صواريخ «القسام» في مواجهة «القبة الحديدية».. غزة مقابل إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/07 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/07 الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش
صواريخ القسام خلال إطلاقها على إسرائيل/ social media


رغم الحصار الخانق على قطاع غزة منذ سنوات طويلة والمراقبة الصارمة لأي سلعة ربما يكون لها استخدام مزدوج أو يمكن ولو حتى كاحتمال بعيد أن تستخدم في إنتاج الأسلحة، لا تزال تمثل صواريخ القسام بدائية الصنع أزمة كبيرة للجيش الإسرائيلي بإمكانياته الضخمة وقبته الحديدية، فهل هناك أوجه للمقارنة بين القسام والقبة الحديدية

بدأت حماس في إنتاج  صواريخ القسام عام 2001 أثناء الانتفاضة الثانية، وكان مدى الصاروخ وقتها لا يتجاوز ميلين إلى 3 أميال، وبحلول عام 2007 وصل مدى الصاروخ إلى نحو 7 أميال، ويصل مدى صاروخ القسام طراز 3 إلى 10 أميال.

"القسّام" محلي الصنع

لكن بعض صواريخ القسام يمكنها أن تصل لمسافات أبعد بكثير وقد أعلن الجيش الإسرائيلي في مارس/آذار الماضي أن صاروخاً انطلق من قطاع غزة دمر منزلاً قرب تل أبيب وأصاب 7 أفراد من العائلة المقيمة في المنزل، ووصل مدى ذلك الصاروخ إلى 75 ميلاً وهو محلي الصنع، بحسب الجيش الإسرائيلي.

ويقول ياكوف أميدرور، وهو مستشار سابق للأمن القومي في إسرائيل، إن مكونات صواريخ القسام محدودة للغاية ومتوفرة داخل القطاع، حيث أن المعدات المطلوبة لتصنيع تلك الصواريخ تم تهريبها إلى القطاع عبر مصر بينما وفر حزب الله وإيران الخبرات المطلوبة لعملية تصنيع الصاروخ، والآن أصبحت عملية تصنيع الصواريخ تتم بالكامل داخل القطاع بعد أن تم اكتساب الخبرات على مدار السنوات الماضية، بحسب تقرير لواشنطن بوست الثلاثاء 7 مايو/أيار 2019.

ولا تزيد تكلفة أحد صواريخ القسام البسيطة عن بضع مئات من الدولارات، والصاروخ الأكثر تطوراً وأبعد مدى يتكلف أكثر من ذلك بقليل.

لكن كم تدفع إسرائيل لإسقاط الصاروخ؟

المفهوم الذي يتم تصنيع القسام على أساسه هو أن فعالية الصاروخ لا تكمن في تطوره التكنولوجي من حيث المدى ودقة التوجيه، بل يقوم على قلة التكلفة وسهولة التصنيع وفي بعض الحالات يكون الصاروخ عبارة عن جسم معدني وبداخله عبوة ناسفة والاثنان بدائيان الصنع، حتى يتم تخزين أكبر عدد ممكن من الصواريخ، في إطار نظرية الكم وليس الكيف.

"إنها أسلحة عددية أي تقوم على الكم وليس الكيف،" بحسب بواز غانور مدير المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي أضاف لواشنطن بوست أنه عندما لا يكون مهماً دقة التوجيه في الصاروخ يكون من السهل تصنيعه.

وفي الجولة الأخيرة من القصف الإسرائيلي المكثف على القطاع قتل 25 فلسطينياً، وفي المقابل قتل 4 إسرائيليين من جراء سقوط الصواريخ من القطاع باتجاه إسرائيل، قبل أن يتم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة مصرية.

وبحسب البيانات العسكرية الإسرائيلية، تم إطلاق 690 صاروخ وقذيفة هاون من القطاع، فشل 90 منها في عبور حدود القطاع، وتمكن نظام القبة الحديدية الإسرائيلية من اعتراض 240 بينما أصابت 35 منها أماكن مأهولة بالسكان.

القبة الحديدية.. لماذا بدأت؟

في المقابل، بدأ الجيش الإسرائيلي استخدام نظام القبة الحديدية منذ 2011، ليحمي نفسه من صواريخ المقاومة الفلسطينية و نجحت القبة منذ بدايتها حتى الآن في إسقاط أكثر من 1700 صاروخ غير موجه وقذيفة هاون أطلقها مقاتلون في لبنان وسوريا وقطاع غزة ضد إسرائيل، بحسب تقرير لمجلة ناشيونوال انتريست الأمريكية.

