مع اقتراب اللحظة الحاسمة لإتمام صفقة أنظمة الدفاع الروسية "إس 400" وإصرار تركيا على أنه لا نية لإلغاء أو تأجيل الاتفاق، وعدم صدور أية مؤشرات من الجانب الأمريكي على إمكانية التفاوض مع أنقرة بشأن اعتراضات واشنطن، فماذا يعني ذلك على مستقبل العلاقات بين عضوي حلف الناتو؟ ولماذا تخشى الإدارة الأمريكية من الصفقة؟ وما هي سلبياتها عليها؟
لا تراجع ولا تأجيل
الموقف التركي عبّر عنه بوضوح تشاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول، الأربعاء 15 مايو/أيار 2019، أكد فيها أنه "لا تأجيل ولا وقف لصفقة "إس 400″، وألقى الكرة في ملعب واشنطن.
أوغلو أكد أنه على واشنطن أن تستجيب للمقترح التركي الخاص بتشكيل مجموعة عمل مشتركة إن كانت الولايات المتحدة واثقة من ادعاءاتها حول تشكيل المنظومة تهديداً لأنظمة الناتو.
وقال أوغلو لعدد من الصحفيين في أنقرة: "لماذا نتحدث عن التأجيل في اتفاقية مبرمة؟"، مشيراً إلى أن تركيا دعت الولايات المتحدة لتشكيل مجموعة عمل مشتركة، رداً على ادعاءات واشنطن حول أن منظومة "إس 400" تشكل تهديداً لأنظمة الناتو ومقاتلات "إف 35".
وصرّح بأن مسؤولين أتراك يواصلون مشاوراتهم مع نظرائهم الأمريكيين بشأن مجموعة العمل المشتركة والهدف من تشكيلها. وتابع قائلاً: "يجب ترك المجال للخبراء الذين سيشاركون في المجموعة، كي يقرروا مدى أحقية واشنطن في ادعاءاتها ومخاوفها، وإن كانت واثقة من ادعاءاتها فعليها قبول مقترحنا الخاص بتشكيل مجموعة العمل المشتركة".
الصفقة تدخل التنفيذ في يونيو
كل المؤشرات إذاً تقول إن لحظة الحقيقة قد اقتربت، حيث إنه من المتوقع وصول فريق روسي من الجنود والفنيين إلى أنقرة مطلع يونيو المقبل لإجراء دراسة ميدانية بشأن مواقع محتملة لنشر بطاريات نظام إس 400، وذلك بحسب موقع المونيتور الأمريكي.
المصدر التركي أخبر "المونيتور" بأن تركيا ستستقبل كتيبتين من إس 400 تتكون كل منها من أربع سرايا وكل كتيبة سيكون لديها 72 صاروخاً، إضافة إلى 48 صاروخاً احتياطياً، وبالتالي يكون إجمالي الصواريخ 192.
من جانبها اتخذت واشنطن خطوات تصعيدية في الأشهر الأخيرة للضغط على أنقرة كي تتراجع عن إتمام الصفقة، تضمنت بالأساس حرمات تركيا من طائرات إف 35 الأمريكية، وأعلن البنتاغون رسمياً أول أبريل/نيسان الماضي تعليق تسليم الطائرات الأمريكية، وبالإضافة لذلك أقر الكونغرس تقييدات أخرى على بيع المقاتلات لتركيا في المستقبل إذا ما تمت الصفقة، والإجراء الأخير سيكون إبعاد تركيا نهائياً عن مشروع إنتاج طائرات إف 35 الذي تشترك فيه 9 دول من أعضاء حلف الناتو.
واشنطن تقول إن إدخال نظام الدفاع الجوي الروسي في منظومة الدفاع الجوي لتركيا وهي عضو في الناتو يهدد بتعريض الطائرات الهجومية لدى الحلف للخطر، ولهذا عرضت تركيا من جانبها تشكيل لجنة الخبراء لمناقشة الادعاءات الأمريكية لكن واشنطن لم تستجيب للعرض التركي حتى الآن، وإن كانت لم ترفضه رسمياً، ما يعني أنه ربما تحدث انفراجة في الموقف المعقد في اللحظة الأخيرة، وإن ظل ذلك احتمالاً ضعيفاً.
ما الذي ستخسره واشنطن حال تمت الصفقة؟
كي تتضح الصورة وراء موقف واشنطن لا بد هنا من ذكر المنافسة بين نظام الباتريوت الأمريكي ونظام إس 400 الروسي، فسماح واشنطن لتركيا حليفتها وعضو الناتو بشراء النظام الروسي الأرخص بصورة كبيرة من الباتريوت سيفتح الباب أمام دول أخرى ما يفقد الولايات المتحدة ميزة هامة ولو حتى من الناحية الاقتصادية.
الخسارة الأمريكية بالطبع لن تكون اقتصادية فقط، بل الأهم هو الخسارة الاستراتيجية والسياسية والتي ستصب في مصلحة روسيا بالضرورة.
النقطة الثالثة تتمثل في حالة إبعاد تركيا عن مشروع إف 35 سيعني ذلك تأخير المشروع لفترة زمنية طويلة تتراوح بين 18 إلى 24 شهراً، بحسب موقع لوفيربلوج الأمريكي.