذا تفكك الوضع الأمني في السودان، ويمكن أن تتحول إلى "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
وأطيح بالرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي كان يحكم البلاد منذ أمدٍ بعيد في انقلابٍ عسكري في شهر أبريل/نيسان بعد أشهر من الاحتجاجات الواسعة.
ثم رفض المجلس العسكري الانتقالي الذي سيطر على السُّلطة تلبية نداءات المتظاهرين وأعضاء المجتمع الدولي المُطالِبة بتسليم الحُكم إلى سلطةٍ مدنية، ما أدى إلى اتخاذ إجراءات قمعية قاتلة وتزايد الخلافات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الأمر الذي قد يُفاقم زعزعة استقرار البلاد.
وأعضاء بالكونغرس ينتقدون تكاسل إدارة ترامب
ويشعر منتقدو سياسة إدارة ترامب بالانزعاج لأنَّ منصب المبعوث الخاص إلى السودان وجنوب السودان بوزارة الخارجية الأمريكية ما زال فارغاً منذ عام 2017، حين تولى ترامب الرئاسة واستقال بوث منه.
وقد بعث السيناتور كوري بوكر من ولاية نيوجيرسي، وهو مرشح ديمقراطي من المنتظر أن يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، برسالةٍ في 7 يونيو/حزيران إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يحثه فيها على ملء هذا المنصب "في أسرع وقتٍ ممكن".
وفي رسالته، التي حصلت مجلة Foreign Policy عليها، حثَّ بوكر وزير الخارجية كذلك على تعيين سفيرٍ متقاعد مؤقتاً لقيادة السفارة في الخرطوم "حتى حل الأزمة السياسية".
جديرٌ بالذكر أنَّ ستيفن كوتسيس، وهو دبلوماسي منخفض المستوى، يشغل حالياً منصب القائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم.
وكتب بوكر في رسالته: "لقد حان الوقت لوجه جديد في سفارة الولايات المتحدة في الخرطوم، ويمكن لأحد السفراء المتقاعدين أن يؤدي دوراً حيوياً هناك".
ولذا جاءوا بهذا الدبلوماسي المخضرم
جديرٌ بالذكر أنَّ دونالد بوث، المرشح لمنصب مستشار للشؤون السودانية بوزارة الخارجية الأمريكية، هو دبلوماسيٌ مخضرم شغل منصب السفير الأمريكي في ليبيريا وزامبيا وإثيوبيا. وشغل منصب المبعوث الخاص إلى السودان وجنوب السودان من عام 2013 إلى أوائل عام 2017.
ومن المتوقع أن يكون مستشاراً أول لناغي، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية، حسب ما ذكر أربعة مسؤولين حاليين وسابقين.
ومن المقرر أن يسافر ناغي إلى السودان في إطار جولةٍ طويلة في إفريقيا من 12 إلى 23 يونيو/حزيران الجاري، حيث سيلتقي بعض أعضاء المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة.
ولكن البعض لايرى ذلك كافياً
بيد أنَّ هدسون، الذي يعمل الآن زميلاً أول غير مقيم في المجلس الأطلسي، أعرب عن قلقه من أنَّ التعيينات الجديدة قد لا تكون كافيةً لتعويض غياب الإستراتيجية الأمريكية بشأن السودان. وقال: "نحن في الأساس نفعل الشيء نفسه الذي يفعله السودانيون، وهو اتخاذ ردود فعل تكتيكية للغاية على الأحداث اليومية التي تجري الأرض، ولا نسترشد بأي إستراتيجية.
وهذا يصُعِّب توقُّع تحقيق نجاحٍ كبير من مجرَّد تعيين مبعوثٍ خاص أو مستشارٍ أول"، حسب قوله.
ومن جانبها رفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على هذه القصة، لكنها شددت مراراً على ضرورة انتقال السودان إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية، وأدانت العنف ضد المحتجين.