يبدو أن الصراع الليبي لن يتوقف قريباً.. دينارات طبعتها روسيا وعائدات نفط استولى عليها حفتر تطيل أمد الحرب الأهلية

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/21 الساعة 10:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/21 الساعة 14:37 بتوقيت غرينتش
مركبات عسكرية خلال الصدام بين قوات حفتر وحكومة طرابلس المعترف بها دولياً/ رويترز

مع إحباط محاولات قوات خليفة حفتر السيطرة على طرابلس، انفتحت جبهة قتال جديدة حول اقتصاد الدولة المُصدرة للنفط، في ظل سعي الجانبين المتناحرين للسيطرة على الموارد.

تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية أشار إلى تحذيرات من تعرّض الآليات المتفق عليها دولياً التي تضمن استمرار تدفق النفط الليبي رغم الانقسام والحرب، للخطر. إذ يُنِذر هذا التفكك بجلب مزيدٍ من الفوضى الاقتصادية والسياسية، وكذلك تعطيل إمدادات النفط إلى الأسواق العالمية.        

تمكّن حفتر من الاستيلاء على غالبية حقول النفط

ومن معقله في شرقي ليبيا، تمكن حفتر، وقواته التي تطلق على نفسها "الجيش الليبي الوطني"، من السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي؛ ومن ثم استولى على غالبية حقول النفط والموانئ ونقاط الوصول على مدار العامين الماضيين.    

ومع ذلك، لا يمكن لحفتر أن يبيع هذا النفط؛ لأنه بموجب قرار مجلس الأمن الدولي، فالمؤسسة الوطنية للنفط الليبية هي الكيان الوحيد المُصرَّح له بتصدير النفط الخام. وتُودَع العائدات في حسابات يديرها مصرف ليبيا المركزي الذي بدوره يتولى توزيع هذه الأموال في أنحاء الدولة. ويقع مقرّا هاتين المؤسستين في طرابلس، وهما مواليتان للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة هناك.     

مع تدخل واشنطن ربما يكون المناخ الدولي تغير بالسلب تجاه طرابلس

قال جليل هارتشوي، زميل باحث في Clingendael Institute في لاهاي، كان هناك نمط متكرر من شرق ليبيا لمحاولة بيع النفط على حدة، لكن واشنطن منعت هذه المحاولات السابقة. وأضاف جليل أنه بعد أن هاتف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المشير حفتر، قبل 10 أيام من الهجوم المخطط على طرابلس، وقال له إنه "أدرك دوره في محاربة الإرهاب، ربما يكون المناخ الدولي تغير بالسلب على مصالح حكومة طرابلس".                 

وتابع: "لدينا الآن 3 أعضاء دائمين في مجلس الأمن (فرنسا وروسيا والولايات المتحدة) نعرف أنهم يؤيدون معسكر حفتر. ولهذا، وفي ظل هذا المناخ، إذا حاول الأفراد في شرق ليبيا فعل شيء لا يتناسب مع قرارات الأمم المتحدة القائمة، وظلت الولايات المتحدة صامتة، فربما تتم عمليات بيع خام النفط في الأسواق بعيداً عن طرابلس".    

ولفت محللون إلى أنَّ المال شكَّل عنصراً جوهرياً في فرض المشير حفتر سيطرته سريعاً على جنوب ليبيا في وقت سابق من العام الحالي. ويقولون إنَّ نجاح هذه الحملة لا يُنسَب إلى البراعة العسكرية بقدر ما يرجع إلى التحالفات المُشكَّلة مع العشائر والجماعات المسلحة المُحمَّلة بالنقود.

وقال المحللون إنَّ الدينارات الليببية التي تطبعها روسيا، وهي حليف آخر لحفتر، استُخدِمَت لتمويل حكومة شرق ليبيا وزيادة الأموال المخصصة لدعم معارك حفتر.

ويخشى البعض أن يسعى حفتر لعسكرة المؤسسات النفطية الخاضعة لسيطرته

إذ سيطر حفتر على ممر لهبوط الطائرات في ميناء السدرة النفطي للاستخدام العسكري، ودفع بسفينة حربية للتمركز قبالة ساحل مدينة رأس لانوف، وهي ميناء ومقر معمل تكرير نفط؛ ما دفع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله ليندد بـ "عسكرة" المرافق النفطية. وفي مقال رأي نُشر في وكالة Bloomberg الأمريكية، اتهم صنع الله المشير بتخطي المؤسسة ومحاولة بيع النفط.

وكتب صنع الله في المقال: "رأيت مستندات تثبت وجود محاولات جارية لبيع النفط بطرق غير مشروعة عبر كيانات موازية. وسيسفر بلا شك إنهاء احتكار المؤسسة الوطنية للنفط على الصادرات عن حرب أهلية طويلة الأمد، في ظل تسليح مجموعة من الفاعلين أنفسهم بفضل عوائد النفط".     

بينما يتنبأ آخرون بحدوث انقطاع في إمدادات النفط الليبي مع استمرار القتال على ساحة المعركة وفي المجال الاقتصادي. إذ يشير تقرير لشركة المخاطر السياسية Verisk Maplecroft إلى واقعة في عام 2018 حين حاول المشير حفتر بيع النفط مستقلاً.

ويشير التقرير إلى أنه "رداً على ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط -ومقرها طرابلس- فرض حالة "القوة القاهرة" على حمولات النفط في الموانئ، وبالتالي خفض إمداداتها من النفط إلى الأسواق بمعدل 850 ألف برميل نفط يومياً. وفي النهاية، تراجع المشير حفتر لكن عقب أسابيع من اضطراب ضخم".          

                  
وبدأت بعض الشركات الأجنبية تشعر بالفعل بالخطر، مع الزجّ باقتصاد الدولة في الحرب

إذ حذَّر وزير الاقتصاد والصناعة المكلف بحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، علي العيساوي، من تبني إجراءات ضد مصالح الشركات التي تنتمي لدول تدعم "العدوان الشرس ضد العاصمة" الذي يدبره المشير حفتر.      
وتأتي شركتا Total الفرنسية للنفط، وSiemens الألمانية ضمن قائمة من 40 مجموعة يتعين عليها إعادة تقديم طلبات للحصول على تصاريح للعمل في ليبيا.     

وقال عيساوي، في تصريح لصحيفة Financial Times البريطانية، إنَّ المواقف السياسية للحكومات ستحدد كيف ستُعامل شركاتها. وتعد فرنسا داعماً قوياً للمشير حفتر، الذي تعتبره حليفاً في القتال ضد المتطرفين في منطقة الصحراء الكبرى بإفريقيا. وقال عيساوي: "لا يمكن للشركات الاستثمار وتحقيق أرباح في ليبيا، وفي الوقت نفسه تأييد قتل الليبيين. عليها الاختيار".   

    
وانضم المصرف المركزي في طرابلس إلى هذا النزاع. إذ فرض المصرف ضوابط على التحويلات بالعملة الأجنبية إلى البنوك في الشرق، معللاً ذلك بالحاجة لمحاربة الفساد.    

وعلَّق محمد الجرح، رئيس شركة Libya Outlook for Research and Consulting، شرقي البلاد: "يؤكد توقيت (فرض الضوابط) أنه قرار سياسي. هم يتفهمون أنَّ الجيس الوطني الليبي يعتمد بقوة على القطاع المصرفي".      

تحميل المزيد