«انتهى داعش» لكن مصريات ومغربيات يُعِدن ترتيب صفوف التنظيم بمخيم في سوريا

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/21 الساعة 08:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/21 الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش
نساء داعش في أحد مخيمات سوريا/ رويترز

تعمل مجموعةٌ من النساء المواليات لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)على إجبار الآخرين الذين فرّوا من جبهة القتال وذهبوا إلى مخيم مترامي الأطراف في شمال شرقي سوريا، على الالتزام بالتعاليم التي يفرضها التنظيم، وهو ما يُعتبر مشكلة تؤرق القوات التي يقودها الأكراد الذين يسيطرون على الموقع.

ففي مخيم الهول المكتظ باللاجئين، يُهددون مَن يعتبرونهم آثمين، بإشهار السكاكين في وجوههم، ورشقهم بالأحجار، وحتى إحراق خيامهم. وقال مسؤولو الاستخبارات إن الموالين لتنظيم داعش شكلوا أيضاً خلايا داخل المخيم لإنزال العقاب بطريقة أكثر منهجية.

تقود هذه الحركة نساء من دول متعددة مثل مصر والمغرب وتونس

تتزعَّم هذه الحركة نساءٌ من دول مصر والمغرب وتونس، التي أفرزت بعضَ العناصر الأكثر تشدداً في تنظيم داعش خلال السنوات الأخيرة، حسبما ذكر مسؤولون في قوات سوريا الديمقراطية لصحيفة  Washington Post الأمريكية.

ورغم وجود أعداد كبيرة من المحرِّضين، فعددُ هؤلاء الموالين بقوة لتنظيم داعش لا يزال بالآلاف، وهم متمسكون بأيديولوجيته، رغم مزاعم القضاء على التنظيم.

وقالت أم عائشة (22 عاماً)، وهي عراقية تُقيم في المخيم: "نأمل أن تعود الدولة (الإسلامية). كان لدينا حكم الشريعة، هنا يوجد فساد فقط".

وأضافت، وهي متّشحة بزي أسود يغطيها من رأسها إلى أخمص قدميها، أنها كثيراً ما تنصح المقيمات الأخريات في المخيم، لأنهن لا يرتدين ملابس محتشمة، أو لأنهن يُهملن الصلاة.

وتابعت: "في ظلِّ الدولة الإسلامية كانوا يخبروننا بما هو صحيح وما هو خطأ، وكان ذلك أفضل، أما هنا فيرتدي الناس ما يحلو لهم".

وأثناء خوض القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة معارك خلال الأسابيع الماضية للسيطرة على آخر معقل للدولة الإسلامية في قرية باغوز شرقي سوريا، فرَّ آلاف الأشخاص من جراء القتال. وفصلت قوات سوريا الديمقراطية الرجالَ عن النساء، وأرسلت الرجالَ إلى المعتقلات، ونقلت النساءَ والأطفال إلى مخيم الهول للنازحين، الذي ارتفع تعداد سكانه منذ بداية ديسمبر/كانون الأول 2018، من 9 آلاف شخص إلى أكثر من 73 ألف شخص.

وقال محمود جادو، وهو مسؤول كردي معني بشؤون النازحين في شمال شرقي سوريا: "ما فعلناه هو أننا أخذنا "باغوز"، وأحضرناهم إلى هنا".

سيطر تنظيم داعش في مرحلة ما على مساحة شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق، حيث ارتكب مسلحو التنظيم أعمالاً وحشية مروعة، بما في ذلك عمليات الإعدام الجماعي والاستعباد الجنسي. واستدرج التنظيم أيضاً متطوعين من جميع أنحاء العالم، ووعدهم بتأسيس يوتوبيا إسلامية، حيث يمكنهم ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية.

الأوضاع تتغير داخل المخيم بعدما التحق بها فلول داعش

وأضاف جادو: "عندما بدأ الناس في الوصول إلى المخيم من قرية باغوز، تغير المناخ العام 180 درجة". وقبل ذلك، عندما كان يقيم في المخيم نحو 10 آلاف سوري وعراقي "لم تكن النساء يغطين وجوههن. أما الآن، فلا يمكنك رؤية فتاة أكبر من 8 سنوات من دون حجاب".

ويقول مسؤولون إن كثيراً من النساء اللائي يرتدين ملابس أكثر تحفظاً خائفات، ويبتغين تجنب المضايقات من أتباع تنظيم داعش، فيما أقنع الموالون للتنظيم الأخريات.

وقال محمد بشير، وهو رئيس قسم العلاقات العامة في إدارة المخيم الذي يقوده الأكراد: "بعض من هؤلاء الأشخاص نزحوا من مناطق محافظة بالفعل، حتى ولو لم يدعموا الدولة الإسلامية، لكن الآن أصبحوا أكثر تشدداً، فالتوتّرات متزايدة".  

