قصة قبرص تعود إلى عام 1974 عندما اجتاحت القوات التركية الجزء الشمالي من الجزيرة، رداً على قيام انقلاب عسكري من جانب تدعمه اليونان بهدف ضم الجزيرة لليونان، ومنذ ذلك الوقت وقبرص مقسمة لقبرص اليونانية (أو قبرص)، وهي معترف بها من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، وقبرص التركية في الجزء الشمالي وأنقرة فقط هي من تعترف بها.
كيف يتم حساب الحدود البحرية؟
طبقاً للقوانين البحرية التابعة للأمم المتحدة، الدول الساحلية لها حقوق في المياه حتى عمق 320 كلم أمام شواطئها، لكن في حالة شرق البحر المتوسط تحديداً الأمر ليس بهذا الوضوح نظراً للطبيعة المقعرة للمنطقة ما يؤدي لتداخل بين المناطق، الأمر الذي يستدعي التفاوض والوصول إلى حلول توافقية.
وفي ظل تشابك العلاقات وتوترها بين تركيا وقبرص واليونان من ناحية وبين تركيا ومصر من ناحية أخرى، تصبح مسألة الوصول لحلول توافقية أكثر صعوبة وبالتالي يتكرر هذا النوع من التصعيد.
فتركيا تريد حصة من اكتشافات النفط والغاز في شرق المتوسط وترى أن هذا حقها، وقد أرسلت الحفارة البحرية "الفاتح" التي بدأت الحفر على عمق 100 كلم داخل البحر المتوسط قبالة ولاية أنطاليا وذلك منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن حكومتي اليونان وقبرص اعترضتا على الأمر على اعتبار أن الحفر يتم في مناطق متنازع عليها.
وفي مارس/آذار من العام الماضي اعترضت السفن الحربية التركية سفينة حفر تابعة لشركة إيني الإيطالية في شرق البحر المتوسط، ما أدى لتصعيد مشابه لما يحدث الآن، وأيضاً شاركت فيه مصر ببيان للخارجية.
حماية للمصالح واستغلال للتوتر
في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي اجتمع وزراء الطاقة في قبرص واليونان وإيطاليا والأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر وذلك في القاهرة لمناقشة تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط وهي منصة للتعاون في مجال الطاقة يمكن أن تتحول لمنظمة عالمية.
هذا الاجتماع لم يكن ليتم دون اكتشافات الغاز الكبرى في المنطقة من جانب مصر وإسرائيل وقبرص، وبالتالي فإن مصر تأخذ صف قبرص واليونان كشركاء لها بعد أن وقعت القاهرة ونيقوسيا العام الماضي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في المنطقة، على عكس العلاقات شبه المقطوعة بين مصر وتركيا منذ وصول عبدالفتاح السيسي الذي كان وزيراً للدفاع وقاد انقلاباً عسكرياً للإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ونددت تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان بهذا الانقلاب.
وفي هذا الإطار يأتي بيان الخارجية المصرية الذي يحذر تركيا من أن أي إجراءات أحادية من هذا القبيل سوف تهدد الاستقرار، مؤكداً ضرورة التزام دول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه.
أما موقف أنقرة، فقد عبر عنه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو مرة أخرى في الأزمة الأخيرة، قائلاً إن من حق القبارصة الأتراك الحصول على جزء من احتياطيات النفط والغاز التي تنقب عنها قبرص.