وتروج إسرائيل لقدرات القبة الحديدية وتقول إن بطاريات القبة الحديدية يمكنها التصدي للطائرات، والطائرات بدون طيار، وقذائف المدفعية الكبيرة، وربما حتى صواريخ كروز والصواريخ الباليستية.

نشأت فكرة القبة الحديدية منذ عام 2001 وتم نشر نظام باتريوت الأمريكي حتى تم اكتمال القبة الحديدية في 2011، وكان تطويرها بدأ 2007 باعتبارها وسيلةً شبه معقولة التكلفة وبدأ العمل في مارس/آذار 2011.

ومع أنَّه كان في البداية مشروع دفاع إسرائيلي بحت فقد بدأت واشنطن في عام 2011 توفير تمويلٍ بلغت قيمته الإجمالية 1.5 مليار دولار بحلول العام الماضي 2018 في مقابل الحصول على تكنولوجيا القبة الحديدية، ويتم تصنيع 70% من مكونات صواريخ تامير في شركة ريثيون الأمريكية في الولايات المتحدة.

ويوجد لدى إسرائيل حالياً عشر بطاريات منشورة، مع التخطيط لنشر خمس بطاريات أخرى، وتعتزم البحرية الإسرائيلية نشر أربع بطاريات قبة حديدية مُعدَّلة في البحر لحماية الأصول البحرية.

نظام معقد للقبة الحديدية

تتكون بطارية القبة الحديدية من ثلاث أو أربع قاذفات تحمل 20 صاروخاً اعتراضياً من طراز تامير، وراداراً للبحث ومكافحة الحرائق، ومقطورةً تحتوي على مركزٍ لإدارة المعارك والتحكم في الأسلحة لإدارة بقية الأجزاء عبر الاتصال اللاسلكي، ويمكن إعادة توزيع البطاريات بسهولة باستخدام شاحناتٍ ذات دفعٍ سداسي استجابةً للاحتياجات التشغيلية.

تعتمد القبة الحديدية على رادار عالي التردد للكشف عن الصواريخ والقذائف القادمة من على بعد 69 كيلومتراً ثم يحسب النظام مسار المقذوف لتحديد ما إذا كان من المحتمل أن يضرب مركزاً سكانياً أو ينفجر في منطقةٍ غير مأهولة بالسكان دون أضرار، ولا تحدث محاولة الاعتراض إلَّا في الحالة الأولى.

وبعد ذلك تنطلق صواريخ تامير الرفيعة التي يبلغ قطرها 160 ملليمتراً باتجاه التهديد القادم بسرعةٍ تزيد على سرعة الصوت بمرةٍ ونصف، مسترشدةً بالرادار الأرضي، ومع اقتراب الصواريخ التي يبلغ طولها ثلاثة أمتار من القذيفة المستهدفة، يتولى مستشعر كهربائي بصري بحجم الأنف توفير توجيهٍ نهائي أدق، ثم يُفجِّر الفتيل رأسه الحربي الذي يزن حوالي 16 كيلوغراماً، فور دخوله نطاق القذيفة.

وتقول بيانات الجيش الإسرائيلي إن نسبة نجاح القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ تبلغ 85 إلى 90%، لكن بعض النقاد يشككون في دقة تلك النسبة العالية أو حتى البيانات الرسمية، وقد أكد  مايكل أرمسترونغ في تقييمٍ أدق نُشر العام الماضي أنَّ معدل نجاح النظام ضد المقذوفات التي تهبط في المناطق المأهولة بالسكان قد يتراوح بين 59 و75%.

تكلفتها ترهق ميزانية إسرائيل

تكلفة القبة الحديدية تمثل مصدرا آخر من مصادر القلق لدى إسرائيل، فرغم أن بعض المصادر تتحدث عن أن تكلفة الصاروخ لا تقل عن 35 ألف دولار، لكنَّ البنتاغون الذي يسعى لشراء منظومة القبة الحديدية من إسرائيل قدم طلب تمويل يذكر أنَّ تكلفة الصاروخ الواحد تبلغ 150 ألف دولار، وأياً كان الرقم الفعلي تظل تكلفة الصاروخ الإسرائيلي أضعاف تكلفة أي صاروخ فلسطيني يعترضه.

وقد دفع ذلك بعض الإسرائيليين إلى الدعوة إلى استخدام أسلحة الطاقة الموجهة للتعامل مع الهجمات الجماعية بفعاليةٍ أكبر من ناحية التكلفة. وبالفعل تطوِّر شركة رافائيل الإسرائيلية منظومة دفاع جوي صاروخي تستخدم أشعة الليزر، وتُسمَّى الشعاع الحديدي.

تحميل المزيد