واستهدفت النساء المتشددات فريق العمل الصحي وموظفي الإغاثة، ووصفوهم بأنهم "كفار". وفي إحدى الحالات التي ذكرها أحد مسؤولي الإغاثة، ألقت النساء البراز على رجل يتخلص من مياه الصرف الصحي من مرحاض في مبنى ملحق بالمخيم يقيم به أجانب. واستخدمت نساء أيضاً الحواف الحادة لعلب التونة لتمزيق الخيام ومهاجمة الآخرين، بمن فيهم هؤلاء الذين أبدوا ندمهم على الانضمام إلى الخلافة بحسب تقرير الصحيفة الأميريكية.

وقال جادو إنه في واقعة حديثة في سوق المخيم هاجمت امرأة تحمل سكيناً رجلاً يرتدي قميصاً عليه شعار باللغة الإنجليزية، وكثيراً ما يوبخ المتشددون الرجال والنساء على حد سواء، بسبب تصرفاتهم غير اللائقة، ومخالفتهم التفسير المتشدد لتنظيم داعش للشريعة الإسلامية.     

ورغم أن القوات الكردية قالت إنها اعتقلت بعضاً من أخطر المجرمين، بمن فيهم مَن أحرقوا الخيام، يعترف المسؤولون بأنهم لا يستطيعون حماية كل شخص في مخيم الهول.

وقالت امرأة ألمانية، تحدَّثت شريطة عدم ذكر اسمها، إنها سافرت إلى الشرق الأوسط للعيش في ظل حكم الدولة الإسلامية، لأنها هوجمت في ألمانيا لارتدائها النقاب.

وأضافت بصوت متهدّج قبل أن تقرر عدم متابعة الحديث: "كان ذلك هو القرار الصحيح بالنسبة لي في ذلك الوقت، لكن الآن لا أعرف".

وأردفت موضحة أنها لا تريد أن تُغضب الموالين لتنظيم داعش في المخيم: "لا أستطيع التحدث عن هذا الأمر".

وقالت غيلون سو، من جزيرة ترينيداد التابعة لدولة ترينيداد وتوباغو الواقعة في منطقة الكاريبي، إنها لم تكن أبداً من الموالين لتنظيم داعش، مضيفة أنها سافرت إلى سوريا مع زوجها بعد فترة وجيزة من اعتناق الإسلام عام 2014. وتُقيم في منطقة معزولة عن المخيم مخصصة لآلاف النساء من خارج سوريا والعراق.

وقالت سو (45 عاماً)، متحدثةً عن المتشددين مِن حولها: "إنهم يكرهونني، والحياة صعبة هنا، ليس لديّ أي أصدقاء، ويعتبرونني كافرة".

وتعهَّد كثيرون بإعادة بعث الخلافة إذا أُطلق سراحهم

وقالت أم صفية (27 عاماً)، وهي امرأة فرنسية من مدينة مارسيليا: "العيش تحت ظل الخلافة كان أمراً جميلاً حقاً، نريد أن نعيش في ظل الشريعة الإسلامية"، مضيفة أنها تدعو أثناء صلاتها لعودة داعش. وأكدت أنها رغم حملها ابنتها المتوفاة بين ذراعيها في باغوز، لم يتزعزع إيمانها.

ويتخوف مسؤولو المخيم من أن يتحول المخيم الرث الذي يواجه أزمة إنسانية متصاعدة إلى أرض خصبة لمزيد من التشدد.

وقالت دلوفان، وهي مسؤولة في الاستخبارات الكردية في المخيم، رفضت ذكر اسمها بالكامل لأسباب أمنية: "لدينا نوعان من المتشددين. الأول: هم من يموتون قبل الوصول إلينا للحصول على المساعدة".

وأضافت: "النوع الثاني هم هؤلاء الذي رضوا بواقعهم الحالي، ولكن إذا سنحت لهم الفرصة للهجوم علينا أو الفرار فسينتهزونها".

وخلال الأيام الماضية، تعرَّضت عشرات من النساء الأجنبيات إلى الدفع باتجاه السياج الذي يفصلهن عن بقية المخيم. فصاحوا على الحراس الكرديين المسلحين الذين كانوا يراقبون الواقعة.

وصرخت إحدى السيدات، التي تقول إنها من روسيا "إنهم يعاملوننا كالكلاب!".

وصاحت امرأة أخرى، بلهجة عربية شائعة في منطقة شمال إفريقيا، وهي تدفع أحد أفراد قوات الأمن حاملة طفلاً: "لديك بندقية كبيرة، ولكننا لا نخاف منك!".

وبعيداً عن العراك لمحت حنيفة (27 عاماً)، التي تقول إنها من منطقة داغستان الروسية، امرأة من دون النقاب.

فقالت: "لا أحب هذا، يجب على النساء تغطية وجوههن".

علامات:
تحميل المزيد